كتبها: مصطفى إنشاصي
تعليق:فيصل الملّوحيّ
شكرا من القلب لكاتب الموضوع وناقله، فقد أسهما إسهاما كبيرا في التحذير من خطر كبير،
ولكن، أتساءل في نفسي: هل يحق لي أن أتابع مشوارهما؟
المصائب التي تجرّها علينا هذه المصطلحات
أولاً: التفتيت
إياكم والانسياق وراء منهج التفتيت الذي افتتحه الاتحاديون، و من سار وراءهم،كنا وطنا واحدا، أملنا اليوم ( الأمل الصغير ) أن تكون لنا جامعة عربية فعلا
( بل ألا نتفتّت أكثر وأكثر ).شرّحونا، وتخاذلنا، بدّلوا جلدنا وأسماءنا،فاتبعناهم، فقلنا:
سورية (الشام)،وفلسطين(سنجق القدس إلى آخر القائمة...
نعمل- و نحن لا نشعر- لتفتيت أصغر وأصغر،ويقولون غزة، و ما غزة؟!
قد نقبل بالأمرالواقع المشؤوم اضطرارا فنقول: غزة من أعمال بيت المقدس و ماحوله.
حاش لله لن أدخل - كما عاهدت نفسي- في الانقسامات المخزية!!
يقولون: لن تخرج غزة من بين الأنقاض فقط، وإنما ستسود العالم- بإذن الله -.
بل واجبهم أن يقولوا: ( ونحن نقبل بالأمر الواقع المشؤوم مضطرين):
لن يخرج بيت المقدس وما حوله من بين الأنقاض فقط، وإنما سيسود العالم مع أشقّائه
في وطنه الكبير - بإذن الله -.
ثانياً: الضياع اللغويّ:
وهناك فرع آخر للموضوع وهو أننا نغرق في المصطلحات والتعبيرات المترجمة ( ولا أقول المعرّبة لأن للتعريب أًصولا لغوية )
المشكلة أننا نغرق في هذه الأبحاث فننسى لغتنا أونتساهل في أمرها فيكونون قد صادوا عصفورين بحجر واحد ( وربما عصافير ونحن لا أدري!! )
--------------------------------------------------------------------------------------------------
تأخذ المفهومات والمصطلحات حيزاً كبيراً في صراع الأمة مع الطرف الآخر: اليهودي ـ الغربي،
وقد بات ما يُعرف باسم "معركة المفهومات والمصطلحات"جزءً مهماً من معركة الطرف الآخر معنا،الذي باتت أهدافه وغاياته في وطننا واضحة المعالم، و لم يعد يُخفي نواياه في استهداف أغلى ما تملك الأمة وأثمنها: عقيدتها ودينها وقيمها ومكونات وجودها الأخرى. أضف إلى ذلك أن السواد الأعظم من أبناء وطننا المتأثرين بالفكر الغربي أو المتبنين للنهج الغربي في فروع الفكر والآداب والعلوم العمرانية الإنسانية جميعها بعد مرور حوالي قرنين لبدء حركة الترجمة للإنتاج الفكري الغربي في وطننا، مازالوا على موقفهم لم يعيدوا النظر في كثير من المصطلحات و المفهومات التي تُرجمت في مرحلة ترجمـــــــة خاطئة على الرغم من أنها أحدثت ومازالت تُحدث في الأوساط العلمية والأكاديمية والفكرية وعلى صعيد الأمة والفرد اختلافا واختلالا في حقيقة تلك المفهومات والتعاطي معها! وقد لفت نظري ما كتبه الأستاذ طارق العجماوي في حلقته الأولى من إضاءات فكرية عن خطأ استخدام مصطلح الشرق الأوسط وللفائدة ومزيد من التوضيح لصحة ما ذكر أنشر هذا القول : الجـذور التاريخـية لمصطلح ( الشرق الأوسط ( .
تُعرّف موسوعة السياسة، الشرق الأوسط بأنه:"مصطلح غربي( استعماري ) كثر استخدامه إبان الحرب العامّة الثانية و يشمل منطقة جغرافية تضم سورية ولبنان وفلسطين والأردن والعراق والخليج العربي ومصر وتركية وإيران، وتتوسع لتشمل أفغانستان وقبرص وليبيا أحياناً... وللمصطلح دلالة على مركزية أوروبة في العالم وهو شرق أوسط تبعاً لموقعها الجغرافي). وأول من استخدم مصطلح (الشرق الأوسط) عام١٩۰٢: الضابط البحري المؤرخ الأمريكي "ألفرد تيير ماهان" لتحديد المنطقــــــة الواقعة بين الهند وشبه الجزيرة العربية، عند مناقشته الخطّة البحرية البريطانية لمواجهة التحرك الروســـــــي في إيران، ومخطط ألمانية في إنشاء خط للسكك الحديديـــــــة – وقتذاك – يربط بين برلين و بغداد "العثمانية" من ناحيةأخرى، فشمل المصطلـح تركية وإيران وبلدان الخليج العربي.واستخدمته في الغرب منذ ظهوره مع مشارف القرن العشرين الدوائر الرسمية ووسائل الإعلام للدلالة على منطقة جغرافية محدّدة من العالم، تسكنها شعوب يربطها رباط الدين والعقيدة، مع تعدّدعناصرها القومية، وهو في الأصل اصطلاح سياسي أطلق على المنطقة العربية وما جاورها من بلدان مشرق الوطن الإسلامي. وقد شاع استخدامه في خطط الغرب للدلالة عليها، تجنباً لاستخدام مصطلح الشرق الإسلامي، أوالوطن العربي الإسلامي، كيــلا يستثير الروح الإسلاميـة في المنطقة ضد الغرب الصليبي، ولا تقوى النزعة الداعية إلى إقامة الجامعة الإسلامية آنذاك. أو كما يرى القوميون العرب، تجنباً لاستخدام مصطلح المنطقة العربيـــــة لمحاربة مفهوم القومية العربية ونزع صفة الوحدة عنها. وإذا كانت أمريكة أول من ابتدع هذا المصطلح ليكون له دلالة سياسية عسكرية، فإن بريطانية كانت أول من روج لهذا المصطلح إعلامياً. و كانت صحيفة "التايمز" البريطانية أول من نقل هذا التعبير الجغرافي الجديد، ثم استخدمته الحكومـة البريطانيــة رسمياً "عند قيام وينستون تشرشل في 1921، بعد الحرب العامّة الأولى، بإنشاء (إدارة الشرق الأوسط) في وزارة ( المستعمرات ) التي كان يتولاها لتدير شؤون فلسطين وشرق الأردن والعراق، ثمّ ما لبثت أن امتد سلطانها إلى مصر". وفي أثناء الحرب العامّة الثانية وسّع الحلفاء حدود مصطلح ( الشرق الأوسط ) ليضم "مجموعة البلدان الواقعــة غرب الهندفي آسية ومنطقة شمال إفريقية، حتى أصبح في الختام عنواناًعلى كل البلدان العربية وتركية وإيران، ثم رقعة الدول المجاورة لها. و كان المصطلح يتسع أويضيق حسب الظروف. ثمّ اختتم بضم إثيوبية "الحبشــة"لها، وأصبح في أثناء الحرب العامّة الثانية وبعدها يستخدم للفصل بين مناطق النفوذ والأطماع والعمليات العسكرية، بين الدول الحليفة، فالشرق الأقصى كان منطقـــــــــــــة التحركات الأمريكية ومخطّطاتها، وأمّا (الشرق الأوسط) فكان منطقة التحركات البريطانية– الفرنسية ومخطّطاتها. وقد ظلت هذه الحدود الجغرافية لـــــ(الشرق الأوسط) شبه ثابتة في سياسة الغرب والعالم فترة الحرب الباردة، وصراع الولايات المتحدة مع الاتحاد السوفيتي. وإن ظل الغرب بعامة يسعى والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيةبخاصّةإلى تغيير نسيج المنطقة وتكوينها العرقي القائم منذ آلاف السنين بغرس كيان العدو الصهيوني بالسلب والاغتصاب في قلب الأمة والوطــن ليصبح جزءا أصيلاً من نسيج المنطقةبعــد الحــرب البــاردة.
