ان الاوان لتبديل تسمية اللغات السامية ..
عبدالوهاب محمد الجبوري
أطلق عالم اللاهوت المستشرق الألماني – النمساوي شلوتزر في سنة 1781 ميلادية مصطلح الساميين على الأقوام الاكدية والبابلية والأشورية والكنعانية والعرب والآراميين والأحباش والأنباط وغيرهم من الأقوام التي هاجرت من الجزيرة العربية بسبب ظهور مناطق جفاف نتيجة التصحر الذي كان يتفاقم لانحسار الجليد إلى الشمال نهاية العصر الجليدي الثالث ، ومن الممكن أن تكون أزمان هجرات تلك الأقوام قد حدثت قبل حوالي عشرة آلاف سنة لان مناخ الجزيرة في ذلك التاريخ كان مقاربا لمناخها اليوم ، أي كثير الجفاف .. ولهذا علينا أن نفترض أن هجرات سكان الجزيرة العربية قد تغلغلت في بلاد الرافدين وبلاد الشام وفلسطين ومصر ، على الأقل ، قبيل ذلك التاريخ التقريبي وبشكل متتابع كلما ازداد التصـحر وباتجاهات متعددة ، شمالا وشرقا وغربا ..
ويبدو، بناء على ذلك ، أن اللهجات ازدادت تباعدا منذ ذلك الحين وتطورت إلى لغات شيئا فشيئا قبل أن تنتشر في بلدان الهلال الخصيب لأنها عندما دخلت تلك البلدان كانت قد وصلت فعلا إلى مرحلة اللغات ..
نعود فنقول أن السامية تسمية حديثة ، أطلقت لتكون علماً على عدد من الشعوب التي أنشأت في هذا الجزء من غرب آسيا حضارات ترتبط لغوياً وتاريخياً، كما ترتبط من حيث الأنساب، والتي زعم شلوتزر أنها انحدرت من صلب سام بن نوح، بناء على ما جاء في التوراة في صحيفة الأنساب الواردة في الإصحاح العاشر من سفر التكوين، من أن الطوفان عندما اجتاح سكان الأرض لم ينج منه سوى نوح وأولاده الثلاثة: سام وحام ويافث وما حمل معه في سفينته من كل زوجين اثنين ، وقد شاعت هذه التسمية وأصبحت علماً لهذه المجموعة من الشعوب عند عدد كبير من العلماء في الغرب ومن سايرهم من العرب على الرغم من أن هذه التسمية لا تستند إلى واقع تاريخي، أو إلى أســـس علمية عرقية صحيحة، أو وجهة نظر لغوية .. وقد شاعت هذه التسمية منذ أواخر القرن الثامن عشر وحتى الآن ، رغم ما فيها من قصور في الدلالة واللبس وافتراض سلسلة من النسب لا يعلم إلا الله صدقها .. وقبيل الحرب العالمية الثانية وبعدها اكتسب مصطلح الساميين معنى سياسيا جديدا ، حيث أطلق على اليهود خاصة وصارت عبارة العداء للساميين تعني العداء لليهود ، فزادت التسمية لبسا ..
إن عدم دقة هذه التسمية يتمثل في أنها تعد العيلاميين من سلالة سام ، وكذلك الكوشيين ، وهم من سلالات أخرى ، فالعيلاميون هم من الشعوب الهندو اوربية ، والكوشيون هم من الشعوب الزنجية الأفريقية ، ولعل الذي أوهم كتاب العهد القديم هو أن العيلاميين كانوا يستعملون الخط المسماري الاكدي ، وقد اختلطوا بأهل العراق وجزيرة العرب .. أما الكوشيون فان منهم الأحباش الذين يتكلمون بإحدى اللهجات اليمنية القديمة وبخط مشتق من خطها المسمى المسند ..
وعن هذه التسمية غير الدقيقة علميا ولا تاريخيا فان العلماء والاثاريون والمختصون في العراق والوطن العربي يميل بعضهم إلى تسمية اللغات السامية باسم يمثل أصولها التاريخية وموطنها الأول ، الذي يجمع الباحثون على أنها جميعا كانت تشترك فيه ، وما زال بعضها يعيش فيه ، ونعني جزيرة العرب وما أثر من تسميات متعارف عليها لشعوبها الأولى التي كانت تسكن جزيرة العرب ، وفي مقدمتها العربية الشمالية والعربية الجنوبية بلهجاتها المختلفة ، ، وبناء على هذا فان هؤلاء العلماء والاثاريين والمختصين ومنهم الدكتور عامر سليمان من جامعة الموصل والدكتور خالد إسماعيل من جامعة بغداد والباحث عبدالوهاب الجبوري من كلية الاثار / جامعة الموصل ، كانوا قد اقترحوا اسم شعوب العاربة ولغات العاربة أو العاربية ، والعاربة هم الذين يشير إليهم العلماء العرب في صدر الإسلام بأنهم سكان الجزيرة الأوائل مثل : طسم وعاد وجديس وثمود وارم ، في حين اقترح المرحوم الأستاذ الدكتور المرحوم سامي الأحمد من جامعة بغداد أن تسمى هذه اللغات باللغات الجزرية ، نسبة إلى شبه جزيرة العرب ، وهي تسمية جغرافية في الأساس ولكن يفهم منها في كتب التراث عادة النسبة إلى جزيرة ابن عمر الفراتية وليس إلى جزيرة العرب بأكملها ، واقترح الدكتور المرحوم طه باقر وآخرون أن تسمى اللغات السامية باللغات العربية القديمة ، وهي تسمية جيدة إذ تشير إلى الموطن الأول للغات وهو جزيرة العرب ، كما تؤكد قدم اللغة العربية ..
خلاصة الموضوع ان تسمية اللغات السامية او الاقوام السامية ان لها ان تتبدل الى احدى التسميات :
1 . اللغات العاربة .. او
2 . اللغات الجزرية .. او
3 . اللغات العربية القديمة ..
وهناك لكل راي مؤديون وحجج وادلة وبراهين .. والميل اكثر لصالح تسمية اللغات العاربة او الجزرية .. علما بان اللغة الام لهذه اللغات هي العربية وهذا موثق تاريخيا وعلميا .. من هنا فان تسمية اللغات العاربة او العاربية هي التي بدات تنتشر اكثر وعلينا ان ناخذ بها .. وهذه رسالة موجهة لكل الكتاب والباحثين والمتخصصين على انهاء استخدام مصطلح اللغات السامية والاقوام السامية للاسباب الواردة في اعلاه ..