فلسفة النحو .. بلاغة ونقد.
--------------------------------------------------------------------------------
ما فلسفة النحو؟ إنها ذلك المنهج الذي يفسر الظواهر النحوية؛ إما بذكر العلل كما فعلت كتب العلل في النحو، وإما بذكر الشروط اللازمة لتحقق الظاهرة النحوية، وإما باجتهاد المجتهد إذا لم يجد ما يبتغي ويريد فيما سبق.
ما موضوعها؟ إنه بيان وتفسير العلاقات بين كلمات الجملة وبين جمل الفقرة؛ فهي تجيب عن: لماذا أضيفت هذه الكلمة إلى تلك؟ ولم وُصفت تلك الكلمة بتلك؟ وما سر التطابق بين المتلازمات النحوية كالمتبوعات وتوابعها وركني الجملة الاسمية والفعلية، وغير ذلك من مباحث تستوجب التعليل بكل صوره.
وهذه الأشياء هي التي تبين مدى حساسية الأديب في اختياره أزواج الكلمات المترابطة برباط نحوي، وبهذه الأشياء تختلف الأنماط التعبيرية من أديب إلى آخر. ومن قديم كانت التشابيه والاستعارات والكنايات وغيرها من فنون الأداء تتفاضل فيما بينها بمعيار خفاء العلاقة ودقتها على الأفهام التي لا تلاحظ العلاقات بين الأشياء التي لا يبدو بينها علاقات.
وإذا كانت البلاغة في فرع "المعاني" قد أخذت بعض هذه الفلسفة لبعض المباحث ووظفتها واستثمرتها؛ مثل: التقديم والتأخير، والذكر والحذف، والإظهار والإضمار، والتعريف والتنكير.ومثل عطف الجمل بالواو وعدمه في مبحث "الفصل والوصل"، وطول الجملة وقصرها كما في مبحث "متعلقات الفعل"، والنفي الكافّ والنفي والاستثناء كما في مبحث "القصر"، وأساليب " النداء والنهي والأمر والاستفهام والتمني " كما في مبحث "الإنشاء وأغراضه". اعتمد " المعاني" فلسفة تلك المباحث وقننها وبوبها واستثمرها فصارت علما يدرس وفنا يطبق.
وإنه إذا كان قد اعتمد تلك المباحث فقد ترك بقية الظواهر النحوية التي لا تقل ثراء عما اختاره؛ وقد آن الأوان لاعتماد تلك الفلسفة لكل الظواهر النحوية بذات المنهج حتى يتم إثراء علم البلاغة وتعميق النحو التى تمثل فلسفته أحد معايير البلاغة والنقد.
منقول للفائدة