الحوثيون... ضحية الانتماء والصمت الدولي
احمد البديري
انشغلت بعض وسائل الإعلام العالمية والعربية والمحلية هذه الأيام بالحديث عن لجوء عدد من شيعة اليمن من أتباع الشيخ عبد الملك الحوثي إلى العراق واستقرارهم في عاصمة التشيع العالمية النجف الاشرف
وهو ما افزع فيما يبدوا عدد من مستشاري رئيس الحكومة وقيادات حزبه ليسارعوا بنفي ما تردد من أنباء ومزاعم بهذا الشأن وتكذيب الموضوع جملة وتفصيلا ، ويبدوا ان هذه الهمة العالية لهؤلاء السياسيين في نفي الخبر وتكذيبه جاءت لتدارك أي تشويش او تصعيد سياسي في علاقات العراق بمحيطه العربي عموما والنظام اليمني خصوصا وهو ما تجلى بوضوح في موقف النظام اليمني من تلك التصريحات العراقية الايجابية عبر إعلانها إعادة العلاقات الدبلوماسية مع العراق وتعيين سفير لها في بغداد ، ويأتي حرص المسؤولين الحكوميين على هذا الموقف السياسي تجاه اليمن لتفادي التصعيد في المواجهة مع حكومات الدول العربية والتي تعرضت للاهتزاز والتوتر بعد تفجيرات الأربعاء الدموية الأخيرة والاتهامات العراقية لسوريا في التورط والمسؤولية الرئيسية عن أحداثها بسبب إيواء الحكومة السورية لعدد من قيادات حزب البعث المجرمة المتورطة بالإعداد لعمليات القتل الجماعي التي تستهدف أرواح العراقيين والبنى التحتية للدولة ، والعجيب ان الموقف السوري تجاه احتضان قيادات حزب البعث ينطبق بالتمام مع مواقف الكثير من الحكومات العربية وعلى وجه خاص النظام اليميني الذي يأوي الكثير من القيادات البعثية المطلوبة والتي تحتمي بستار حزب البعث اليمني وتخطط وتنفذ العديد من مخططاتها الإجرامية بتسهيلات ودعم من نظام علي عبد الله صالح .
وفي سياق نفي تواجد شيعة اليمن الحوثيين في العراق سارع احد سماسرة الدين من المتاجرين بالدين والمرجعية الدينية في النجف والمدّعين وصلاً بها والنطق بالنيابة عنها إلى تأكيد موضوع النفي وإعلان خلو المدينة المقدسة من الحوثيين وهو تصرف ينم عن الجبن وانعدام الإنسانية لدى هذا السمسار الذي بدى وهو يتحدث عن شيعة اليمن كأنه يتحدث عن وباء انفلاونزا الخنازير الفتاك لا عن أناس مسلمين امنين يتعرضون إلى الإبادة والقتل لا لذنب اقترفوه سوى انتمائهم إلى مذهب التشيع الذي ينتمي له وزرا هذا السمسار الدنيوي .
وعودة إلى مظلومية شيعة اليمن والاضطهاد العنصري الطائفي الذي يتعرضون له والذي يذكرنا بالاضطهاد البعثي لشيعة العراق طوال خمسة وثلاثون عاما ، فأن من المخجل ان يصمت الجميع أمام هذه المذابح ومن العار ان يقف المجتمع الدولي والإسلامي خصوصا هذا الموقف المخزي تجاه المجازر الدموية والتصرفات الإجرامية لنظام اليمن تجاه اهالي صعدة والتي يتعرضوا لها منذ سنين خلت وازدادت وتيرتها وبلغ أشدها خلال أيام شهر رمضان الكريم دون ان يمنع حلول هذا الشهر المقدس جلاوزة السلطة اليمنية من الاستمرار في إجرامهم وعدوانهم الطائفي الذي ثبت باليقين بعد الائتلاف الذي كان طرفاه رغبة نظام اليمن بقمع معارضيها مع شهوة الوهابيين الإجرامية بقطع دابر الشيعة واجتثاثهم من كل أصقاع الأرض تلبية لفتاوى علماء التكفير في نجد والحجاز بالقضاء على الرافضين لتخلفهم وتكفيرهم وعقائدهم الفاسدة وإرهابهم الإجرامي .
وفي مقارنة بين موقف المنظمات الدولية ومجلس الامن الدولي من احداث دارفور في السودان وموقفها من أحداث صعدة اليمنية يستغرب المتابع من القوة والشدة التي واجهت بها تلك الهيئات والتجمعات الدولية النظام السوداني والادانة العظيمة للمذابح والجرائم التي ترتكب ضد سكان دارفور والتي نتج عنها عدد من القرارات والمذكرات التي ساهمت في انهاء معاناة اهالي دارفور وايقاف أي نشاط عسكري للنظام السوداني فيها بالاضافة إلى حملات الاغاثة الانسانية الكبيرة لسكانها والمتضررين من جرائها .
بينما يلف الغموض الموقف من إحداث صعدة ولم نسمع اللهم إلا بعض الاصوات الخافتة المطالبة بإيقاف نزيف الدم فيها وكبح جماح حاكم اليمن واركان نظامه فما حدى مما بدى؟! ولماذا السكوت على الحرب السياسية الطائفية اليمنية-السعودية على شيعة اليمن في صعدة من قبل الدول الإسلامية والعربية ومن حكومات الغرب التي تدّعي الانتصاف للمظلومين والمستضعفين ؟ ولماذا لا تهتز ضمائر حكومات الشرق والغرب من تلك المجازر والمذابح ؟ ولماذا لا تثير أوضاع أهالي صعدة الإنسانية السيئة شفقة واهتمام المنظمات الإنسانية الدولية ؟
اما موضوع وجود الحوثيين الشيعة في العراق من عدمه فأعتقد بحكم اطلاعي ومعرفتي بأحوال سلطات العراق السياسية والدينية أن ليس هناك مجال لأن يلجأ شيعة اليمن إلى مدينة النجف وغيرها من مدن العراق او يلوذوا بها لأنهم سيفتقدون إلى المساندة وتقديم الدعم اللازم وكذلك سيفتقدون إلى نعمة الامان التي فقدوها هناك في اليمن ، كما ان شيعة اليمن لن يغامروا لقطع المسافة الكبيرة التي تفصل بلادهم عن ارض العراق في ضل التواطؤ العربي الطائفي مع حكومتهم ضدهم وبالتالي فأن الحدود العرابية سوف تكون بالمرصاد لاستقبال هؤلاء وإعادتهم لجلاوزة النظام اليمني ، كما انني اظن ان حكيم الحوثيين وقائدهم الشيخ عبد الملك سوف لن ينصحهم بالذهاب إلى العراق بل سوف يسير بسنة الرسول الاكرم ( صلى الله عليه واله) ووصيته للمهاجرين الأوائل عندما نصحهم بأن يلجئوا إلى الحاكم الذي لا يظلم عنده احد وكان ذلك الحاكم هو النجاشي ملك الحبشة فمن أين للحوثيين بحاكم كالنجاشي وأين لهم بلدة كالحبشة .
</i>