منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 5 من 5
  1. #1

    دراسات نقدية للمهتمين

    السلام عليكم
    من موقع الاديب حسن غريب نقلت مقالاتاظنها هامة


    فيروز التي صنعت زماننا كله...سامر أبو هواش

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



    عن فيروز التي صنعت زماننا كله

    ننتظر شخصاً جالسها وتحدّث إليها وزارها في منزلها، إذ يبدو أن محادثتها والتقرّب إليها، تحدثان حصراً في ذلك الفضاء المنزلي. ننتظر "زائراً" وقعت عليه النعمة لكي يخبرنا المزيد عنها، ما نجهله من صورتها ومن عوالمها. وكم يسرّنا أن نعلم من هذا الزائر المحظوظ أو ذاك، أنها شخص مثلنا يحب الحياة، "عيّيش" نقول، اختصاراً لمزاج ما وطقوس عيش، هي عندها حب الضحك أولاً وأخيراً. كم نسرّ حين نعلم، بالتواتر، عن شخص ما رآها واقترب منها، أنها تضحك كثيراً وتحب "النكتة" والخفة والمرح. وهي صورة مخالفة بالنسبة إلينا، نحن جمهور المحبين والمعجبين والمدمنين لصورتها الثابتة على ملمح واحد جدّي، تمّ تأطيرها بها عبر السنوات، علماً أنها في عدد من الأداءات الحية، ولا سيما في مهرجانات بيت الدين، عبّرت عن مثل هذه الخفة، و"انحرفت" ولو قليلاً عن الوجه الثابت على ملمح واحد لا نستطيع أن نسميه عبوساً أو تجهماً، بقدر ما هو شكل أدائي اعتادت وعوّدتنا عليه.

    في صورتها مكرّمة في الجامعة الأميركية قبل أيام ضحكت فيروز أيضاً ملء وجهها. لم تتكلّم، بل ألقى شخص آخر كلمتها، لكنها ضحكت، وكان هذا كافياً، لتشارك بحضور آخر نسبياً يختلف عن الصورة المألوفة المكرّسة. ضحكت لأنها من دون الغناء لا يمكنها أن تتخذ تلك الهيئة الجامدة الثابتة، فالإثنان يجيئان معاً ويكملان بعضهما: ما تغنيه بصوتها، وما تقوله بتعابير وجهها. توأما صورة فيروز الدائمين. ضحكت إذن لأنها الآن خارج الخشبة، امرأة وصاحبة إنجازات فنية، لا المغنية في لحظة الغناء نفسها. أحسب أنه على هذا النحو تقيم فيروز مثل هذا الفصل الضروري: الغناء في لحظته الحية، وليس مسجلاً، كما عهدنا في البروفات مع ابنها زياد الرحباني، حيث نجدها تضحك أيضاً، هو في حدّ ذاته كوكب، هو حيّز نفسي وعاطفي من نوع آخر. الكوكب الآخر الذي تعيش فيه فيروز هو خارج الحلبة. تضحك، أجل تضحك، حين تكون في الضفة الأخرى، في معيشها اليومي، الذي لا نحسبه مشابهاً لحيواتنا نحن، الذي يمكن أن نضجر ونسأم ونبحث عن السلوان، في قضائنا كل يوم بيومه، وكل ساعة بساعتها.

    نبحث عن الخبر إذن، ليس على نحو ما يبحث مهووسو النجوم عن أخبارهم التي هي في الغالب عالمهم السري وفضائحهم، بل إننا حيال فيروز نبحث عن العادي ونرضى به: كيف تجلس، ما الذي تشربه، إلى أي وقت تشرب، هل تسهر، كيف هو منزلها، على ماذا تطل نافذتها، من هم أصدقاؤها المقرّبون؟ الخ. لا نبحث عن "لغز" ما، وإن كان البعض ينشغل به أحياناً، من قبيل كيف هي طبيعة العلاقة بينها وبين زوجها الراحل عاصي الرحباني، وما هي طبيعة الخلافات ضمن العائلة الرحبانية الواسعة؟ بعضنا يبحث عن مثل هذه الخبريات النمائمية، لكن معظمنا يرضى بالأخبار العادية ويعتبرها في حدّ ذاتها كنزاً يمكن الاحتفاء به. نذهب إلى حفلاتها ونروح على مقربة أمتار منها نتأمّل وجهها علّه يفصح عن شيء ما، شيء آخر، يقرّبنا أكثر منها، نكون دائماً على حذر، فلا نقترب من المنصة إلا حين تعطينا الإشارة بذلك، وإلا نعتبر أنفسنا نتطفل عليها ونزعجها، وهذا ما لا نريده.

    ما الذي يجعلنا نريد أن نعرف عن فيروز أكثر؟ أن نعرف هذه التفاصيل العادية، اليومية، التي لا تعنينا بشيء لو تعلّقت بأي شخص آخر، فناناً أم غير فنان؟ ربما لأننا إلى هذا الحدّ نريد اكتشاف اللغز الكبير، ليس لغزها كامرأة، وهي سيدة بسيطة وواضحة على ما يجمع كثر ممن التقوها، بل لغز حضورها ومكانتها عندنا. نروح نبحث خارج الأغنيات، تحديداً لأن الأغنيات، على مر السنوات والعقود، رسمت هذه الصورة الخرافية، فنحسب أننا خارج الأغنيات سنجد جواباً عما هو غير استثنائي ولا خرافي. السؤال إذاً، ليس سؤالاً حول كيف تعيش فيروز، هو في العمق، سؤال حول روح فيروز. ما هي طبيعة هذه الروح. نفهم مثلاً أن أم كلثوم كانت صاحبة صوت هائل، وندرك مسيرتها جيداً، يحيّرنا فيها قوة هذا الصوت، أو هجنته أو عوالمه، كما يحيّرنا عالمها الداخلي المقفل، ونرغب باكتشاف أسرار ما حولها تعطينا لمحة ضوء إضافية، أما بالنسبة إلى فيروز، فالبحث دائماً ليس "تقنياً"، ليس حول القدرة، ليس حول الموهبة، ولا الذكاء في الاستمرار، ولا حول عالمها السري، وما إلى ذلك من أمور تطرح حول الفنانين، السؤال يبقى دائماً نفسه، حول روح هذه السيدة، حول جوهر غامض ما لهذه الروح.
    غير أن ما يمكن إدراكه بقليل من التأمل هو أن هذه الروح الغامضة الملهمة، التي صارت ألحاناً وأغنيات، لم تكن يوماً صنيعة نفسها فقط. هذه الروح هي، على نحو ما، صنيعة زمنها أيضاً. ما نحاول دائماً النفاذ إليه هو كيف استطاعت هذه السيدة، مع كل الأسماء التي شكّلتها عبر السنوات، أن تصير صوت زمننا. صوت الزمن الراهن والماضي على حدّ سواء. فيروز هي في نهاية الأمر ذلك الصوت الملحّ، الذي يطرق باستمرار في جوانب الذاكرة، ذاكرتنا الفردية كما الجماعية، للفقدان، لكل ما هو ضائع أو في طريقه إلى ضياع مؤكّد. بمعنى ما هي صوت الطفولة المفقودة والمفتقدة، ذلك الإحساس الدائم بجنة لم تعش إلا قليلاً، ثم لم تعد ولن تعود بعد ذلك.

