ورحل شكسبيرالعرب نجيبنا المحفوظ
_________________________________
حسن غريب
_____________________________
سوف يظلُّ يوم الاثنين من أغسطس/آب 2006 علامةً فارقةً في تاريخنا المعاصر، فهو اليوم الذي رَحَلَ فيه عن دُنيانا علمٌ بارزٌ من أعلامِ الثقافة العربية ورمزٌ من رموزها المضيئة ونجْمٌ بازغٌ من نجوم الإبداعِ الأدبيّ والفكريّ وصانعٌ كبير من صُنّاعِ الحضارة والتراث الإنساني هو نجيب محفوظ.
من بيْن كُلّ الروائيين وكتّاب القصة العرب، كان لنجيب محفوظ النصيب الأوفر من الشهرة وذيوع الصّيْت بين عموم المُثقفين وجمهور القرّاء العاديّ على حَدّ سواءْ. بل حتى على الصعيد الشعبيّ بقي اسم نجيب محفوظ يترَدَّدُ كثيراً في أوساط العامّة ممن لا يجيدون القراءة والكتابة لكنهم تعرفوا عليه من خلال أعماله التي تحولت إلى أفلامٍ سينمائية أو سمعوا بحصوله على جائزة نوبل للآداب كأول أديب عربيّ يحظى بهذا التكريم العالميّ عام 1988.
لم تأتِ شهرة نجيب محفوظ وذيوع صيْته من فراغ، فهو الروائيّ الذي وصلَ بفَنّ الرواية العربية إلى مُستوىً رفيعٍ غير مسبوق جعله رائداً مُبْدعاً وخلاّقاً لهذا الجنسِ الأدبيّ الذي لم يعرفه أدبنا العربيّ بشكله وتقنيّاته المُتعارف عليها. وإذا كان مؤرخو الأدب يتفقون على أنّ رواية "زينب" للدكتور محمد حسين هيكل هي أوّل إرهاصات الفنّ الروائي في أدبنا العربيّ، فإن دور نجيب محفوظ كان هو تأصيل هذا الشكل من أشكال الكتابة والارتقاء به إلى المستوى الذي وضعه في مصافّ الأدب العالميّ دون منازع. ليسَ هذا فحسب، بل إن الطّاقة الإبداعية والحيويّة الفكريّة وحساسية الرّصْد والتسجيل وشفافية الرؤية والمقدرة الفذّة على التعبير والتحوّل والانتقال من مرحلة إلى أخرى ومن شكلٍ تعبيريّ إلى شكلٍ آخر جديد من أشكال الكتابة الأدبية ـ كُلّ هذه السّمات كانت رافداً إضافيّاً من الروافد التي عَزّزت من المكانة الأدبية لنجيب محفوظ وأهّلته لهذا الموقع المتقدم في صفوف الروائيّين العربْ. فعلى مدى ما يقربُ من سبعين عاماً ـ هي عُمْر الإبداع والعطاء عند أديبنا الكبير ـ كان محفوظ بحقّ هو العيْن الرّاصدة لتحوّلات المجتمع المصري سياسيّاً واقتصاديّاً وفِكْريّاً واجتماعيّاً، وهو القلب النابض والبصيرة الواعية بهذه المُتغيرات، وهو الوجدان القادر على هضم هذه المُعطيات وإعادة صياغتها أدباً وفَنّاً رفيع المستوى يجمعُ بينَ وضوحِ الرؤية وخصب الخيالِ ورُقيّ التعبير وأصالة المُحتوى وجسارة الارتياد لآفاقٍ ومغامراتٍ إبداعيّة جديدة وعوالم لم يسْبقْه إليها أحدْ على صعيدي الشَّكل والمضمونِ معاً.
