عزف فلسطيني على وتر إسرائيلي
د. فايز أبو شمالة
قبل أن يوجه مركز "بديل" المركز الفلسطيني لمصادر حقوق المواطنة واللاجئين رسالته إلى أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بشأن مشروع استحقاق أيلول. كنت متهيباً من وصف "استحقاق أيلول" بالتناغم الفلسطيني الإسرائيلي الذي يتم من خلال التنسيق الأمني والسياسي بين طرفين بينهما شراكة في كافة الميادين. كنت حذراً، رغم أنني لم أصدق ما يروجه الإعلام الصهيوني ضد استحقاق أيلول، وظل تقديري أن الهجوم الصهيوني على التوجه الفلسطيني مسرحيه مكشوفة الأبعاد، ولاسيما أن منظمة التحرير الفلسطينية تمثل كل الفلسطينيين في الأمم المتحدة، وقرارات الأمم المتحدة تعترف للفلسطينيين بالأرض المحتلة سنة 1967، وقد تم الإعلان عن الدولة الفلسطينية سنة 1988، وحظيت باعتراف أكثر من مئة دولة! فما الجديد في مشروع استحقاق أيلول؟ أمران عززا لدين القناعة بتكذيب ما يجري من حملات لإعلامية: الأمر الأول: تواصل التنسيق الأمني بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي رغم توقف المفاوضات من زمن، ورغم تواصل التوسع الاستيطاني. الأمر الثاني: التعليمات الصريحة والمشددة التي أصدرها السيد عباس إلى كافة الأجهزة الأمنية بضبط الأوضاع في أيلوك، ومنع الاحتكاك والمصادمات والمواجهات والمسيرات التي تخل بالأمن، وتزعج الإسرائيليين عن مواصلة الاستيطان.فإذا أضيف أمر تأخر صرف رواتب الموظفين إلى ما سبق، يصير التأكيد على أن التوجه إلى الأمم المتحدة في أيلول يتم ضمن التناغم الأمني والسياسي الفلسطيني والإسرائيلي، وأنه يخدم مصالح إسرائيل الإستراتيجية، التي سيسهم التهويل الإعلامي في تمريرها بسهولة، وإظهارها إنجازاً فلسطينياً، وموقفاً بطولياً للسلطة يتوجب تبجيله.وسأقطف إليكم بعض ما جاء في مركز "بديل" والذي شجعني على ما سبق من تحليل:"إن مشروع التوجه إلى الأمم المتحدة لن يقود في أحسن حالاته إلى تغيير الواقع المعطى على الأرض، ولن يضيف شيئا إلى الأسانيد القانونية للحقوق الفلسطينية. فقانونيا؛ ستظل التغييرات المحدثة على الأرض المحتلة من قبل إسرائيل غير شرعية سواء اكتسبت فلسطين صفة دولة أم لم تكتسبها، وسواء دارت عجلة المفاوضات أو لم تدر. ويلخص مركز "بديل" في نهاية رسالته الآثار السلبية الجسيمة لاستحقاق أيلول بالتالي: أولا: المساس بشمولية ووحدة ووحدانية التمثيل القانوني- السياسي والشعبي الذي تتمتع فيه منظمة التحرير الفلسطينية حاليا باعتبارها حركة تحرر تمثل كل أبناء الشعب الفلسطيني بصرف النظر عن أماكن تواجدهم. إذ لا يجوز أن يمثل الشعب ذاته لدى الأمم المتحدة بأكثر من طرف.ثانيا: المساس بمفهوم الهوية الوطنية الفلسطينية الجامعة الذي تجسده م ت ف، وذلك لوجود احتمالية مستقبلية (سياسية وقانونية وعملية) تؤدي إلى ربط هوية الفلسطيني بالمواطنة الفعلية ضمن الحدود الجغرافية المعترف فيها للدولة. ثالثا: المساس بحق اللاجئين في العودة إلى الديار الأصلية من خلال قصر العودة إلى حدود الدولة المعترف فيها، خصوصاً؛ وأن تحديد العودة ضمن نطاق "الدولة" مشروع غربي إسرائيلي رافق كل جولات المفاوضات، ويتناقض جوهريا مع القرار الدولي (194).رابعا: المساس بشمولية حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني المعترف فيه لكل الشعب الفلسطيني في كافة أماكن تواجده؛ بينما الاعتراف بالدولة يقتصر حق تقرير المصير لمن يقيم فيها.