    أتأمل زمننا قليلاً. لا أجدني مبالغاً حين أحسّ أن كل ما "صنعناه" نحن أبناء هذا الزمن، الممتد إلى جيلين أو أكثر، ما يستحق أن نقف طويلاً جداً عنده، هو هذه الظاهرة التي اسمها فيروز، تلك الكناية الرائعة عن زمننا بكل ما فيه من آلام وأحلام دافئة، وحس عميق بالفقدان. هي فيروز كلها. وليست أي "نتاج فني" آخر. سيناقش من يناقش، بغير طائل، حول "تراجع" صوت فيروز. نقاش تقني سخيف، تفوته النقطة الجوهرية: ليس ما قدّمته فيروز ربطاً بزمننا أو أزمنتنا فحسب، بل ما تقدّمه فيروز ربطاً بأزمنتنا الحالية وتلك الآتية. لعل ذلك اتخذ شكله الأصفى والأنقى في الشراكة مع زياد الرحباني، لكنه على نحو ما امتداد لمسار كامل. اليوم، نستمع إلى أغنيات عاطفية من قبيل "صباح ومسا"، أو "ولا كيف"، أو غيرها. هل نستطيع أن نستمع إلى هذه الأغنيات خارج زمنها اللبناني، تحديداً البيروتي الراهن، زمن التسعينات وما بعدها في بيروت. الأمر نفسه بالنسبة إلى "كيفك إنت". ألم يفت بعضنا، حين خاض النقاش "التقني" حول الصوت وقدراته القديمة والحديثة مثل هذا الاكتشاف البديهي؟ أن ما نسمعه الآن، هو روح زمننا ونبضه؟ هو، بامتياز، روح مكاننا أيضاً. لن يبدو ذلك واضحاً إلا حين نضعه على خلفية كل ما ينتج فنياً من حولنا وعلى امتداد العالم العربي، وبين عاصمتيه الفنيتين، أي بيروت والقاهرة، لن يكون قليل الشأن أن نكتشف أنه بين كل هذا الركام من الإنتاج الفني، الاستهلاكي أو الذي يزعم جدة وطموحاً فنيين، بين كل هذا كان هناك عبر التسعينات، وحتى الآن، صوت واحد تمكّن من أن يقول زمننا: ما يضطرم في زمننا من حزن داخلي عميق، من هشاشة، من رغبة مقموعة بالفرح، من إحساس بالعدمية والفراغ. كل ذلك تأتي أغنية حب، مجرد أغنية حب، لتقوله دفعة واحدة، وهو أمر لا نراه كثيراً في عالمنا العربي الفارغ، بل نكاد لا نراه.

    لعلّ هذا هو لغز فيروز الحقيقي. لا تحتاج إلى أن تغني اليوم حول العراق مثلاً، أو أن تصدر "بياناً" أو موقفاً ما حول "الانتفاضة"، حول ما يجري في لبنان.. الخ. لم تفعل فيروز ذلك في السابق ولن تفعله اليوم. لا تحتاج إلى أغنيات مباشرة تحكي ملحمياً ما جرى ويجري. الصوت وحده، بما يعتمل ويختمر فيه، بما هو صوت روح، وبما هو روح زمن، ينجز مثل هذه المهمة. "رفيقي صبحي الجيز" تنجز مثل هذه المهمة، أغنية "مريم" تنجزها، "صباح ومسا".. الخ.. هذه الأغنيات، إذ نستمع إليها طازجة، وقت صدورها، متلهفين لهضمها كاملة، لنسبها إلى موقع فيروز في أعماقنا، تبدأ بالتخمّر مع الأيام التالية، حين تنتسب إلى الاستماع الفردي غير المحكوم بأي مناسبة، وعندها نكتشف، كل على حدة، أنه ثمة وراء الكلمات، ما يتجاوز إحساسنا المباشر تجاهها، ثمة تلك القدرة الهائلة للزمن، لكي يستمر بعد انتهائه، بعد افتقاده، لكي يصبح ثمة معنى ما، حقيقياً وأصلياً، لما نعيشه، وسط هذا الخراب الهائل.



    سامر أبو هواش

  2. #2

    تتمة

    حياة امرأة عاشقة....رشا المالح

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    حياة امرأة عاشقة

    تأليف: إيهارا سايكاكو

    كان الأديب الياباني إيهارا سايكاكو أول رجل في اليابان يعيش من كتاباته الأدبية في القرن السابع عشر. وتميز هذا الرجل بتعدد المواهب، منها موهبته الشعرية الاستثنائية، وأسلوبه المميز في كتابة المسرحيات والروايات ذات الرؤيا الجديدة التي تبرز تشوهات أو تناقض الواقع. وعرف عنه التجديد الدائم وحب المغامرة في تقديم نصوص أدبية خارجة عما هو مألوف. ولد إيهارا في عام 1642 في أوساكا وعرف القليل عن بداية حياته واشتهر بكونه رائدا في مجال الشعر والرواية والمسرح. وقد واجه المصائب في شبابه بروح وعزيمة قوية، فحينما توفيت زوجته في عام 1675 وتركت له ابنة عمياء سرعان ما لحقت بوالدتها بعد مضي سنوات معدودة، لم ينسحب إلى أحد المعابد الدينية أو يتصوف، بل اختار السفر والتجوال والكتابة كمسار جديد لحياته.

    وخلال سفره اختبر سايكاكو جوانب أخرى من الحياة وشاهد مناطق مختلفة من بلده، وتواصل وتعايش مع مختلف طبقات المجتمع سيما الدنيا منها، وسخر مخزون مشاهداته وتجاربه في أعماله الأدبية. كان سايكاكو يبحث عن الحياة في قاع المجتمع وفي الشوارع الخلفية وفي المسارح وبيوت الشاي، ويتواصل في النهارات مع المتسولين والمشردين والساقطات ليعود في المساءات ليرفه عن الأمراء والتجار الأثرياء من خلال مهاراته الأدبية.

    كانت أعماله المكتوبة بمثابة عدسة الكاميرا التي تلتقط تنوع أجواء مدينة أوساكا في ذلك الزمن، وتحول شخوصها من محاربين إلى مدنيين.

    بدأت شهرة سايكاكو من خلال كونه تلميذا رائدا لشعر هايكو في مدرسة شعر دارنين، وعمل على تحرير القصيدة من الصرامة الأكاديمية ومن إطارها الشكلي ونسقها المحدد، وسعى لأن تقرأ بطريقة أكثر عفوية.



    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    قوبل تمرده الأدبي بالنقد العنيف، ووصفت قصائده بكونها شعبية وغير ملهمة، إلا أن هذا النقد لم يمنع الرحالة من اكتساب مريدين لأسلوبه في أوساكا، حيث اشتهر بأدائه للشعر في ماراثون الشعر الشهير لديهم. ويقال بأنه ألف حينما كان في السادسة والثلاثين من عمره قصيدة ضمت 1600 هايكو في أداء واحد أمام الجمهور.

    وقيل أنه ألف بعد مضي ثلاث سنوات 3000 هايكو في يوم واحد، ومن ثم قام بإلقاء قصيدة تضم 500. 23 بيت خلال يوم وليلة حينما كان في الرابعة والثلاثين من عمره، ولقب آنذاك باسم «معلم 000. 20».