كان محفوظ ـ بحقّ ـ أحدَ الحكّائين العظام الذين يجمعون في نتاجهم الأدبي بين عُمْقِ الفِكْر والمضمون وبين الإمتاعِ والمؤانسة في آنٍ واحد. وربما كانت هذه السمة بالذات هي التي جعلت من أدب نجيب محفوظ ـ في َحدّ ذاته ـ مُتعةً خالصة ومادّةً صالحةً للقراءة والفهم ـ مع تعدّد مستويات التفسير وتباين زوايا الرُّؤية ـ وسْط جمهور قرّاءٍ واسعٍ ومُتفاوتٍ من حيث حظه من الثقافة. وربما هذه السّمة أيضاً هي التي جعلت من أعمال محفوظ الروائية مادّةً صالحةً للعرض على جمهور أوسع وأكثر اختلافاً وتبايناً في التعليم والثقافة ـ وذلك من خلال السينما والدّراما التليفزيونيّة. على أنّ هذه النقطة بالذات ـ تحويل أعماله الروائية إلى دراما مَرْئيّة ـ وإن كانت قد حققت لهذا الأديب الكبير شهرة غير مسبوقة بين الجمهور العادي، إلاّ أنها لم تَخْلُ من نقيصة أرى أنها ألحقت أبلغ الضّرر بفنّه الروائي وصورة هذا الفَنّ في أذهان العامّة الذين لم تُتَحْ لهم فرصة الاطلاع على كتاباته في أصلها الأدبيّ ـ وذلك بِفِعْل التشويه والابتسار الذي أصاب بعض أعماله الروائية في نسختها السينمائية. فقد تراوحَ مستوى هذه الأعمال بين الجودة الفنّيّة على أيدي مُخرجين وكُتّاب سيناريو كبار مثل صلاح أبو سيف وتوفيق صالح وكمال الشيخ وعاطف سالم وعاطف الطّيّب وعلي بدرخان ومحسن زايد وسعد الدين وهبة وغيرهم (بداية ونهاية، زقاق المدقّ، خان الخليلي، الطّريق، اللّصّ والكلاب، ميرامار، ثرثرة على النيل، الكرنك، قلب الليل.. وغيرها) فضلاً عن الثلاثية في نسختها التليفزيونية، وبين أفلامٍ تغلب عليها النزعة التجارية وسطحية المعالجة (الثلاثية في نسختها السينمائية، المرايا "التي تحولت في السينما إلى: أميرة حُبّي أنا" .. وغيرها).
المَلْمَح الثالث من ملامح التّميّز في شخصية نجيب محفوظ الأدبية يتمثّلُ في ذلك التزاوج الحميم والتفاعل الحَيّ الخلاّق بين جناحي الإبْداع: الموهبة والثقافة. موهبة فذّة أصيلة الجوهر بالغة الخِصْب والغنى والتوهّج مُقترنة بمُخَيّلة عبقريّة وثقافة موسوعية عميقة الجذور رَحْبة الأفق مُتعدّدة المناهلِ والمشاربِ والأصولِ والفروعْ. وإذا كانت موهبة الخلق والإبداع هي مِنّةٌ إلهيّة واصطفاء من الخالقِ لنَفَرٍ من خَلْقه دون غيرهم، فإن الثقافة هي جهدٌ فرديّ ودأبٌ وكَدٌّ واجتهاد لا يتأتّى إلاّ بالصّبْر والمُثابرة والإصْرارِ والعزيمة. وقد كان المكوّن الثقافي لنجيب محفوظ هو نتاج تفاعل وانصهار بين حضارتين عظيمتيْن هما الحضارة الفرعونية والحضارة الإسلامية ـ كما يقول في معرضِ كلمته الموجهة إلى الأكاديمية السويدية ولجنة نوبل التابعة لها في الاحتفالية التي تم فيها منحه هذه الجائزة العالمية عام 1988: " أنا ابن حضارتيْن
