منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: هاتي عباتي

العرض المتطور

  1. #1

    هاتي عباتي

    هاتي عباتي
    كان الشتاء يسحب أوراق اعتماده .. ولكن نسمات شتوية كانت لا تزال تعطر الأجواء .. جلست مجموعة من طالبات التحفيظ في حلقة في المصلى .. لعدم حضور المعلمة .. بل المعلمات .. في أجواء إشاعات بإغلاق مراكز التحفيظ .. اعتادت الفتيات على التحلق في المصلى كلما غابت المعلمة .. ولحرصهن على القرآن كانت كل واحدة منهن تخرج مصحفها .. وتتلو بعض الآيات .. ثم تقرأ التي تليها .. حتى يقرأن جميعا .. ثم ينصرفن. كانت "فاطمة"هي القارئة الأخيرة .. قرأت من سورة العنكبوت .. وختمت بالآية السابعة والستين من السورة : (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ۚ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ) عانق الصمت،السكينة وتحولا إلى خيمة كبيرة غطت الجميع .. للحظات .. ثم قلن ... في صوت واحد : صدق الله العظيم. انصرف الطالبات المجاورات للتحفيظ .. وبقيت من تنتظر سيارتها. كانت "فاطمة"أول المنصرفات .. وقد اصطحبت معها "زينب" .. "زينب"التي استغلت فرصة انشغال أخيها .. فاستأذنت أمها في أن تقضي مع"فاطمة"بعض الوقت. خرجتا .. بعد أن تلفعت كل واحدة منهما بعباءتها ... قطعتا الشارع الفاصل بين التحفيظ والمنزل .. ودخلتا إلى منزل"فاطمة".
    ****
    لم تستطع"زينب"أن تتلذذ بالكعك .. ولا بالشاي الساخن .. فقد كانت تخشى أن يحضر أخوها قبل أن تحصل من"فاطمة"على جواب لسؤال طالما طرحته عليها : - كيف التزمتِ؟ التزمت"فاطمة"بإجابة واحدة .. أنها لا تريد أن تحكي قصتها أمام بقية الزميلات .. ولكن "زينب"حاصرتها بالسؤال في لقائهما المنزلي هذا .. ذهبتا إلى غرفة"فاطمة" .. بعد دقيقة من الصمت .. غابت ابتسامة .. لا تغيب عادة عن وجه"فاطمة".. وبدت على وجهها حيرة .. إما أنها لا تريد أن تحكي .. أو أنها لا تعرف من أين تبدأ... كانت تجلس على طرف السرير .. وقفت .. خطت خطوات .. انحنت وفتحت درج مكتبها الصغير .. أخرجت كتابا .. ومن بطنه أخرجت قصاصة من صحيفة .. عادت لتجلس على طرف السرير .. بدأت تحكي . بدأت الحكاية من هذه الغرفة .. لكنني لم أكن"فاطمة" .. كنت"في في" .. ولم تكن جدران غرفتي عارية إلا من صورة قديمة للحرم المكي حين غمره السيل .. كما هي الآن .. رفعت "زينب"عينيها ناظرة إلى اللوحة التي لم تكن قد تنبهت لها .. صمتت "فاطمة"لحظة .. ثم واصلت حديثها ... كانت الجدران مكسوة بصور النجوم .. نجوم الفن .. ألقت "فاطمة"نظرت خاطفة على القصاصة .. كان ذلك اليوم هو الخامس عشر من ربيع الأول 1423 .. أحضرت صديقتي المقربة هذه القصاصة .. قرأت لي وهي تضحك قول الكاتبة جهير المساعد .. (مرت أمامي،وأصابني الهلع،كان نصفها الأسفل الممتد من أعلى الركبة إلى الكعبين واضحا تماما تحت الغلالة الشفافة المموجة بلمعان أخاذ،أما النصف العلوي فقد حطم بظهوره كل ساتر! استدارة الهرمين المكتنزين وما بينهما من حدود اتضحت،والكتفين العاريين،والذراع الكامل الدسم،والجيد المترع،المنتهي بطوق ملفوف على الرقبة بشدة حتى (انتفخ) أعلى وأسفل العنق! وأخرى اختارت الكشف عن منطقة الوسط حيث تضع (الترتر) البراق على منطقة السرة وتترك للتهوية الجوانب المجاورة لهذه المنطقة،ومن البديهي صار خلع الأكمام،ومن البديهي أكثر خلع الأزرار ومن البديهي أكثر وأكثر لبس القصير جدا والضيق جدا،والمثقوب من كل الجهات (جدا جدا)!! وهذه ثالثة .. عبارة عن هيكل عظمي متحرك،فخورة بامتدادها الفارع كعود القصب بلا زوائد وبلا أدنى تكلفة في شراء القماش اللماع.