وطن في السماء . . حقيقة أم طاحونة هواء؟
ملحق ثقافي
15/1/2008م
عبد الرزاق دياب
اللقاء الأخير مع الروائي السوري فضل عفاش أراد له أن يكون عاطفياً، وصريحاً،
عفاش الكاتب الإشكالي الذي أثار حوله في الأمكنة التي ارتادها كثيراً من الريبة، كون الأشخاص الذين وجه إليهم اتهاماته ليسوا مجرد كتاب عاديين أو فنانين مجتهدين، عفاش اختار نجوم الصف الأول عربياً وعالمياً.
في اللقاء الأخير قال لي عفاش: ( وطن في السماء)، عمل روائي وسيناريو لمسلسل يحمل اسم فضل عفاش ولفضل عفاش فقط، وهو موثق ومحمي لدى الجهات الفكرية والثقافية والقانونية،
ومعركتي ليست مع أحد هنا أو خارج سورية، هي مع القوى العظمى التي تضطهدنا. يعود الآن فضل عفاش إلى الساحة وللدفاع عن روايته، كون الفنان دريد لحام أعاد الحديث في بعض تصريحاته الأخيرة عن عمل قادم له يجمعه مع الفنان المصري عادل إمام تحت عنوان وطن في السماء، ولا يريد عفاش أن يعود إلى معركة تشبه معركته في مصر مع محمد صبحي مع تأكيده كثيراً على احترامه للفنان الكبير دريد لحام، ولكن عندما يتم الحديث عن وطن في السماء يكون هناك كلام آخر. ولكن ما قصة عفاش مع محمد صبحي والصراع الذي احتدم في الصحافة المصرية وأروقة القضاء المصري بينهما. مع محمد صبحي البداية من مصر حيث أقام عفاش لسنوات أنجز خلالها مجموعة من الأعمال من أهمها وأكثرها إشكالاً رواية ( أنا لا أحبك يا وطني) والتي كانت سبباً لزوبعة في الوسط الفني المصري وكذلك دوائر القضاء. يقول عفاش: وقع عليّ سحره فجذبني خطابه القومي، فرحت إليه بروايتي( أنا لاأحبك يا وطني)، لتكون في مشواره الفني عملاً عربياً سورياً معنياً ومؤازراً ووفياً لمشواره الفني، فأخذه مني شاكراً، ليوقع هذا الأخذ الأذية عليّ بشكل لم أتصوره. والرواية صادرة عن دار الفتح المصرية عام 1996 ومسجلة حسب الأصول وموثقة بدار الكتب المصرية ومحمية بالقوانين. قام محمد صبحي بأخذ الرواية برمتها في المسلسل الشهير( فارس بلا جواد)، الذي أنتجته قناة (دريم) عام 2002، دون الإشارة إلى اسم كاتبها، وهي المهداة إلى صبحي لقراءتها وإبداء الرأي. وبدأت المعركة الإعلامية والقضائية بينهما، يتابع عفاش: أخذت معركتي مع صبحي ما أخذته من عمري، وأنا أستجدي وللأسف حقي من دواوين القضاء العالي بمصر، الذي لم ينصفني رغم الشهادة العالمية بنزاهته، ورغم ما التمسته من تعاطف كبير وصادق وحار من كبار أهل الثقافة والفن والإعلام في مصر ومؤازرة الصحافة العربية والدولية وأخص وكالة الأنباء الفرنسية.
وهنا يسجل عفاش عتباً على الإعلام السوري والصحافة الوطنية : التمست المساعدة من وكالة الأنباء السورية فلم أجدها، وبعد أيام وبالصدفة يقع بين يدي عدد من جريدة محلية، وتحت عنوان( الرقابة المصرية تبرئ محمد صبحي من رواية فضل عفاش). وقد جاء في سياق الخبر الذي أوردته الثورة( وأصدر مدكور ثابت رئيس الرقابة قراراً بحفظ الأمر وطلب من النيابة استبعاده من الموضوع لأنه لا يود ما يثبت أن السيناريو الذي قدمه صبحي وبغدادي لاحق على نص فضل عفاش....) يقول عفاش: نقلت الجريدة الحكم ونشرته قبل أن يحدد القضاء المصري، لجنة المقارنة بين الرواية والسيناريو، لأجبر فيما بعد على ترك القضية التي لا تزال متروكة ومهملة حتى الآن. مع دريد لحام عاد عفاش إلى سورية خائباً من قضاء لم ينصفه مع محمد صبحي، ولكنه لم ينجُ من معركة جديدة أثارها كما يقول لقاء بين زاهي وهبي وعادل إمام، ففي سؤال وجهه زاهي لعادل إمام عن المشروع المشترك مع دريد لحام قال إمام: اتصل بي دريد وأخبرني أنه يحضر لعمل مشترك بيننا بعنوان وطن في السماء من تأليف الكاتب الكبير محمد الماغوط. يقول عفاش: هذا ما أثارني ففي العام 1997 وأثناء إحدى زياراتي لدمشق، قمت بزيارة الفنان دريد لحام وحملت له عملي الروائي الجديد وهو الجزء الثاني من (أنا لا أحبك يا وطني) وتحت عنوان وطن في السماء، وكان يتواجد عنده حينها فنانة صغيرة تدعى (جيما دريوسي)، رحب بي كثيراً، وتحدث إلي بعد يومين والتقينا وأثنى على العمل. اشتغل عفاش وطن في السماء كما يقول إضافة إلى العمل الروائي كسيناريو عمل تلفزيوني ملحمي يدافع عن سورية بنكهة خاصة، وعن سورية في العالم العربي بمذاق مختلف. ويؤكد: وطن في السماء لي ...لي أنا، ومسجل حسب الأصول في قوانين حماية الملكية الفكرية في سورية، وهو مطبوع وموجود على مساحة طيبة في العالم العربي( تم توزيع بعض النسخ من قبل عفاش على بعض الكتاب والسفارات والأصدقاء كما قال). أما آخر المستجدات التي دفعت عفاش لإعادة إثارة الموضوع مع دريد لحام هي التصريحات الأخيرة لدريد عن الاتفاق مع المؤسسة العامة للسينما لإنتاج فيلم بعنوان وطن في السماء. يتساءل عفاش مستغرباً: هل يحق للمؤسسة المذكورة أن تنجز عملاً محمياً بالقوانين السورية دون الرجوع لمؤلفه؟ رد لحام في لقاء سابق حول نفس الموضوع كان موقف الفنان الكبير بسيطاً مع ابتسامة لا مبالية، وواثقة: " تم الإعلان عن اسم العمل منذ العام 1984 والسيد عفاش يقول أنه سلمني النص في العام 1997، فأنا من يحق له الادعاء وليس هو، ومع ذلك أنا لا أحب الإشكالات..اللـه يبارك له بالاسم وإذا أراد اسمي ليأخذه سأسمي نفسي(حسين). وثائق دريد لحام التي أبرزها مجموعة لقاءات صحفية تمت معه: - الأهرام المصرية في 9/12/1986 تحت عنوان أول كوميديا سورية مصرية، جاء في الخبر( تم الاتفاق بين الممثل الكوميدي السوري دريد لحام والفنان الكوميدي المصري عادل إمام على الاشتراك في بطولة فيلم مصري سوري مشترك باسم(وطن في السماء). - الأفكار 18/2/1985 تحت عنوان : دريد لحام: سأخرج لعادل إمام فيلم (وطن في السماء). - نادين 22/12/1986: اللقاء الأول على متن الطائرة( وطن في السماء). في العمل الروائي يرى عفاش أن الرواية تستبشر وقوع أحداث في المنطقة العربية وتنبأت بوقوع أحداث تمت فعلاً، على الصعيد العربي يترك عفاش لذكاء القارئ العربي