    كما اشتهر لاحقا بمهارته الفائقة في رواية وسرد القصص. ونشرت أول رواية له في عام 1682 بعنوان «حياة رجل عاشق»، أتبعها برواية أخرى هي «خمسة نساء أحببن الحب» ومن ثم رواية «حياة امرأة عاشقة» التي تلتها رواية «مودة صداقة الساموراي» والعديد غيرها.

    توفي سايكاكو في عام 1693 بعد أن أسس للأجيال القادمة بعدا جديدا للكتابة الأدبية الواعية. ولدى قراءتنا اليوم لأعماله الادبية الاثني عشر، نشعر بأنه من الصعب الاقتناع بأن هذا العالم بات حزءا من الماضي.

    وجدير بالذكر أن المرحلة التي عاش خلالها سايكاكو وتدعى أيدو، شهدت أوج ازدهار الثقافة اليابانية، وذلك بعد ظهور طبقة التجار التي أصبحت الأكثر نفوذا بعد الساموراي، وساهمت في نقل الفنون من الطبقة الارستقراطية إلى طبقة التجار.

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




    حياة امرأة عاشقة....رشا المالح





    حياة امرأة عاشقة

    تأليف: إيهارا سايكاكو

    كان الأديب الياباني إيهارا سايكاكو أول رجل في اليابان يعيش من كتاباته الأدبية في القرن السابع عشر. وتميز هذا الرجل بتعدد المواهب، منها موهبته الشعرية الاستثنائية، وأسلوبه المميز في كتابة المسرحيات والروايات ذات الرؤيا الجديدة التي تبرز تشوهات أو تناقض الواقع. وعرف عنه التجديد الدائم وحب المغامرة في تقديم نصوص أدبية خارجة عما هو مألوف. ولد إيهارا في عام 1642 في أوساكا وعرف القليل عن بداية حياته واشتهر بكونه رائدا في مجال الشعر والرواية والمسرح. وقد واجه المصائب في شبابه بروح وعزيمة قوية، فحينما توفيت زوجته في عام 1675 وتركت له ابنة عمياء سرعان ما لحقت بوالدتها بعد مضي سنوات معدودة، لم ينسحب إلى أحد المعابد الدينية أو يتصوف، بل اختار السفر والتجوال والكتابة كمسار جديد لحياته.

    وخلال سفره اختبر سايكاكو جوانب أخرى من الحياة وشاهد مناطق مختلفة من بلده، وتواصل وتعايش مع مختلف طبقات المجتمع سيما الدنيا منها، وسخر مخزون مشاهداته وتجاربه في أعماله الأدبية. كان سايكاكو يبحث عن الحياة في قاع المجتمع وفي الشوارع الخلفية وفي المسارح وبيوت الشاي، ويتواصل في النهارات مع المتسولين والمشردين والساقطات ليعود في المساءات ليرفه عن الأمراء والتجار الأثرياء من خلال مهاراته الأدبية.

    كانت أعماله المكتوبة بمثابة عدسة الكاميرا التي تلتقط تنوع أجواء مدينة أوساكا في ذلك الزمن، وتحول شخوصها من محاربين إلى مدنيين.

    بدأت شهرة سايكاكو من خلال كونه تلميذا رائدا لشعر هايكو في مدرسة شعر دارنين، وعمل على تحرير القصيدة من الصرامة الأكاديمية ومن إطارها الشكلي ونسقها المحدد، وسعى لأن تقرأ بطريقة أكثر عفوية.





    قوبل تمرده الأدبي بالنقد العنيف، ووصفت قصائده بكونها شعبية وغير ملهمة، إلا أن هذا النقد لم يمنع الرحالة من اكتساب مريدين لأسلوبه في أوساكا، حيث اشتهر بأدائه للشعر في ماراثون الشعر الشهير لديهم. ويقال بأنه ألف حينما كان في السادسة والثلاثين من عمره قصيدة ضمت 1600 هايكو في أداء واحد أمام الجمهور.

    وقيل أنه ألف بعد مضي ثلاث سنوات 3000 هايكو في يوم واحد، ومن ثم قام بإلقاء قصيدة تضم 500. 23 بيت خلال يوم وليلة حينما كان في الرابعة والثلاثين من عمره، ولقب آنذاك باسم «معلم 000. 20».

    كما اشتهر لاحقا بمهارته الفائقة في رواية وسرد القصص. ونشرت أول رواية له في عام 1682 بعنوان «حياة رجل عاشق»، أتبعها برواية أخرى هي «خمسة نساء أحببن الحب» ومن ثم رواية «حياة امرأة عاشقة» التي تلتها رواية «مودة صداقة الساموراي» والعديد غيرها.

    توفي سايكاكو في عام 1693 بعد أن أسس للأجيال القادمة بعدا جديدا للكتابة الأدبية الواعية. ولدى قراءتنا اليوم لأعماله الادبية الاثني عشر، نشعر بأنه من الصعب الاقتناع بأن هذا العالم بات حزءا من الماضي.

    وجدير بالذكر أن المرحلة التي عاش خلالها سايكاكو وتدعى أيدو، شهدت أوج ازدهار الثقافة اليابانية، وذلك بعد ظهور طبقة التجار التي أصبحت الأكثر نفوذا بعد الساموراي، وساهمت في نقل الفنون من الطبقة الارستقراطية إلى طبقة التجار.





    ولم تكن المرأة اليابانية خلال تلك المرحلة تملك أية حقوق أو صوت لها، كانت محاصرة بين اضطهاد طبقة الساموراي من جهة، وثقافة المتعة والترفيه الخاصة بطبقة التجار من جهة أخرى. وفي حين كانت النساء من الطبقات العليا بمثابة آلات لإنجاب الأبناء، فإن نساء الطبقة الدنيا كن خادمات لأزواجهن أو غانيات للتسلية والترفيه.

    وفي رواية «حياة امرأة عاشقة»، يبين سايكاكو بأنه حينما تحاول المرأة الخروج عن إطار الأعراف، فإنها تبدأ وتستمر في الانزلاق حتى تصل إلى قاع المجتمع.

    وعلى الرغم من أنه صور بعمق حياة المرأة ومعاناتها في زمنه، إلا أنه لم يستطع تجاوز كونه ينتمي إلى فكر مجتمعه الذكوري وربما دون أن يعي ذلك، ويتجلى هذا الأمر من خلال إغفاله لاسم البطلة التي تنتمي إلى عائلة عريقة من طبقة الساموراي، وكذلك لدى اعتباره أدوار المرأة كزوجة أو غانيه أو محظية بأنها مهن أو حرف.

    تبدأ أحداث هذه الرواية في صباح يوم ربيعي لتنتهي كما تذكر البطلة «بقمر يشع من قلبها»، أي مسار رحلتها من الحياة المادية إلى اكتشاف الذات والتصالح مع النفس وتحقيق السكينة.

    في ذات صباح، تستقبل بطلة الرواية المرأة العجوز التي تناهز الستين عاما مجموعة من الشبان كانوا يقومون برحلة استكشافية، وتبدأ بسرد قصتها عليهم وذلك عبر الزمان والمكان ومنذ أن كانت طفلة.

