بقلم الكاتب: فهمي شرابابتلي الشعب الفلسطيني بخلافات بينية لا تفضي إلا إلى ما أفضت اليه حروب "ملوك الطوائف" وخسارة كل الأندلس، فقد ابتلي الفلسطينيون بعقليات قيادية رجعية، تتوهم أنها صنعت تاريخ مجيد، بيدها مقاليد الأمور و لا ترى أي حل إلا من خلالها.. بكلمات بسيطة ومباشرة، إن المعطل الحقيقي للمصالحة هي جيوب متنفذة في كل حزب، تخشى تلك الجيوب أو القطط السمان على مستقبل أطفالها (المستثمرين الكبار)، أو أن يتم ملاحقتهم قانونيا بعد أن يتركوا الحكم. هذا جانب تحليلي بسيط من طبيعة أزمة الانقسام وأسباب استمراره. هذا النظام السياسي القائم على مفهوم الأبوية يجعل الشعب عبارة عن " قطيع أغنام" أو "روضة أطفال" في أحسن تعبير، أي يلغي الإرادة الشعبية ويتجاوز الرأي العام والطموح الشعبي. فبعض قيادات حماس الميدانية والمسئولة عن العلاقات الخارجية تتقمص دور الكاتب والمنظر وتطرح إشكاليات ومجموعة أزمات -داخل محراب مقالاتها- متذمرة من الواقع السيئ، (مثلها مثل أي مواطن عادي) ، ونسيت أنها أنيطت بها دور تغيير الواقع للأحسن بشكل عملي.السلطة الفلسطينية تشارك بعض دول الغربية وإسرائيل حصار قطاع غزة، وتقاتل كل فترة من اجل فرض ضريبة "البلو" على سكان قطاع غزة المحاصر. و بات شكل الواقع هو إما انتظار حرب وتصريحات نارية ورسائل للعدو وللداخل أو استجداء عمليات اعمار أو ترقب تغير دراماتيكي على الصعيد العربي والإقليمي، وانتظار هبوب رياح ثورات جديدة قد لا تأتي قريبا! ماذا ينتظر الفلسطينيون؟ وعلى ماذا تراهن القيادات؟تراهن السلطة على إسقاط حماس، أو استسلامها وتسليمها كل شيء، على مبدأ الإقصاء التام والإزاحة والاستبدال، وهذا لا يمكن تحقيقه تماما بناء على دراسة موضوعية حول حركة حماس من الداخل وأجهزتها الأمنية وتحصن جيشها الجيد، حتى لو تعرضت لاغتيال بعض الشخصيات، فأي حرب لن تنال من المقدرات الأمنية والعسكرية الحمساوية بل ستنال من المجتمع والمدنيين كما حصل عام 2014، إضافة إلى علاقاتها بالخارج ودعم الشعوب الإسلامية الحرة لها، وكثير من الجوانب الخاصة بحماس ومؤسساتها، ليس هنا مستعرض تفصيلها، وأيضا لا يمكن أن تسقط لان حركة فتح والسلطة على حالها، ولم تكتف بشعار "مكانك سر" بل تدحرجت وهوت إلى درجة "للخلف در" فما أشبه اليوم بالبارحة، وما أشبه سقوط حركة فتح في انتخابات 2006 وسقوطها في انتخابات بير زيت 2016! وبدل ان تتصالح مع حماس، انشطرت وانقسمت حركة فتح على نفسها قسمين أو جسدين، وخرج الى العلن ما يسمى (تيار فتح الإصلاحي) يقوده دحلان المليونير. ويظهر الخلاف الذي يصل للاشتباك بالأيدي وإطلاق النار في كل مناسبة او احتفالية بين الفتحاويين وآخرها (الطوشة في بيت عبد الله ابو سمهدانة) على من سيمثل فتح! فتح الرئيس أم فتح دحلان؟؟اعترى بعض مؤسسات حماس بعض مظاهر الفساد ولكن بماذا تتفوق حركة فتح على حماس لكي تطلب كل السلطة وكل الحكم؟؟ نجاح المفاوضات؟؟ نزاهة التوظيف والعمل المؤسساتي؟؟ استقرار امني في الضفة ؟؟ اكتفاء ذاتي ورواتب بدون الاعتماد على الاتحاد الأوروبي والعالم؟؟ أداء ديمقراطي في الضفة؟ عمل دبلوماسي دءوب ؟؟j .. للأسف، لا شيء متحقق من الشعارات السابقة. الشيء الوحيد المتحقق بنجاح هو التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي الذي يكسر ظهر انتفاضة القدس المشتعلة في القدس والضفة الغربية الان.موقفنا ضعيف ونحن مرتهنون كليا للإرادة الإسرائيلية، وكل مختال غرور يستعرض أمجاد ماضِ تليد ليسوق نفسه الان نقول له "فغض الطرف.. انك من نمير.. فلا كعباً بلغت ولا كلابا".نلوم حماس كثيرا على كثير من المناحي ومنها ان الجانب السياسي لديها لا يسير بمستوى الجانب العسكري المتفوق، وأيضا تتحمل بعض المسئولية عن جيل الخريجين الذي تمضي أعماره سدىً ونسبة الفقر المتزايد ولكن إنها مسؤولية جماعية أيضا تشارك فيها كل الفصائل وعلى رأسها العنوان العريض وهو منظمة التحرير الفلسطينية ودورها في ضرورة إخراج غزة من هذا المأزق بالتدرج، وعدم التذرع بان حماس موجودة وتعطل المشهد. انها حجج واهية لطرف افتقد الإرادة الحقيقية للعمل والنهوض.هذا الانقسام اقترب عمره من العشرة أعوام، و يمكن أن يأخذ من أعمارنا أيضا عشرة أعوام أخرى إن لم توجد وقفة شعبية وإرادة نخبة تريد ان تحطم ملامح هذا الواقع البائس. فانا ضد حكم الحزب الواحد لأنه يورث التسلط والظلم وانعدام المحاسبة، والسلطة المطلقة هي مفسدة مطلقة، فما أقبح أن يظل كل حزب يطلق النار على أرجل الحزب الآخر ويضعف مكانته، المفترض إننا كلنا في سفينة واحدة، إما أن نعبر كلنا إلى بر الأمان أو نغرق جميعا، فلا يمكن أن نظل نشبع بعضنا بعضا شتماً وسباً وتفوز إسرائيل دوما بالإبل !!نريد من حوارات الدوحة أن لا تكون مجرد مناورات، بل تكون خارطة طريق عملية للبدء في تنفيذ اتفاقيات القاهرة التي تجمع الفصائل عليها وعلى بنودها. وبالاستطاعة أن يكون كل حزب طوق نجاة للحزب الآخر.فنحن نزداد ضعفا على ضعف في أيام الانقسام، وقد قيل سابقا "تأبى الرماح إذا اجتمعن تكسراً، وإذا افترقن تكسرت أفرادا".