بامية..
( قصة بقلم : محمد صالح رجب )
عندما يوشك مخزون الخبز على النفاد ، ولا يتبقى منه إلا اليابس والمكسور ، تقوم أمي بعمل تصفية لهذا الخبز ، تعد قدرا كبيرا من البامية ، نتحلق حوله ونأكل منه بنهم ، فتردد أمي مقولتها الشهيرة " أنتم يا رجبية باميجية " فنضحك من القلب سويا ، فعائلة " آل رجب " مشهورة بعشق البامية ..
تعلق البامية بشفاهنا ، وينظر أحدنا إلى ألآخر ونضحك من القلب سويا .. يتعافي أخي على البصلة ويضربها بقوة فتنفلت كالحجر في أي منا ونضحك من القلب سويا .. تمسك أختي الصغيرة بقلب البصلة من أعلاه وترفع رأسها ، وتسقطه في فمها " كأنما خر من السماء " ونضحك من القلب سويا ..
أما أمي .. فتستأثر بالنشء وتعلمهم كيف تأكل البامية .. تمسك بقطعة خبز سبق وبللتها ، ثم تطويها كالمثلث ، تمسك بإحدى زواياه وتضغط على الضلع المقابل حتى يهبط قليلا ، وتسألهم : ما هذه ؟ وعندما لا تجد ردا تجيب : هذه " ودن قطة " .. " ودن " ماذا ؟ فيردد الصغار " ودن قطة " فتغرف وتطعم الصغار ، ونضحك من القلب سويا ..
وعندما تنفد البامية .. تتلاقي عيوننا اللامعة .. نحبس ضحكاتنا ، ثم ننظر سويا إلى أمي .. لم نشبع بعد يا أمي .. فتعاجلنا بالرد المنتظر : بسم الله .. أنتم بطونكم مخرومة .. فنضحك من القلب سويا ..
رحلت أمي .. تفرق الجمع .. اشتقت إلى البامية .. تنقلت بين " الرجبية " بحثا عن قدر بامية يجمعنا ..
فكان اللحم والدجاج وأصناف شتى .. وفي آخر السفرة يقبع طبق من البامية .. أكلنا وشبعنا ، لكن .. لم نضحك من القلب سويا ..