    ففي الثانية عشرة من عمرها التحقت بالخدمة في القصر، وبعد مضي عام أحبت شابا من الساموراي، وهربت معه من البلاط، وذلك لأن الحب كان محرما على طبقة الخدم في البلاط الملكي. ونتيجة لذلك كان على شاب الساموراي الانتحار، في حين أعيدت هي إلى عائلتها. ونظرا لإزدهار الفنون في تلك المرحلة، تعلمت الفتاة الرقص والغناء أسوة بالمحظيات وانضمت بعدها إلى فرقة مسرحية جوالة.

    وحينما أعجب بجمالها أحد الإقطاعيين، اصطحبها معه كمحظية. وبعد مضي زمن أصبحت غانية من أرقى المراتب.

    وتذكر لضيوفها بأنه في ذاك الزمن كانت المرأة الجميلة كالفأس التي تقضي على حياة الرجل. وتبين لهم بأنه على الرغم من أن عملها كخياطة وهي المهنة التي تكتسبها كل من تتدرب لتصبح غانية، كانت تدر عليها دخلا يكفيها ويؤمن لها حياة كريمة وهادئة إلا أن افتقارها لصحبة الرجل، دفعها إلى صرف كل ما كسبته لشراء الزي الذي تحتاجه لجذب انتباه الرجل.

    إذ كانت الملابس ونوعية الأقمشة سيما الحرير منها في ذلك الزمن، جزءا لا ينفصل عن مقومات جمال المرأة وتحديد مكانتها في المجتمع.

    وتنحدر حياة هذه المرأة إلى أدنى درجات المجتمع لعدة أسباب، منها مرضها وعاطفتها واعتزازها بشخصها. وقد أدى ذلك بها إلى ممارسة ما يقارب من أربعين عملا.

    وتروي لهم بأنها في كل مرة كانت تقوم بعمل ما، إما تواجه مشكلة أو تقع في غرام لا يحق لها فيه، مما يفرض عليها تغيير العمل. وبذا كانت تنحدر تدريجيا إلى القاع حيث مارست العمل كنادلة في بيوت الشاي وخادمة وغير ذلك. ولم تكن تجد غضاضة في ذلك لقناعتها بأن القيام بأي عمل أفضل من الموت جوعا، وهذا يعكس افتقار المرأة في ذلك الزمن لأي طموح.

    وتذكر بأن أسعد مرحلة في حياتها كانت، حينما أصبحت زوجة وللمرة الأولى لرجل يصنع المراوح. وعلى الرغم من سعادتها، سرعان ما تقع في هوى أحد الزبائن. وكان عليها بعدها أن تعيش حياة مشردة وتواجه أسوأ وأحلك الظروف.

    وفي يوم ماطر، تراءت لها أشباح أطفال تهيم في المطر تبكي وهي تنادي أمها وتطلب منها أن تحتضنها. وهذه الرؤيا إنما تعكس الألم الدفين لتلك المرأة التي أجهضت ثماني مرات وذلك تبعا للعرف السائد لمن يمتهن البغاء. تعذبها تلك الرؤيا، وتجعلها تندم على فقدان أطفالها الذين ربما كانت ولادتها لهم ستحمل لها شيئا من السعادة.

    وحينما تصل إلى قاع اليأس من الحياة، تقف عند شلال مياه وتقرر الانتحار، غير أن راهبا بوذيا صدف وجوده في ذلك المكان وتلك اللحظة، يوقفها ويساعدها على تغيير رؤيتها للحياة بعد أخذها إلى أحد المعابد البوذية. وتبين المرأة العجوز لضيوفها مع حلول المساء، بأنها منذ ذلك الحين وهي تعيش الحياة وتتعامل معها بروحها مما حقق لها السكينة والسلام، لترى نفسها قمرا مشعا من القلب على الدوام.



    رشا المالح - 01.11.2004 -
    مختارات الشاعر أسعد الجبوري.


    ----------------------------------------

  3. #3

    تتمة

    الفاجعة ومفهوم الكتابة...محمد معتصم





    الفاجعة ومفهوم الكتابة

    1 ـ هل هي تراجيديا معاصرة؟

    في ميلاد التراجيديا يتحدث نيتشه عن تعارض الأبولونية والديونيزوسية، عن تعارض النحت والموسيقى، عن الاختلاف الأساسي بين الفرد المتعقل والجماعة الانفعالية المتهيجة. يقف نيتشه عند الاختلاف بين العقل وبين الحلم والنشوة. هذا التعارض والانفصال كانا تمهيدا لظهور التراجيديا، وهما ضروريان. فالأبولونية المحدودة بالشروط والضوابط والقوانين والكابحة لكل جماح تتعارض والديونيزوسية الانفعالية المهتاجة المحطمة لكل الحدود والقوانين. والتعارض يقصد منه أساسا نقاء الجنس وانفصال الطبقات في الوعي أو في المجتمع… ولكي تنشأ التراجيديا، الحس التراجيدي في الكتابة المعاصرة، كان من اللازم تمازج النقيضين، فكيف ذلك؟

    يستعين نيتشه في تحقيق ذلك على الاستعارة (La métaphore) التي هي بالنسبة للشاعر الحقيقي "ليست صورة بلاغية لكنها صورة استبدالية يراها حقيقة محل الفكرة" (ص60). كما يستعين بالمسخ/التحول (La métamorphose) إلا أن العامل الأكثر فاعلية هو الموسيقى والغناء؛ لأنهما معا يساعدانه (الفرد المتعقل) على تجاوز الحدود الضابطة للعقل. ففي الموسيقى والاحتفالات الديونيزوسية يلتبس الأمر وينتفي التعارض بين العقل والحلم والنشوة، وينسى الفرد –كما يقول نيتشه- القوانين الأبولونية.

    1-1- نرى في هذه الرواية تجسيدا للرؤية الفجائعية لعدد من الاعتبارات أولا، لأنها تتضمن البعدين الأساسيين في دراسة نيتشه عن ميلاد التراجيديا، يورد الخراط في أكثر من موطن من الحكاية الإله أبوللو، وفي ذكره اختزال للقيم التي حددها نيتشه: العقل والحدود والضوابط. إلا أن الكاتب لا يورد اسم الإله ديونيزوس صراحة بل يجعله روح العمل، الروح التي تسري في جسد الرواية، في أوصال العلاقات سواء مع الآخر أو مع الذات. والفاجعة عند أدوار الخراط تستمد من التمازج والانصهار بين الألم واللذة.

    ثانيا؛ لأن الرواية من حيث الموضوع تتطرق لمشكلة الصراع الدامي العقائدي بين الإسلاميين والأقباط المسيحيين في مصر المعاصرة. والحس الفاجع يأتي من خلال الاختراق اللامعقول للروابط التاريخية والإنسانية التي جمعت الأقباط المسيحيين والمسلمين تحت لواء المواطنة والإخلاص والوفاء لمصر. إن تهدد هذه العلاقة بالدمار والتمزق يتضمن حسا فجائعيا يتجاوز العقائدي إلى الوجودي والمصيري. فبناء الوطن والحفاظ على استقلاله وحمايته من كل خطر يتهدده في هذه الرواية يسمو عن كل معتقد ضيق الأفق أو نزعة انفعالية.

    ثالثا؛ شعور الراوي ميخائيل بالغربة والوحدة والعطش المطلق والمستشري في الذات والروح، وهو الفاجعة التي يختم بها الرواية كأفق تخييلي يختزل أبعاد الوجود والمصير الواقعيين الفعليين.

    1-2- يقول ابن منظور في لسان العرب مادة (فجع)، "الفجيعة الرزية الموجعة… والفواجع: المصائب المؤلمة التي تفجع الإنسان بما يعز عليه من مال أو حميم…" (ص245). والمصائب الموجعة في يقين العطش تشمل الأقانيم الثلاثة المحددة للفضاء الروائي وموضوعاته، وهي الحب والأثر والصراع، ومحورها الأساس الوطن. يمثل ذلك الرسم التالي:

    الحب

    الوطن

    الأثر الصراع

    أ ـ في الحب: (رامة) آخر الذات، وموضوعها، وجود صعب يتأرجح بين الحضور والغياب، موضوع يبرز قلق الذات (ميخائيل) وبالتالي فهي علامة على الفاجعة. فالشعور الذي يكتسح ميخائيل لا يستقر على حال شعور يهدده الشك فيتحول الحضور إلى غياب والغياب إلى حضور، وكأن ما يسعى إليه ميخائيل هو تحويل الجسد المادة الحية إلى لغة متخيلة صعب الإمساك بها، لا تشبع اللهفة ولا تطفئ الرغبة، حضورها رمزي (بلاغي) استعاري مجرد. عند تقاطب فعلي الحضور والغياب تتولد الفاجعة في الذات.

    ب ـ في الأثر: الآثار موضوع آخر تتوحد فيه شخصية ميخائيل وشخصية رامة، إلا أن الفاجعة تتولد عن تصادم وعيين متناقضين؛ عالم الآثار الذي يسعى إلى ترميم البقايا وانبعاث الماضي بكل زخمه وحرارته وحيويته، وإضفاء القيمة عليه وناهبو الآثار ومهربوها أصحاب المصالح الشخصية الذين لا يعيرون أي اعتبار للتاريخ الموحد للأمة الضامن استمرارها والمعلي مكانتها بين الأمم. إنه تصادم مفجع. وأمام استفحال اللصوصية يتحول فعل الترميم والإحياء إلى عمل عبثي. وهنا تظهر ملامح الرؤية الفجائعية وآلام الذات.

    ج ـ في الصراع: لعل في لفظة "صراع" فاجعة، وتزداد حدة عندما يصبح الصراع بين مكونين أساسيين لوطن واحد، ويصبح الصراع يتهدد الوطن. أي أن معاداة طرف للآخر يخل بالوجود وبمصير المكونين معا. والطرفان هما الإسلام والمسيحية. ويورد الخراط في يقين العطش أكثر من نموذج على روح الانسجام والتعايش بين العقيدتين. لكن يورد ذلك بألم وتأس على ماضي يكاد يكون قد ولى إلى غير رجعة –هنا تصعيد للحس الفاجع- يحكي ذلك من خلال علاقة المسلمين والأقباط أيام الأعياد، ص(212-213).

    1-3- إذا كانت الأقانيم الثلاثة تمثل الفاجعة فإنها كذلك تمثل اللذة والحلم والنشوة والمتعة، لكن أهم ما يبرز هذه المتع الديونيزوسية إقبال ميخائيل على الحياة، ويتجلى ذلك في الاحتفاء بالملاذ.
    .

  4. #4

    تتمة

    أ ـ الطعام: يبرز من خلال العمل الروائي اطلاع الكاتب على أنواع الأطعمة المختلفة المحلية، واهتمامه بطرائق طهيها وتحضيرها. وتلك بلاغة خاصة تنبئ عن وعي اجتماعي متجذر، وذلك أيضا معجم يؤثت به الكاتب عالمه الروائي ويكتسب من خلاله علامات التمييز الكتابية.

    ب ـ الشراب: لكي تكون الجلسة ممتعة فلا بد لها من شراب، من كؤوس تنوس على الحبيبين ميخائيل ورامة، ويورد هنا الكاتب عددا من صنوف الشراب مميزا بينها في اللون والمذاق وشكل الزجاجة، والمفعول ودرجته لدى كل طرف على حدة أو على الطرفين معا.

    ج ـ الألبسة: يغني الكاتب معجمه الديونيزوسي من خلال معرفته بالألبسة، ووقوفه الطويل واصفا إياها. لأن اللباس أيضا دليل على المستوى الاجتماعي وعلامة على نمط الوعي والمعرفة. فوصفه مثلا لطعام ولباس الصعايدة يختلف عن وصفه لطعام وشراب ولباس رامة.

    د ـ الموسيقى: إذا كان النحت عنوانا على العقل والدقة والنظام والصرامة فإن الموسيقى عنوان على الاحتفال وعلى اختراق النظم والقوانين والحدود، وعلى الاختلاط والاندماج، هذا ما يستخلص من كتاب نيتشه. لكن الموسيقى توظف في العمل الروائي توظيفا مختلفا، فهي دليل على رقي حسي واجتماعي كما لو أن الموسيقى المتحدث عنها لا تتصل بالصخب الجماعي الديونيزوسي وإنما هي موسيقى هادئة صامتة! مما يجعل الحديث عنها هنا كالحديث عن الطعام والشراب واللباس وأيضا الأثاث المنزلي، أي أنها بلاغة ومعجم يؤثتان فضاء العمل الروائي، وإمكانية لامتصاص الفاجعة.

    1-4- يناوب الكاتب بين الحسرة والألم وبين المتعة واللذة. وإذا كان الحب لديه كماء البحر لا يطفئ عطشا بل يؤجج أوار الرغبة والشهوة، ومن ثم تولد الفاجعة، فإنه في الحديث عن الصراع يجد في كلام رامة مستندا ومتكأ يعطي الانطباع ببعض الانفراج ويكسر بالتالي النغمة الدرامية والمتحسرة، تقول رامة على لسان الراوي: "قالت: ومع ذلك، وبالرغم من ذلك فإن أواصر المحبة وحسن الجوار عريقة في وجدان الناس، كل الناس، الشواهد على التآخي بيننا، لا نهاية لها، كلنا نعرفها وعشناها فعلا، كلنا". ويضيف ميخائيل على لسان الراوي كذلك: "قال: لماذا نحتاج أن نكرر مئات الشواهد والأدلة على حقيقة أولية بسيطة كان حقها أن تكون قائمة وثابتة دون برهان أو تدليل؟" (ص158).

    إن الحديث عن الصراع بين الإسلاميين والأقباط في مصر سينتهي بالرواية إلى الحديث عن التسامح والتعايش بين الأديان كما رصدناهما في رواية سلالم الشرق لأمين معلوف، وفي رواية بهاء طاهر خالتي صفية والدير من خلال علاقة حربي أو إقامة حربي في الدير حماية له من صفية ورجالها وتوعداتها بالفتك والثأر والقتل، ومن خلال مكانة الدير في نفسية أهل القرية المسلمين، ومكانة (المقدس بشاي).

    إن الصراع بين الأديان والمعتقدات ظهر إلى السطح كفعل فاجع في عدد من بقاع العالم الجديد، ومن بينها العالم العربي المتعدد الأديان، والذي يتكون من أقليات ذات أصول مختلفة وغير مسلمة. لقد ظهر الفعل الفاجع بعد انحسار الإيديولوجيات الكبرى، وتظهر الرؤية الفجائعية كذلك من خلال الصراع السياسي الذي يقود إلى الآفاق المسدودة وتمتهن الحق الإنساني والمصيري للأفراد والجماعات كما أوضحناه في هلوسات الترشيش لحسونة المصابحي، وفي روايات سحر خليفة.

