لماذا تُرعبُ مصرُ إسرائيل؟
د. فايز أبو شمالة
توفير الأمن لإسرائيل على طول الحدود المصرية، وإخراج الجيش المصري من المواجهة، وتمهيد الأرض العربية لاحتضان إسرائيل، وأثر ذلك في تعزيز ثقة اليهودي بمعتقدة الديني، كان أهم ما حققته إسرائيل من اتفاقية كامب ديفيد الموقعة مع نظام السادات، أما المعاهدات الاقتصادية، والتسهيلات التجارية التي توصلت لها إسرائيل مع النظام المصري، وانتفعت فيها لمدة تزيد عن ثلاثين عاماً، فإنها تأتي لاحقاً للأصل الذي خطه مناحم بيجن رئيس وزراء إسرائيل السابق.
تغيير النظام المصري يعني انكسار المعادلة التي أمّنت اليهود من خوف المصريين، وأطعمتهم من جوع الاطمئنان على وجودهم، ووفرت لهم الحماية من غضب الشعوب، وكل هذه المنافع لإسرائيل جاءت تحت عنوان عملية السلام، حتى صار استنزاف مصر، وإغراقها في الفساد، وامتصاص رحيقها هو الأساس في هذا السلام، وصارت الانتخابات الديمقراطية لا تتناسب مع الوطن العربي الذي سيعمل على فوز المتطرفين، واشترط أحد الوزراء الإسرائيليين، وهو عضو في المجلس الوزاري المصغر، أشترط أن يسبق ديمقراطية الوطن العربي إصلاحات تربوية تحول دون انتخاب المتطرفين على حد قوله!
فكيف لو جاء هؤلاء المتطرفون من خلال ثورة الشارع المتفجرة ضد النظام الذي أعطى الأمن للإسرائيليين؟
إنه مصدر انزعاج ورعب يغلي في عقول وقلوب وأعصاب الإنسان اليهودي العادي الذي يعيش في إسرائيل، وهو بالتأكيد ما يقلق قادة الدولة العبرية الذين يرقبون مستقبل دولتهم من خلال تطور الأحداث في ميدان التحرير في مصر العربية.
كل ما سيأتي بعد ذلك من تفسير للأسباب التي تقلق إسرائيل من انهيار النظام المصري، هي تفريعات عن الأصل، ومن تلك النتائج أن جزءاً من الجيش الإسرائيلي سيتفرغ للحدود الجنوبية مع مصر، وما لهذا من تأثير على تطور الاقتصاد الإسرائيلي، واحتمال إلغاء مصر لاتفاقية الغاز مع إسرائيل، ورغبة مصر في غض طرفها عن تطورات أمنية تهدد مستقبل إسرائيل، وما يقال عن إمكانية تقارب النظام المصري القادم مع حركة حماس في مقاومتها لإسرائيل، وأثر ذلك في دعم المقاومة وتزويدها بالسلاح، وعدم التشجيع على التهدئة مع حدود إسرائيل، وتأثير ما سبق على نظام محمود عباس
الذي يعتمد في بقائه على تواصل المفاوضات مع إسرائيل.
صورة لأيام قاتمة تنتظر دولة الصهاينة، وتنبئ بمصيرها المجهول فيما لو أفرزت الثورة المصرية الراهنة قيادة وطنية شابة تؤمن بأن الله قادر على التغيير.