عرَّفَ علم السيرة النبوية من العلماء قليلون ،

ومن أوضح ما وقفت عليه من ذلك قول الدكتور محمد الزحيلي :

( الاطلاع ودراسة حياة النبي صلى الله عليه وسلم ، وشخصيته ، وجميع تصرفاته ، وطريقته في

الدعوة والتبليغ ، والتربية لصحابته رضوان الله عليهم
) مرجع العلوم الإسلامية : ص 642 .

ووجدت تعريفات أخرى ، لكنها بتعريف ( مصطلح السيرة النبوية ) أشبه منها

بتعريف ( علم السيرة النبوية ) ؛ مع ما بينهما من التداخل .

ولما كانت في مجموعها لا تخرج عن تعريف الحديث في الاصطلاح

( ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم قولا ، أو فعلا ، أو تقريرا ، أو صفة )

لزم تقييد حد هذا العلم وتمييزه بما يلزم لأن غاية اعتبار الصفة في ( تعريف الحديث )

لا تشمل السيرة النبوية إلا من جهة ورودها مضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم

ومشاركتها سائر أفراده في كونها سندا ومتنا ، وهما ركنا علم الحديث .

أما السيرة النبوية فإنها صفات وأحوال باهرة شتى ؛

لها من الخصوصية النبوية نظام راسخ الأصول ، تام النشوء ، بارز الملامح ،

حري بتعريف أخص وأرحب
.

فالمراد من علم السيرة النبوية شأن آخر وراء الإضافة والإخبار ...

إنه ( القصد إلى عد المناقب النبوية وإحصائها ، وإفرادها بالعناية

مطالعة للمكان العلي الذي رُفِعَهُ الموصوف بها صلى الله عليه وسلم ،

وما لا يبلغ مداه ، ولا تحصى مواطنه وعجائبه

من نداء الرب جل وعلا بشرفه وسمو درجته ،

وما في تنويهه بعلي شأنه من كمال قربه منه ، وشدة محبته إياه
) .

فقولي ( وراء الإضافة والإخبار ) إشارة إلى أن متعلق السيرة النبوية من المروي أخص .

والمراد بـ( عد المناقب النبوية وإحصائها ) كمال النظر والتأمل

المعينين على تمييز مقاصد هذا العلم .

وقولي ( مطالعة للمكان العلي .... ) إشارة إلى ضرورة استصحاب

لازم التكريم النبوي ومقتضاه ،

فلازم التكريم : داعي الاستحقاق الموجب للعدل في الاصطفاء .

ومقتضاه : رعاية حق الله تعالى وحق رسوله صلى الله عليه وسلم فيه على العبد

طاعة واتباعا ومحبة ، فيخرج التكريم العاري عن شرط الانتفاع ، والله أعلم .