نشر كتاب : الداروينية حن تتحزم بالقرآن
تفضلت عليّ دار "مركز الفكر المعاصر " بنشر سلسلة الكُليمات التي نشرتها تحت عنوان"الداروينية حين تتحزم بالقرآن ..."في كتاب.
وبعد تقديم واجب الشكر .. أعتقد أن عليّ أن أسجل هنا اعترافا .. وهو أنني حين قرأت كتاب : (جدلية الغيب والإنسان : العالمية الثانية ) للأستاذ محمد أبو القاسم حاج حمد،امتلأ رأسي بالأفكار .. فأعدت مطالعة الكتاب – على طوله – أكثر من مرة، وقد فضلتُ أن أختلي بالكتاب أو بالنص دون أن أقرأ عن مؤلفه .. وحين هممت بالكتابة .. أو عزمت عليها .. قرأت عن المؤلف .. فعرفت أنه قد توفي – رحم الله والديّ ورحمه – فانطفأت جذوة الرغبة في الكتابة .. أو في مبدأ أو احتمال "الحوار"وكدت ألا أكتب .. ثم رأيت بعض الحوارات حول الكتاب .. والإعجاب – منقطع النظير – لدى البعض .. بهذا الفكر الجديد .. والأمة مولعة بكل جديد .. وما أرى ذلك .. إلا نتيجة لهذا الضعف والخذلان الذي تعيشه الأمة .. فلا يكاد أحد يطرح فكرة جديدة .. حتى يتسابق إليها الناس .. لعل فيها شفاء للأمة من العجز والخيبة .. وإذا لم يتداركنا الله بلطفه فسيرمي البحث عن كل جديد بالناس في أحضان"الدجال"!! هل سيأتي أحد بـ"أجد"مما سيأتي به ذلك الدجال؟!!
على كل حال .. بعد جدل .. وتلكئِ .. طوعت نفسي للكتابة.. ثم نشرت ذلك منجما في حلقات .. قبل أن تتفضل الدار الكريمة بجمعها في كتاب.
لست في حاجة إلى كثير كلام وأنا أتحدث عن"الكتاب" لذلك سأكتفي بالقول أنني،وأنا أقرا الكتاب، تذكرت مقولة لافتة لأخينا علي عزت بيجوفيتش – رحم الله والديّ ورحمه – "غردت"بها مرة في حسابي في"تويتر"فدار حوار – مع إحدى الأخوات – حول فهمها .. والمقولة هي :
(لو قدر لي سأدخل في جميع مدارس الشرق الإسلامي دروسا عن"الفكر النقدي"فالشرق على خلاف الغرب،لم يمر بهذه المدرسة القاسية،وهذا هو مصدر معظم ظواهر قصوره) : علي عزت بيجوفيتش.
المثال الأوضح لفهمي للعبارة يتجلى في قول الأستاذ حاج حمد :
(فالاسترجاع النقدي القرآني لا يتم على مستوى تصحيح الوقائع فقط،كأن نقول أنه ليس لنوح ذرية أصلا (..) أو أن آدم قد خلق عبر توسطات جدلية){ص 73 ( جدلية الغيب .. }.
ثم كرر الكلام :
(وبتعميق البحث قرآنيا تبين لنا أن لا ذرية لنوح أصلا) {ص 74 (جدلية ..)}
هنا كان على "حاج حمد"ألا يتجاوز النقد الذي سيوجه لكلامه هذا .. فيقول مثلا : قد يعترض علينا معترض بقول الله :
"وجعلنا ذريته هم الباقين"
ثم يرد على هذا النقد .. ولكنه تجاهل الآية الكريمة كأنها غير موجودة في كتاب الله!!
نقطة أخرى .. قرأتها لدى مفكر "دارويني" – إسلامي – آخر .. وهي فيما أرى القضية .
هناك من يقول لا يوجد في كتاب الله – سبحانه وتعالى – ما يناقض نظرية داروين .طيب. لا مشكلة .. إذا كانت نظرية داروين لن تغير شيئا في ما جاء به محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم .. من حدود .. ولا ما أخبر به خبر .. فما أهمية النظرية أصلا؟
إن أهميتها في انها نظرية "إلحادية"بامتياز ... وفي إطار الكتاب الذي نتحدث عنه – كتاب"حاج حمد" طبعا – نجد أولا كلاما يوزن بالذهب،أعني قوله :
( كما لا نستطيع أن نتأول ما ورد فيه "التحريم""فنبيح"الربا تحت أي اسم من الأسماء أو شكل من الأشكال.
تشريعات الحرام تبقى كالمنهج ثابتة لا تتغير في أي زمان أو مكان إلا ذلك الاستثناء الذي أشار إليه الله في حق بني إسرائيل) { ص 623 (جدلية ..)}
نعم. تحريمات المنهج ثابتة،ولكن مؤلفنا الكريم غير ثابت . فهاهو يقول
(إن نظرة على البيئة التاريخية وأنماط العقوبات في ذلك العصر اليهودي توضح لنا أن ذلك الشكل من العقوبات كان دارجا في الحوض الحضاري التقليدي. فالحضارة العمورية السابقة على الديانة اليهودية كانت قد اختارت نفس هذه الأشكال وقد اشتهر بها "قانون حمورابي حوالي 2100 ق.م "(..) فمن نفس تلك البيئة التاريخية وعلى نفس نمطها جاء التشريع وقد أثار هذا التداخل بين الأعراف الوضعية والتشريعات الدينية خيال بعض علماء الأنثروبولوجية مما دفعهم للاستنتاج إلى الدين سوى حامل أيديولوجي لثقافة تاريخية محددة. (..) إن الثابت في التشريع هو"مبدأ العقوبة"أو الجزاء،أما الأشكال التطبيقية لهذا المبدأ فموكولة لكل عصر على حسب أوضاعه وأعرافه وقيمه. بهذا يستوعب القرآن متغيرات العصور ويبقى كما أراد له الله صالحا لكل زمان وكان ( ..) إن هذا القول يفجر قضية في الوعي الديني المعاصر برمته هي مسألة تعلق بجوهر الدين وعلاقته بأشكال الوعي المختلفة. فالأديان جميعا قد تنزلت في مرحلة تاريخية معينة في تطور الإنسان){ ص 647 ( جدلية ..)}
مؤكد أن هذا القول سيفجر قضية .. بل سيفجر الدين كله .. إذا كنا نحن – البشر – سنشرع كما يحلوا لنا!! غفر الله لي ولوالديّ وللأستاذ محمد أبوالقاسم حاج حمد.
أخيرا .. يقع الكتاب في (111) صفحة من القطع الصغير،تقول فهرسته :
تقدمة
داروين"ترجمة"
نظرية داروين
الداروينية حين تتحزم بالقرآن
واقع المشكلة
الأخلاق عند الداروينيين
موقف الداروينيين من أنبياء الله
موقف الداروينيين من السنة المطهرة
موقف الداروينيين من الحدود الشرعية
موقف الداروينيين من خلق آدم"عليه السلام"
ملاحظات ختامية.
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي