القمم ليست لحرف الدال
د. ريمه عبد الإله الخاني

مازالت جمل الأديب الراحل عدنان كنفاني ترن في أذني حيث كان يسخر ممن جهد لاهثا ليقرن اسمه بحرف الدال، دكتور فلان وعلان..
-معظم عللنا من حرف الدال...فبعد الدال لابحث ولا تجديد معلومات! ،ولاحتى سلوك صادق مستقيم.
ولايصلنا نصيبنا من معارف هؤلاء، سوى نتفا لاتسمن ولاتغني من جوع، حتى ولاتسهم في الإضافة للمكتبة العربية إلا قليلا...فهل هي الوظيفة؟ أم المكانة أم هناك شيئ آخر..قلة قليلة من يحملون الدال وعمق المعرفة وهم قسمان: قسم معروف وقسم غير معروف، وكلاهما ساهم في إغناء المكتبة العربية بطريقته ومضى.
فإن كانت شهادتي والحمد لله لم تسعفني بالالحتاق بأي وظيفة كانت ، فهي ميزة أحسد نفسي عليها، ذلك بأن من تحدث عن صدقة العلم وعلم ينتفع المرء به، بقيت شاهدة عليه تنتظره ماذا يفعل بها.
تتوالد المجموعات الثقافية عبر وسائل الاتصال، عارضة مالديها من بضاعة معماه في بعض الأحيانن لاتدري خلفيتها الحقيقة ولا مكاسبها الضمنية، فلاأحد يعمل مجانا أبدا، مؤكد هناك مردود بطريقة ما.
وأعترف كما قالها لي من تابعني، بأن جديتي المفرطة تؤرقني تزعجني ولامناص منها فلكل هوية، فقد أصبت بمرض والدي رحمه الله التائق للمعرفة، وكان ماكان.. لقد اعتزال العالم في نهاية عمره، لأنه لم يجد من يفهمه، فهل وجدت بدوري؟....بوجود الأوبئة النفسية كما أطلق عليها، والتي تسبب الفزع والهلع المصنعين، ورغم وجود البلاء المرضي كالكورونات، فإن الانترنيت يثبت من جديد أنه الملاذ الأشهى للناس، والفضاء الأرحب، رغم كل مانعرف من تلك المنصات المفتوحة للجميع، بكل غثها وسمينها، وبكل خلفيتها المراقبة، ومهما كان من أمر، فسوف يكون لكل حيز من هذا الفضاء يسرح فيه.قلتها قديما من على صفحتي الفيسبوكسة
-*عزيزاتي المثقفات والمثقفين*:
عندي �� فكرة، أتمنى سماع رأيكم فيها:
قضية المثقفين الكبار الذين يستحقون الشهادات الكبيرة..ولم يحصلوا عليها لسبب ما ، والعكس صحيح وبينهما فئة وصلت بجهدها وتستحق وتعمل .متى نصل لمرحلة متقدمة من تقدير للجهود الاستثنائية غير الاكاديمية وكيف ؟، كما تفعل غوغل وميكروسوفت في جذب الهاكر وخلافه واستصلاحه للعمل البرمجي مثلا؟.هل مازال الوقت مبكرا؟
بعضهم كتب خجلا أنه ليس هناك دعما للإبداع ولا للمواهب وكلها واجهات لاتسمن ولاتغني من جوع، وحذفوا ردهم بهد ذلك، ومنهم من رد خارج الصفحة، أن لاتحلمي، فالأمور الرسمية عالميا، مازالت هي المعترف بها عموما، فرددت على نفسي حينها:

تعتبر مصر سباقة إلى ذلك حيث حدثت مرة في رحاب الأزهر أرفق النص مجتزأ من مقال الدكتور محمد جاد الزغبي مع الرابط الأصلنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي......فكما روى ذات مرة الأستاذ الدكتور على جمعه أستاذ أصول الفقه بجامعة الأزهر ومفتى مصر الحالى أنهم كانوا يدرسون كتاب " المغنى فى الفقه ـ لابن قدامه " فى حوالى ثلاثين عاما ولا يشبعون من السؤال فيه حتى أن جيلا من تلاميذ الأزهريين كان معاصرا لشيخ الجامع الأزهر الإمام محمد مصطفي المراغي رائد التنوير المعروف .. صدر قراره بشأن هذا الجيل بأن يحملوا جميعا شهادة الدكتوراه غصبا بعد اختبارهم لأنهم أصروا على أن يمكثوا مزيدا من الوقت فى رحاب الأزهر تلامذة وفقط بالرغم من أن بعضهم جاوز الأربعين عاما يتعلم فى رحاب الأزهر ولم ير فى نفسه القدرة على الجلوس بموضع التدريس أو الفتيا)
استعراض للردود المهمة بين واتس وفيس:
-إن الثقافة لاتقاس بالدرجات العلمية الأكاديمية فالشهادات التقديرية أهم بكثير من الأكاديمية النظرية لانها تمت إلى الواقع والتجربة الميدانية بصورة كبيرة وكذلك هناك من لا يستحقون الشهادات الأكاديمية نظرا لتقاعسهم وجهلهم بالعديد من القضايا الواقعية الحساسة.
-كل جامعات العالم يوجد برنامج او كورس يلتزم فيه الطلاب فينال الشهادة ،وقسم ليس بالقليل من العار أن يحمل شهادة ،فلا يمكن نزعها منه ،فالشهادة قد ترفع الانسان لكنها لا تقيمه،أما من يستحقها ولم ينلها بسبب ظروف منعته فذلك علمه يشهد عليه وبالإضافة وهي الأهم يكسب احترام الناس ومحبتهم له.
أما عن الجهود الاستثنائية فإنها تحتاج وعي علمي، بعض الجامعات تمنحها لبعض أصحاب رؤوس الأموال والتي لم يستفيد منها الا الاسم، أليس من وحي مكانتها العلمية ورسالتها أن تكون لمن يستحقها؟؟
-نعم أذا كان يعتمد على الشهادة للوظيفة فهي مطلوبة منه أما اذا كان لايريدها لأن لديه عمل آخر فهذا هو المثقف الذي يسعى لتنمية فكره ومجتمعه وصياغة الروح العلمية التطبيقية الحقيقية..
-وهذا الذي يحدث حولنا حقيقة.. نجد متفوهين وعميقي الفكر ،نعجب أنهم لايحملون شهادات.. إذن ليست بمقياس، إلا اشتغل الإنسان على نفسه فارتقى بها.ويبقى السؤال :أليست تلك طاقة مهدورة؟
-الطاقات مهدورة لانها غير مجتمعة في كيان راقي يحمل الأفكار والرؤى والخطط لبناء المجتمع الفاضل الذي ننشده جميعا وسط التدهور الحاصل في مجتمعنا العربي.
-يمكن اﻹستفادة من الطاقات المهدورة من خلال الجامعات أو المراكز البحثية المعتمدة لدى الدول .أو المنظمات الخاصة ولابد من تضافر الحهود.
-بالإمكان إنشاء مجموعات عبر شبكة الإنترنت.. تعنى بإبراز جوانب من حياة هؤلاء العظماء وتسليط الضوء على جهودهم ومؤلفاتهم وكل ما يتعلق بهم كي تساهم بتبيين حقوقهم المهدورة..
-ولكن يبقى ذلك في إطار محدود فالتفاعل يكون بالعمل الواقعي ففي كل يوم هناك واقع جديد يفرض نفسه ويختلف عن النظريات السابقة نحن بحاجة الى تجديد للنظريات والأفكار انطلاقًا من الأفكار السابقة.

مايدهشني فعلا في المجموعات الثفافية عبر مواقع التواصل، أن هناك قلة قليلة ممن يحملون حرف الدال، يقدمون مايناسب مكانتهم الفكرية، مما يبرز كثيرا من نماذج جامعية ومعرفية غير أكاديمية تقدم مالا يقدمه هؤلاء، شخصيا أعتبرها ثقافة مجتمع تنقسم إلى عدة أقسام:
1-حاملي فكرة الشهادة للعمل فقط.
2-الدراسة عبء وهم.
3-الدراسات الجامعية لاتؤتي أكلها، ويبقى العمل التجاري هو الأهم ولو على أكتاف الشهادات.
ويبقى كل يعبر عن نفسه، وعن ثقافته، فالمعرفة وعمق الفكر لاعلاقة له بعالم الشهادات الذي لايمكن العمل إلا به وبقيود صعبة جدا.وليسر صاحب الفكر في طريق رزقه، وليعبر عن عطائه اللامحدود لعالم أجمل.
الخميس 26-3-2020