تزوّجتا في عصر من عصور التاريخ زواجاً مُوفّقاً، أولاهما عُمرها سبعة آلافِ سنة وهي الحضارة الفرعونية، وثانيتهما عُمرها ألف وأربعمائة سنة وهي الحضارة الإسلامية". ولعلّنا نُضيف إلى ذلك رافداً ثالثاً من روافد التكوين الثقافي لهذا الأديب الكبير وهو الثقافة الغربية التي لم يقتصر تأثره بها على ما رسخَ في وجدانه من عيون الأدب العالمي وبالأخص كلاسيكيات الأدب الروسي، أو تيارات الإبداع الأدبيّ ومدارسه المختلفة في الشرق والغرب على السّواء، وإنما كان لدراسة الفلسفة ومناهجها وآثار أعلامها في الفكر الإنسانيّ أكبر الأثر في تشكيلِ وعْي نجيب محفوظ وفكره ونظرته إلى الواقع الإنسانيّ من حوله. وقد أثمرَ ذلك كُلّه زاداً أدبيّاً وفَنّيّاً وافراً من حيث الكمّ، عظيم القيمة بمعيار الجودة ومقاييس النقد الأدبيّ على اختلاف مدارسه ومداخله ومقارباته، شديد التنوّع والثراءِ بمفهوم الشكل الأدبيّ، عميقَ الأثرِ من حيثُ الأصالة والمعاصرةِ والتفاعل مع الأحداثِ والتأثيرِ في الأجيالِ الأدبية اللاحقة وفي بِنية الثقافة العربية والإنسانية. عَبْرَ مسيرة إبداعه التي امتدتْ لما يقرُبُ من سبعين عاماً قَدَّمَ نجيب محفوظ أكثر من خمسين عملاً أدبيّاً تعدّدتْ أشكالها ما بين الرواية والقصة القصيرة ـ تُرْجِمَ مُعظمها إلى نحو خمسٍ وعشرين لُغة ـ هذا فضلاً عن عشرات النصوصِ السينمائية (السيناريو) التي تحولت على أيدي كبار المخرجين وبالأخص صلاح أبو سيف إلى أفلامٍ تحتلّ موقعها المتميّز في تاريخ السينما المصريّة. وفي كُلّ هذه الأعمال عَبّرَ نجيب محفوظ عن حساسيته المُدهشة تجاه الحياة والمجتمع، ومقْدرته الفائقة على التقاطِ ذبذباتِ الواقعِ المُعاش ورَصْدِ أحداثه ومُتغيّراته والتنبّؤ بحراكه السّياسيّ والاجتماعيّ، وترجمة هذا كُلّه إلى نسيجٍ أدَبيٍّ راقيَ الصُّنْعِ بديع الإحكامِ والصياغة نابضاً بالصّدْقِ الفنّيّ مُتدفّقاً بالحياةِ في أحداثه وشخوصه. ولا أتصوّرُ أنه من قبيل المبالغة أو الجنوحِ إلى الشَّطط قولنا إن نجيب محفوظ هو الأكثر مقدرة على نفخ الرّوح وبعْث الحياة في شخوص رواياته بحيث تتجسّدُ في مخايل قُرّائه أناساً من لَحْمٍ ودم ووجودٍ حقيقيّ لا يُداخله شكّ. ومن مِنّا لا يعرفُ السيد "أحمد عبد الجواد" الذي اشتهر بين العامّة بـ "سي السّيد" رمزاً للهيمنة والسيادة الذّكوريّة في مجتمعاتنا العربية..؟! ومن مِنّا ينسى كمال عبد الجواد أنموذج المُثقف الذي يتمزّقُ عقله ووجدانه بين الواقع والمثال، بين إدراكه لمواطن الخللِ في العالمِ من حوله وعجزه عن الفِعْلِ والتغيير..؟! ومن ذا الذي تغيبُ عن ذاكرته ملامح شخصيات مثل أحمد عاكف في (خان الخليلي) وحميدة في (زقاق المدق) ونفيسة في (بداية ونهاية) وعُمر الحمزاوي في (الشّحّاذ)، وزهرة في (ميرامار) وسعيد مهران في (اللصّ والكلاب)..؟!.