لكن أمريكة بعد:
- تفكك الاتحاد السوفيتي وخروجها منتصرة من الحرب الباردة معه
- و حرب الخليج الثانية،
- و نجاحها في جمع أطراف ( الشرق الأوسط ) المتصارعة على مائدة المفاوضات فيما سُمِّي مؤتمــــــر "مدريد للسلام" عام ١٩٩١،
- و نجاح العدو الصهيوني في فرض مشروعه لما يدعيه " السلام" على منظمة التحرير الفلسطينيــــــة وتوقيع اتفاقية أوسلو،
تمكنت من تشكيل تحالف دولي عسكري– سياســــي لردع العراق، وفرض الهيمنة الغربية المطلقة على (الشرق الأوسط )عام ١٩٩٣، وولد وضع جديد يمثل في نظر المخطط الأمريكي تهديداً لمخطّطات الغرب الأمنية –في المنطقة ( نفط الخليج وأمن كيان العدو الصهيوني ). ويتمثل هذا الخطر في:
- استقلال الجمهوريات الإسلامية الست"جمهوريات آسية الوسطى"التي كانت سابقاً جزءًاً من الاتحاد السوفيتي ، ومنها جمهوريتان تحتويان على قدر كبير من النفط والغاز الطبيعي،
- والخوف من انتقال الإسلام "المتشدّد" إليها وتهديد مخطّطات الغرب وأمريكة الأمنية – في المنطقة ، فتقرير المخطّطات الأمريكي الصادر في أيار1995يحذر(من خطورة تأثير بعض أنظمةالشرق الأوسط) على ثماني جمهوريات استقلـــــــــــت عن الاتحاد السوفيتي سابقاً لارتباطاتها التاريخية والثقافية القوية بــ(الشرق الأوسط). ويحذربخاصة من إمكانية حدوث اضطرابات في حالة تصديـر الإسلام(المتشدّد) على الطريقة الإيرانية إلى جمهوريات القوقاز وآسية الوسطى. ويرى أن ذلك قد يؤثر على الجهود الإصلاحية في تلك الجمهوريات ويعقّد علاقاتها بروسية. ويقترح التقرير ضرورة أن تتضمن أي سياسة أمريكيــــــة الحفاظ على استقلال هذه الجمهوريات.
ولما كان التغيير الشامل جارياً في منطقة (الشرق الأوسط)، كان لا بد من إعادة صياغة مصطلح (الشرق الأوسط) وتحديده جغرافيا وسياسياً واقتصادياً وأمنياً وفق هذه التغييرات والتوجهات الجديدة و المصالح الأمريكية التي تحاول الانفرا دبقيادة النظام العالمي الجديد،تمهيداً لتنفيذ(مشروع الشـرق الأوسط الجديد) في المنطقة، الذي اقترحه وزير خارجية العدو الصهيوني بعد توقيع اتفاق أوسلو خدمـــة لمصالح الغرب والعدو الصهيوني. فظهرت مفهومات جديدة لمصطلح ( الشرق الأوسط )، سنعرض لبعضها مع التحليل.
يرى "يوسف صايغ" أن الرؤية اليهودية لـ(الشرق الأوسط) تستمد من جذور تاريخية توراتية، حددت الأرض من الفرات إلى النيل ميراثاً للشعب اليهودي، ويقول: "تمتد تاريخية المنظور ( ونحن نغفل شمال أفريقية من البحث) في نطاق الحركة الصهيونية ودولة (إسرائيل) من هذه الجذور التاريخية إلى تجسيد المنظورصراحة بعد حرب حزيران ١٩٦٧بكتاب رسمي أصدرته(إسرائيل) بعنوان ( الشرق الأوسط عام ٢۰۰۰). ويستطرد قائلاً :"يمكن ملاحظة ضبابية مفهوم( الشرق الأوسط ) مقابل مفهوم الوطن العربي أو المنطقة العربية. فالأول تعبير جغرافي عائم لمّا تتضح حدوده ، فهو يستثني الأقطار العربية في شمال أفريقيـــــة، لكنه يضم بعض الأقطارالعربية من مصر والسودان والصومال غرباً، والعراق شرقاً، واليمن جنوباً، وإلى ذلك المدى، فهو يجزئ المنطقة العربية الواحدة بعملية افترائية تعسفية متعمدة.. فالمصطلح يضم مع البلدان العربية المشرقيــــــــة و(إسرائيل) القائمة على تراب بيت المقدس وما حوله بالاغتصاب والاقتلاع والسلب، كلاً من قبرص وتركية وإيران .. وهي غير عربية– رغم أن البيان الختامي لقمة الدار البيضاء لا يذكر البلدان الثالثة الأخيرة بالاسم. ثم إن بعضهم يوسع المنظور ليشمل أفغانستان كذلك، مع إمكانية امتداده شرقاً من أفغانستان وشمالاً من تركية. فالمنظورلا يعدو أن يكون تعبيراًعن بقعة جغرافية غير ثابتة الحدود ..وأخيراً ففي الأحوال جميعا يشمل المنظور( إسرائيل ) – بل هي كما يقول مسؤولوها هي قلب(الشرق الأوسط)وتلتقي فيها معظم المشروعات والبرامج المنشورة في نطاق)الشرق الأوسط)– وهو قول جاء في خطاب الوزير الصهيوني بيريز في قمة الدار البيضاء". أما (شيمون بيريز) في كتابه (الشرق الأوسط الجديد) يحدد مصوّر(الشرق الأوسط) من حدود مصر الغربيةإلى حدود باكستان الشرقية ومن تركية وجمهوريات آسية الوسطى الإسلامية شمالاً حتى المحيط الهندي وشمال السودان جنوبــــــاً، وهي منطقة تجمع دولاً عربيـــــــــة وإسلامية ولا يخرج من هاتين الدائرتين ( العربيّة والإسلام ) سوى (إسرائيل)". أما "لطفي الخولي" فيخرج ( الشرق الأوسط ) من نطاقــه المألوف، ويضم إليه أجزاء من جنوب أوربة، اعتماداًعلى مبادرة"جاني ديميكيليس"وزير خارجية إيطاليةفي أثناء أزمة الخليج وحربها عام ١٩٩١ التي عبر عنها أكثرمن مرة، ولقيت تجاوباً ملموساً من اليونان وأسبانية، ونعني بها عبارته بشأن إقامة مجلس التعاون والأمن بين كلّ بلدان حوض البحــــر الأبيض المتوسط**، على غرار مجلس التعاون الأمني الأوروبي، الذي تحكمه اتفاقية هلسنكي التي عقدت عام ١٩٧٥. و تخرج هذه المبـــــادرة ( الشرق الأوسط) عن صورته المتعارف عليها: الدول العربية وإيران وتركية و(إسرائيل) وأثيوبيـــــــة، لتتسع مساحته الجغرافية وتضم دولاً أوروبية متوسطيــــة (اليونان، إيطالية، أسبانية، البرتغال، قبرص، مالطا )، ويستثني فرنسة، وينقل خط حدود (الشرق الأوسط) إلى شمال البحر المتوسط وجنوب أوروبة.
المسألة الشرقية:
يمكننا القول بكل يقين: إن مصطلح)الشرق الأوسط) سواءضاقت مساحته الجغرافية أواتسعت، فإنه يعني في المفهوم الغربي: الوطن الإسلامي. الذي يمثل مناطق نفوذ الدول الغربية المتنافسة للسيطرة عليه وعلى ثرواته، المتفقة فيما بينها على أن عقيدة شعوبه المتنوعة الأعراق والأجناس هي العدو الأوّل للغرب وأطماعه، والبديل الحضاري عن نموذجه الحضاري الذي يحاول فرضه على العالم تحت مسميات عدة، أبرزها: العولمة. وكما كان الغرب يستخدم مصطلح ( المسألة الشرقية ) قبله للدلالة على أطماعه في ممتلكات الولايات الإسلامية العثمانية، فهو يستخدمه اليوم للمعنى نفسه في الوطن كله. فقد وجه أحد النواب في مجلس العموم البريطاني سؤالا للحكومة عن البلاد التي تدخل ضمن مصطلح(الشرق الأدنى)؛ فأجابه وكيل وزارة الخارجية آنذاك قائلاً: "إن تعبير(الشرق الأدنى)الذي لازم السلطنة العثمانية يعد ّالآن في بريطانية العظمى مما فات أوانه في اللسان الرسمي، ويستعاض عنه الآن بتعبير (الشـــــرق الأوسط). و تشمل مجموعة البلاد التي يشار إليها بهذا التعبير: مصر، العراق، سورية، لبنان، (إسرائيل) العربية السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، قطر، مسقط، محمية عدن واليمن. أي ما يعرف بالوطن العربي مع اقتطاع المغرب العربي الكبير منه، ومع إضافة (إسرائيل) بديلاً عن بيت المقدس وما حوله
يمكن من المفهومات السابقة استخلاص بعض الملحوظات:
١- أن العدو الصهيوني جزء أساس من المنطقة التي يسميها الغرب(الشرق الأوسط)في كل مفهوماته. ٢- أن الوطن الإسلامي في مفهوماته المختلفة فيما يسمى (الشرق الأوسط) يقطعونه مرة بفصل شمال أفريقية المسلم منه، ومرة بضمه وفصل الشرق الإسلامي عنه، كما في مبادرة ديميكيليس.
