الخطاب الذكوري يخترق الخطاب الانثوي
بقلم: عماد موسى
يبدو أن العقل الذكوري العربي إلى اليوم لم يستوعب حجم المتغيرات والثورات التي عصفت بالعالم،بدءا بالثورة الصناعية،مروا بالتكنولوجية،ثم الاتصالية واليوم بدأت تتضح اكثر صورة الثورة الجينية المتزمنة مع ثورة الربوت التي تهدد بالاستغناء التدريجي عن العنصر البشري.
فإزاء كل هذه المتغيرات حافظ العقل العربي على سماته الاساسية، وهي عدم القدرة على التكيف فمنهم من وجد في الدين ضالته، ففسر الدين على هواها وفقا لمصلحته الذكورية وغرائزه، فأصطنع كل اتجاه عقلي مذهبه الغرزي. فبتنا نشاهد اليوم عشرات الحركات الاسلامية الهاربة من مواجهة اللحظة الواقعية للعيش تحت مظلة التأويل الديني، كما يراه مؤولو الخطاب الديني.
هذا بالنسبة للعقل العربي، اما العقل الفلسطيني، فقد وجدنا قسما مهما يتبوأ مواقع متقدمة في صنع القرار واتخاذه، وولما كان هذا العقل فبنى وعيه الاجتماعي والثقافي وكذلك مرجعياته امتداد للعقل العربي لجأ إلى اليات دفاع نفسية تلاقي ترجمة حرفية لها في السلوكيات السياسية في الممارسة العملية لما يؤمنون به، والقابع في اللاوعي،فانتجوا وصفة الإغراق والهدر للمرأة الفلسطينية، بهدف اغراق المرأة في المشاريع والبرامج المتعددة بحيث تهدر طاقاتها في البحث عن تفاصيل التفاصيل بحيث يتم استنزافها فتصاب باليأس فتحبط فتناب بالنكوص فتتراجع وتستسلم.
ادرك هذا العقل ان النخبة النسوية الفلسطينية يمكن استنزافها في ورش عمل ومؤتمرات تلائم سيكولوجيتها بحيث يصبح الفضاء المكاني المحدود المساحة،هو الفضاء الحيوي الذي يكمنها ترجمة رغبتها باظهار ذاتها وابراز شخصيتها الفكرية والجمالية. ولما كان الهدف استنزافي كان لازاما على العقل الذكوري الاكثار من برامج ومؤتمرات "الشو" الاستعراضية.كي تتم مسرحة العمل النسوي خصوصا ان الممثلين وكتاب السيناريو والممولين منذ اوسلو وإلى اليوم لم يتغيروا.لذا لا بد من تغيير النصوص، المراة والانتخاب،يضاف اليها، تشريعي،وطني، نقابي، بلديات...المرأة والفقر... المرأة والفساد... تمكين... الصحة الانجابية...الصحة النفسية... قانون الاحوال... وعدد واذكر.
فالمكان لا يتسع. واما دهاقنة الاعلام من اصحاب العقل الذكوري فبارعون في اصطياد اللقطة من المشهد الممسرح فيظهرون في كل صورة وكل مناسبة الوجوه النسوية ذاتها،حتى يصاب المجتمع بالزكام الجندري فيتخذ موقفا نفسيا واحياناموقفا فكريا ارتداديا ضد المرأة، وادلتنا على ذلك كثيرة كم أمرأة مبدعة في أي مجال تم تقديمهما للمجتمع وتسليط الضوء عليها ،سواء من المنظمات النسوية او من اصحاب العقل الذكوري المناهض لمشاركة المرأة ومنافستها له في العمل ؟بأن يقدموا لنا كشفا بعدد قليل من النساء اللواتي تم الاشتغال عليهن ليكن ارقاما ما في اختصاصاتهن؟منذ اوسلو والى اللحظة؟ فمنذ اوسلو والى الان تشكلت اجيال، ولكننا نشاهد ذات الاسماء وذات الوجوه مع عمليات تنطيط في الوظيفة العمومية على اساس جندري. وليس على الكفاءة والابداع والتميز وهذا القتل الممنهج للمرأة حتى تصبح في وضع ترتد عليها النساء، وبهذا وضعت المراة في المحرق الوظيفي(المناصب العليا) باعتبارهن ورثة ازوجهن السياسية، وتورطت باللعب ضمن قواعد لعبة العقل الذكوري وهي النططة امام وسائل الاعلام والاشهار عن الذات بما يسمى (باللقطة) فاصبحت تنافس الرجل على (اللقطة) فاصبحت المراة تشبع حاجاتها النفسية عبر الفرجوية.
فتقمصت السلوك العقلي ، والعملي للذكورة،فأصبح لها (في كل عرس قرص)، وعندما تقل المناسبات، تصنع الذكورة لها مناسبات، لاغراقها وهدر طاقاتها بلا جدوى او نتائج تعود بالفائدة على النساء، فالنشاط يصبح حديثا مع الذات، فترى شخصنة ذاتها في خبر في وسائل الاعلام وتعتبره المراة انجاز، دون احداث اي حفر في الوعي والمعرفة عند النساء،ويتساءل الناس اناثا وذكورا ماذا يفعل؟ وماذا تفعل؟ هل يعملون بالصورة وبالخبر؟ الا يوجد غيرها او غيرهم/ن في مؤسساتهم/ن ليتابعوا وليتابعن اعمال مؤساتهم/ن اين البرامج واين المشاريع؟ خارج عناوين باتت محفوظة في القلوب والعقول افتتح/ت اختتم / شارك/ت ...تفقد/ت...."وهكذا تم توريط المرأة في ما اطلقنا عليه"الاغراق والهدر والاستنزاف" بقصد وضعها في المحرق الاجتماعي والسياسي والجندري وكلما تم اغراقها واستنزافها وهدر طاقتها ازدادات اخفاقا، فتتم اعادة تظهير الدعوات التراثية القائلة بان النساء " ناقصات عقل ودين" بحيث تساعد هذه المقولات العقل الذكوري الارتدادي من جديد، الى اعادة صياغة الصورة الجديدة للمرأة المشكلة من افكار سابقة ماضوية وافكار جديدة لاثبات عجزها وللبرهنة على فشلها، مما يوفر مادة اولية للهجوم عليها بهدف اجبارها على التراجع وخصوصا فيما يتعلق بمواقع صنع القرار في المؤسسة الرسمية والحزبية واممجتمع المدني والقطاع الخاص ،فحذار حذار من الافخاخ من الافخاخ.وحذار من الحمولة الزائدة، ومن ترحيل الهم العام كله على المرأة.