نكبة فلسطين وأخلاق سلطات فلسطين الحاكمة/ مصطفى إبراهيم
15/5/2016
ثماني وستون عاماً بالتمام والكمال من اللجوء والتشرد الفلسطيني والمأساة مستمرة والنكبة الفلسطينية وصمة عار على جبين الإنسانية، ولم يعد الألم الفلسطيني يؤلم ضمير العرب والعالم، وإقتصر الألم على المنخرطين في الدفاع عن الحق الفلسطيني في العودة والتحرير من أحرار العالم والفلسطينيين أنفسهم أنهكهم إنقسامهم وخلافاتهم وتوجهاهم، فيما يهرب العرب من مسؤولياتهم القومية والإسلامية والعالم من معاييره الأخلاقية ومسؤوليته القانونية.
لم يعد ممكناً أن لا يرى العالم الألم الفلسطيني وأبرز مشاهده إستمرار الإحتلال وجرائمه وهو المجرم الأول لنكبة الفلسطينيين وتهجيرهم وتطهيرهم وطردهم من أراضيهم وإذلالهم المستمر، ونفاق العالم وتواطئه بتزويد إسرائيل بالمال والعتاد والمواقف السياسية، وما يقدمه للفلسطينيين من مساعدات ومواقف سياسية هو لتخفيف بعض من ألم من أجل ديمومة إسرائيل.
ثماني وستون عاما من النكبة وتضاعف عدد الفلسطينيين 9 مرات وقدر عددهم في العالم نهاية عام 2015 بحوالي 12.4 مليون نسمة، بعد أن شردت إسرائيل نحو 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم إلىالضفةالغربية وقطاع غزة والدول العربية المجاورة، وتهجير الآلاف من الفلسطينيين عن ديارهم رغم بقاءهم في الأراضي التي إحتلتها إسرائيل بالقوة، وذلك من أصل 1.4 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في فلسطين التاريخية عام 1948 في 1,300 قرية ومدينة فلسطينية. إسرائيل سيطرت خلال مرحلة النكبة على 774 قرية ومدينة، حيث قامت بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، كما ارتكبت القوات الإسرائيلية أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين وأدت إلى استشهاد ما يزيد عن 15 ألف فلسطيني خلال فترة النكبة.
أنه الهزال الفلسطيني في مواجهة هذه النكبة التي ربما لم تعد على الأجندة الفلسطينية الجامعة بفعل الإنهاك الداخلي وإنشغال الناس في همهم اليومي والبحث عن الكرامة ومستوى معيشي لائق وعجز السياسيين عن تحقيق بعض من أهدافهم وتحدي ذواتهم الحزبية ومصالحهم، وإنصرافهم عن النضال الأخلاقي في مواجهة الإنقسام والإذلال الذي يتعرض له الفلسطينيين يوميا ليس من الإحتلال، إنما بفعل الإستبداد والسياسات الفاشلة المحبطة للآمال.
وعلى الرغم من سطوة القوة التي تمارسها السلطات الحاكمة في فلسطين إلا أن حالها يثير الشفقة وعجزها عن الإيفاء بمسؤولياتها وفشلها في إدارة حياة الناس وفي تقديم العدالة والحرية لهم وحمايتهم من بطش الإحتلال وفشل سياساتها وبحثها المستمر في الحفاظ على نظامها وشعبيتها المتآكلة وطلب الولاء وهي لا تستطع إطعام الجوعى وتمكين المواطن من العيش الكريم وتأمين الغذاء لعائلته وأكل لقمته من عرق جبينه.
لم يعد أمام الفلسطينيين غير التفوق الأخلاقي والتغلب على ضعفهم وإنقسامهم والإحتلال والتقسيم السياسي والجغرافي، وتحطيم الأبواب المغلقة داخليا وتفكيك الإنسداد الإجتماعي الذي أوجده غياب التوافق الوطني وإنتظار الأفق السياسي منذ عشرين عاماً، وتحويل السوداوية التي يعيشها الفلسطينيين إلى مواقف وحدوية. وبناء الذات وتعزيز مفاهيم الوطنية الفلسطينية وأخلاقها الجامعة والعودة الى ميراث النضال الجماعي الوطني والأخلاقي والمهني المستند إلى قوة وجمال الشعب الفلسطيني حين يتحد ويناضل من أجل إنهاء الإنقسام والحقوق والإصلاح والإجحاف بفعل حكامه الفلسطينيين.
إذا أردا الفلسطينيون البناء للمستقبل عليهم وضع أساس قوي في علاقاتهم الداخلية، ووقف التدهور والفشل في تحقيق أهدافهم وقف الطغيان والإستبداد الذي تمارسه سلطاتهم الحاكمة والبدء في البناء من جديد من القاعدة الى رأس الهرم ومنح القوة للجميع، ووقف سن وتشريع القوانين التي تستعبدهم والسلطات الحاكمة لا تقدم لهم شيئاً في المقابل سوى مزيد من الفشل والإنهاك.