    2 ـ الكتابة والمعلوميات:

    الكتابة عملية كيماوية يتم فيها تحويل الأشياء المادية وصهرها لتصبح متخيلا مادتها الأساس اللغة، والكتابة الأدبية المعاصرة أولت اهتماما كبيرا بالأشكال الخارجية وبأنماط القول أكثر من اهتمامها بالمادة المكتوبة/المنقولة ذات المحتوى الإحالي على المرجع الخارجي (الواقعي)، وقد أدى ذلك إلى خلق رؤية مغايرة ومختلفة عما أنتجته الثقافة العربية المسماة تقليدية سواء من حيث الأساليب المستعملة أو اهتمامها بالمحتوى (المعلومات)، وفي انحياز الكتابة المعاصرة إلى الأنماط والأشكال والصيغ الخارجية للقول مسايرة حركة الحياة. فالمعلومات أصبحت متوفرة بفضل شبكات الاتصال الضخمة والعالمية، ولم يبق هناك مجال للتمايز والاختلاف بين الكتاب والمفكرين إلا في طرائق صوغ المحتوى الأدبي أو الفكري. وهذا الطرح الذي نبادر به هنا لا يلغي أهمية المعلومة ولا يحط من قدر المحتوى أو الكتابات المحتفية بالمضامين، ولكنه إشارة إلى الاهتمام ببناء المحتويات وصياغتها داخليا لا خارجيا فحسب.

    إذا الكتاب العرب والمفكرون أمام وضعية (جديدة)، كيف يمكنهم تقديم معلومات متداولة إلى القارئ في صورة مقبولة ومثيرة وجذابة تتضمن قدرا من الإبداع والتفرد؟ هل ينبغي الحفاظ على المتواليات السردية التقليدية في كتابة الرواية أو القصة مثلا؟ هل ينبغي البحث عن موضوعات غرائبية تمكن المتخيل من التفجر، وتمكن الكاتب من السباحة في عوالم بكر لا تمت بصلة إلى الحقيقة الموضوعية الخارجية؟

    طبعا لجأ الكتاب العرب إلى التغيير في بناءات المحتويات التي يثقلونها وذلك بدمج قضية الخارج وقضية الداخل والربط بينهما ربطا وثيقا، بحيث يصبح العمل الأدبي هو الأهم لا خارج فقط أو داخل بل هما معا، فلا صيغة خارجية دون محتوى مركب ومبنين.

    2-1- ادوار الخراط الذي اختار الكتابة الصعبة يصلح نموذجا لإبراز بعض تلك الإمكانات الكتابية.

    تعتبر الكتابة لدى الخراط صعبة لأنه فضل الكتابة المتزامنة المحايثة على الكتابة التعاقبية. لقد حدد ادوار الخراط لنفسه موضوعا للكتابة يتمركز بين حدود الكتابة السير ذاتية والرواية الجديدة، وإقامته تلك على الحدود وجه من أوجه الصعوبة، فهو كالواقف على التخوم الملغومة. والوجه الآخر للصعوبة نراه في حفره الدائم في معطيات سابقة ومنفتحة على جل أعماله، فتبدو بعض مقاطعه السردية مكرورة ومستعادة. والكاتب ذاته يشعر بذلك في عمله يقين العطش، يقول: "ولكن كل شيء، كل فعل، كل كلمة تقريبا تتردد وتتكرر من جديد.."، لكن هذا التكرار لا يفقد القول جدته وبكارته، يضيف: "… في نمط آسر مستحوذ قابض مستمر، ولكن متجدد بدماء نظرة، كل شيء قيل، ويقال من جديد، كأنه جديد، ولكن لا جدة فيه لأنه يكرر –كل مرة- مخترع من أول وجديد، لم يسبق له ظهور، لم تسبر له أغوار، بل لم يكد يمس سطحه من قبل" (ص267). فما الذي يجعل من المتكرر والمستعاد جديدا نضرا آسرا؟

    إذا فالملامح العامة التي نريد الوقوف عندها هنا نختزلها في:

    أ ـ الكتابة كتحويل وكتماه

    ب ـ الكتابة الحفرية الاستكشافية

    ج ـ الكتابة الشذرية

    د ـ الكتابة كلعب أسلوبي.

    2-2- الكتابة كتحويل وكتماه:

    الكتابة تحويل كيميائي للمواد الصلبة في الواقع إلى متخيل وإلى تراكيب لغوية، وهناك تحويلات أخرى ضمن التركيب اللغوي ذاته، حيث تتحول الآثار الفنية إلى رموز تدل على الحضارة والتاريخ ووحدة الأمة على اختلاف أجناسها ودياناتها المكونة، وكتحويل الأشخاص العاديين إلى علامات دالة ضمن المتخيل وتحولها إلى مثل عليا يقتدي بها الناس في حياتهم. والكتابة تقوم بهذا الدور أحسن قيام، ويقين العطش التي تقوم على الأركان الأساسية الثلاثة؛ (الحب والأثر والصراع) تعمد إلى تحويل تلك الأركان إلى علامات دالة كبرى، فالصراع الناشئ بين الإسلاميين والأقباط المسيحيين في مصر كمحاولة للضغط سياسيا على القيمين وللحصول على امتيازات واعترافات، وإفساح مكان في الخريطة السياسية يستند إلى مرجعيات ثقافية عقائدية مؤولة بتأويلات جزئية توافق الموقف الشخصي واختلاف الوقائع الداعية إلى التفرقة ونشوب الصراع (ص89) و(114) و(144). هذا الصراع رغم خلفياته وأهدافه يعلي منه الكاتب ليصبح خطرا يتهدد الوحدة الوطنية، وتآمرا ضدها ومحاولة للضغط. إن التحويل هنا يأخذ معنى التصعيد، أي أن الكاتب يتجه صوب الأهداف البعيدة متعاليا عن الغايات الجزئية التي يحاول الطرف الآخر التأكيد عليها، كالتدرب على السلاح أو إصابة أحد المسلمين بالرصاص خطأ أو …

    يتخذ التحويل في الكتابة الروائية دالة أخرى غير الإعلاء والتصعيد، إنها التغير والانحدار. ويستنتج ذلك من الحكي الواقعي الدرامي الذي يبدأه الكاتب من (الصفحة84) من الرواية بعد تعيين وترقية رامة، مديرا عاما لآثار المنطقة الوسطى، يتحول الحكي الواقعي عبر ثلاث محطات تقوم بها رامة للوقوف على حقيقة الصراع بين الأقباط والإسلاميين، المحطة الأولى تبدأ بزيارة المطران، والثانية بزيارة الشيخ حسن فاضل، والثالثة بزيارة ميادة

