الكراكيب تغــــزو منازلنا وعقولنا وأجسادنا
فكيــف نتخلــص منهـــا
يعتمد كتاب «عبودية الكراكيب» طريقة «الفينج شوي» الصينية للتخلص من الكراكيب وترجمة هذا المصطلح الصيني هي (الرياح والماء) وقد عرّفت الكاتبة هذه الطريقة بأنها فن توازن وتناغم الطاقات الطبيعية فيما حولنا بهدف خلق مؤثرات فعالة في حياتنا، لأن تاريخ الأحداث منقوش على الجدران والأثاث على شكل بصمات كهرومغناطيسية ولها تأثير على المقيمين.
ولكي تمضي حياتنا على ما يرام ينبغي ان تتدفق طاقاتنا في بيوتنا وفي أمكنة عملنا وأفضل الطرق الفعالة خلق المساحات الرحبة
وتوجد ثلاثة أسباب رئيسية وراء الطاقة الحبيسة التي نتعامل معها لخلق المساحات الرحبة هي:
1- الاتساخ المادي (كل أنواع القمامة والأتربة والشحوم).
2- الطاقة السالفة (كل شيء يحدث في المقر يصير منقوشاً على الجدران والأرضيات والأثاث).
3- الكراكيب (أي نوع من الكراكيب يخلق عائقاً أمام تدفق الطاقة في أرجاء المكان وهذا بدوره يخلق ضيقاً أو ارتباطاً في حياة المقيمين).فالكراكيب عبارة عن طاقة راكدة وكلما زادت الكراكيب ازدادت الطاقة الراكدة وان التخلص من الكراكيب وسيلة فعالة لحدوث تغيرات في عالمنا الداخلي بمجرد قيامنا بترتيب عالمنا الخارجي، فكل شيء حولنا وخاصة في محيط منازلنا يعكس ذاتنا الداخلية.
ويعرّف قاموس الشعوب كلمة الكراكيب clutter بأنها مجموعة من الأشياء المزدحمة وغير المرتبة، وتوجد أربعة أنواع من الكراكيب:
1- أشياء لا نستخدمها ولا نحبها.
2- أشياء غير مرتبة و في حالة فوضى.
3- أشياء كثيرة في مساحة صغيرة.
4- أي شيء غير مكتمل.
فعندما تتخلص من كل الأشياء التي ليس لها معنى حقيقياً أو مهماً في حياتك سوف ينتعش جسدك وعقلك وروحك وإن حياة الشخص تسير بصورة جيدة عندما يعرف أين توجد الأشياء والمثال على ذلك مفاتيح منزلك هل تعلم بالضبط أين تضعها أم أنك تحتاج الى وقت في البحث عنها مما يخلق اضطراباً في حياتك.
فالكراكيب او الأشياء إما أن تكون ليس لها مكان خاص بها أو لها مكان ولكن لم توضع فيه واختلطت بأشياء أخرى ومثال آخر هو المشتريات التي تحضرها إلى منزلك وتضعها كيفياً وتقول سأبحث عن مكان مناسب لها وتبقى حيث وضعتها وتؤرقك كلما نظرت اليها وتكون المشكلة أحياناً في المساحة أو الفراغ المطلوب بحيث تنحسر المساحة التي يمكن ان تتحرك فيها الطاقة وستشعر بالضيق وكأنك مقيّد.
وان أي شيء غير مكتمل في عالمنا المادي والعقلي والعاطفي والروحاني يتراكم داخل نفوسنا، والمثال المادي لذلك عدم اصلاح بعض الأشياء التالفة في المنزل ربما تنظر أو تتعامل مع الكراكيب على أنها أشياء تساعدك أو سوف تستخدمها فيما بعد سوف تكتشف ان شعورك سيكون أفضل بدونها عندما تبدأ بالتخلص منها.
إن معظم الأشخاص الذين يحتفظون بالكراكيب يعترفون بأنهم لا يملكون الطاقة الكافية لكي يبدؤوا في التخلص منها إنهم يشعرون بالتعب على الدوام فالتخلص من الكراكيب يحرر الطاقة الموجودة في منازلنا ويتسبب في خلق حيوية جديدة داخل أجسادنا عندما تمتلىء كل المساحة الموجودة لديك بالكراكيب يصعب إيجاد مكان لأي شيء جديد وتظل أفكارك محصورة في الماضي.
إن الأشخاص الذين يميلون الى الاحتفاظ بكميات الكراكيب لا يمارسون الرياضة بالقدر الكافي ويعانون من الكآبة.
