من أكؤسِ نشاوى الهَوى ، أو من دِنانِ لذِّةِ العابرين ، ترى نَبَّاذةَ الألمِ تسترقُ صَفوَ المُسَامرِ والنَّديمِ لتنشرَ أوهامَ الدُّجى على الفِكْر والنَّحْر والطُّلا والظنونِ ، أو على أسطحِ اللَّيْلَكِ والجُوري والزَّيْزفون ، تتلثَّم نجْوانا برهبةِ العشْقِ مَخافَةَ الرَّقيبِ وَصُنّاعِ الدمِ والدَّمار ، وتنسى على حين غِرَّةٍ أنَّنا الخالدون وإنْ عزَّ البَقاء ، وأنَّنا المبدعونَ وإنْ غابَنا كُنهُ المدَّعين وسَماسِرةُ الطينِ .
ويرزحُ التَّساؤلُ باكيًا يتَّقي بوجْههِ عَتْمَةَ انتفاءِ الأجوبةِ !، عساه يلْحَظُ في ألحاظ الزَّمانِ يومًا – وإنْ قسا – شيئًا من رَذاذ آفاقِ الحَنينِ ، وَبقايا من مِسك مَدامع أعين الظاعنينَ .
وتمضي بنا الأحرُف التَّعْبى لتَخُطَّ غُصَصَ الحياةِ لمن يُقِرُّ فيقرأ ، ولمن لا يقْرأُ !، فما مِن فَضْلةِ سُحْبٍ ولا نشيجِ بقايا أشرعةٍ إلا شمَمْنا حِسَّها الدَّفينَ يُلاطفُ أجواءَ الحَنايا والدَّرابين القديمَةِ ، ولكن إيّاك يا ..... أنْ تحنثَ ، إيّاكَ أنْ تبْتئِسَ ، إيّاكَ أن تدعَ قلاعَ الذكرى ، وهديلَ مِنْسَأةِ الحبائبِ ، وسُدَّةَ الفجْرِ ، وال " سَّدَّةَ " اليتيمةِ !، إياك أن تنْحرَ المراسي لتَرضى النُّفوسُ وتُصْلبَ القلوبُ مع الطيورعلى قارعةِ اليأسِ ، إياك أنَ تنفثَ لهفةَ البُؤسَ في أواني الفَقْر ولوعةِ الفُقَراءِ بحجّة المواساةِ ودَرْءِ المُعاناةِ ! ، كُنْ كما أنتَ يانعًا يافعًا تنسج الأملَ رزقًا من عيون الفَواخِتِ ودَوْكاءِ البَلابِل ، كن كما شاء القدر لا كما تروم عنقاءُ الطُّلولِ ، حالمًا سائلاً متفكِّرًا متيقّنًا ، كن ثائر الوجدان ترنو – ولو من بعيد – إلى أرائك النُّعْمى وزهو الآخرين ، تعنو إلى خَرير سواقي " بلطيم " حيث عتبات " كفر الشيخ " ، أو إلى " سَلمى " و " دورين " والغابات الساحرة ، أو إلى نوارس دجلة ونخيل الفرات ، أو إلى عرّابة الجَليل والزَّيتون ، أو إلى زواهر البيضاء والتأريخ الأثيل تلقاء " رباط الفتح " و " طارق " و " والعيون " ، أو إلى ابن زيدون والزيتونة وقرطاج ، أو إلى زمزم والبقيع وطيبة ، ولا تنسَ أن تحنو على شقائق النعمان وعلى عوارف الأسئلة وشواطىء الوقت العتيق كي لا يقتل الشكُّ اليقينَ ! ، لأنّي مُخبركَ وعلى يقينٍ ( والكلام بيننا ) : بأنْ قدِ اكتملتْ علاماتُ السَّاعةِ لدينا ، ونحن في انتظار الخَسْف !! .
---------------------------------------------------