  5. #5

    تتمة

    الركنان الآخران يعرفان نوعا مغايرا من التحول، إنه التماهي الحكائي الذي يعتمد على قوتي الخيال والحلم. ومن أشكال التماهي الحكائي في يقين العطش الاندماج والانصهار بين مفهوم الجسد ومفهوم الوطن، حيث تضيع الحدود الفاصلة ويصبح الحديث عن الجسد الأنثوي حديثا عن جسد الوطن وخريطته الجغرافية (ص95-96). هذا النوع من التماهي يحتاج إلى قوة الخيال التي لا تعترف بالحدود، قوة الانفعال ونشوة الاحتفال الديونيزوسي حيث يسبح المعنى متنقلا بحرية بين الشيء وضده، أو بين الشيء ونقيضه. وكأن التغزل في جسد المحبوبة الأسطورية الخالد تغزل في الوطن بكل مكوناته وتاريخه الباذخ الحافل، وبكل انكساراته وانتصاراته، جسد مهما قسا في البعاد والتدلل فإنه حاضر عزيز بهي في النفس والمخيلة، وأبدا على موعد للتصافي واللقاء. وبقوة الحلم والخيال تحولت رامة إلى أسطورة خالدة، إلى نقيضين لا ينفي بعضهما الآخر بل يؤكده ويدعمه، تقول رامة محتجة على هذا التحول العميق عبر المتخيل: "أنت صنعت مني شيئا كأنه عاهرة ممجدة" (ص71)، ويضيف الراوي: "لم يقل لها: هذا العهر ليس أنصع منه براءة وبكارة، عبادتك للجسد تجعلك، فعلا، مقدسة، نقية وإلهية"، (ص71-72). إن القوة الكامنة خلف هذا التصعيد

    والإعلاء قوة الخيال التي تجعل إمكانية التماهي ممكنة بعيدا عن الواقع وفي قلب اللغة، بين الجسد الأنثوي وجغرافية الوطن.

    إن مفهوم الكتابة الإبداعية لدى ادوار الخراط يستمد قوته من إمكانيتي الحلم والتخييل، ومن خلال مستوى التحويل والتماهي بين العناصر المختلفة والمتناقضة في الأصول، والمتعارضة على أرض الواقع، ولأن الأحلام "لا تخضع لقوانين المنطق التي تتحكم في فكرنا أثناء اليقظة كما أنها تجهل مقولتي الزمان والمكان جهلا مطبقا: (ص10)، فهي تعيد إلينا رأي نيتشه في الأبولونية التي تساوي حياة اليقظة حيث المنطق والنظام والقوانين، وفي القول حيث المتواليات السردية والحكائية المركبة تركيبا زمانيا منطقيا، وتعيد أيضا مفهوم الديونيزوسية التي تمثل لحظة الحلم حين ينتفي التمايز بين الزمان المنطقي والمكان المادي، فتحل الأشياء في بعضها بحرية وتتداخل، وهو ما نجده عند ادوار الخراط، فتتداخل الأزمنة والأمكنة ويتماهى الجسد والوطن وتصبح رامة مصر، ويتحول علم الآثار إلى حفر في الجسدين معا؛ جسد رامة البض الريان، وجسد الوطن المنهوب الممزق المعطوب.

    2-3- الكتابة الحفرية الاستكشافية:

    إذا ركزنا أكثر على الأحلام في تداخلاتها وعدم اعترافها بالحدود والضوابط المرجعية الخارجية (الواقعية المنطقية) وهو ما تسلكه الكتابة عند الخراط، فإن الكتابة الحفرية تعمق أكثر مفهوم التماهي؛ فليس تماهي الجسد والوطن إلا صورة على التداخل الحلمي الانفعالي الديونيزوسي. وهذا النهج نستشفه كذلك في الكتابة الحفرية الاستكشافية. فما هي مستويات الحفر وأشكاله في يقين العطش.

    أ ـ الحفر الأركيولوجي: يعد الأثر كما بيننا، من بين العناصر الأساسية لمتخيل يقين العطش ولموضوعات الحكائية. يقف الحفر الأركيولوجي عند الآثار الخالدة المطمورة وتحتويها الطبقات الدنيا للأرض، ومصر بلد الآثار المطمورة والحضارة العريقة الفرعونية أساسا وغيرها من الحضارات السابقة واللاحقة المتعاقبة، إلا أن تعقب الآثار والكنوز يلقي بظلاله على قضية جوهرية ثقافية وحضارية وسياسية في آن، ونقصد قضية السرقة المنظمة وغير المنظمة للآثار وتهريبها مقابل أثمان زهيدة مهما بلغت لأن الكاتب لا يقيس الآثار، وكذلك كل عالم، بالعملة ولكن بالقيمة التاريخية التي تحمي الأمة من الضياع والتلاشي وتقدم لها قاعدة صلبة تقف عليها لتستشرف المستقبل ولتضاهي الحضارات الأخرى قديمها ومحدثها.

    في هذا المستوى من الحفر يراوح المفهوم معناه العلمي، وهو التنقيب عن الآثار المطمورة تحت طبقات الأرض لتبقى دليلا على حضارات عاشت وهلكت وأغرقت تحت الطمي (أو عبارة عن بقايا أواني أو ممياءات قاومت الزمن والرطوبة أو كتابات أو أصداف أو غيرها من الدلائل الجزئية أو بعض المدن المردومة بعد الطوفان أو بعد البراكين أو الزلازل وعوادي الزمان).

    إنه بحث في الحفريات واسترجاع للعصور الغابرة، وحث على إعلاء القيمة التاريخية والحضارية للأمة، كما أنها زاوية لفضح السرقات المنظمة وغير المنظمة التي تستنزف الرصيد الحضاري لمصر. وإنه تعريف بواجهة هامة، ودليل على مصر الاختلاف والتعدد الثقافي والحضاري عبر العصور، وهو رد على الصراع، الركن الأساس في متخيل يقين العطش وموضوعاته الحكائية كذلك، بين الإسلاميين، والأقباط المسيحيين، الذي تم استغلاله لخلق القلاقل، وإنه تحديد وظيفي لشخصيتي ميخائيل ورامة، وعموم الشخصيات الثانوية.

    ب ـ الحفر في السرد:

    يتجلى التماهي مرة أخرى بين الأثر ورامة. وما دامت رامة شخصية روائية محورية (مبأرة) على مسار السرد، فإن التركيز عليها من خلال استرجاعات ميخائيل أو الخطابات المنقولة والمباشرة التي اختارها الكاتب، باعتماده الحوار (قال-قالت) على لسان أصحابها وبتحريض من الراوي (السارد)، فإن رصد الحكاية وتتبع السرد يرجح السرد المتزامن والمحايث، ويرجئ السرد التعاقبي والزماني الخارجي الذي يركز أكثر على التوالي المنطقي للأحداث، لماذا؟

    لأن الرواية باختيارها صيغة الحوار المنقول على لسان الشخصيات المحورية جعلت من سردها سردا متقطعا أو مقطعيا أو حتى مشهديا، لا يعتمد على التوالي الذي تعتمده الحكاية التقليدية حين يكون السرد زمانيا والأحداث فيه متعاقبة ومنطقية. لهذه الغاية اعتبرنا الكتابة لدى ادوار الخراط صعبة ومركبة كالأحلام أو كالصور المشهدية المتقطعة. هذا الحكم لا ينعت الرواية بعدم الانسجام والتفكك بقدر ما يؤكد على اختيار لنمط من الكتابة مغايرة للكتابة السائدة لدى الواقعية المنطقية (الخارجية).

    فالرواية استرجاعات واستذكارات أو أنها كأحلام اليقظة، لكن أهم ما يميز الكتابة التزامنية والحفرية هنا هو التكرار. فشخصية ميخائيل الروائية لا تمل الوصف وتقليب جسد وروح رامة وكأنها عالم زاخر بالمخلفات، عالم قديم بائد حديث الاكتشاف، كل لقاء أو طيف عابر اكتشاف وفرصة للحفر واستخراج المعنى، وكل تكرار يكون آسرا مستحوذا، التكرار لدى ميخائيل الأركيولوجي في الحب –الكاتب الديونيزوسي الحالم- لا يعادل التماثل والتشابه بل الاختلاف. فرامة أرض مطمورة وكلما أزيحت عنها طبقة جيولوجية أبانت عن زخارتها وزخمها طبقة أخرى أعمق، رامة الإنسان، ورامة العشيقة، ورامة العاملة، ورامة موطن الحفر وعالم المخلفات العتيقة. هذا التماهي بين رامة والأثر الأركيولوجي له تأثير كبير على السرد لذلك نجد الراوي يحفر عميقا في جسد رامة مستبطنا كل مخلفاتها، وفي كل اكتشاف جدة، من هنا يصبح للتكرار معنى عموديا لا أفقيا، معنىالبحث ليس الرصد والتتبع التاريخي ونقل الأخبار، ومن ثم نفهم لماذا لا يمل الراوي (ميخائيل) الوصف والوقوف عند دقائق الجسد الأنثوي وفي شتى حالاته لا يهمل أي جزئية ولو دقيقة حتى حبات العرق، وحتى رجفة الرغبة وشعيرات الذراع، وفي ذلك أيضا عزاء للنفس القلقة المتشكلة التي لا يقين لها في الحب. وفي ذلك أيضا حديث عن النفس. ومن هنا قلنا عن كتابة الخراط أنها صعبة، وأنها تقف عند الحدود بين الحكي السيرذاتي وبين الرواية، جاء في النص: "قالت: تكلمنا عن الست بهية شعبان كثيرا".

    "قال: أبدا… كالعادة لم نتكلم إلا عن أنفسنا، هل تكلم أحد أبدا إلا عن نفسه؟" (ص77).

    إنه حفر في أرض واحدة تتماهى فيها الذوات والأشياء، تصبح رامة آخر الذات ومعادلها، المرآة التي يرى فيها ميخائيل جوانب من ذاته، من مضاعفه، ويعرضها على المتلقين، وتصبح رامة مكانا للحفر عن الآثار المطمورة، موقعا حافلا بالتاريخ كالذاكرة التي تثقل على الشخصية المحورية وتعود إليه في صور من التاريخ الشخصي والجماعي في آن؛ تاريخ الحب وتاريخ التعايش والتسامح بين الإسلاميين والمسيحيين الأقباط في مصر.

    2-4- الكتابة الشذرية:

    الكتابة لدى ادوار الخراط صرح يشيد من المختلف والمؤتلف، موقع أثري يزدحم بالمخلفات، إلا أن انحياز الكاتب إلى جهة الكتابة الحداثية جعله يحول الأحلام إلى آثار –كما فعل فرويد- وكما يرى جورج دوبي (G.Duby): "إن أثر الحلم "كأثر أي خطوة". ومن هذه الزاوية تصبح الكتابة لدى الخراط كتابة ذات آثار واضحة وحقيقية مهما توغلت في الصعوبة والتركيب، وهي أيضا كالأحلام التي يرى فرويد أنها على أنواع: أحلام قصيرة جدا تتكون من صورة أو بعض الصور ولا تحتوي إلا على فكرة أو كلمة..

    أحلام غنية وتجري أحداثها كرواية حقيقية وتبدو أطول أحلام واضحة أكثر كالأحداث الحقيقية، ويحتاج الحالم إلى وقت كي يتبين له أن ما يحدث أمامه ليس إلا حلما.. وهكذا (ص65).

    وإذا ما أعدنا ترتيب المصطلحات المبثوتة في هذه الدراسة سيتبين لنا أن الكتابة لدى الخراط مقطعية ومتزامنة ومشهدية لا تسترسل في الحكي ولا تتبع الوقائع والأحداث وإنما تنهل بغزارة من حياض الذاكرة، ومن أعماق النفس مستفيدة من الاسترجاع والاستذكار والأحلام والكتابة التوثيقية والحوار الداخلي والحوار المنقول بحياد الراوي.

    2-5- الكتابة كلعب أسلوبي:

    نقصد بالكتابة الأسلوبية ما كان معروفا في العصر العباسي بالبديع حيث تم الاهتمام به لإبراز قدرة الكاتب على التمكن من مادته؛ أي اللغة العربية. وفي هذا المجال دراسات بلاغية عديدة لا مجال لذكرها هنا، لكننا نريد فقط أن نبرز اهتمام ادوار الخراط باللعب الأسلوبي والذي أطلق عليه في هذا المقام (الجناس الصوتي) حيث يشتغل الكاتب على حرف أو حرفين ويخصص لهما فقرة أو أكثر كوقفة وكاستراحة وكدليل على وفرة ألفاظه، وغنى معجمه، وهذا ما لا يمكن نكرانه، فالكتابة لدى الخراط تستمد قوتها من معجمه الفني الوفير الزاخر –نتذكر هنا أبا العلاء المعري في اللزوميات، وفي رسالة الغفران مثلا- بالإضافة إلى طاقته التخييلية واعتماده الحفر بدل التعاقب التاريخي. ونسوق هنا نموذجا واحدا من بين عدد من النماذج في الصفحات (160، 161، 215، 226، 288) وعلى سبيل المثال: "عطشي لا يطاق، أمطار لا تسقط، اخطبوط متقطع الأطراف يحيطني بالحبوط، حطام أوطار حطت بها طوارق البطلان العاطفية، تتفطر النياط من وطأة القطيعة، تطبق أخطار مطردة طال بي طراد طموحات مطروحة على أطراف البطاح طوقتني وحطت على طيور الطوام خطوط رقطاء تطيح بي.."(ص288).

    الكتابة عند ادوار الخراط عمل جاد ومضن لذلك فهي تحتاج إلى قراءة خاصة وإلى فهم خاص. وقد استعننا في استجلاء بعض إمكانات القراءة والكتابة معا بالحلم كمعادل للواقع والحياة الخارجية، وبالتماهي كإمكانية لإبراز التداخلات بين العناصر المكونة للمتخيل الروائي وإمكانية الانعكاس الدلالي أو تبادل التأثير بين موضوعة الحب، وموضوعة الأثر، وموضوعة الصراع. كما استعنا بمفاهيم أخرى كالتكرار والحفر الدلالي والتحويل والبديع.



    محمد معتصم

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

المواضيع المتشابهه

  1. للمهتمين بالنحو فقط
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الإعراب
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-06-2016, 03:27 AM
  2. معلومة للمهتمين
    بواسطة أوس الحكيم في المنتدى خاص بالهواتف النقالة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 09-17-2013, 04:39 PM
  3. واجهات مواقع للمهتمين
    بواسطة بنان دركل في المنتدى فرسان تطوير المواقع.
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 02-03-2007, 06:12 AM
  4. معاجم عبرية للمهتمين
    بواسطة بنان دركل في المنتدى foreign languages.
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 01-31-2007, 09:00 AM
  5. مجموعة كتب علمية للمهتمين
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى فرسان المكتبة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-26-2006, 12:06 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •