بلا عنوان
كانت تسير بسيارتها في طريق عودتها بعد انتهائها من العمل ببطء سلحفاة تصعد تلاً غير عابئة بأصوات أبواق السيارات التي انطلقت زاعقة تحثها على السير دون جدوى متلقية سباب ولعنات سائقيها .
لم العجلة ؟!!!
لقد قال لها في الصباح : لا تنتظريني على الغداء اليوم .
لم يكن بأمر غريب فهو دائم التخلف عن الغداء والعشاء ، لم يعد أمرا يشغله حضور الغداء منذ مدة .
طفليها لدى أمها ينعمان بعطلتهما بين الحقول والطبيعة التي لا زالت طيبة في الريف .
لم العجلة ؟!!!!!
لا شيء تعود لأجله .
غيرت قصة شعرها لم يعد ينسدل على كتفيها قصته صار بالكاد يصل منكبيها ، رفعت غُرتها فبان وجهها الصغير ، لم يلتفت أو يعلق حتى على طاقم النوم الجديد البرتقالي اللون ، لم يلفت نظره رغم أنه يكره هذا اللون .
أدوات زينتها ملقاة بإهمال على نضدها ، لم تعد في حاجة إليهم .
اليوم يوم ميلادها الثلاثين ، قبل خروجه مباشرة قَبَّل وجنتها سريعاً وقال : كل عام وأنت بخير .
قالت في نفسها : الحمد لله ، لم يتذكره العام الماضي .
لم يعطها فرصة ترد عليه تبادله قبلته ، انطلق خارجا ، سمعت صوت انغلاق الباب .
توقفت لدى محل العطور قابلتها صاحبته بالترحاب فهي تعرفها جيدا ، تلك السيدة التي يبدو على وجهها صولات الزمان وجولاته ، امتدت لها يدها بعطرها المفضل أخذته دفعت ثمنه ومضت .
كانت قد ابتاعت ملمع الفضيات لتعالج به انطفاء لون شمعداناتها الفضة ، فهي مغرمة بالشمعدانات ، ملأت بيتها بمختلف أشكالها وأحجامها ، اعتنت بهم جيدا تحسبا .
كانت لديها خططا لعيد مولدها ، عشاء فخما على ضوء شموع شمعداناتها ، موسيقى هادئة ، فستانها الأسود المرصع بالفصوص اللامعة ، وردة شعرها الحمراء ، مساحيق وجهها وطلاء شفاهها الأحمر القاني ، الأولاد لدى أمها .
وجدت نفسها أسفل بيتها ، ركنت سيارتها وصعدت ، أدارت مفتاح الشقة ودلفت للداخل واجهها الصمت ، تلفتت حولها لا شيء غير الصمت .
توجهت إلى حجرتها ، خلعت عنها ملابسها في غير تسرع ، ألقتها بإهمال على السرير ، ارتدت ملابسها المنزلية .
أخرجت زجاجة العطر الجديدة انطلق رذاذا العطر مننها على رقبتها ووجهها ، تسلل عبيره لداخلها أنعشها قليلا .
دخلت المطبخ أمسكت بإصبع موز التهمته وهي تنظر غير عابئة لأثار عشاء الأمس وإفطار اليوم ، تركت المطبخ .
ولجت غرفة المعيشة امتدت يدها لجهاز التسجيل كان به شريط ( أغدا ألقاك ) ألقته بعيدا وهي تبتسم ابتسامة ساخرة .
انطلقت الموسيقى من الجهاز ، موسيقى حالمة ناعمة ، ظلت ترقص وترقص رقصا منفردا رغم أن ذراعها تتخذ وضع وجود شريك أمامها .
في المساء أطفأت شمعتها الثلاثون ......................... وحدها .
رباب كساب
11/3/2007