خديجة بنت عبد الحي : الحرف يبقى زمانا بعد موت كاتبه
كنت أفتش في أوراقي القديمة .. بحثا عن شيء ما ... ولم أكن أعلم أن (رزقا ما) قد كتبه الله لإحدى إمائه ... أفتش وأفتش .. أتجنب هذه الأوراق ليقيني أن ما أبحث عنه لا يمن أن يكون فيها .. حتى وجدت رسالة – في ظرف – قديمة .. أعرف ما بداخلها ... وليس ما أبحث عنه .. مع ذلك وجدتني أفتح الظرف .. وحين فتحت الرسالة التي أعرف أن بها قصيدة للشاعرة خديجة بنت عبد الحي.
فتحت الرسالة فوجدت معظم الأسطر قد مُحيت .. فكرت أن أبحث عن القصيدة أو الشاعرة في الشبكة العنكبوتية ... وضعتها جانبا ... نسيتها.
وحين رأيت الظرف بعد ذلك – في درج مكتبي – تذكرت الأمر .. فبحثت في الشبكة .. لم أجد القصيدة .. لكنني وجدت نعيا للشاعرة خديجة بنت عبد الحي .. والتي توفيت – رحمها الله - قبل عقد من الزمان!!
هذا الترحم هو (الرزق) الذي كتبه الله لها ..
خديجة – رحمها الله – شاعرة موريتانية شابة كانت تعمل في المكتبة العامة في العاصمة، وقد كتبتُ لها طالبا عناوين بعض المخطوطات – حسب طلب بعض الإخوان – زودتني بما وجدت ... وأرسلت إليّ قصيدتها التي فازت في إحدى المسابقات الشعرية .. وهي القصيدة التي طُمس معظمها ...
رحم الله والديّ ورحم خديجة بنت عبد الحي.
وهذه بعض الأبيات التي نجت من الطمس ..
تقول خديجة رحم الله والديّ ورحمها :
أأشند الشعر والحرف الجريح خبا * في ترعة من جليد الصمت منتحبا؟!
ما باله مبحرا في فلك أخيلتي * يمتص من وجعي ما ظل محتجبا
يدق باب القوافي هل سيمهلني * حتى أرتب أشيائي واحتجبا
(طمس) الكلمة الغرقى بحنجرتي * هواتف تخنق الإلهام إن سكبا
إلى أن تقول :
من أين أسكب في كأس الرضيع حلبيا إذا * يبكي حليبا وهل يعطي البكا نخبا؟
من أين أستل للطفل الرغيف إذا * يأوي أصيلا يناجي الحظ مكتئبا؟
إلى قولها :
أم كيف أنسج من فيض الحنان كسى * تقي الوليد سياط البرد إن غضبا؟
تحدرت دمعات البؤس من حدق * غرقى بليل هموم مضرم لهبا
(أبيات مطموسة)
يمشي الغراب بها إذ يستزيد(طمس) * دما حمام الربا ما زال مختضبا
داري همومك بالصبر الجميل أما * علمت أن على أنشودتي رقبا؟
تلويحة الوداع :
الخط يبقى زمانا بعد موت كاتبه * وصاحب الخط تحت الترب مدفونا
اللهم ارحم والديّ وارحم خديجة بنت عبد الحي .. اللهم استرنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض.
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني