بروفيسور أيان روبيرتسون – دايلي تليجراف يعتقدالبروفيسور أيان روبيرتسون، أستاذ علم النفس في كلية ترينيتي في دبلن،والمدير المؤسس لمعهد ترينيتي للعلومالعصبية، أن هناك تفسيرًا علميًا للوحشية التي تمارسها داعش أبعد منالاعتقاد السائد بأن تلك الوحشية هي نتاج مباشر للفكر الأصولي الإسلامي،ويطرح خمسة تفسيرات علمية قد تكون وراء تلك الهمجية في مقاله الذي نشره فيصحيفة الدايلي تليجراف البريطانية والذي جاء فيه: “بعدماقام متشددو الدولة الإسلامية في العراق وسوريا بقتل آلاف “الكفار” وسبينسائهم وأطفالهم، أصبح الكثيرونفي الغرب يميلون لتفسير أن تلك الوحشية هي نتاج للفكر الأصولي الإسلامي. غير أنه بعد اجتياح البوسنة في 11 يوليو 1995، وقيام قوات صرب البوسنة،المسيحيين ظاهريًّا بذبح 8.000 من مسلمي البوسنة في سربرنيتشا بدم بارد،وبعد الإبادة الجماعية التي قام بها الهوتو ضد التوتسيفي رواندا، وقتل الخمير الحمر في كمبوديا، والإبادة الجماعية النازيةلليهود والغجر والمعوقين … لا تزال قائمة الوحشية طويلة ومثيرة للاكتئاب. والسؤال إذن، ما هي أصول تلك الوحشية، بعد أن اتضح أنه لا يمكننا إرجاع ذلك إلى دين واحد أو أيديولوجية بعينها؟هل يمكن أن يكون هناك تفسير علمي وراء وحشية داعش؟
1- الوحشية تولّد الوحشية: الجزءالأول من الجواب قد يكون بسيطًا وفظيعًا؛ فالوحشية تولّد الهمجية. كما إنالقسوة والعدوان وعدم التعاطفتكون هي رد الفعل المشترك للناس الذين تعرضوا للمعاملة بقسوة. في معسكراتالاعتقال النازية، على سبيل المثال، كان العديد من أقسى الحراس هم أنفسهمسجناء من قبل في سجون “kapos” سيئة السمعة. كما إن الأطفال الذين يتعرضون للاعتداء الجنسي -خاصة الذكور منهم- هم أكثر عرضة لارتكاب الاعتداءات الجنسية مثلالبالغين (على الرغم من أن الأغلبية لا تفعل ذلك). أي إنّ الضحايا غالبًا ما يستجيبون للصدمة بأن يتحولوا هم أنفسهم إلى جناة.
2 - الذوبان في المجموعة: ولكنأن تصبح الضحية جانيًا، ليس هو التفسير الوحيد للوحشية. فحين تنهارالدولة، وينهار معها النظام والقانونوالمجتمع المدني، يكون هناك حل واحد فقط من أجل البقاء، إنها المجموعة،والتي تتكون بناء على اعتبارات دينية أو عنصرية أو سياسية أو قبلية أوعشائرية، حيث يصبح البقاء على قيد الحياة معتمدًا على الأمن المتبادل الذيتقدمه المجموعة. كما يخفف هذا النوع من الارتباط بعض مشاعر الخوف والضيق التي يشعر بها الفرد عند انهيار الدولة. كما إنه يوفرأيضًا الثقة بالنفس للأشخاص الذين يشعرون بالإهانة بسبب فقدانهم لمنازلهم ومكانتهم في المجتمع المنظم نسبيًّا. وخلالذلك تبدأ الهويات الفردية والجماعية في الذوبان جزئيًا، وتصبح التصرفات لاتعبر عن الشخص بقدر ما هي مظهرمن مظاهر المجموعة أكثر منها إرادة الفرد نفسه. وعندما يحدث ذلك، يمكن أنيفعل الشخص أشياء رهيبة، حيث يتضاءل الضمير الفردي داخل المجموعة المحاصرةالمتحاربة، حيث يصبح الفرد والجماعة شيئًا واحدًا طالما استمرّ التهديدالخارجي. وتصبح الجماعات أكثر وحشية، أكثر بكثيرمن أي فرد وحده. يمكنكأن ترى ذلك في وجوه الشباب الصغار المتشددين من أعضاء الدولة الإسلامية فيالعراق