بين الثقافة والتدخين
كثيرة هي وجوه الشبه بين الثقافة والتدخين .. لدرجة أنها تكاد مترابطة مع بعضها برابط خفي، ففي المقاهي تجد الكُتاب أو القراء يتصفحون جرائدهم والدخان يصعد من خلف الجريدة، فلا تعرف من أين يصعد، هل يصعد من بين شفتي القارئ أم من أسطر الجريدة بفعل الشعاع الساقط من العين على الكلمات!
هناك من المدخنين، من يبقى على صنف واحد من التبغ حتى الممات، كما أن هناك من المثقفين من يبقوا على صنف واحد من الكتب والمجلات والصحف، لا يغيرونه مدى الحياة. وإذا غير المدخن صنف تبغه، فإنه سيسعل، وهذا يحدث له عندما يختفي صنفه المحبب من الأسواق، كذلك يفعل المثقف المدمن على صنف، إن اختفى صنفه فإنه لن يسعل، ولكن سرعان ما ينتابه موجة عابرة من الثأثأة، لحداثة عهده بهذا الصنف من المعرفة.
وهناك من المدخنين، من يستخدم تقنيات خاصة لتصفية النيكوتين من السيجارة، بواسطة (فلتر) ملصق مع السيجارة، أو بواسطة (أزمك، أو بز) [ وهو أداة بلاستيكية أو معدنية تقوم بتقليل خطر التدخين]. وهذا ما يفعله المثقف عندما يشاهد برنامجا تلفزيونيا لقناة (لها أهدافها) فينتقي ما يريد من المعلومات الواردة في المادة التلفزيونية ويطرح ما لا يريده من سموم أضيفت للمادة.
ومنهم من يستخدم (النرجيلة) لتصفية النيكوتين من التبغ، وهو اعتقاد ثبت عدم صحته، بالإضافة الى أن ظاهرة (البقبقة) الصادرة من صوت سحب النفس ستطغى على عملية التدخين، فإن بعض المثقفين يلفون ويدورون بمسار لا يقل طولا عن طول خرطوم النرجيلة، وتبقى (البقبقة).
وكما أن التدخين في الأماكن العامة ممنوع في كثير من دول العالم، فإن المثاقفة وطرح المواضيع الثقافية يكون ممنوعا وعليه رقيب. وقد تجد هناك من المخالفين لهذا العرف أن يقوموا بالتدخين بالحمامات، أو بجانب ركن بعيد عن عيون المراقبين (المانعين) فإن هذا الشكل يفعله بعض من يحاول التمرد على مراقبة التثاقف، إما بالحمامات، أو على جدران في ليلة حالكة، أو على صفحات الإنترنت بأسماء مستعارة!
وهناك من ينصح الآخرين بالإقلاع عن التدخين كونه عادة مضرة بالصحة، كما أن هناك من ينصح الآخرين بالابتعاد عن الثقافة كونها مضرة بالصحة!