إذا كان منزلك في حالة فوضى أو مزدحم بالكراكيب فإنك سوف تتأخر في إنجاز ما يجب عليك أو تقصّر في الوفاء بوعودك وهذا ينقص من احترام زملائك وإذا كان لديك الكثير من الكراكيب فإنك ستميل الى تأجيل عمل أي شيء الى الغد لأن الكراكيب تتسبب في ركود أو تعطيل طاقتك إضافة الى أنها سبب رئيس للنزاعات داخل أفراد العائلة والشركاء في أماكن تواجدهم.
وربما يكو ن منزلك قد وصل الى المرحلة التي أصبح فيها مزدحماً بالكراكيب لدرجة أنك تعيش في فوضى تخجلك من دعوة أي من أصدقائك لمنزلك وتخاف ان يأتي إليك أحدهم فجأة وبذلك تنعزل اجتماعياً وأن الشعور باليأس يرتبط بوجود الكراكيب وعملية التخلص منها يسهم في إزالة الشعور باليأس الى حد كبير، اذا كان لديك الكثير من الكراكيب داخل منزلك فمن المؤكد أنك ستصطحب الكثير منها عندما تسافر وهذا مربك ويخفض من قدرتك على الاستمتاع.
ترى كم عدد المرات التي فقدت فيها مفاتيحك أو نظارتك أو محفظتك وكم عدد المرات التي بحثت فيها عن شيء، إن كونك فوضوياً يضيّع الكثير من وقتك وذلك أمر محبط في حد ذاته ويجعلك تشعر بالفشل.
بعض الكراكيب تصاب بالرطوبة أو العفن وتجذب إليها الحشرات الضارة وهذا يؤثر على الصحة العامة.
عملياً عليك ان تتوجه الى كل غرفة وتحدد نسبة تقريبية للمساحة التي تشغلها الأشياء التي تستخدمها نادراً أو لا تستخدمها وذلك كل سنتين أو ثلاث، عموماً يوجد زمن ضائع لاحتفاظك بالكراكيب يتمثل في الوقت لشرائها وإيجاد المكان لوضعها أو تخزينها وتنظيفها وحمايتها فهل تمتلك أشياءك أم أن أشياءك هي التي تمتلكك، إن كل شيء تمتلكة يأخذ جزءاً من انتباهك وكلما زاد حجم الكراكيب الذي تحتفظ به كانت طاقتك محصورة في نطاقه، لماذا يحتفظ الأشخاص بالكراكيب؟.
يبرر الكثير من الأشخاص احتفاظهم بالكراكيب بأعذار مختلفة منها أنهم مشغولون أو كسالى أو واقعون تحت ضغط وكلها أعذار واهية، فمثلما توفر لديك الوقت والجهد لاكتساب تلك الكراكيب فلا بد أنك قادر على توفير الوقت اللازم للتخلص منها، فقد كان لديك بعض الأسباب لتكون عندك تلك الكراكيب كالحاجة اليها وقتئذ ولكن الوضع قد تغير، وبكل المقاييس يحتاج الانسان الى الاحتفاظ بكميات معقولة من الأشياء التي يستخدمها بصفة دورية ولكن هل يحتاج الى كل الأشياء وطوال هذه السنين؟ إن الاحتفاظ بالأشياء يعكس الخوف من الحاجة اليها يوماً ما، بل يعكس انعدام الثقة بالمستقبل، ويوجد سبب آخر للتعلق بالمقتنيات هو شعورك ان هويتك تتضح في هذه المقتنيات والتخلي عنه يجعلك تتخيل كأنك تفقد جزءاً عزيزاً من نفسك، ويقاس ذلك على الشعور بالانهيار العاطفي عند فقدك أشياء نتيجة السرقة أو الحريق أو الفيضان..الخ.
ان الدعاية الحديثة للمنتجات من خلال التلفزيون والراديو والجرائد والمجلات واللافتات والانترنت تدفعنا للشراء وتشعرنا بالحاجة اليها وان عدم الحصول عليها سيقلل من شأننا ويجد ذلك صدى في حبنا للتملك.
اننا نتعلم أغلب أنماط سلوكنا من الوالدين واذا كان أحدهما أو الاثنين معاً ممن يفضلون الاحتفاظ بالكراكيب فإننا نتأثر بهما.
إن العقلية التي تفكر بمبدأ: الاحتفاظ بالأشياء ربما تحتاج اليها في يوم من الأيام، تعتبر جزءاً من الحالة السيكولوجية للفقر وفي بعض الأحيان يكون البخل أحد الأسباب وراء الاحتفاظ بالكراكيب، فحقيقة أنك تمتلك شيئاً ما لا تبرر أبداً احتفاظك بذلك الشيء لمدة طويلة، فأنت حارس مؤقت لأشياء كثيرة أثناء مرورها في حياتك ومن ذلك المال الذي تتجسد وظيفته في شراء الحاجيات والخبرات المتنوعة.
إذا كنت تحاول ان تقوم بأي نوع من أعمال تحسين الذات فإنك بالتأكيد سوف تحتاج الى تعديل البيئة المحيطة بك باستمرار، ويجب عليك ان تعتاد من الآن على التخلي عن الأشياء التي تمثل عبئاً عليك ولا تفيدك في شيء.
كل شيء تحتفظ به في حياتك بدافع الخوف يمنع فرصة دخول الحب في حياتك، وعن طريق تخلصك من ذلك الخوف ستفتح طريقاً للحب لكي ينفذ الى حياتك، فالخوف يمنعك من أن تكون بالصورة التي تريدها حقاً وتنفيذ ما تحلم به وإن التخلص من الكراكيب يمنحك الفرصة لكي تقترب من استيضاح الهدف الرئيس لحياتك.
فحياتنا لا تنفصل عن المباني التي نعيش فيها، لذلك علينا ان نختار بعناية الأشياء التي نحتفظ بها في منازلنا لكي نحقق التناغم فيما بين عناصر حياتنا وأركان منازلنا.
ان التخلص من كل الكراكيب يعطي أفضل النتائج لطريقة الفينج شوي الصينية البوذية حيال الوفرة المالية والشهرة والعلاقات العاطفية والمركز الاجتماعي والصحة والمعرفة والعمل والصداقات بينما الاحتفاظ بالكراكيب يؤدي الى الشعور باللامبالاة والشعور باليأس والعراقيل.
إن مدخل منزلك يجسد نظرتك الى العالم وازدحام تلك المنطقة بالأشياء يعيق تدفق الفرص التي قد تأتي إليك والمهم ان يكون لمنزلك قلب وهو غرفة الجلوس أو المطبخ حيث نقطة تجمع الطاقة وان ترتيب هذا المكان يثبت الطاقة المطلوبة واذا كانت غرفة نومك مستودع تلقى فية الأشياء التي لا تجد لها مكاناً آخر تصبح كأنك تتعامل مع ذاتك على أنك مواطن من الدرجة الثانية كما ان الكراكيب التي تتزاحم فوق الخزائن تشبه المشاكل التي تتعلق فوق رأسك.
يرتدي معظم الأشخاص حوالي 20٪ فقط من الملابس التي يحتفظون بها داخل خزائن ملابسهم وفي بعض الأحيان يحتفط الأشخاص بجميع الملابس التي ارتدوها قبل عشرين عاماً وقد أصبحت غير مناسبة لذلك عليك ان تجعل لنفسك مجموعة من الملابس التي تناسبك حقاً وتتصرف بالباقي وغالباً يشعر الذين يكدسون ملابسهم بعدم وجود ما يرتدونه.
وتتماثل كراكيب حقيبة اليد وكراكيب السيارة في آثارها السلبية مع كراكيب المنزل.
لا تحتفظ ببطاقات الأعياد ودعوات الزفاف ورسائل المناسبات لأطول مما يجب، وضع نظاماً مخصوصاً لدفع الفواتير في مواعيدها واحتفظ بالايصالات الهامة والأخيرة فقط وحينما تنتهي من قراءة المجلات قم بتوزيعها.
عليك ان تتفهم أنك لن تغير أي شخص آخر غير ذاتك وإذا بدأت بالتخلص من الكراكيب سيؤثر ذلك على من لهم صلة بك للتخلص من كراكيبهم ومن أواصر الثقة بالنفس التي يجب غرسها في الأطفال عدم التشبث بالأشياء بدرجة كبيرة وعليك تعليم أطفالك ترتيب أماكنهم وأين سيضعون حاجياتهم وألعابهم ولا تنسى ان الكراكيب والتشوش لدى المراهقين انعكاس لاضطرابهم الداخلي.
ويعتبر إدراك الفرد ان احتفاظه بالكراكيب لا يمثل له أي نفع من أعظم الدوافع التي تجعله يفكر في التخلص منها.
اذا كان 50٪ من الأثاث والمقتنيات الموجودة في منزلك ترتبط بأي فترة زمنية في حياتك ترغب في عدم تذكرها، عليك أن تدرك ان 50٪ من طاقتك ما زال محبوساً في الماضي أكثر منه موجوداً في الواقع الحالي.
وتوجد ثلاث طرق للتخلص من الكراكيب هي:
أ - ان تترك الأمور للطبيعة لكي تأخذ مجراها وهذه الطريقة معروفة بأسلوب التنازل عن اتخاذ القرار.
ب - ان تنتظر حتى تموت وتجعل الورثة يقومون بتنسيق ما كان لديك من كراكيب..
ج - ان تتحمل مسؤولية تصنيف ما لديك، وان تتخلص من الزائد عن حاجتك بنفسك.
وان أصعب مرحلة هي التغلب على الكسل والقصور الموجود داخلك لكي تبدأ في التخلص من الكراكيب النصيحة العملية ان تتخيل أنك ستنتقل من هذا المنزل وبذلك تتخلص من كثير من الكراكيب، وليس هناك وقت مفضّل للبدء فإن أي وقت يعتبر مناسباً، وحبذا لو تفعل ذلك مرة على الأقل كل عام ولا تستعمل كلمة يجب بل كلمة أستطيع التخلص من الكراكيب وعملياً خذ ورقة وقلماً وتجول في زوايا منزلك لتحصي الكراكيب واعمد الى تخصيص صناديق أو دروج لكل نوع ستتصرف به:
صندوق النفايات، صندوق الاصلاحات، صندوق الهدايا، صندوق المرتجعات، صندوق المبيعات..الخ. وابدأ جولتك من الأماكن الصغيرة الى الأماكن الكبيرة ولا تنس ان الانسان يستطيع ان يستمتع بالتخلص من الممتلكات المادية بالقدر نفسه الذي يستمتع به عند شرائها أول الأمر.
إن الحياة بلا كراكيب تتمثل في:
- مكان لكل شيء وكل شيء في مكانه
- الاعتياد على النظام في وضع المستلزمات (المفاتيح - النظارات - المحفظة - ترتيب الملابس..).
- التفكير المسبق لدى الاقتناء بأهمية استخدام الشيء وموقعه في المنزل.
- عندما يأتي شيء جديد إلى المنزل يجب ان يخرج شيء قديم.
في أجسادنا بعض الكراكيب يجب التخلص منها، فالجسد يمتص من الطعام والشراب ما يحتاج ويطرد الباقي من خلال القولون والكليتين والجلد والرئتين والأوعية الليمفاوية إلى جانب سبل مساعدة مثل الأعين والأذنين والأظافر والشعر، وكل ذلك يخرج السموم من الجسد وينصح الأطباء بالكثير من الأعشاب لتنظيف القولون كما ينصحون بالصيام.
ولمساعدة الكليتين نحتاج إلى ليترين من الماء يومياً على الأقل وان اللون الغامق للبول يدل على أن الكليتين تمران بوقت عصيب وأفضل الأوقات لشرب الماء قبل الطعام بنصف ساعة وبعد الطعام بساعتين، والمشروبات الغازية والشاي والقهوة والكحول تضر الكليتين والكبد والبنكرياس لاحتوائها على مركبات كيماوية.
ولتنقية الرئتين ينبغي التنفس من الأنف وممارسة رياضة المشي التي تساعد أيضاً على تنقية الجهاز الليمفاوي مع ضرورة عدم ارتداء الملابس الضيقة وارتداء ملابس الأقمشة الطبيعية كالقطن مثلاً وضرورة الاستحمام للتخلص من العرق.
في أذهاننا بعض الكراكيب نحتاج إلى تصفيتها منها القلق الذي يشبه الحصان الهزاز فإنه لا يغادر مكانه مهما كانت سرعة اهتزازه لذلك ينبغي تجاوز القلق والتركيز على إيجابيات الحالة بدلاً من سلبياتها وفي كل الأحوال نحن لا نرى سوى جزء من الحقيقة، فالانغماس بالاشاعات والنميمة يجعل عقولنا منشغلة بالكراكيب الذهنية، كما ان النواح وإلقاء اللوم يصيب أفكارنا وكلامنا بالكثير من الكراكيب.
إن الكثير من البرامج الاذاعية والتلفزيونية والروايات التافهة تسرق وقتك الثمين وتؤجل عملك اليومي إلى الغد فيحدث التراكم وهو نوع من الكراكيب لذلك بادر إلى جدولة أعمالك وكتابة مراسلاتك وتسديد التزاماتك المالية فإن تصفية الذهن من الكراكيب تساعد على النوم الهادىء.
مع نهاية هذا التلخيص لكتاب «عبودية الكراكيب» الذي اشتمل على 160 صفحة أدعو إلى الأخذ بالكثير مما ورد فيه، وأتمنى ان تخصص ادارة البلديات في بلدنا الحبيب يوماً في العام للتصرف بالكراكيب ونقلها إلى مواقع متخصصة.
عرض: بادية رشيدي
عبودية الكراكيب
تأليف كارين كينج ستون
ترجمة : مروة هاشم ،
إصدار دار شرقيات، القاهرة