مفهوم العقوبة في الفكر القانوني الاسلامى المقارنمفهوم العقوبة في الفكر القانوني الاسلامى المقارن
د.صبري محمد خليل/ أستاذ الفلسفة بجامعه الخرطوم sabri.khalil30@yahoo.com
تعريف العقوبة:
لغة:العقوبة لغة هي الجزاء على الذنب، ورد في لسان العرب)العقاب والمعاقبة هي أن تجزى الرجل بما فعل سوءاً والاسم العقوبة، وعاقبه بذنبه معاقبة وعقابا أخذ به) (ابن منظور / لسان العرب / ج 1 ص 619) .
اصطلاحا: وأما العقوبة اصطلاحا فلها دلالتين:
دلالة قانونية(تكوينيه): وهى الجزاء على مخالفه مجموعه القواعد القانونية التي تشكل النظام القانوني،والمتضمن فيها، والذي تقوم في المجتمع سلطه لها حق إيقاعه على مخالفتها، وضمان نفاذ القانون ولو بالقوة.
دلاله شرعيه(تكليفيه): وهى الجزاء على خرق النظام القانوني الاسلامى،ولما كان هذا النظام القانوني يتضمن نوعين من أنواع القواعد القانونية : القواعد – الأصول، ممثله في القواعد الآمرة أو الناهية،و التي عبر عنها القران بمصطلح " الحدود "، و القواعد -الفروع ،التي محلها الفقه في الإسلام ، فان للجزاء هنا أيضا نمطين: الاول هو الذي ورد في النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ، وهو مثل كل أحكام الإسلام ، قائم على ما يحقق مصالح البشر في كل زمان ومكان ، أو حماية المصالح في كل الظروف الثابتة، ، وذلك بالزجر الكافي والمناسب ً للمحافظة على قوة الإلزام في القواعد – الحدود (العقوبات الحدية). والثاني هو اجتهاد في تقدير الجزاء الكافي والمناسب على خرق القواعد -الفروع ، وفيما يؤكد نفاذ هذه القواعد،ويحمي المصالح في كل الظروف المتغيرة (عقوبات التعزير) .يقول الماوردي ( الحدود زواجر وضعها الله تعالى للردع عن ارتكاب ما حظر، وترك ما أمر ،لما في الطبع من مغالبة الشهوات الملهية عن وعيد الآخرة بعاجل اللذة ، فجعل الله تعالى من زواجر الحدود ما يردع به ذا الجهالة حذرا من ألم العقوبة ،وخيفة من نكال الفضيحة، ليكون ما حظر من محارمه ممنوعا، وما أمر به من فروضه متبوعا، فتكون المصلحة أعم والتكليف أتم ) .ويقول ابن تيميه ( العقوبات الشرعية إنما شرعت رحمة من الله تعالى لعباده، فهي صادرة عن رحمة الخلق وإرادة الإحسان إليهم , ولهذا ينبغي لمن يعاقب الناس على ذنوبهم أن يقصد بذلك الإحسان إليهم والرحمة بهم، كما يقصد الوالد تأديب ولده وكما يقصد الطبيب معالجة المريض)(الفتاوى).
العقوبة والحدود: الحَدُّ لغة الفصل بين الشيئين لئلا يختلط أَحدهما بالآخر أَو لئلا يتعدى أَحدهما على الآخر، وجمعه حُدود.وفصل ما بين كل شيئين: حَدٌّ بينهما (لسان العرب)
أما اصطلاحا فان لمصطلح دلاله أصليه ودلالات تبعية، أما دلالته الاصليه فهي القواعد الآمرة أو الناهية التي لا يباح مخالفتها.وقد وردت الكلمة بمعني القاعدة الآمرة كما في قولة تعالي﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا ﴾ ( البقرة: 229) ، كما وردت بمعني القاعدة الناهية كما في قولة تعالي ﴿ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا ﴾.(البقرة187) وسميت حدودا لأنها فوارق بين الحلال والحرام وبالتالي لا يباح مخالفتها، ورد في لسان العرب(وحُدُود الله تعالى: الأَشياء التي بيَّن تحريمها وتحليلها، وأَمر أَن لا يُتعدى شيء منها فيتجاوز إِلى غير ما أَمر فيها أَو نهى عنه منها، ومنع من مخالفتها...) وليس النظام القانوني الاسلامى بدعا في النظم القانونية، في القول بالقواعد -الحدود ، إذ لا يمكن ان يوجد مجتمع بدون نظام قانوني، و لا يوجد نظام قانوني بغير حدود، تسمى في علم القانون قواعد النظام العام، لأنها الحل الوحيد للتناقض الدائم بين وحده المجتمع وتعدد الناس فيه ، وهى مجموعه من القواعد لها خصائص قواعد النظام الأخرى(عامه مجرده ملزمه)، إنما تتميز بأنها غير مباح مخالفتها او الاتفاق على مخالفتها، وبالتالي تصلح مميزا للنظام عن غيره ،ويحمل اى نظام اسم مصدره الفكري او العقائدي( نظام ليبرالي او ماركسي او اسلامى...) بمعنى ان تلك المذاهب او العقائد هي مصدر تلك القواعد – الحدود، ومثالها الحرية الفردية التي منحها للإنسان" القانون الطبيعي" في الليبرالية، أو "الملكية الجماعية" لوسائل الإنتاج في الماركسية... إذا وجه الخلاف بين النظام القانوني الاسلامى وغيره من النظم القانونية ، ليس في إنكار او إقرار هذه القواعد - الحدود ، بل في مصدرها ، إذ ان مصدرها في النظام القانوني اسلامى هو الإسلام.
أما دلالته التبعية الأولى فهي العقوبات المقدرة ، اى الجزاء على خرق القواعد الآمرة أو الناهية،و التي عبر عنها القران بمصطلح " الحدود "،و الذي ورد في النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ، يقول ابن تيمية" أما تسميه العقوبة المقدرة حدا فهو عرف حادث( ابن تيميه، الفتاوى، ص41).وورد في لسان العرب (قال الأَزهري: فَحُدود الله، عز وجل، ضربان: ضرب منها حُدود حَدَّها للناس في مطاعمهم ومشاربهم ومناكحهم وغيرها مما أَحل وحرم وأَمر بالانتهاء عما نهى عنه منها ونهى عن تعدّيها، والضرب الثاني عقوبات جعلت لمن ركب ما نهى عنه كحد السارق وهو قطع يمينه في ربع دينارِ فصاعداً... سميت حدوداً لأَنها تَحُدّ أَي تمنع من إِتيان ما جعلت عقوبات فيها، وسميت الأُولى حدوداً لأَنها نهايات نهى الله عن تعدّيها). ومنعا للخلط فإنه من الأفضل ان يطلق على هذه الدلالة التبعية لمصطلح الحدود اسم عقوبات الحدود او العقوبات الحدية.أما الدلالة التبعية الثانية لمصطلح الحدود فهي الجرائم المقدرة ، اى ذات الفعل الذى يخرق القواعد الآمرة أو الناهية،و التي عبر عنها القران بمصطلح " الحدود "، و الذي ورد جزاء محدد عليه في النصوص اليقينية الورود القطعية الدلالة ، وقد وردت الاشاره إلى هذه الدلالة في الحديث( إِني أَصبت حدّاً فأَقمه عليّ ). ومنعا للخلط فإنه يفضل ان يطلق على هذه الدلالة التبعية لمصطلح الحدود اسم جرائم الحدود او الجرائم الحدية.
العقوبة و الشريعة: كما ان لمصطلح الشريعة دلاله أصليه ودلاله تبعية ، أما دلالته الاصليه فهي تشمل العبادات والمعاملات بنوعيها: المعاملات الفردية من أحوال شخصية ومعاملات الفرد من بيع وأجاره ورهن وكفالة... والمعاملات التي تنظم العلاقة بين الأفراد في الجماعة، وتشمل القواعد الكلية التي تستند إليها النظم الاقتصادية السياسية القانونية... ويقول ابن تيميه(و إلا فالشريعة جامعة لكل ولاية وعمل فيه صلاح الدين والدنيا، والشريعة إنما هي كتاب الله وسنة رسوله، وما كان عليه سلف الأمة في العقائد والأحوال والعبادات والأعمال والسياسات والأحكام والولايات والعطيات...) .وطبقا لهذه الدلالة فان مصطلح شريعة اشمل من مصطلح العقوبة، إذ ان العقوبات المقدرة هي جزء من الشريعة .إذ ( أن الشرائع والقواعد والآداب التي جاء بها الإسلام ليست مقصورة على الجرائم والمجرمين بل هي تنظيم لعلاقات الناس وهم يمارسون حياتهم العادية السوية، فتربط بينهم وتحيلهم إلى مجتمع إسلامي )( د.عصمت سيف الدولة، عن العروبة والإسلام، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1988)..( أما دلالته التبعية فهي تعنى النظام القانوني الاسلامى وما يتضمنه من نوعين من أنواع القواعد القانونية : القواعد – الأصول، ممثله في القواعد الآمرة أو الناهية،و التي عبر عنها القران بمصطلح " الحدود ". و القواعد -الفروع، التي محلها الفقه في الإسلام يقول ابن تيميه ( ثم هي مستعملة في كلام الناس على ثلاثة أنحاء: شرع مُنَزَّل، وهو: ما شرعه الله ورسوله. وشرع مُتَأَوَّل، وهو: ما ساغ فيه الاجتهاد. وشرع مُبَدَّل، وهو: ما كان من الكذب والفجور الذي يفعله المبطلون بظاهر من الشرع، أو البدع، أو الضلال الذي يضيفه / الضالون إلى الشرع. والله ـ سبحانه وتعالى ـ أعلم). وهنا أيضا فان مصطلح الشريعة اشمل من مصطلح العقوبة الذى يتضمن نمطين من انماط الجزاء على خرق النظام القانوني الاسلامى (اى الدلالة التبعية لمصطلح الشريعة )،اى العقوبات الحدية و عقوبات التعزير كما سبق ذكره.
أنواع العقوبات في القانون الجنائي الاسلامى: وقد قسم القانون الجنائي الاسلامى العقوبات إلى ثلاثة أنواع:
الأول: العقوبات الحدية: وهي عقوبات مقدرة تجب حقا لله تعالى ، لذا عرفها الفقهاء بأنها "محظورات شرعية زجر الله عنها بعقوبة مقدرة تجب حقا لله تعالى"، وما كان حق الله يعني ان وضعه كان لحماية مصلحة الجماعة ،يقول الكاساني (والمقصود بحق لله كل فعل أو امتناع ترجع علة إيجابه أو النهي عنه إلى الجماعة".( بدائع الصنائع، ج7، ص 33،56).
الثاني: عقوبات القصاص: وهى عقوبات مقدره تجب حقا للعباد، اى ان وضعها كان لحماية مصلحه الفرد ، يعرف الكاسانى القصاص بأنه " ما وجب إتيانه أو الامتناع عنه لحق الفرد"( المرجع السابق، ص 320).و يجوز فيها العفو والشفاعة والتوريث بخلاف العقوبات الحدود.
أي أن القصاص وضع لحماية حق الفرد، ولذا يجوز العفو في القصاص ولا يجوز في الحد.
الثالث: عقوبات التعزير: وهى عقوبات غير مقدره ، يقررها الحاكم للجرائم التي لا حد فيها ولا كفارة ولا قصاص.
خصائص العقوبة: وللعقوبة في القانون الجنائي الوضعي مجموعه من الخصائص، تتمثل في مجموعه من المبادئ والقواعد القانونية التي تضبط مفهوم العقوبة،والتي نجد في القانون الجنائي الاسلامى ما يقابلها.
مبدأ «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص»: او مبدأ «قانونية الجرائم والعقوبات»» أي لا يمكن عَدّ فعل أو تركه جريمة إلا بنص صريح يحرم الفعل أو الترك، فإذا لم يرد نص صريح فلا مسؤولية ولا عقاب على فعل أو ترك، وهذا المبدأ نجد الاشاره إليه في جمله من الآيات كقوله تعالى ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِين حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾.كما نجد الاشاره إليه في قاعدتين أصوليتين هما: «لا حكم لأفعال العقلاء قبل ورود النص»، والثانية: «الأصل في الأشياء والأفعال الإباحة»( محمد شلال العاني و عيسى العمري، فقه العقوبات في الشريعة الإسلامية، ص52- 53).
ويترتب على قاعدة «لا جريمة ولا عقاب إلا بنص» نتائج منها:
ا/عدم رجعية القانون: والمقصود به أن المشرع لا يتناول بالعقاب أفعالاً ارتكبت قبل صدور التجريم، وقد أشارت عده آيات إلى هذه القاعدة كقوله تعالى ﴿إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ﴾، لكن الشريعة الإسلامية تتفق مع أغلب القوانين الوضعية على وجود استثناءين لقاعدة عدم رجعية التشريعات الجزائية، أولهما يتعلق بمصلحة المتهم( عبود السراج، التشريع الجزائي المقارن، ص118)، والثاني بتطبيق قواعد الإجراءات الجزائية. ويضيف بعض الفقهاء المسلمين استثناء ثالثاً، في حالة ما إذا كان النص الجزائي متعلق بأمن المجتمع ونظامه (عوده، التشريع الجنائي الإسلامي، ج1 ص429).
