انتحل غريب شخصية صقر ونزل ضيفاً على جماعة الصقور .. عند الغروب انقض عليها فقتل من قتل ، وشرد من شرد ، ومن بقي أخده أسير ، وزج به في قفص حديدي كبير .. أصدر فرماناً .. نصب نفسه عليها صقراً زعيم بعد أن غير الأسماء والمسميات .. وطمس في عالمها كل شيء جميل ..
خاطب الصقور الأسيرة قائلاً : بشراكِ أيتها العصافير فقد جعلت من كل عصفور منكِ أمير .. تحسده الطيور التي في السماء تطير ، وبنيت لكِ قفصاً كبير تنفد إليكِ من وراء قضبانه شمسي المحرقة نهاراً ، وفي الليل أطل عليكِ قمراً منير ..
أيتها العصافير لم يهنأ ليعيش حتى أتيتكِ ببعض طعام ، وقليل من ماء نمير ، ووضعته لكِ في القفص حتى لا يتعبكِ البحث الكثير .. فغني وارقصي .. واشكريني على خيري الجزيل ..
وختاماً أحدركِ أيتها العصافير إياكِ أن يفكر عصفور منكِ يوماً أن يطير ، فإن حسابه سيكون عسير .. سيكون عقابه إما تحت التراب قتيل ، وإما تحت الأرض سجين .. هناااك في ( بو سليم ) حيث الظلم ظلمات .. حيث الألم الكبير .. حيث ينقضي العمر حزناً .. حيث تئن القلوب فتعلو الزفرات لتحرق عن بعد في بنغازي قلوب المحبين .. أنهى كلامه الصقر الزعيم ..لكن الزفرات لم تنتهِ .. تتابعت .. وشيئاً فشيئاً تولدت شرارة الغضب الكبير .. لم يصدق الزعيم .. أزبد وأرعد ثم سألهم متناسياً ليلة الغروب الطويل : من أنتم ؟ أجابوه بلسان حالهم : نحن الصقور التي أخدت من طبيعة أرضها الشيء الكثير ؛ قسوة الصحراء .. عبق الطيب .. وهواء البحر العليل ..
نحن كما ليبيا .. جميل اسمنا .. جميل رسمنا .. ولكن إياك إياك أن تعبث يوماً مع الصقور .