عبدالوهاب محمد الجبوري
(اليوم الأول)
تسلسل الدود إلى دقيق الدار
حتى دجاجتي التي وعدتني
بسمائنا وقناديلها
بعيوننا وبريقها
أن لا تخون ملحنا وزادنا
أشاحت بوجهها عني
خدعتني
بجناحها أسقطتني
ونسيتْ بيتا فيه قاسمتني
أحلامنا وجراحنا
(اليوم الثاني )
تسلسل الدود إلى دقيق الدار
حتى العفن المتوحش
بات يجترّ شهواته
يجثو عند الأبواب الموصدة
ينتظر مخاضا ته
فولد جرذا يتناسل في مركز المدار
( اليوم الثالث )
وقطتي التي كانت تهذي
حنينا غاب عنها
أطلت من نافذة الوطن المركون
فأطلقت أنيابها
عبر زوايا المجون
وراحت تصطاد بسنارتها بقايا الليل
وتحطب بفأسها رقابا تشجّرت
في وديان توحّشت ظلماتها
خلف صدور العناء
تئن رئاتها
( اليوم الرابع )
هناك في كل واد
في ظلمة من حداد
الكل فيها سواء
وعلى جسد زنبقة عذراء
خضبتها بدمي
يقيم الدود وليمته
يضاجع الجثث المشاعة
والنار تسري في رئتي
شهيقا وزفيرا من بقاياها
يرسم الدود وجها شقيا لمدينتي
لكن الأشباح ....
لن تتراقص في ثناياها !!!!!
( اليوم الخامس )
يا أيوب عذراً
إن تشظّى الصبرُ أو ترجّلْ
أنا رغيفُ خبز أعزلْ
شربت الدموع ولم أسألْ
حتى أخوتي الذين سفكوا دمي
عقروا خيلي في أوقات محنتها
وتقاسموا خرائبي
فتبعثر الصهيل في كل دربْ
ولم يبقَ سوى انهار عطشى
لا عشب يغني في شواطئها
وارض لا تنبت إلا أشواكاً
لا تثمر .. لا تزهر
وشموع تلهث بلا نور
وبقايا غبشٍ يتوثّبْ
( اليوم السادس )
هذا الخريف الموحش
فتح نوافذ أخرى نجهلها
غير القبور وغير الرماد
غير الدماء
غير القضبان والسياط
أسئلة روعتني نظراتها
أدمنت بريقها الأحمر
لكن مدينتي التي عقروها
أعادت الرياح تستكين في الشجرْ
وستعيد للسنابل الظماء دافق المطرْ
( اليوم السابع )
هكذا الدماء ..
في وسعها أن تعانق الجداول
في وسعها ...
أن تسوق النجوم مقيدة بالسلاسل
في وسعها ..
أن تحذر المرور بين طعنات ناتئة
مثلما في وسعها ..
أن تبحث عن كواكب تائهة
لم تطؤها سرفات أو قنابل
( اليوم الثامن )
أصغي لصوت تناثر فوق منابر الكلمات
يمطرني ويمضي
( وأنا الذي ما زلت ملتصقا بأرضي )
هذي دمائي روّضتْ زلزالي للصدى
افياء تمتار من جوعي وسغبي
ومن أعين مثقلات الهُدب بالنوبِ
فتحت كل الشبابيك الصدئات
فاشرأبّت قامات الشموع
أسفارا تنحت أضلعي
تُفجر الجرح بداخلي
صمت من جمر
صوت من نار
اكتبه على جبين الشمس والأقمار
أصونه كالحدقات في العيون
ألوذ به من السكون
حيث الريح تصهل بلا جدار
( اليوم التاسع )
بلادي ...
ثوب زفاف ممزق
وآهات عروس تشهق
تدري ...
أودعت دمها .. سر بكاء الطين
أودعت نبضها ….همس الأنين
في جسد امرأة ثكلى
صورة قبر يتلوّى
تقيم عليه حدادا احمرْ
ترقد على عينين من سفرْ
ليستريح الموت في افقه
يرقص القمح في دمه سنبله
وفي نبضها روح تلظّى سعيرها
فسالت جحيما يوم احمرّ خضابها
( اليوم العاشر )
الدماء صفحات من حكاية لا تنتهي
علمتني بعض محاسنها
كالارتواء من العطش !!
علمتني أن الأنهار قابلة للتراجع
مثلما المراكب تجري من الجنوب إلى الشمال
علمتني أن أشعل النار في الأغلال
أن أحمل الرايات الخضراء
أن أتحسس الأعداء
مثلما أشم البارود
لصيادين لم يتركوا عصفورة إلا أسقطوها
ولا رصاصة إلا من نافذة الصمت ارميها
أتراها تهزم الموت أم بالموت اطويها؟
( اليوم الحادي عشر )
هكذا الدماء علمتني
كيف تولّى الصيارفة كتابة الشجون
كي لا نكون إلا ملائكة عابثون !!
علمتني كيف يصرخ الليل
في مدينة كل من فيها يحاصرها
حتى جثثها أصبحت عثرات في شوارعها
فلا قريب يناصرها
أو غريب يسامرها
علمتني كيف الأشجار قابلة للاحتراق
في كل بيت ، في كل زقاق
(علمتني أن لا تابوت أجمل من سرير لا ينام )
ولا سيفا يشمّ رعدَ صهيل
إلا مضى نحو ضفاف الوعد
حقبا تجتاز طوفان الظلام
لا أفلاك تتزاحم في ميراثي
ولا ليلا يفرق في مداه سفائني
(علمتني أن لا اشتكي زمنا تجاهلني)
دائي عصيّ
لكني سأمضي إلى ليالٍ
بالوصل تغمرني
و ( تمضي الأيام ... )
أحلى الحكايات ..
تمرّ كل صباح في دروبي
حتى كأن بها سحرا يعلّقني
فلم انس يوما وما حولّت صاريتي
عن ليل اطويه على لهفٍ
ولا عصف ريح حولني
ما كان طرفي يأبى النوم
من سقم ٍ ...
أني معافى ولفحُ الشوق أرّقني