ب/ قصر التجريم وترتيب العقوبات على القانون المكتوب: دون غيره من المصادر القانونية،وفى القانون الجنائي الاسلامى وردت النصوص على العقوبات الحدية والقصاص، أما عقوبات التعزير فكون أنها لم ترد في الشرع، لأنها العقوبة التي يقررها الحاكم للجرائم التي لا حد فيها ولا كفارة ولا قصاص، لا ينفى هذه النتيجة، لأننا نجد الفقه الاسلامى نجد العديد من القواعد التي تفيد حق الدولة في تبنى قواعد قانونيه معينه لتصبح ملزمه للناس ،من هذه القواعد : "للسلطان أن يحدث من الأقضية بقدر ما يحدث من مشكلات" و "أمر الإمام يرفع الخلاف" و "أمر الإمام نافذ " .
مبدأ المساواة في العقوبة: يقصد به أن نصوص القانون التي تقرر العقوبات تسري على جميع الأفراد دون تفرقة بينهم، وقد أشارت العديد من النصوص إلى هذا المبدأ كقوله صلى الله عليه وسلم «إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، و إذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد، وأيم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها»
مبدأ قضائية العقوبة: المقصود به هو أن السلطة القضائية هي المسئولة عن توقيع العقوبات الجنائية، «فلا عقوبة إلا بنص ولا عقوبة إلا بحكم قضائي». وقد أشار القانون الجنائي الاسلامى إلى هذا المبدأ، يقول الماوردي في الأحكام السلطانية بأن أحد واجبات الإمام ( تنفيذ الأحكام بين المتشاجرين، وقطع الخصام بين المتنازعين، حتى تعم النصفة، فلا يتعدى ظالم ولا يضعف مظلوم) ( د. وهبة الزحيلي، العقوبات الشرعية، ص227-229).
مبدأ شخصية العقوبة: وهذا المبدأ الذي تنبته القوانين الوضعية نتيجة لمبدأي المسؤولية الأخلاقية والحرية الفردية، وهو كذلك من المبادئ العامة الأساسية في القانون الجنائي الاسلامى يقول تعالى ﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾، وفي الحديث عنه (صلى الله عليه وسلم): «لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه» (أ. محمد تهامي دكير، خصائص العقوبة في الشريعة الإسلامية).
مشروعيه العقوبة:
أولا: في الفكر القانوني الغربي:أولا: النظرية الجزائية: اعتبرت ان الغاية من العقوبة هي إيقاع الجزاء على خرق القواعد الاخلاقيه والقانونية. فكانط مثلا يرى على ان العقوبة يجب ان تكون متطابقة مع الجريمة المرتكبة ، فالمذنب يجب ان يعاني من ذنبه ، والنظام الأخلاقي والعدالة الجنائية تتطلبان لوناً من ألوان العقوبة(امانويل كانت، فلسفة القانون، إدنبرة،1887).أما اوينك فيرى انه لا يوجد سبب جوهري لإدانة الجناية عن طريق إنزال الأذى بالجناة ، ما لم تكن المنفعة المتحققة من إنزال العقاب بالجناة نافعة، على مستويي الجاني والضحية، إلى درجة تعلن لهم بان خرق القانون على الصعيد الأخلاقي ، يجب ان يواجهه المجتمع بطريقة تمنع حصوله مستقبلاً(إي سي اوينك ،أخلاقية العقوبة، لندن، 1929). أما هيغل فيرى ان العقوبة ضرورية إبطال العمل الجنائي الذي ارتكبه الجاني، وبتعبير آخر، فان العقوبة لا تتحدد بتعويض الضحية، بل تتعدى إلى إنزال العقوبة الجسدية بالجاني (هيغل ،فلسفة الحقوق. أكسفورد،1942( . لان الجاني قد اخل بميزان النظام الأخلاقي في المجتمع؛ ولا يمكن تصحيح ذلك الخلل إلا بجعل الجاني يعاني من الألم جزاء عمله الإجرامي الذي ارتكبه. وبتعبير آخر، لما كانت الجناية إبطالا للحق، فان العقوبة إبطال لذلك الإبطال، ولذلك فإنها ـ حسب المنطق الديالكتيكي ـ وسيلة إلى إرجاع الحق إلى نصابه. ثانيا: النظرية النفعية : اعتبرت ان الغاية من العقوبة هي زجر الناس عن خرق القواعد الاخلاقيه والقانونية. فجيرمي بنثام مثلا يرى انه من الخطأ أخلاقيا إنزال العقوبة بفرد ما حتى لو كان جانياً ، وان العقوبة يمكن تبريرها فقط إذا كانت الآثار الايجابية المتولدة عنها تفوق الآثار السلبية الناجمة عن إنزال المعاناة والأذى بإنسان آخر وهو الجاني ،وهنا يجب ان عدم اللجوء إلى العقوبات الصارمة التي تنـزل الأذى بالجناة(جيرمي بنثام، مقدمة في مبادئ الأخلاق والتشريع ، لندن، 1789)، ويقدم (جيرمي بنثام) اقتراحاً فلسفياً يقضي بإصلاح الجناة عن طريق معين ، وهو إدخالهم السجون او نفيهم من أوطانهم ،على شرط ان لا تتجاوز هذه العقوبة الإصلاحية جوهر الشر الذي أدى إلى إنزال الأذى بالضحية، ولكن إذا كانت العقوبة النازلة بالجاني قد تجاوزت الأذى الذي ألحقه بالضحية أصبحت العقوبة ـ عندئذ ـ قضية ظالمة لا يمكن تبريرها .تقويم: وهكذا فان النظرية الجزائية ركزت على عنصر الجزاء ، بينما النظرية النفعية ركزت على عنصر الردع ، بينما مشروعيه العقوبة تستند إلى العنصرين معا .
ثانيا: في الفكر القانوني الاسلامى: أما الفكر القانوني الاسلامى فيجمع بين عنصري الجزاء(اى كون العقوبة هي جزاء على خرق مجموعه القواعد القانونية التي تشكل النظام القانوني الاسلامى ) ، والردع(اى ان من غايات العقوبة الزجر الكافي والمناسبً للمحافظة على قوة الإلزام في القواعد القانونية التي تشكل النظام القانوني الاسلامى )، يقول تعالى (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله) والنكال المنع، يقول الشيخ محمد أبو زهره في تفسير الايه (هذا العقاب فيه جزاء كفاء للجريمة، وفيه منع لغير المرتكب عن ان يرتكب) (محمد أبو زهره، الجريمة والعقوبة في الفقه الاسلامى، العقوبة ، دار الفكر العربي، ص192).ومن تعريف العقوبة في الفكر القانوني الاسلامى نخلص إلى أن نظرية الجزاء فيه لا تقوم على أساس الانتقام،قال تعالى : ( ولكم في القصاص حياة ) { البقرة : 179 } ( الاحتفاظ للجرم بجزاء شخصي في الآخرة ، واستبدال الدية بالعقوبة والتوبة ، والعفو )، بل هي مثل كل أحكام الإسلام ، قائمة على ما يحقق مصالح البشر ، أو حماية المصالح كما يقال في فقه القانون الجزائي(حفظ النفس بتحريم القتل والعقل بتحريم الخمر،والنسل بتحريم الزنا،والمال بتحريم السرقة) ، وذلك بالزجر الكافي والمناسب ً للمحافظة على قوة الإلزام في القواعد القانونية التي تشكل النظام القانوني الاسلامى كما سبق ذكره.( د.عصمت سيف الدولة، عن العروبة والإسلام، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، 1988). ان ما سيق من حديث هو عن الأساس العام لمشروعيه العقوبة في القانون الجنانى الاسلامى بصوره عامه لكن لكل عقوبة مقدره أيضا أساس مشروعيه خاص ، فعلى سبيل المثال أساس مشروعيه عقوبة السرقة حماية مصلحة الجماعة في الانتفاع بالمال، باعتبار أنها المستخلفة أصلا عن الله تعالى مالك المال في الانتفاع به ، وأن كان الانتفاع بيد الفرد باعتباره وكيل عنها ، والدليل على ذلك أنها عقوبة حديه ،والحدود تجب حقا لله تعالى، وما كان حق الله يعني ان وضعه لحماية مصلحة الجماعة يقول الكاساني (والمقصود بحق لله كل فعل أو امتناع ترجع علة إيجابه أو النهي عنه إلى الجماعة".(الكاسانى بدائع الصنائع، ج7، ص 33،56)،ولو كان المراد بها حماية مصلحه الفرد لكانت عقوبة السرقة قصاص ،لان القصاص" ما وجب إتيانه أو الامتناع عنه لحق الفرد"( المرجع السابق، ص 320). فهي إذا تهدف إلى التأكيد على الوظيفة الاجتماعية للملكية الفردية(اى حق الفرد فى الانتفاع بالمال على وجه لا يتناقض مع مصلحه الجماعة)، وليس لتكريس الملكية الخاصة(اى حق التصرف المطلق في المال ولو تعارض مع مصلحه الجماعة كما في الليبرالية) .كما أن أساس مشروعيه عقوبة القتل في القانون الجنائي الاسلامى القصاص العادل من الجاني بما ينزع بذور الرغبة في الانتقام في نفوس أولياء المجني عليه بالاضافه إلى التأكيد على ان المجتمع يحد الفرد فيكمله ويغنيه ولكن لا يلغيه،وبالتالي فان وجود الفرد محدود بوجود المجتمع ، وبالتالي يجب إلغاء وجود الفرد عندما يصل رفضه للمجتمع إلى حد تحدى وجوده .وهكذا فان اى تطبيق للعقوبات الواردة في القانون الجنائي الاسلامى لا تلتزم بأساس مشروعيه العقوبة العام والخاص يصبح غير شرعي.
شروط إيقاع العقوبة :وقد حدد القانون الجنائي الاسلامى جمله من الشروط العامة اللازمة لإيقاع العقوبة منها:
التكليف: و يقصد به البلوغ و العقل فلا يجب معاقبة الصغير أو المجنون.
الاختيار و عدم الإكراه: فلا يعاقب من أجبر بغير إرادته على اقتراف جريمة معينة لأن عنصر الإرادة و الاختيار مفقود. ومثال على ذلك عدم تطبيق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عقوبة القطع عام الرماده لان الجوع يسلب الإنسان الاراده والمقدرة على الاختيار ، و هنا نرى انه ليس دقيقاً أن يقال إن عمر بن الخطاب قد عطل حدّ السرقة عام المجاعة . فما كان له أو لغيره أن يبيح ما حرّم الله . ولكنه رأى في ظروف معينّة أن جزاء قطع اليد لم تتوافر له احد شروطه وهو الاراده.
العلم بالتحريم: فلا يعاقب من يجهل حرمة جريمة معينة ارتكبها لانتفاء القصد إلى ارتكاب الجريمة.
ثبوت الجريمة: لا عقوبة ما لم تثبت الإدانة بالطرق القطعية، ومن طرق الإثبات الإقرار: ويعتبر في المقر البلوغ وكمال العقل والاختيار. ومنها البينة : وهى شهادة العدول البالغين العاقلين.
النهى عن اقامه الحد وقت الغزو و الاستقرار الاجتماعي: ومن الشروط العامة لإيقاع العقوبات الحدية توافر الاستقرار الاجتماعي، وهو ما يستنبط من ان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يقم الرسول حدا قط في غزو، بدليل ما رواه بسر بن ارطاه من انه وجد رجلا يسرق فجلده ولم يقطع يده وقال: نهانا الرسول عن القطع في الغزو،و روى عن عمر النهى عن اقامه الحد وقت الغزو ،و قرر الأكثرون انه لا يقام الحد على المحارب أثناء الحرب خشيه ان يلحق بالأعداء(محمد أبو زهره ، الجريمة والعقوبة، ص 324 )
كما حدد القانون الجنائي الاسلامى جمله من الشروط الخاصة بإيقاع العقوبات الحدية منها على سبيل المثال في عقوبة القذف:أن يكون المقذوف محصنا توفرت فيه شروط الإحصان وهي: العقل والحرية والإسلام والعفة من الزنا، وأن لا يأتي القاذف ببينة تؤكد قذفه... وفى عقوبة السرقة: ان يكون السارق مكلفا ، وأن يقصد فعل السرقة ، وألا يكون مضطرا إلى الأخذ ، وأن تنتفي الجزئية بينه وبين المسروق منه ، وألا تكون عنده شبهة في استحقاقه ما أخذ ..
ويكون المسروق منه :معلوما ، وأن تكون يده صحيحة على المال المسروق ، وأن يكون معصوم المال وان إلا أن يكون المال المسروق متقوما ، وأن يبلغ نصابا ، وأن يكون محرزا . وفى عقوبة قطع الطريق: الالتزام والتكليف ووجود السلاح معهم والبعد عن العمران والذكورة و المجاهرة ... وهكذا فان اى تطبيق للعقوبات الواردة في القانون الجنائي الاسلامى لا يستوفى شروط إيقاع هذه العقوبات العامة والخاصة يصبح غير شرعي.
موانع إيقاع العقوبة: كما حدد القانون الجنائي الاسلامى موانع إيقاع العقوبة، فتناول الأسباب التي تسوغ سقوط الحد،وقسمها إلى ثلاثة أنواع : الاول يتعلق بشروط تحقق العقاب، فإذا كان مرتكب الجريمة غير مسئول بان يكون مجنونا او معتوها او مكرها... لا يوجد عقاب. النوع الثاني ما يتعلق بالإثبات كالرجوع في الإقرار فان هذا يسقط الحد لذا قال الحنابلة: يسن إن كان ثبت ببينة، لأنه لا حاجة إلى تمكينه من الهرب ، ولا يسن أن يدور الناس حول المرجوم من كل جانب كالدائرة إن كان زناه ثبت بإقرار لاحتمال أن يهرب فيترك ولا يتمم عليه الحد . ، كذلك مضى زمن بين وقوع الجريمة وأداء الشهادة وذلك قول الحنفية... والنوع الثالث ما يتعلق باقامه الحد بعد توافر السبب وثبوت الشرط وقيام الإثبات الخالي من كل شبهه ، ومنه ترك التنفيذ مده وقد اختلف الفقهاء فيه، والعفو، وتمليك العين المسروقة بعد الحكم، ووقوع الجرم وقت الحرب (محمد أبو زهره ، الجريمة والعقوبة في الفقه الاسلامى، العقوبة ، دار الفكر العربي، ص317 )،كما أشار القانون الجنائي الاسلامى إلى الشبهات التي تسقط الحدود ،وقسمها إلى أربعه أقسام أصليه: الاول ما يتعلق بركن الجريمة، ويرجع إلى أربعه أقسام: شبهه الدليل وشبهه الملك وشبهه الحق وشبهه الصورة.والثاني يتعلق بالجهل النافي للقصد الجنائي في الارتكاب. والثالث يتعلق بالإثبات. والرابع يتعلق بتطبيق النصوص على الجزئيات والخفاء في تطبيق بعضها ( (محمد أبو زهره ، الجريمة والعقوبة في الفقه الاسلامى، العقوبة، دار الفكر العربي ،ص 200).
وهكذا فان اى تطبيق للعقوبات الواردة في القانون الجنائي الاسلامى لا تنتفي فيه موانع إيقاعها يصبح غير شرعي.
قاعدة درء الحدود: ومن القواعد الاساسيه، التي تضبط العقوبات الحدية في القانون الجنائي الاسلامى قاعدة درء الحدود ، ومن أدلتها : ما رواه ابن ماجه عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ادفعوا الحدود ما وجدتم لها مدفعا)، وحديث سفيان الثوري عن عاصم عن أبى وائل عن عبد الله بن مسعود قال ( ادرؤوا الحدود بالشبهات ، ادفعوا القتل عن المسلمين ما استطعتم )( رواه ابن حزم عن عمر موقوفا عليه ، قال الحافظ : وإسناده صحيح ).
.والحديث (ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم، فإن كان له مخرج فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة)(يقول الشوكانى في نيل الاوطار(حديث الباب وإن كان فيه مقال فقد شد من عضده ما ذكرناه فيصلح بعد ذلك للاحتجاج على مشروعية درء الحدود بالشبهات المحتملة لا مطلق الشبهة) وعن عمر ، قال : لأن أخطئ في الحدود بالشبهات ، أحب إلي من أن أقيمها بالشبهات (الراوي: إبراهيم النخعي - خلاصة الدرجة: إسناده صحيح - المحدث: السخاوي - المصدر: المقاصد الحسنة - الصفحة أو الرقم: 50).والدرء لغة الدَّفْع. دَرَأَهُ يَدْرَؤُهُ درءا ودَرْأَةً: دَفَعَهُ (لسان العرب)، أما اصطلاحا فهو دفع العقوبة الحدية، قدر الاستطاعة ،بمدفعها الشرعي.
أولا: على المستوى التشريعي: ومضمونه دفع العقوبة الحدية بمدفعها الشرعي على مستوى إصدار القانون .
تضييق دائرة العقوبة الحدية: ويتضمن درء الحدود على المستوى التشريعي عدم اعتبار النظام القانوني العقوبة المعينة عقوبة حديه ما لم يجمع عليها الفقهاء"و هو ما يدل على أنهم استندوا إلى نص يقيني الورود قطعي الدلالة" لان كل فعل يختلف فيه الفقهاء حلا و تحريما فان الاختلاف شبهه تسقط الحد ، يقول ابن قدامه في المغنى( ولا يجب الحد بالوطء في نكاح مختلف فيه... لان الاختلاف في اباحه الوطء فيه شبهه، والحدود تدرأ بالشبهات).وهنا تعتبر العقوبة المعينة عقوبة تعذير، مع استمرار توصيف الجريمة التي تستوجبها بأنها جريمة حديه(طبقا للدلالة التبعية الأولى لمصطلح حد) ،وتوصيف الفعل المنهي عنه بأنه حد(طبقا للدلالة الاصليه لمصطلح حد).
حد الحرابة: وعلى سبيل المثال فان النهى عن قطع الطريق(الحرابة) هو حد لأنه ورد النهى عنه في نص يقيني الورود قطعي الدلالة،يقول تعالى( إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (
)المائدة:33،(،وبالتالي فان فعل قطع الطريق هو جريمة حديه، أما عقوبة قطع الطريق فهي عقوبة تعذيريه لا عقوبة حديه بدليل اختلف الفقهاء في العقوبات الواردة في الايه : أهي على التخيير أم على التنويع : فذهب الشافعية والحنابلة والصاحبان من الحنفية إلى أن " أو " في الآية على ترتيب الأحكام ، وتوزيعها على ما يليق بها في الجنايات : فمن قتل وأخذ المال قتل وصلب ، ومن اقتصر على أخذ المال قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى . ومن أخاف الطريق ولم يقتل ولم يأخذ مالا نفي من الأرض. وقال قوم من السلف : إن الآية تدل على التخيير بين الجزاءات الأربعة ، فإذا خرجوا لقطع الطريق وقدر عليهم الإمام ، خير بين أن يجري عليهم أي هذه الأحكام إن رأى فيه المصلحة وإن لم يقتلوا ولم يأخذوا مالا (الموسوعة الفقهية الكويتية:18/175).
حد الردة: وكذلك النهى عن الردة هو حد ، لأنه ورد النهى عنه في نص يقيني الورود قطعي الدلالة، قال تعالى(وَمَن يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآَخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ)(البقرة: 217)، وبالتالي فان فعل الارتداد عن الدين هو جريمة حديه، أما عقوبة الارتداد عن الدين فيختلف توصيفها باختلاف قسميها: الردة المغلظة ،والردة المجردة، يقول ابن تيمية: (إن الردة على قسمين: ردة مجردة، وردة مغلظة شرع القتل على خصوصها، وكلتاهما قد قام الدليل على وجوب قتل صاحبها؛ والأدلة الدالة على سقوط القتل بالتوبة لا تعمّ القسمين، بل إنما تدل على القسم الأول (الـــــردة المجردة)، كما يظهر ذلك لمن تأمل الأدلة على قبول توبة المرتد، فيبقى القسم الـثـاني (الردة المغلظة) وقد قام الدليل على وجوب قتل صاحبه، ولم يأت نص ولا إجماع بسـقــــــوط القتل عنه، والقياس متعذر مع وجود الفرق الجلي، فانقطع الإلحاق؛ والذي يحقق هــذه الطريقة أنه لم يأت في كتاب ولا سنة ولا إجماع أن كل من ارتد بأي قول أو أي فعل كان فإنه يسقط عنه القتل إذا تاب بعد القدرة عليه، بل الكتاب والسنة والإجماع قد فرّق بين أنواع المرتدين) ( الصارم المسلول، 3/696(.).
