حصن سليمان موقعٌ أثري في سورية، على بعد 14 كم من مدينة ومصيف دريكيش، وهو الاسم العربي للحصن والمعبد، واسمه القديم هو باثيوسي؛ حيث أقام سكان جزيرة أرواد (أرادوس) الذين كانوا يسيطرون على جزء كبير من الساحل السوري، معبداً لعشتروت وبعل. والحصن عبارة عن سور بحجارة .
ضخمة، ويتوسط المكان هيكل للمعبد الأثري.
¶ بداية الحصن
يتوضَّع حصن سليمان في منخفض من الأرض تحيط به المرتفعات الجبلية، أنشأه الآراميون عندما استوطنوا هذه المناطق الجبلية الحصينة هرباً من هجمات الآشوريين، وتمَّ تكريسه في البداية لعبادة الإله بيتو خيخي، ثم جدَّده السلوقيون والرومان قبل أن تُبنى فيه كنيسة في العهد البيزنطي. أما اسمه الحالي فيعود إلى السكان المحليين، الذين أثارت حجارته الضخمة إحساسهم بالإعجاز واعتقادهم بأنَّ جنّ النبي سليمان هم من بنوا هذا المعبد وقاموا بنقل الأحجار الضخمة التي تزن أكثر من 70 طناً.
¶ الموقع الجغرافي
يقع حصن سليمان في محافظة طرطوس، ويبعد عن طرطوس 50 كم شرقاً، وعن صافيتا 20 كم باتجاه شمال شرق، وعن دريكيش 15 كم، وعن مصياف 14 كم.. ويرتفع عن سطح البحر 790م، حيث يتوضع في منخفض من الأرض تحيط به المرتفعات الجبلية من كل الجوانب على السفوح الشمالية الغربية من قمة النبي صالح، وعلى مسافة 14 كم إلى الشمال من بلدة مشتى الحلو.
¶ لمحة تاريخية
كان يسمى في العصور القديمة بيت أخيخي وفق نصوص الكتابات اليونانية المكتشفة في الحرم الكبير للمعبد، حيث كان مكرَّساً لعبادة إله محلي آرامي اسمه منقوش باليونانية على أماكن مختلفة من المعبد «إله بيتو خيخي»، وهو يوازي الإله زيوس رب السماء عند اليونان.
الحصن عبارة عن معبد آرامي قديم تمَّ تجديد بنائه وتوسيعه في الربع الثالث من القرن الثاني الميلادي. لقد بنى الآراميون هذا المعبد بعد أن هربوا من الآشوريين وأتوا إلى هذه المنطقة من جبال الساحل؛ لأنَّ الممالك الآرامية كانت غير قادرة على حماية نفسها، ولأنَّ الآشوريين كانوا يرهقونهم بالضرائب. وعندما توسَّع الآراميون صاروا بحاجة إلى معبد مخصص لإلههم الرب «بيتو خيخي». ويعدُّ من أحسن المعابد صيانة بعد معبد بل في تدمر وبعلبك. كان هذا المعبد موجوداً زمن السلوقيين، وأُقيم على أطلال معبد أقدم منه حينما جدَّد سلوقس نيكاتور بناءه وكرّسه للإله «بعل- زيوس»، وسمَّاه «بيت خيخي زيوس» أو «بيت سيسي زوس». ازدهر المعبد في عهد الرومان، الذين بدؤوا بتجديده في القرن الأول الميلادي. ولكن الإنجاز الحقيقي حدث في القرن الثاني الميلادي خلال حكم الإمبراطور سبتيموس سفيروس، وبقيت العبادة تمارس فيه حتى القرن الرابع الميلادي، في الفترة البيزنطية، أي ما بعد اعتناق المسيحية ديناً رسمياً في عهد الإمبراطور قسطنطين الكبير. وتظهر هناك رسالة من القيصر إلى الحاكم كي يحترم الأم تيازات التي منحها حاكم الولاية للسكان، كما منح وقفاً لمعبد (زيوس) من أجل ذبائح المعبد. وأحدثوا سوقاً تجارية كان يتمّ عقدها مرتين في الشهر بموجب أمر رسمي. كما منح حقّ اللجوء إلى المعبد والاحتماء فيه، كما في معبد دافني ومعبد جوبيتر في دمشق، وأُعفي سكان المنطقة من الضرائب.. والكتابات في الحصن تشير إلى أنَّ الإله الأكبر لبيتوسيسي هو اٍله شاف من الأمراض، وأنَّ مريضاً زار 360 طبيباً دون جدوى وشفي بأعجوبة فيه.
¶ الوصف المعماري
يمتدُّ بناء الحصن على مساحة واسعة ويأخذ شكلاً مستطيلاً باتجاه شمال جنوب. وينتصب هيكل المعبد في أعلى نقطة من منتصف الحرم، وهو ذو ثلاثة أقسام رئيسة:
1-الحرم الكبير 2- قاعة العبادة 3-الحرم الصغير.
وسور الحصن مبني بحجارة مستطيلة ضخمة يصل طولها إلى عشرة أمتار وارتفاعها إلى 2،6م، وفي كل جانب من جوانب السور الأربعة بوابة يتمُّ العبور من خلالها إلى حرم المعبد.
الحرم الكبير
ووهو مستطيل الشكل أبعاده 85×134م- بني بحجارة كلسية محلية ضخمة بلغت أبعاد بعضها 3×9×1.2 متراً، بعضها شذّب بشكل نهائي وبعضها الآخر لم يشذب. ويتكوّن الحرم الكبير من 4 بوابات بُنيت أيضاً بحجارة ضخمة واحدة في كلّ ضلع، في أعلى كل منها حجر مستطيل مزخرف بأشكال للنسر والثور، وهي تشبه الرسومات التي وجدت في معبد باخوس في بعلبك. ويقع الباب الرئيس في الشمال، ويتألف من ثلاثة مداخل وعرضه 15م. وكان للمدخل رواق خارجي وآخر داخلي، يستند كل منها على ثمانية أعمدة، والرواق الخارجي كان فيه محرابان ومدخلان جانبيان وقوس جميل على المدخل. أما بابا الشرق والغرب فكانا متماثلين، ولكل واحد منهما محرابين، وفي أعلى الباب لوح حجري مزخرف. أما في الباب الشرقي، فيوجد نقش لرأس رجل وكتابة يونانية تؤرخ تكريس السكان لهذا المكان في العام 171 م، وفي نهاية الجدار الشمالي يوجد نقش أسدين وكتابة أُضيفت فيما بعد العام 255 م، خلال حكم الإمبراطورين فاليريان وجالينوس