والقَسَمَةُ الرابعة من قسماتِ هذه الشخصية الأدبيّة الثّريّة تتمثّلُ في حيويّة الفِكْر وديناميّة التفاعل والمقدرة الذّاتيّة على التطوّر والتحوّل من نهجٍ إلى آخر في الكتابة والانتقال من شَكْلٍ وتقنيّةٍ وأسلوبٍ في القَصّ والتعبير والتصوير وصولاً إلى أشكالٍ أخرى أكثر مُعاصرة وحداثة وملاءمةً واتساقاً مع المضمون وأقدر تعبيراً عن إيقاع الواقع ومتغيّراته. فقد بدأ نجيب محفوظ بكتابة الرواية التاريخية: همس الجنون (1938)، عبث الأقدار (1939)، رادوبيس (1943) ثمّ تحول إلى مرحلة الواقعية الاجتماعية: خان الخليلي (1945)، القاهرة الجديدة (1945)، زقاق المدقّ (1947)، بداية ونهاية (1950). وتُوّجت هذه المرحلة بثلاثيته الشهيرة: بين القصرين (1956)، قصر الشّوق (1957)، السُّكَّريَّة (1957). وتصوّرَ بعض النقاد والأدباء ـ آنذاك ـ أن نجيب محفوظ قد بلغَ ذروة نضجه وأعطى أفضل ما عنده ولم يعد بإمكانه تجاوز هذه المرحلة التي اختتمها بتحفته الأدبية وهي الثلاثية. غير أن نجيب محفوظ فاجأ الجميع بتحوّله إلى مرحلة أخرى جديدة من حيث المضمون والشكل الفني اصطلحَ بعض النقاد على تسميتها بمرحلة "الواقعية الوجوديّة" وهي المرحلة التي استهلها بكتابة روايته التي أثارت وما تزال تُثير جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والثقافية لما تطرحه من قضايا تتعلق بالخَلْقِ والصراع بين العلم والجانب الغَيْبي في الدّين: أولاد حارتنا (1959) التي ما تزال ممنوعة من النشر بمصر بسبب اعتراض الأزهر ـ وهو المؤسسة الدينية الرسميّة في مصر ـ على نشرها. وشهدت هذه المرحلة ذاتها صدور مجموعة من أعماله المهمة: اللصّ والكلاب (1961)، السّمّان والخريف (1962)، الطّريق (1964)، الشّحّاذ (1965). وتبدأ مُتغيرات الواقع السياسي والاجتماعي في مصر تفرض نفسها بإلحاح على ضمائر المُثقفين وسط جوٍّ مُلبّدٍ بالغيوم والهواجس والخوف على مصير التجربة الناصريّة وإنجازاتها المُهمّة التي غيّرت خارطة المجتمع المصريّ لصالح الفقراء ومحدودي الدخل والشرائح الدُّنيا من الطبقة الوسطى (البورجوازية الصغيرة) لكنها إنجازات تحققت في مناخٍ سياسيّ تميز بغياب الديمقراطية وانتفاء حريّة التعبير وإطلاق أيدي الأجهزة الأمنية دون رقابة. في هذه المرحلة يُصْدر نجيب محفوظ روايتيْن تميّزتا بالجرأة في النقد السياسي لكن الأهم من ذلك أنهما حملتا إرهاصات هزيمةٍ قادمة استشعرها الكاتب ببصيرة نافذة : ثرثرة فوق النيل (1966)، ميرامار (1967). وتتحقق نبوءة الكاتب وتقع هزيمة الخامس من يونيو/حزيران عام 1967 التي كانت زلزالاً مروّعاً تصدّعت له النفس العربية واهتزتْ مُسَلّماتها وتضَبّبَت أمامها الرؤية واختلطت بألمِ الجُرْحِ النّازفِ وهواجس اليأس والانكسار والانكفاء على الذّات وحُمّى التساؤلات التي انقضّت على عقول الناس وضمائرهم دون هوادة: ماذا حدث..؟ وكيف حدث هذا..؟!. في هذه المرحلة يلجأ نجيب محفوظ إلى القصة القصيرة التي كانت ـ هي الجنس الأدبيّ السائد خلال عقد الستّينيّات ـ والتي بدتْ شكلاً فنّيّاً أكثر اتساقاً مع طبيعة التجربة والمرحلة الأدبية ذاتها التي غلبت عليها الرمزية واتسمت بالغموض والنهايات المفتوحة والأسئلة المُعلّقة دون جواب. وتمخضت هذه المرحلة عن ثلاث مجموعات قصصية: خمّارة القطّ الأسود (1969)، تحت المِظلّة (1969)، حكاية بلا بداية ولا نهاية (1971). وتتوالى إبداعات هذا الكاتب الكبير ـ الذي لم يتوقف عن الكتابة حتى الشهر الأخير قبل رحيله ـ لتواكب متغيرات الواقع السياسي والاجتماعي وتُجَسّدُ همومه وتحمل نبضه وتتطوّرُ ـ شكلاً وموضوعاً ـ بحثاً عن الإطار الأفضل للتعبير والزاوية الأكثر وضوحاً للرؤية والتصوير، حتى يفاجئنا نجيب محفوظ في السنوات العشر الأخيرة التي سبقت رحيله بابتكار أشكال جديدة للكتابة تمثلت في مجموعاته: أصداء السيرة الذاتية (1995)، صدى النّسيان (1999) فتوة العطوف (2001) وأخيراً: أحلام فترة النقاهة (2004) التي تضمُّ 146 حُلماً وتُمَثِّلُ جنساً أدبياً قائماً بذاته مليئاً بالرموز والإشارات والمعاني والدلالات، يسردُ الكاتب أحداثها ووقائعها مُستعيراً شفافية الحلم والتكثيف والرمز بديلاً للمعنى الظاهر.
ويُفسِّر نجيب محفوظ ـ هذا الاتجاه الجديد بمنهج الكتابة ـ بأنه بعد أن ضعف سمعه وكَلَّ بصره لم يعُدْ لديه غير أحلامه مصدراً للإبداع.
"لقد استخدم محفوظ أهم خصائص الحلم في صياغة نصوصه السَّردية، من تكثيفٍ شديد يُضْمِرُ في إيجازه سعة هائلة من الأفكار والمحتوى والمادة النفسية، والتحويل الذي يُمَوِّه الرئيسي ويُبْرزُ العارض، والتصوير الذي يُعربُ عن مقاصد الكلام الخافية بمشاهد ورموزٍ مُخبأة في المشاهد، ورفع الحواجز بين الأزمنة والأماكن ليكون هناك زمن واحد ووحيد هو حاضر الحلم والسرد، واعتماد اللامعقول وغير الاجتماعي. كل ذلك يوحي بأننا نقرأ أحلاماً، لكنها ليست بأحلام وتحديداً ليست بأحلام نوم. الفن لعب هذا صحيح، لكنه لعب شديد الجدّية، مُرهقٌ ومُثقل بالمسئوليات الجمالية والفكرية والأخلاقية، ونادراً ما يقدرُ عليه مُسنّ، وعندما تكلم فرويد عن التقدم بالسن كان يقصد مغادرة مرحلة الطفولة، لكننا هنا حيال كاتبٍ غادر بالعُمر مراحل الطفولة والشباب والكهولة والشيخوخة ويوغلُ في الهرم، لكنه لم يفقد حيوية الذهن للاَّعب بمرونة وذكاء وجمال فائق. وياله من طفلٍ نورانيٍّ يخطرُ بيننا".
ليسَ هذا تعريفاً بأدب نجيب محفوظ ولا تأريخاً له بطبيعة الحال، لكنها مُجرّد إطلالة على بعض ملامح الشخصية الأدبية لأحد الرواة والحَكّائين العظام الذين سوف تبقى أعمالهم وسيرة حياتهم في ضمائرنا وعقولنا ـ بقاء البذرة في أصل النبات المُزهر ـ وجزءاً لا يتجزأ من تراثنا الحضاريّ والإنسانيّ، تُعلّمُنا وتلهمُنا وتسْتحثُّ خطانا على طريق التقدمِ والتنوير والارتقاء والإبداع.