القسم الاول:الردة المجردة: وهى مجرد الارتداد عن الدين دون ان يصاحب ذلك اى فعل، وأساس مشروعيه عقوبة الردة المجردة ان الكفر- و الردة احد أشكاله فهي كفر طارئ- و لو كان عقيدة مضمره لا يضر الله شيئا سبحانه وتعالى، ولكنه يضرّ صاحبه والمجتمع الذي ينتمي إليه، لأنه يجرّد صاحبه من صدق الالتزام في تعامله مع الآخرين بقواعد التعامل الاجتماعي بين الناس التي جاءت في القرآن والتي تسمّى جملة "الإسلام"( د. عصمت سيف الدولة: رسالة في الكفر والإيمان). وعقوبة الردة المجردة عقوبة تعزيزيه لا حديه، يقول الباجي أن الردة )معصية لم يتعلق بها حد ولا حق لمخلوق كسائر المعاصي((الباجي، المنتقى شرح الموطأ، جـ 5 ص 282 (ط القاهرة (1332ومن الادله على ذلك:
أولا: سقوطها بالتوبة، فقد اتفق جمهور الفقهاء على استتابه المرتد، وان اختلفوا في إمهاله بعد استتابته ومده الإمهال، فمذهب الحنابلة وعند الشافعي في ظهر الأقوال يجب استتابة المرتد في الحال ولا يمهل. ويرى مالك ان يمهل ثلاثة أيام، ويروى عن التابعي إبراهيم النخعي ان المرتد يستتاب أبدا، وقد رواه عنه سفيان الثوري وقال: "هذا الذي نأخذ به)" المصنف، جـ10 ص 166(،وقد فسر بعض العلماء قول النخعى بمعنى انه يرى ان لا يقتل المرتد يقول ابن حجر: ( وأخرج ابن أبي شيبة عن حفص عن عبيدة عن إبراهيم: لا يقتل. والأول أقوى فإن عبيدة ضعيف، وقد اختلف نقله عن إبراهيم)،كما فسره البعض بمعنى تكرار استتابه المرتد كلما تكررت منه يقول ابن حجر في فتح الباري وعن النخعي يستتاب أبداً كذا نقل عنه مطلقاً، والتحقيق أنه في من تكررت منه الردة). والعقوبة الحدية لا تسقط بالتوبة.
ثانيا: استثناء النساء هنا من عقوبة الردة ، فقد ذهب الحنفية أن المرتدة لا يجب قتلها لأن النبي – صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل النساء ولأن الأصل تأخير الجزاء إلى دار الاخره ، إذ تعجيلها يخل بمعنى ألابتلاء. وعما قيل عن أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم- قتل مرتدة، فقد قيل أنه عليه الصلاة والسلام لم يقتلها بمجرد الردة، بل لأنها كانت ساحره ، شاعره تهجو الرسول – صلى الله عليه وسلم – فأمر بقتلها لهذه ألأسباب. ولكن يجب حبسها أبدا حتى تسلم ، أو تموت.والعقوبة الحدية لا استثناء فيها.
القسم الثاني: الردة المغلظة: وهى الارتداد عن الدين المقترن بمحاوله تقويض النظام القانوني الاسلامى الذى تتوافر فيه الشرعية التكليفيه(اى كون هذا النظام القانوني اسلامى) والتكوينية(اى ان تكون السلطة فيه نائب ووكيل عن الجماعة لها حق تعيينها ومراقبتها وعزلها) بالقوة، ومن هذا التعريف يتضح لنا أساس مشروعيه عقوبتها ،وهذا القسم من أقسام الردة يقترن بالمحاربة ، ويتضح هذا الاقتران في اشتراط جمهور من الفقهاء المحاربة في الردة ، وفهمهم للأحاديث الواردة في الردة طبقا لهذا الشرط: فهم يرون أن النفر من عكل وعرينة في حديث المحاربين من عكل وعرينة، الذى رواه البخاري ومسلم وغيرهما لم يُقتلوا لمجرد الردة، وإنما قتلوا لكونهم محاربين يقول ابن تيمية: "هؤلاء قتلوا مع الردة، وأخذوا الأموال، فصاروا قطاع طريق، ومحاربين لله ورسوله") ) الصارم المسلول على شاتم الرسول، ط الهند 1322هـ، ص( 322...كما يرون ان مفارقه الجماعة فى الحديث "لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والمارق من الدين التارك للجماعة".يكون بالمحاربة يقول ابن تيمية: "فهذا المستثنى هو المذكور في قوله: التارك لدينه المفارق للجماعة. ولهذا وصفه بفراق الجماعة، وإنما يكون هذا بالمحاربة". (ابن تيمية، المرجع السابق، ص( 316..كما يرون ان الحديث الذي رواه البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما: "من بدل دينه فاقتلوه".مقصور على المرتد من الرجال دون من ترتد من النساء. وقد علل الحنفية ذلك بأن المرأة لا تقاتل، وبأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن قتل النساء، والنهي عام، فيجري على عمومه ليشمل المرتدة) المبسوط للسرخسي، جـ9 ص108-110. وعقوبة الردة المغلظة حديه،يدل على هذا ما قرره ابن تيميه في النص السابق بان العقوبة في هذا القسم من أقسام الردة لا تسقط بالتوبة .
بناءا على ما سيق فان تقرير د.العوا (أن عقوبة الردة عقوبة تعزيرية مفوضة إلى السلطة المختصة في الدولة الإسلامية، تقرر بشأنها ما تراه ملائما من أنواع العقاب ومقاديره. ويجوز أن تكون العقوبة التي تقررها الدولة الإسلامية للردة هي الإعدام) ( أ. د. محمد سليم العوا، عقوبة الردة تعزيرًا لا حدًّا )لا ينطبق إلا على الردة المجردة، ولا ينسحب على وصف الردة المغلظة .كما يجب ان يضاف له :ان النهى عن الردة هو حد ، لأنه ورد النهى عنه في نص يقيني الورود قطعي الدلالة،وان فعل الارتداد عن الدين بالتالي هو جريمة حديه.
