تصحيح مجموعة أخطاء كارثية بأثر رجعي (!!)
تصحيح مجموعة أخطاء كارثية بأثر رجعي (!!)
في مثل هذا اليوم قبل 77 عاما وليس قبل 65 عاما فقط، هَزَمت أَجِنَّةُ الأنظمة العربية الوظيفة عندما كانت تتخلَّق في الرحمين الببريطاني والفرنسي، شعوبَها أمام المشروع "الإمبريالي الصهيوني" (!!) أسامة عكنانبلاغ رقم 17، صادر بتاريخ 20/10/1936:"أطلب من الشعب العربي المجيد مراعاة الأمور الآتية بكل اهتمام: عدم مقابلة اليهود بالمثل، وهم الذين أخذوا يعتدون لا عن شجاعة وشهامة، بل بقصد الدسِّ والإفساد بين جيش الثورة والجيش البريطاني، كي يعودَ النزاع والاضطراب، ولكي يُفسدوا علينا المفاوضات فيحولون دون نيل البلاد حقها, وإني أنتظر من الشعب الكريم الصبر وانتظار ما ستصنعُه السلطات البريطانية في حقوق العرب. إن جيش الثورة لفخور جدا بأن يكون قد قام بواجبه كما عاهد، وأنهى مهمَّته بالفوز، وأوصل البلاد إلى حدود أمانيها وحقوقها التي أصبحت في عهدة الملوك والأمراء العرب. وحفظا لسلامة المفاوضات ولعدم جعل أيِّ ذريعة للخصم يتذرع بها للعبث في الحقوق المضمونة، أن يتركَ الميدان بعد أن لم يبق له أي عمل. وإنها لتعاهد أن يكون جيش الثورة في طلائع الجيوش العربية التي سوف تسرع لإنقاذ فلسطين" (!!)
القائد العام/فوزي القاوقجي/20-10-1936وكان قد صدر قبل ذلك التاريخ بحوالي أسبوع فقط البلاغ رقم 16، وهذا نصُّه:"تلبيية لنداءات ملوكنا وأمرائنا العرب، ونزولا عند طلب اللجنة العربية العليا، نطلب توقيف أعمال العنف تماما، وعدم التحرش بأيِّ شيئ يفسدُ جوَّ المفاوضات التي تأمل فيها الأمة العربية الخير، ونيل حقوق البلاد كاملة، وأن نتجنبَ أيَّ عمل من شأنه أن يُعَدَّ حجة علينا في قطع المفاوضات.إننا نرحب بالسلم الشريف، ولن نعتدي عليه، ولكننا عند اللزوم ندافع ولن نرمي السلاح" (!!)
القائدالعام/فوزي القاوقجي/12-10-1936في تلك الفترة كانت بريطانيا قد أصدرت أحكامها بالسجن مددا طويلة على حوالي 2000 فلسطيني، وهدمت أكثر من 5000 بيت، وأعدمت شنقا في سجن عكا 148 شخصا، وبلغ عدد المعتقلين لمدد محتلفة أكثر من خمسين ألفا. هذا فضلا عن آلاف الشهداء سقطوا في المواجهات التي شهدتها ثورة الأعوام "1935 – 1936" (!!)
كما كانت بريطانيا قد حشدت ولأول مرة في تاريخها الاستعماري، أكثر من 80 ألف جندي، واستخدمت عشرات الطائرات الحربية ومئات العربات المدرعة وقطعات المدفعية، في ملاحقة الثوار وقصفهم في أرض فلسطين الضيقة أصلا، وهو ما لم يسبق لها أن قامت به في أيِّ من مستعمراتها في أيِّ مكان في العالم، وعلى رأس كل ذلك في درِّتي تاجها الاستعماري "الهند" و"مصر" (!!)لم تتحدث أيُّ بيانات عن العفو عن الثوار، وكأن البيانات كانت تقول: كلُّ من عليه حكم بالإعدام فإن عليه التوجه فورا إلى المشنقة، ومن عليه حكم بالسجن فإن عليه أن يمضي ويطرق باب السجن ويقول للإنجليز: لقد عدت هيا إسجنوني (!!)وكرَّت المسبحة بعد ذلك لاستئصال الثورة ومحاصرتها وتقييد قياداتها:فالملك السعودي "عبد العزيز بن سعود" يسمح للمجاهدين بالإقامة في "القرَياَّت" داخل حدود مملكته.والحكومة العراقية توافق على استضافة بعض قيادات الثوار على الأراضي العراقية.وفخري النشاشيبي عميد العملاء الفلسطينيين المدعوم من كل مشاريع العار العربية، يقوم بتنظيم اجتماعات تدعم ما أطلق عليه "فصائل السلام"، وتناوئ الثورة وتطارد فلولها كي لا تنهض من جديد.وكان من أهم تلك الاجتماعات تلك التي عُقِدَت في "يطا" بقضاء الخليل في كانون الأول عام 1938 بحضور الجنرال البريطاني "أوكونور" القائد العسكري العام للمنطقة.وامتدت ظاهرة "فصائل السلام" لتشملَ مناطق "نابلس"، و"الخليل"، و"جنين"، و"الروحة"، و"مرج ابن عامر"، و"عكا"، و"الجليل الغربي".وقد وصلت تلك الظاهرة ذروتها بقيام أحد فصائلها بمساعدة البريطانيين على الظفر بالقائد العسكري العام للثورة "عبد الرحيم الحاج محمد".وتمَّ على الفور بناء الأسلاك الحاجزة على الحدود الشمالية لفلسطين مع إمارة شرق الأردن لمنع كلِّ أوجه التسلل والدعم للثوار بعد أن تسفر كل تلك الوعود عن سرابٍ كان كلُّ ادعياء محفل القوادين العرب يعلمون به جيدا وهم يصدرون بياناتهم وبلاغاتهم.تَوَّجَ نظام "شرق الأردن" نشاطَه المضاد للثورة بأن ألقى القبض على القائد الثوري الفلسطيني "يوسف أبو درة" عام 1939 وسلمه للبريطانيين ليتم إعدامه بعد أشهر قليلة.الهجرة اليهودية إلى فلسطين لم تتوقف.لم يعد إلى فلسطين أيٌّ من الزعماء الفلسطينيين المنفيين في جزيرة "سيشيل".لم تتوصل لجان التحقيق فيما يحدث في البلاد إلى أيِّ شيء.لم تتوقف عمليات الاعتقال والإعدام.كان الشعب العربي في فلسطين ثائرا، يلحق بالقوات البريطانية وبالبؤر الصهيونية خسائر فادحة (!!) وكانت الرئة الشعبية العربية مفتوحة إليه عبر الشمال والشرق والجنوب الغربي (!!) وكانت الرئة تتسعُ يوما بعد آخر منذرةً الإنجليز والفرنسيين بتحوُّلِها إلى طوفانِ ثورة شعبية عربية عارمة تعمُّ المشرق العربي كلَّه، لتطيح بالاستعمارين البريطاني والفرنسي، وبكل أمراء ومشايخ العار الذين كانوا يُجَهَّزون ليصبحوا نوابا لذلك الاستعمار بعد أن يخرج آمنا من بلادنا (!!) وكان المشروع الصهيوني برمته في مهبِّ الريح (!!) وكان العالم قاب قوسين أو أدنى للتغُّير الحقيقي بالتغيُّر في قلبه النابض، والفلسطينيون يقدمون ما يجب عليهم، مؤمنين بأنهم ليسوا طليعة العرب في التحرر والنهضة فقط، بل وطليعة البشرية كلِّها في الإطاحة بالمشروع الإمبريالي الصهيوني في مركز ثقله "المشرق العربي"، وهو المشروع الذي لم ينقذه إلا محفل العار الذي كان يقف وراء البلاغين السابقين (!!)ولأن كل ذلك الأمل تبخَّر بوضع حق الشعب العربي في "عهدة الأمراء والملوك والحكام العرب"، فهذا يعني أنهم كانوا وما يزالون هم أعضاء ذلك المحفل الذي لن تقوم للأمة العربية قائمة وهم على رأس عروشهم في الدول والإمارات والسلطنات والمشيخات التي فُصِّلَت لهم وعلى مقاسات وظيفيتهم (!!)في ذلك التاريخ وبصدور تلك البيانات، تحققت هزيمة الأمة العربية، وسقطت فلسطين، ونشأ الكيان الإسرائيلي، وترسَّخَ المشروع "الإمبريالي الصهيوني الوظيفي" الذي تمت حمايته ومكافأته بهدية بريطانية ما نزال نعيش خديعتَنا الكبرى بها، ألا وهي هذا المولود اللقيط "جامعة الدول العربية" التي اندلقت من رحمٍ موبوءٍ بالزنا السياسي والتاريخي، بين هؤلاء الأمراء والمشايخ والملوك، وبريطانيا (!!)ولم يكن كلُّ ما حصل بعد ذلك سوى إجراءات استكمال الهزيمة والسقوط والتجسيد، ونحن نتجرع مرارة ما حصل حتى يومنا هذا، ونتلقى فوق رؤوسنا كلَّ قذائف الكذب والتزوير والتضليل، ونزبد ونرعد ونحن نقتتل على هويات خرساء صماء عمياء شمطاء ألقوها في طريقنا كي ننشغِلَ عن مخازيهم وكل مظاهر عهرهم، كما تلقى في طريق الكلاب بقايا العظام (!!)