وهم على شاحناتهم، يلوحونبالأعلام السوداء بينما تعلو وجوههم الابتسامات العريضة، وقبضاتهم مرفوعةعاليًا، بعد أن انتهوا لتوهم من ذبح الكفار الذين لا يعتنقون الإسلام. إنماترونه هو أعلى مستوى من الكيمياء الحيوية، حيث يعلو تأثير مزيج منهرمون الأوكسيتوسين وهرمون التستوستيرون. ومن المعروف أن هذين الهرمونين يؤديان إلى رفع المزاج أكثر بكثير منالكوكايين والكحول، والحث على التفاؤل وتنشيط الأعمال العدوانية من جانبالمجموعة. ولأن الهوية الفردية تكون ذائبة إلى حد كبير في هوية المجموعة، يصبح الفرد أكثر استعدادًا للتضحية بنفسه في المعركة،أو القيام بالتفجيرات الانتحارية. لماذا؟ لأنه عندما يذوب الفرد ضمن المجموعة فإنه سيعيش من خلال المجموعة حتى إذا مات كفرد. عندما يكون الناس معًا، ترتفع مستويات الأوكسيتوسين في الدم، فيجعل من الأسهل بالنسبة لك فقدان التعاطف مع منهم خارج المجموعة وأن تراهم كأشياء، وبالتالي يمكنك فعل أشياء رهيبة تجاه تلك الكائنات لأنهم ليسوا بشرًا.
3- اعتبار الذين خارج المجموعة كائنات مختلفة: فهذاالفرض يجعلنا نفسر المذابح بين السنة والشيعة في العراق وسوريا، حيث يتمتعزيز القبلية في الجماعة -وبالتاليالبغض لمن هم خارج المجموعة في المقابل. وحتى عندما يكون العدوان ضدالمجموعة الأخرى هو تدمير للذات، وهو ما نراه يحدث بشكل مأساوي في منطقةالشرق الأوسط، فإن المجموعات التي تنشأ على أساس ديني، تحمل درجة منالعدوان ضد خصومهم أكثر من المجموعات غير المصنفة على أساسديني. 4- الانتقام: الانتقام،وهو قيمة كبيرة في الثقافة العربية، قد يلعب دورًا في استمرار الأعمالالوحشية. وبالطبع، فإن الانتقامالوحشي يولد المزيد من الوحشية في دوامة لا تنتهي أبدًا. ولكن الأكثر منذلك، هو أن الانتقام حافز قوي، ولكنه مخادع أيضًا؛ لأن الانتقام من شخص ما،المدفوع بالضيق والغضب يضخم الواقع ويؤدي إلى استمراره.
5- القادة: وأخيرًا،فإن الناس سوف تفعل أشياء وحشية إذا قال قادتهم لهم إنه من المقبول أنيفعلوا ذلك، ولا سيما إذا كانواقد وهبوا حياتهم إلى المجموعة. حيث ارتكب جنود الجيش السوفيتي عملياتالاغتصاب الجماعي عندما قاموا بغزو ألمانيا في عام 1945 لأن القادة الكبارطلبوا منهم ذلك. كما ذبح مقاتلو الدولة الإسلامية المسيحيين واليزيديينالعزل بسبب أن قادتهم قد أخبروهم بأن هذا هو الشيءالصحيح الذي ينبغي عمله. فالقادةفي العديد من المستويات بدءًا من القبيلة وحتى البلاد الكبيرة، همالمسؤولون عن هذه الوحشية، ويمكن أنيتوقف القادة في نهاية المطاف عن ممارسة تلك الوحشية كما اختاروا وفعلوا فيرواندا، بعد ضغوط دولية. لكن المشكلة، كما رأينا، تكون عندما يختار القادةتشجيع الوحشية، وليس قمعها، فعندها لن يستطيع شيء الوقوف ضدها.
http://klmty.net/217113-%D9%87%D9%84_%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86_%D8%A3%D9%86 _%D9%8A%D9%83%D9%88%D9%86_%D9%87%D9%86%D8%A7%D9%83 _%D8%AA%D9%81%D8%B3%D9%8A%D8%B1_%D8%B9%D9%84%D9%85 %D9%8A_%D9%88%D8%B1%D8%A7%D8%A1_%D9%88%D8%AD%D8%B4 %D9%8A%D8%A9_%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4%D8%9F.html