التيسير:كما يتضمن درء الحدود على المستوى التشريعي اختيار الأيسر تطبيقا لقاعدة التيسير والتي دلت عليها جمله نصوص منه الحديث " ما خير الرسول (صلى الله عليه وسلم) بين أمرين إلا اختار أيسرهما: ومن أشكالها انه في حاله اختلاف الفقهاء في كيفيه تطبيق العقوبة الحدية يختار الكيفية الأيسر، فعلي سبيل المثال رغم اتفاق الفقهاء على عقوبة القطع في السرقة فقد اختلفوا في موضع القطع: فذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة وغيرهم إلى أن قطع اليد يكون من الكوع ، وهو مفصل الكف ، لأن « النبي صلى الله عليه وسلم قطع يد السارق من الكوع » ...وذهب بعض الفقهاء إلى أن موضع القطع من اليد: المنكب، لأن اليد اسم للعضو من أطراف الأصابع إلى المنكب.وذهب بعضهم إلى أن موضع القطع: مفاصل الأصابع التي تلي الكف.وموضع قطع الرجل هو مفصل الكعب من الساق ، فعل ذلك عمر رضي الله عنه ، وذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية وغيرهم ، وهو رواية عن أحمد ، والرواية الأخرى عنه أن موضع القطع : أصول أصابع الرجل وبهذا قال بعض الفقهاء ، لما روي من أن عليا رضي الله عنه كان يقطع من شطر القدم ، ويترك للسارق عقبه يمشي عليها (الموسوعة الفقهية الكويتية:25/344) ومن أشكالها اختيار العقوبة الأيسر في حاله توافر امكانيه الاختيار، كما في اختلاف الفقهاء في العقوبات الواردة في حد الحرابة هل هي وارده على الترتيب أم التخيير،كما سبق ذكره.
ثانيا: على المستوى القضائي : ومضمونه دفع العقوبة الحدية بمدفعها الشرعي على مستوى تطبيق القانون، وذلك بعدم تطبيق العقوبة الحدية على المتهم ما لم تتحقق في فعله كل شروط إيقاع العقوبة الحدية، و تنتفي عنه كل موانع إيقاعها ، فالمدفع الشرعي هنا له قسمان: الاول سلبي ، ويتضمن موانع إيقاع العقوبة، ويضم هذا القسم الشبهات التي أشار إليها قسم من النصوص السابقة، فقاعدة درء الحدود بالشبهات قررها اغلب الفقهاء يقول الإمام ابن المنذروأجمعوا على أنَّ درء الحد بالشبهات)، ويقول العز ابن عبد السلام ( الشبهات دارئة للحدود وهي ثلاثة : إحداهن في الفاعل وهو ظن حل الوطء إذا وطئ امرأة يظنها أنها زوجته أو مملوكته ؛ الثانية شبهة الموطوءة كوطء الشركاء الجارية المشتركة ، الثالثة في السبب المبيح للوطء كالنكاح المختلف في صحته) . وتطبيقا لهذه القاعدة على سبيل المثال لا الحصر ذهب جمهور الفقهاء - الحنفية والشافعية والحنابلة - إلى عدم ثبوت حد الزنى بظهور الحمل في امرأة لا زوج لها وأنكرت الزنى ، لجواز أن يكون من وطء شبهة أو إكراه، والحد يدرأ بالشبهة ،استنادا إلى ما روي عن سعيد أن امرأة رفعت إلى عمر ليس لها زوج وقد حملت ، وسألها عمر ، فقالت : إني امرأة ثقيلة الرأس وقع علي رجل وأنا نائمة ، فما استيقظت حتى نزع فدرأ عنها الحد ، وروي عن علي وابن عباس أنهما قالا : إذا كان في الحد " لعل " " وعسى " فهو معطل
.كما يضم هذا القسم ما قرره القانون الجنائي الاسلامى من الأسباب الشرعية التي تسوغ سقوط الحد،والتي قسمها الفقهاء إلى ثلاثة أنواع : الاول يتعلق بشروط تحقق العقاب، و النوع الثاني ما يتعلق بالإثبات ، والنوع الثالث ما يتعلق باقامه الحد بعد توافر السبب وثبوت الشرط وقيام الإثبات الخالي من كل شبهه كما سبق ذكره (محمد أبو زهره ، الجريمة والعقوبة في الفقه الاسلامى، العقوبة ، دار الفكر العربي، ص317 ). . والقسم الثاني ايجابي،ويتضمن شروط إيقاع العقوبة، ويضم هذا القسم الستر كما في قوله صلى الله عليه وسلم قوله (لو سترته بثيابك لكان خيرا لك)، كما يضم العفو كما في القصاص،وتوبة الجاني قبل ان يقدر عليه كما في الحرابة.
ان أساس مشروعيه قاعدة درء الحدود ما سبق ذكره من ان نظرية الجزاء في الإسلام لا تقوم على أساس بل هي ، مثل كل أحكام الإسلام ، قائمة على حماية المصالح وذلك بالزجر الكافي والمناسب للمحافظة على قوة الإلزام في القواعد الآمرة أو الناهية وهي " الحدود " .لذا فان التشدد في العقوبات الحدية المقصود منه الزجر والردع ،وهو ما يتحقق بأقل حد ممكن من التطبيق ، يقول المازري (صان الله الأموال. بإيجاب قطع سارقها. وخص السرقة. لقلة ما عداها بالنسبة إليها من الانتهاب والغضب. ولسهولة إقامة البينة على ما عدا السرقة، بخلافها. وشدد العقوبة فيها ليكون أبلغ في الزجر. (يقول ابن القيم) ومن المعلوم: أن عقوبة الجناة والمفسدين لا تتم إلا بمؤلم يردعهم. ويجعل الجاني نكالا وعظة لمن يريد أن يفعل مثل فعله.(ويقول ابن عبد السلام(من أمثلة الأفعال المشتملة على المصالح والمفاسد مع رجحان مصالحها على مفاسدها قطع يد السارق فإنه إفساد لها، ولكنه زاجر حافظ لجميع الأموال).وتطبيقا لهذه القاعدة تجد ان الفقهاء قد احتاطوا في تطبيق العقوبات الحدية ، فضيقوا دائرة الأفعال التي تنطبق فيها شروط الجريمة الحدية و تستوجب بالتالي عقوبة حديه إلى درجه جعلت الأفعال التي تنطبق فيها هذه الشروط فى حكم النادر. يقول الشيخ محمد أبو زهره( ان الأخذ بمبدأ الشبهة الدارئة للحد القصد منه هو ان تكون شريعة الحد قائمه، والتنفيذ القليل منها صالح لإنزال النكال بالمذنبين، او بعبارة أدق من يكون بصدد الوقوع في الجريمة) (الجريمة والعقوبة في الفقه الاسلامى، دار الفكر العربي، ص 200). وبناءا على ما سبق فانه لا وجه شبه بين قاعدة درء الحدود الشرعية، وتعطيل الحدود غير الشرعي، والذي مضمونه دفع العقوبة الحدية بدون مدفع شرعي،وذلك بعدم تطبيق العقوبات الحدية على المتهم الذى تحققت في فعله كل شروط إيقاع العقوبة الحدية، وانتفت عنه كل موانع إيقاعها (المستوى القضائي)،او عدم تحريم الأفعال التي تنطبق عليها شروط الجرائم الحدية، او اباحه الأفعال التي ورد النهى عنه بقاعدة ناهيه مصدرها نص يقيني الورود قطعي الدلالة(المستوى التشريعي) .