،حيث اكتفت بمتر واحد،حل محل ورقة التوت في ثلاثة مناطق لا أكثر،وكل الباقي للفرجة ولمن يريد أن ينهش في العظام البارزة!!) رفعت"فاطمة"عينيها عن القصاصة ... أعادتها إلى بطن الكتاب ... وأكملت .. كانت صديقتي تعلق على كل لوحة من لوحات الكاتبة .. تعليقا ساخرا .. وأخيرا قالت أنها تريد أن (تقهر جهير)!! كان عرس أختها على الأبواب .. في بداية شهر ربيع الثاني .. فقررت أن تقلد صاحبة اللوحة الثالثة التي رسمتها "جهير" .. أخرجت"فاطمة"القصاصة مرة أخرى .. وقرأت : (حيث اكتفت بمتر واحد،حل محل ورقة التوت في ثلاثة مناطق لا أكثر). كنت أظن أن صديقتي تمزح .. لكنها ليلة العرس كانت فعلا لا ترتدي سوى ذلك (المتر الواحد) .. بل بالغت .. فاختارت قماشا شبه شفاف!! لم "تقهر جهير" فقط .. بل قهرت الكثيرات .. ولكنها لم تكن تهتم ... بل كانت تبالغ في الرقص .. صمتت "فاطمة".. ثم استأذنت من زميلتها .. غابت قليلا .. أحضرت كوبا من الماء .. عرضته على"زينب" .. شكرتها بإشارة من يدها .. وهي تطالع ساعتها .. سألت "فاطمة" بعد أن أخذت رشفتين من الماء : أين وصلنا؟ كانت تبالغ في الرقص .. نعم. كانت تبالغ في الرقص وفي عرض هيكلها العظمي .. اقتربتُ منها .. همستُ في أذنها : - كفاية. سحبتها من يدها .. ذهبنا إلى طرف القاعة .. وحين عثرنا على مقعد فارغ .. جلست هي .. ذهبت لأحضر لها كوبا من الماء .. رفعت"فاطمة"الكوب الذي ظلت ممسكة به .. رشفت منه .. تهدج صوتها قليلا .. وهي تكمل .. أحضرت كوب الماء ... كان ضجيج الموسيقى يملأ الأسماع .. كانت صديقتي ممسكة بجهازها .. أخذت مني الكوب .. بدأت ترتشف منه وهي تطالع الجهاز .. سقط الكوب والجهاز .. وصرت صرخة غطت على ضجيج الموسيقى : (هاتي عباتي). ثم أغمي عليها. رن جوال"زينب" .. ارتاعت الفتاتان. كان أخو "زينب"هو المتصل. ختمت لها"فاطمة"القصة بسرعة .. أخبرتها أن صديقتها وهي تطالع جهازها .. قرأت رسالة عبر(الواتس) من أخيها الكبير .. أن والدهم توفي في حادث سير. وجمت الفتاتان للحظات .. رن جوال"زينب"مرة أخرى .. وقفت وهي تقول : هاتي عباتي. لم يكن هناك ظل لأي ابتسامة على وجه أي من الزميلتين. أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي.

  2. #2
    باااااااااااااااااااااارك الله فيك

    وجزاك الله الف خير على القصص الرائعه الي بتقدميلنا ياها

    ربنا يسلم ايديك

المواضيع المتشابهه

  1. هل غدا يجدي عتابي؟
    بواسطة ريمه الخاني في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 03-30-2010, 08:08 PM
  2. عيد البطاطس __ هابى شنودة داى .... Happy Shenouda Day
    بواسطة عبدالله جنينة في المنتدى فرسان المواضيع الساخنة.
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 05-13-2009, 02:24 AM
  3. من اين ابدا بالعتاب عتابي / شعر لطفي الياسيني
    بواسطة الشاعر لطفي الياسيني في المنتدى الشعر العربي
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 11-28-2008, 07:50 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •