تنشئة الطفل في الإسلام وأثرها في صقل شخصيته ...
وأثر على ذلك على تحوله إلى قائد فاتح .. أو عالم نحرير أو مجاهد صنديد
رغم ضخامة العنوان .. والذي يوحي بأن الأمر يتعلق بدراسة بحجم العنوان الكبير .. إلا أن الأمر يتعلق ببعض النصوص التي مرت عليّ ... فجعلتني أفكر في التربية التي أوجدت تلك الحوارات ... بالنسبة للنصوص و الحوارات بين الآباء والأبناء .. والأهم من كل ذلك .. تلك اللمحة التربوية .. والتعليمية .. التي ترمز إلى (المساواة) في الإسلام .. وترمز كذلك إلى قيمة صقل شخصية الطفل المسلم،من جهة ... وزرع ثقافة الحوار،وتبادل الآراء في نفس الطفل المسلم ...
سوف نؤخر النص النبوي الشريف - اللهم صلّ على سيدنا محمد وعلى آله - إلى الختام ... ليكون الختام مسكا .. وأي مسك؟
نبدأ بالنصوص التراثية ... وإن كان من اللافت للنظر ... أن يكون الحوار بين الآباء والأبناء (حادا) ... ومع ذلك فإن مما يلفت النظر أيضا ... أن رد الإبن .. لم يتم الرد عليه بالشتم .. ولا بالضرب ...
القصة الأولى : غضب أب من ابنه .. فنفاه وقال : لست ابني!!
فرد الإبن : بل أنا ابنك .. والله لأنا أشبه بك منك بأبيك .. ولأنت أغير على أمي من أبيك على أمك.
القصة الثانية : غضب أب على ابنه ... وكانت أمه (أمة) .. فقال له الأب : يا ابن الأمة.
فرد الإبن : الأمة خير لي منك!!
- وكيف ذلك؟
- ولدتني من (حُر) .. وولدتَني من (أمة).
أما الحديث الشريف .. فعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - قال : "أُتي النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح فشرب منه،وعن يمنه غلام أصغر القوم،والأشياخ عن يساره،فقال : ( يا غلام أتأذن لي أن أعطيه الأشياخ؟
قال : ما كنت لأوثر بفضلي منك أحدا يا رسول الله،فأعطاه إياه)... والحديث في البخاري.
لا يتعلق الأمر فقط بـ(النظام) الإسلامي .. أحقية من في الجهة اليمنى .. ولا بتطبيق ذلك (النظام) على الجميع .. بل يتعلق الأمر .. بالجدية المتناهية .. وكان ذلك الغلام يستطيع أن يتنازل عن حقه للشيوخ .. ولكن ذلك كان سوف يحيل الأمر .. إلى نوع من (المجاملات) ... مثل تلك التي نتعامل بها نحن الآن .. وعند السعي لتطبيق نظام المساواة ذلك .. سوف نجد من يجادل .. بأن الأمر قد يكون مجرد (عرض) .. ولكن الحوار الذي دار .. وتمسك الغلام بحقه الذي كفله له النظام ... يشي بأن الأمر في غاية الجد ..
ولعل ذلك النوع من التربية هو الذي أوجد القادة العظام .. من صغار السن .. على مدار تأريخ الإسلام ... أو إبان تسنمه عرش الحضارة ...
وهو أيضا الذي جعل سيدنا عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - يقف .. ولا يفر من أمام سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. عندما فر الأطفلام الآخرون .. ثم قال قولته المشهورة .. أنه لم يرتكب جرما فيفر .. وليست الطريق ضيقة فأوسعها لك .. يا أمير المؤمنين!!!
وقد حاول (طفل) أن يكرر تلك العبارة - في القرن العشرين - بعد أن تعلمها في المدرسة .. فكانت النتيجة أن تلقى (وجبة من الضرب) .. لعله غير المبرح!!!
فلعلنا في حاجة إلى العودة إلى ذلك النبع الصافي .. لصقل شخصية الطفل المسلم .. مع حفظ التوازن بين الجرأة في الحق .. وقلة الحياء.
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي - المدينة المنورة في 2/8/1433هـ