٣- أن مصطلح ( الشرق الأوسط ) أُطلق بداية على بعض الدول العربية والإسلامية التي يمكن أن تشكل وحدة سياسية ذات تجانس ثقافي حضاري، حتى بعد أن ضمت إليها أثيوبية وقبرص،
فالأولى ذات كثرة مسلمة عربية الأصول عرقياً، وإذا دُعم الوجود الإسلامـــي المقهور فيها يمكن لها أن تأخذ مكانها الطبيعي جزءاً من الأمة والوطن.
والثانية، كانت تاريخياً جزءاًمن الأراضي الإسلامية،وفيهاعدد كبيرمن المسلمين الأتراك يقارب النصف، ويمكن لها بحكم موقعها وتاريخها الانسجام إلى حد كبير مع بقية أجزاء الوطن. أمّا وقد ضُــــم إليه العدو الصهيوني أخيراً– نظرياً – تمهيداً لضمه فعلياً. ودمجه في نسيج دول ما سيكون (الشرق أوسط الجديد)، أو(النظام الإقليمي الجديد) للمنطقة، فإن المنطقة لا يمكن لها أن تشكّل وحدة سياسية متجانسة تاريخيـــا و فكريا و ثقافيا و حضاريا، ولا حتى عرقيا، لأن العدو الصهيوني يتناقض تناقضاً جذرياً فكراً وحضارة مع شعوب المنطقة، ويختلف عنها في أهدافه وغاياته جذرياً أيضاً، بالإضافة إلى أنه يقوم في قلب الأمة والوطن على حساب حقوق جماهير بيت المقدس بعد أن اغتصب أرضهم، وشردهم منها، ولا زال يصر على حرمانهم من أبسط حقوقهم.
4 ـ أياً كانت حدود (الشرق الأوسط) الجغرافية فإن الوطن العربي وبخاصة مشرقــــــه يشكّل قلب هذا (الشرق الأوسط) وشريانه النابض، والجسر الأرضي الذي يربط شرقــه بغربه، وشماله بجنوبه. ولأن المصطلح ليس له ما يسوّغه في التاريخ، ولم نسمع بأي حركة أنها نادت بوحدة (.الشرق الأوسط) يوماً في التاريخ العربي والإسلامي***، لذلك يفضل عدم استخدام هذا المصطلح في وسائل إعلامـــنا العربي والإسلامي، أو على ألسنة السياسيين والمثقفين وغيرهم، واستخدام مصطلح يعبر عن حقيقــــــــة هوية المنطقة، وما يجمع بين شعوبها من عناصر ومكونات دينية وحضارية، بالإضافة إلى الموقع الجغرافي، والخطر اليهودي – الغربي الذي يتهدد مكونات وجودها العقدية والحضارية. لذلك سأستخدم مصطلــــــح "الوطن " أو "الوطن العربي والإسلامي" للدلالة على ما يسمونه "الشرق الأوسط" لعله يكون بدايـــة لتقويم المقلــــــــــــــوب، والعودة إلى الذات وإدراك الأبعاد والمخاطر التي يسببها الاستمرار في استخدام مصطلحات الغرب المنطوية على أبعاد خطيرة على الأمة والوطن دون الانتباه إليها.
*هذا جزء من بحث بعنوان: (الشرق الأوسط الموسع وشمال إفريقيا) منشور في مجلة شؤون العصر العدد (١٥( السنة الثامنة، نيسان -- حزيران ٢۰۰٤.
** تمتد جذورهذه الدعوة إلى عشرينات القرن الماضي حيث أطلقت في أوربة وبخاصة فرنسة، وتلقفتها أقلام متغربة في وطننا ودعت إليها وحاولت ترويجها وتنفيذها لفصل أجزاء من الأمة والوطن عن الأمـة والوطن، وتلحقها بالغرب من خلال تشكيل تكتل إقليمي جديد بعد سقوط الخلافــــة الإسلامية العثمانية في إسطنبول عام ١٩٢٤، وتقطع الطريق على أصوات وطنية كانت آنذاك تدعو لإعادة جمع شمـل المسلمين في خلافة جديدة، وقد كان من أشهر منظري هذه الفكرة في ذلك الوقت ( طه حسين )، وقد أخفقــــت هذه الدعوة في حينها.
*** غيرأن هذه الدعوة التي انطلقت بعد حرب الخليج الثانية في مؤتمر مدريد وسمّيت "السلام" عام ١٩٩١، و كان صاحبها الرئيس الأمريكي(جورج بوش الأب)،وتلقفتها أقلام مأجورة مهزومة في وطننا، وبدأت الترويج لها، كانت تهدف إلى دمج كيان العدو الصهيوني في مجموع أقطار الوطن ليكون عضوا فاعلاً مركزياً.