أن يستنتج من القصيدة المطبوعة على الغلاف الأخير نبوءات وطن في السماء عن أحداث المنطقة العربية. بين السيناريو والعمل الروائي تتقاطع التنبؤات العالمية، يقول عفاش: يتم السيناريو في أغلب العواصم العربية وخمسة عواصم عالمية منها لندن وروسيا وقرطبة وروما.. من التنبؤات حصول آل غور على جائزة نوبل، كذلك عودة الدور الروسي وتنبه الشيوعيين وحنينهم إلى المجد السوفييتي، والملف النووي الإيراني. الناشر أحمد الخطيب دار الأمة وطن في السماء رواية الوقائع والأحلام العربية، وما بين الواقع والحلم العربيين ينشد فضل عفاش أن يكون الوطن الذي ينشده في السماء، وطناً على هذه الأرض التي لن تعرف، وناسها، الشيخوخة أبداَ رغم أن عمرها يفوق ملايين السنوات. هكذا يقدم الناشر أحمد الخطيب مدير دار الأمة لرواية (وطن في السماء) الصادرة في كانون الثاني 2006، أما عن مشروع طباعة رواية وطن في السماء يقول الخطيب: جاءني الروائي فضل عفاش كأي كاتب يريد طباعة عمله، مع كافة الموافقات، وسمعت منه شيئاً عن مشكلته مع محمد صبحي، والمشكلة مع الفنان دريد لحام حول عنوان العمل، وما قد يتضمنه من تشابه مع ما يصرح به دريد لحام كونه قدم العمل له في عام 1997. مع الكبار في رد الأستاذ عفاش على سؤال يتعلق بكونه يحاول من خلال تناول الكبار بالاتهام خلق هالة حوله أجاب لدي الدليل بأني لا أحتاج للتحرش بالكبار كما تقول، فانا لست خارجهم.) أبرز السيد عفاش صورة له مع عمالقة الفن في مصر( أمينة رزق، عبد اللـه غيث، يوسف شعبان، محمود ياسين...إلخ). لأول مرة بصراحة دريد لحام( الوجه الآخر) أثار اللغط حول وطن في السماء في ذاكرتي مجموعة من الهمهمات والهمسات المعلنة والسرية التي كان يتداولها الوسط الفني والثقافي، من تصريحات وتلميحات لبعض من عمل مع لحام أو تحت إدارته. هل كان فناننا الكبير انتهازياً؟ - في لقاء سابق مع دريد لحام سألته عن علاقته بالراحل محمد الماغوط وأنه لم يسلم من الانتقادات الحادة التي أطلقها الشاعر الراحل في رحلته الطويلة معه؟ ففي لقاء مطول أجرته مجلة الناقد التي كانت تصدر في التسعينات عن دار الريس، تحدث الماغوط عن دريد لحام قائلاً: (دريد لحام انتهزني، استغلني كجواز سفر ليعبر). ضحك حينها دريد لحام وقال: اللـه يرحمه.. لا تجوز على الميت سوى الرحمة. - في الوسط الفني يقال أن دريد لحام في أعماله جعل من الفنان دبيكاً ومن الدبيك فناناً. الأعمال القادمة ما زال فضل عفاش حتى تاريخه يكتب الرواية والسيناريو ويؤكد أن معركته هي ليست مع الداخل، بل مع الخارج المسيطر والمهيمن، أما عن آخر أعماله: - (جولان على حبال من طين) فيلم تلفزيوني وسينمائي أنجز العام الماضي 2007 -مسلسل (أم الزمان) دراما تلفزيونية ملحمية معاصرة من 30 حلقة تغوص في رحاب دمشق من النواحي الثقافية والسياسية . ملاحظة: يقول عفاش أنه أهدى الحلقات الأولى من العمل الأخير للفنان( ياسر العظمة)؟ ما الحقيقة؟ لم يزل عفاش يجلس على طاولته المستديرة في فندق العامر بدمشق، منهمكاً في الكتابة، هادئاً، و(وطن في السماء) حبيسة لم تأخذ حقها الفعلي من النشر والقراءة، هي دعوة لقراءة العمل المشكلة، وقراءة لأدب كاتب سوري قد نخرج من قراءته باستنتاجات مختلفة، ربما خاض حرباً من أجل حق لم نتبينه، وربما حرب طاحونة جديدة.
الثورة الثقافيه الثلاثاء15/ 1/ 2008- العدد 582