طريق النحل :
كم عبرته ..
و كم عشقته ..
و كم حلقت في سراديب سحرية رسمتها لي خطواتي فيه ..
طريق تتموج فيه الخضرة و إشراقة الشمس بنورها المسكوب على الأبنية اللبنية القديمة ، و مشاهد المنطلقين من بيوتهم كلٌّ إلى وجهته .
كنت أعبره كل يوم مدة خمس سنين ، فتتأرجح في صدري مشاعر شتى ، و اليوم إن عبرته وجدت مشاعر أكثر منها تكاد تقطِّع نياط قلبي تقطيعاً .
قد غاب ما يدفعني إلى المرور به كل يوم ، بات ذكرى ، و هل أشد على القلب من ذكرى حبيبة لا يملك لها استعادة .
هل أشد على المرء من أن يحس ضياع ما كان يعمر قلبه بالإحساس الخافق ، و يراه بعينيه يهدَّم تهديماً .
مرت سنون ، و بات ممكناً أن يغير الناس فيه كثيراً ، لكنْ ليس لقلبي أن يحتمل هذا ، بل يريد لمَربَع الألق أن يظل كما هو ، كما كان منذ سنين مرت ، و ليس للقلب أن يُنْفِذ أمره فيما لا يستطيع .
يبقى طريق النحل خيالاً سارحاً في عوالمي ، غائباً بين طيوف ٍ لمن كنت ألقاهم فيه ، يظل هنالك كما كان قبل سنين ، لا يملك أحد أن ينتزعه كما انتزعت بعض معالمه من أرض الوجود أيدٍ لم تفقه يوماً معنى الشعور .
يبقى لأن القلب مملكة أسمى من ممالك الكون أجمعها ، فيه وحده نملك أن نحفظ ما لا نستطيع حفظه بأيدينا ، و فيه وحده يمكن أن نعيش السكينة إن فرت من أجواء ما يحيط بنا ، و فيه وحده و به وحده نملك أن نغير العالم إن أردنا ، فنعيد له وجهه المشرق بالإحساس ليعود أهلاً للحياة التي تستحق أن تعاش .