السلام عليكم
--------------------------------------------------------------------------------
46 عاماً على استخدام حبوب منع الحمل والجدل دائر
دراسات متضاربة وأنواع جديدة بعضها للرجال
46 عاماً مضت حتى الآن على بداية استخدام النساء لحبوب منع الحمل، ولا تزال الحبوب مثار جدل بين مؤيدين ومعارضين من الناحيتين الدينية والصحية خاصة مع بدء إنتاج حبوب مماثلة للرجال في ظل النتائج المتضاربة التي تكشفها الأبحاث والدراسات العلمية عن فوائد ومخاطر هذه الحبوب على التسبب بامراض او معالجة امراض في الجسم. فالمؤيدون مثل جماعات تنظيم الأسرة يقولون إنها خطوة كبيرة للأمام في حياة النساء. أما المعارضون خاصة من رجال الدين فيرون أنها مجرد طريقة أخرى للإجهاض وقتل النفس، بينما يرى المعارضون من الناحية الصحية ان هذه الحبوب قادت إلى زيادة عدد الأمراض التي تنتقل عن طريق العلاقات غير الشرعية بين الجنسين.
كانت الولايات المتحدة أول دولة تستخدم فيها حبوب منع الحمل وذلك عام 1960 بعدما طورها عالم البيولوجيا الأمريكي الدكتور جريجوري بينكس لتعمل على منع التبويض، وبعد عام واحد طرحت في المملكة المتحدة، لكن استخدامها اقتصر على السيدات المتزوجات. والآن تستخدمها نحو مائة مليون سيدة في أنحاء العالم، إذ تراها واحدة من كل أربع نساء بين 16 و49 عاماً أفضل وسائل منع الحمل.
مكونات الحبوب
تحتوي الأقراص المانعة للحمل على مادتين هما الاستروجين والبروجستين الاصطناعيتين، بالإضافة إلى مادة مخفضة للهرمون الذكري في الدم وتختلف نسبة الاستروجين في الحبوب من نوع لآخر.
ويساعد كل من الاستروجين والبروجستين على منع التبويض عن طريق إحداث تأثيرات معينة في الغدة النخامية. ويؤدي ذلك في النهاية الى توقف إفراز الهرمون اللازم لتنشيط المبيض، والحيلولة دون خروج البويضة لإحداث التلقيح بالصورة الطبيعية.
وقد تمت تجربة حبوب منع الحمل للمرة الأولى في الخمسينات على سيدات من بورتو ريكو وهاييتي، واحتوت على هرموني الأستروجين والبروجستين اللذين تم تصنيعهما لمحاكاة تأثير الهرمونات الطبيعية في الجسد. وتم تحديث الحبوب على مدار السنين، لكنها كانت سبباً في بعض الأعراض المرضية في بعض مراحلها، فقد استنتجت دراسات أن تناول حبوب منع الحمل يمكن أن يزيد من احتمالات الإصابة بسرطان الثدي، وجلطة المخ، والنوبات القلبية وتجلط الدم، بينما استنتجت دراسات اخرى أنها تحمي من سرطان المبايض والأمراض التي تصيب جدار الرحم، والتهابات الحوض، وهي أمراض رئيسية تسبب العقم للنساء.
وظل القلق يساور بعض الأطباء، لكن غالبيتهم يعتقدون أنها آمنة ووسيلة فعالة لمنع الحمل. وقد نشرت المجلة الطبية البريطانية مؤخرا دراسة تتحدث عن أنواع جديدة من الحبوب لا تزيد من احتمالات تجلط الدم.
بين التأييد والمعارضة
تصر جمعية تنظيم الأسرة في بريطانيا على أن طرح الحبوب كان خطوة كبيرة للنساء. فقد قالت متحدثة باسم الجمعية إنها منحت النساء الفرصة لاتخاذ الخيارات الملائمة لحياتهن. وأضافت أن حبوب منع الحمل تظل وسيلة آمنة وفعالة تختارها الكثير من السيدات. لكن الجميع لا يوافقون على هذا الرأي، فقد قالت متحدثة باسم جمعية الحياة البريطانية التي تساند وجود الأسرة: إن الحبوب مسؤولة عن زيادة في عدد الأمراض التي تنتقل عن طريق العلاقات الجنسية. كما أنها وسيلة لمنع الحمل، لكنها وسيلة للإجهاض على حد قولها.
ويرى الدكتور محمد رأفت عثمان، عميد كلية الشريعة والقانون وأستاذ الفقه المقارن في جامعة الأزهر في مصر أنه يجب ملاحظة أنه لا محالة من التطرق إلى مصطلحين أساسيين هما “تحديد النسل” و”تنظيم الأسرة” عندما يدور النقاش حول مسألة مشروعية تعاطي المرأة المسلمة حبوب منع الإنجاب. ورد على سؤال للإذاعة الألمانية “دويتشه فيلله” قائلاً: “ان تحديد النسل هو التوقّف عن الإنجاب عند الوصول إلى عدد معين من الذرية، وذلك باستعمال وسائل تمنع من الحمل. أما إذا تدخلت السلطة التشريعية في دولة ما وأصدرت قانوناً ينص بعدم إنجاب أكثر من ثلاثة أطفال مثلاً، فإن هذا غير جائز شرعاً. ولا يجوز أن يجري الرجل أو المرأة عملية جراحية لإيقاف القدرة على الإنجاب، لذلك فإن تحديد النسل ممنوع شرعاً”. أما التنظيم فهو مطلوب بلا شك في كل شؤون الحياة.
وأضاف: تعد الأسرة المؤسسة الرئيسية في الحياة لذلك فإنه من الضروري تنظيمها، “لذلك فقد أباح معظم الفقهاء استخدام وسائل منع الحمل المؤقتة بشروط أهمها الحفاظ على صحة المرأة وصحة أولادها من كثرة الحمل وتتابعه. ولكن إذا تم إثبات خطورة عقاقير منع الحمل على صحة المرأة، فإنه من المحرم استخدامها، انطلاقاً من المبدأ الإسلامي المعروف: “لا ضرر ولا ضرار” على حد تعبير الدكتور محمد رأفت عثمان.
دراسات ونتائج متضاربة
تشير نتائج استطلاعات شملت نساء جربن استخدام حبوب منع الحمل لسبب أو لآخر الى أن هذه الحبوب قد تلحق أضرارا صحية ونفسية بالسيدات اللائي يستخدمنها. فمضاعفات حبوب منع الحمل عديدة ولعل أهمها الغثيان، القيء، تذبذب الوزن، الاكتئاب والصداع. وفي بعض الحالات يكون الأمر أخطر من ذلك بكثير، فقد صرح العلماء مؤخراً بأن النساء اللائي يتناولن اقراص منع الحمل قد يزيد لديهن خطر الإصابة بسرطان الثدي.
وخلص بحث أجرته منظمة الصحة العالمية إلى بأن وسائل منع الحمل التي يتم تناولها عن طريق الفم توفر حماية من الإصابة ببعض أنواع السرطان لكنها في الوقت نفسه قد تؤدي للإصابة بأنواع أخرى منه.
وبعدها صرح المتحدث الرسمي للوكالة الدولية لأبحاث السرطان في ليون بفرنسا بأنه: “من المحتمل أن يكون العائد الصافي الشامل لحبوب منع الحمل على صحة المرأة مفيداً لكن مطلوب إجراء تحليل دقيق لإثبات هذا الاحتمال”.
وفي دراسة اخرى قال علماء امريكيون إن تناول حبوب منع الحمل يمكن أن يحمي السيدات من مخاطر الاصابة بأمراض القلب وبعض أنواع السرطانات.