ضوابط تطبيق العقوبة: انطلاقا من أن أساس مشروعيه العقوبات الحدية في القانون الجنائي الاسلامى ليس الانتقام او التشفي من الجاني ، بل القصاص العادل منه ، وزجر غيره ، فقد وضع القانون الجنائي الإسلامي جمله من الضوابط لضمان اتساق تطبيق هذه العقوبات مع هذا الأساس. فقد اشترط فى عقوبة الجلد أن يكون الضرب بسوط لا عقدة له ، ويكون حجمه بين القضيب والعصا ، وأن يكون الضرب ضربا متوسطا ، فلا يبدي الضارب إبطه في رفع يده ، بحيث يظهر إبطه. وأن يفرق الجلد على بدنه خلا رأسه ، ووجهه وفرجه ، وصدره ، وبطنه ، وموضع القتل ، (الموسوعة الفقهية:18/163) ،كما اشترط في عقوبة القتل ان لا تكون مسبوقة بالتعذيب أو ملحوقه بالمثلة . (محمد قانصو، عقوبة الإعدام: رؤية إسلاميه). وباستقراء كلام الفقهاء في ما يتعلق بعقوبة الصلب في جريمة قطع الطريق يتبين اتفاقهم على أنه ليس المراد بصلب قاطع الطريق أن يحمل على الخشبة حيا ثم يترك عليها حتى يموت ، بل أن يحمل على الخشبة حيا ثم يقتل مصلوبا بطعنه بحربة ( أبو حنيفة ومالك والأوزاعي) او ان يقتل أولا ، ثم يصلب بعد قتله (الشافعي وأحمد ).
العقوبة بين النص والاجتهاد: والعقوبات في القانون الجنائى الاسلامى كما سبق ذكره تنقسم إلى قسمين : القسم الاول العقوبات المقدرة، وتتضمن العقوبات الحدية وعقوبات التعذير، والأصل في هذا القسم النص، ومضمونه ذات العقوبة التي وردت في النص اليقيني الورود القطعي الدلالة، والذي اجمع الفقهاء عليه. أما الفرع فهو الاجتهاد ،ومضمونه كيفيه تطبيق هذه العقوبة، والذي اختلف الفقهاء حوله :فعلى سبيل المثال اجمع الفقهاء على أن عقوبة السارق القطع ،ولكنهم اختلفوا في أمور تتعلق بمحل القطع ، ومقداره ، وكيفيته ، وتكرره ، مع تكرر السرقة ونحو ذلك .واتفق جمهور الفقهاء " الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة " على عدم إقامة حد السرقة إلا إذا بلغ المال المسروق نصابا. ولكنهم اختلفوا في تحديد مقدار النصاب، وفي وقت هذا التحديد، وفي أثر اختلاف المقومين لما يسرق، وفي وجوب علم السارق بقيمة المال المسروق.
واتفق الفقهاء على قتل من رفض أولياء القتيل العفو عنه قصاصا، لكنهم اختلفوا في اله القتل... والقسم الثاني العقوبات غير المقدرة وهى عقوبات التعزير، والأصل فيها الاجتهاد
ويتضمن اعتبار العقوبات التعزيريه التي وضعها الفقهاء نقطه بداية للاجتهاد في مجال العقوبات التعزيريه ،وليست نقطه نهاية له. ويتضمن هذا الاجتهاد لاستفادة من إسهامات المجتمعات المعاصرة بشرط عدم تناقضها مع القواعد – الأصول. أما الفرع هنا فهو النص والمقصود به تقيد العقوبات التعزيريه بقواعد ومبادىْ القانون الجنائى الاسلامى الثابتة بنصوص يقينية الورود قطعيه الدلالة. بناءا على هذا فننا نرى خطاْ مذهبين: الاول يلغى الاجتهاد في مجال العقوبات مطلقا. والثاني يقول بالاجتهاد المطلق في مجال العقوبات ، وهنا نشير إلى ما فهمه البعض من كلام الدكتور عصمت سيف الدولة عن العقوبات في الإسلام من انه يقول بالمذهب الأخير، حيث يقول في كتابه عن العروبة والإسلام( يكفي أن ننبه إلى أن نظرية الجزاء في الإسلام لا تقوم على أساس الانتقام ... بل هي ، مثل كل أحكام الإسلام ، قائمة على ما يحقق مصالح البشر ، أو حماية المصالح كما يقال في فقه القانون الجزائي ، وذلك بالزجر الكافي والمناسب اجتماعياً للمحافظة على قوة الإلزام في القواعد الآمرة أو الناهية وهي " الحدود " أي الفوارق بين الحلال والحرام ، وإن كان قد جرى إطلاق كلمة الحدود مجازاً على العقوبات . وإذا كان " لا اجتهاد في الحدود " فليس لأحد أن يبيح ما هو محرم فإن تقدير الجزاء الكافي والمناسب على خرق الحدود قابل للاجتهاد ، وفيما يؤكد نفاذ القواعد ويحمي المصالح فيكل الظروف المتغيرة . من هنا فليس دقيقاً فيما نرى، أن يقال إن عمر بن الخطاب قد عطل حدّ السرقة عام المجاعة. فما كان له أو لغيره أن يبيح ما حرّم الله. ولكنه رأى في ظروف معينّة أن جزاء قطع اليد لا يؤدي غايته في الزّجر وحماية المال . ويدخل في هذا كل ما اجتهد الأئمة في اشتراطه للمسؤولية عن الجرائم فهي شروط متعلقة بإيقاع الجزاء وليس بشرعية الفعل)غير إننا نؤول كلامه السابق بالاجتهاد في العقوبات غير المقدرة اى عقوبات التعزير، دون العقوبات المقدرة اى العقوبات الحدية وعقوبات القصاص بقرينتين: القرينة الأولى قوله في ذات الكتاب ( أما مجال الجرائم والعقوبات فقد كان النفاق أكثر فجرا، أراد المستعمر ان يوهموا الشعب بان قانون العقوبات الذى استعاروه من نابليون يمثل اراده ولى الأمر الشرعي، فيما هو مباح له شرعا من تحديد عقوبات التعذير ،على ما يقول بعض المجتهدين)( عن العروبة والإسلام ، ص 243 244) .والقرينة الثانية رفضه لما قرره على عبد الرازق في كتابه(الإسلام وأصول الحكم) من ( ان كل ما جاء به الإسلام من عقائد ومعاملات وآداب وعقوبات فإنما هو شرع ديني خالص) كما في قوله ( لقد قال الشيخ على عبد الرازق شططا واخطأ فيما قال على كل وجه ساند به مذهبه) (عن العروبة والإسلام، ص277) .
- للاطلاع على مقالات أخرى للدكتور صبري محمد خليل يمكن زيارة العنوان http://drsabrikhalil.wordpress.com) ) .