وجرت الدراسة، التي تم تقديمها خلال مؤتمر الجمعية الامريكية لطب الانجاب في فيلادلفيا، على أكثر من 160 سيدة. وكشفت أن السيدات اللاتي تناولن حبوب منع الحمل لأكثر من عام يتمتعن بحماية أكبر.
وتتعارض الدراسة، التي أجراها باحثون في جامعة ولاية واين في ديترويت، مع دراسات نشرت في السنوات السابقة أشارت إلى أن حبوب منع الحمل تزيد من خطر الاصابة بأمراض القلب.
وتعتبر دراسة جامعة واين واحدة من أكبر الدراسات التي أجريت على أثر حبوب منع الحمل على المدى البعيد، وقد بينت أن مخاطر الإصابة بأمراض القلب تنخفض بنسبة 10% لدى السيدات التي تناولن حبوب منع الحمل. ويشير الباحثون إلى أن حبوب منع الحمل تفيد بشكل أكبر في الأزمات القلبية البسيطة، كما أنها تقلل من خطر الإصابة بسرطانات المبايض والرحم.
وقال الدكتور راهي فيكتوري، الذي قاد فريق البحث: إلى احتمال أن يكون الهرمون الانثوي، الذي يوجد في الكثير من موانع الحمل التي يتم تعاطيها عن طريق الفم، هو العامل الفعال في الحماية، حيث يقلل من تضخم الأوعية الدموية.
ويقوم هرمون الاستروجين بوقف التخثرات الدموية من التجمع في الشرايين، والتي تقلل من تدفق الدماء ومن ثم تتسبب في أمراض الدم. لكن العلماء لم يقدموا تفسيرا للعلاقة بين حبوب منع الحمل والحماية ضد بعض السرطانات.
وقالت كاثي روس الناطقة باسم مؤسسة القلب البريطانية: إن هذه الدراسة تضيف إلى الأدلة السابقة أن الاستروجين ربما تقلل بعض العوامل المرتبطة بأمراض القلب مثل خفض معدلات الكوليسترول، ولكنها أضافت: “بينما نرحب بنتائج الدراسة، يجب عدم تجاهل بعض الأخطار المتعلقة بتناول حبوب منع الحمل مثل الجلطات”.
وأشارت دراسة اخرى إلى أن التوقف عن تعاطي حبوب منع الحمل يزيد من الرغبة الجنسية لدى السيدات ويقلل من معاناتهن من بعض المشاكل الجنسية مثل جفاف المهبل.
ويقول الباحثون إن سيدة من بين كل 6 سيدات يتناولن حبوب منع الحمل تتعرض لمثل هذه المشاكل. وقال الباحثون إن عدم تناول حبوب منع الحمل يرفع من هرمون تيستوستيرون الذي يزيد من الرغبة الجنسية.
وبينت الدراسة أن فقد الرغبة الجنسية يمكن أن يرتبط بانتهاء التبويض. وتفيد دراسة طبية اخرى مهمة بأنه ليست هناك علاقة بين حبوب منع الحمل وامكانية الإصابة بسرطان الثدي.
وجاء في الدراسة التي أجريت في الولايات المتحدة على 9 آلاف امرأة أن النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل لا يواجهن احتمالا اكبر للاصابة بسرطان الثدي من احتمال إصابة النساء اللواتي لا يتناولن الحبوب.
ويقول العلماء الذين اجروا الدراسة إن دراستهم تفند ما كان يعتقد في السابق من صلة بين حبوب منع الحمل والإصابة بسرطان الثدي.
ويقول الخبراء إن الدراسة من شأنها أن تطمئن النساء اللواتي يأخذن حبوب منع الحمل، ولكنهم يقولون إن الأمر بحاجة إلى مزيد من الدراسات.
وكان فريق الباحثين وعلى رأسهم الدكتورة بولي مارشبانكس في المركز الأمريكي للسيطرة على الأمراض وتجنبها قد درسوا حالات 9200 امرأة من البيض والسود ما بين عمر 35 و64 عاماً في خمس مدن أمريكية كبرى.
ووجد الباحثون أن النساء اللواتي كن يأخذن حبوب منع الحمل لا يصبن بعدد اكبر من حالات سرطان الثدي من النساء اللواتي كن لا يأخذ الحبوب. وحتى النساء اللواتي لهن سجل عائلي بالإصابة بسرطان الثدي لم يواجهن خطرا أكبر بتناول الحبوب.
ووجد الباحثون أيضا انه ليست هناك علاقة بين الإصابة بسرطان الثدي ومدة استعمال حبوب منع الحمل. وكانت نتائج الدراسة متقاربة في كل الفئات العرقية والعمرية.
وقال الدكتور ديفيد فيمينج، رئيس مركز البحث: “تطمئن هذه الدراسة النساء اللواتي يتناولن حبوب منع الحمل بأنهن لا يواجهن خطراً اكبر بالإصابة بسرطان الثدي”.
ويقول متحدث باسم مركز أبحاث السرطان في بريطانيا: “هذه الدراسة تطمئن النساء حقيقة، ولكن لسوء الحظ ليس هناك من المعلومات ما يكفي حول أسباب زيادة أخطار الإصابة بسرطان الثدي”. وأضاف: “لهذا نحن بحاجة إلى مزيد من البحث لمعرفة كيف يمكن تجنب الإصابة بسرطان الثدي”.
وتقول آن ويمان، مديرة رابطة تنظيم الأسرة في بريطانيا: “الدراسات حول العلاقة بين حبوب منع الحمل وسرطان الثدي معقدة في العادة. وأسباب الإصابة بسرطان الثدي كثيرة ومتنوعة، وتدخل فيها عوامل مثل العمر وتاريخ الأسرة ونوع الطعام”. وتتابع: المهم أن تعرف المرأة فوائد وأخطار حبوب منع الحمل التي تستعملها، وبعد ذلك عليها أن تختار ما تعتقد أنه مفيد لها”.
مخاطر الحبوب الاولى
وفي الاطار نفسه كشف علماء في الولايات المتحدة أن حبوب منع الحمل الأولى ربما تكون هي السبب في زيادة حالات سرطان الثدي، لكنهم يؤكدون أن هذه التأثيرات وجدت فقط عند النساء اللائي يمتلكن استعداداً وراثياً للإصابة بالمرض. ويؤكدون أيضا أنهم لا يمتلكون أي دليل على أن حبوب منع الحمل الحالية تحمل الخطورة نفسها.
وقد وجد العلماء من عيادة مايو في الولايات المتحدة الأمريكية أن النساء اللائي يتعرضن للإصابة بسرطان الثدي من جراء استخدامهن لحبوب منع الحمل هن اللائي يحملن استعدادا وراثيا فقط، أي من العائلات التي تصاب بمثل هذه الأمراض، وفي نفس الوقت فإنهن تناولن الحبوب قبل عام 1975.
ويقول كبير الباحثين في العيادة، الدكتور توماس سلارز: إن بياناتهم تظهر أن التراكيب الأولية من الأستروجين والبروجستين لهذا الدواء التي أخذت بجرعات عالية هي التي تشكل خطورة. والأهم من ذلك أن هذه النتائج تؤثر في النساء اللائي يمتلكن استعدادا متوسطا لسرطان الثدي، ويجب عليهن ألا يعتبرن هذه الدراسة سببا لتغيير طرق منع الحمل التي يتبعنها حاليا. وتبلغ نسبة الإصابة بسرطان الثدي عند ذوات الاستعداد الوراثي أكثر من ثلاثة أضعاف بالمقارنة مع من ليس لديهن استعداد وراثي. وتتعاظم المخاطر في العائلات التي شخص الأطباء نساء فيها أو من أقاربهن مصابات بسرطان الثدي أو الرحم.
يتبـــع