السلام عليكم
د. خالد عزب - خبير الآثار الإسلامية - مصر
أنشئ هذا المعهد في جامعة حلب عام 1976م، وكان أول معهد متخصص في تاريخ العلوم في الوطن العربي، هدفه الأساسي القيام بدور تراثي فاعل، يكشف عن مساهمات العرب والمسلمين، ويبين ما حققوه من إبداع علمي متميز، مع إظهار فضلهم على الحضارة الإنسانية.
وقد تحددت مهام المعهد منذ إنشائه في:
- الكشف عن التراث العلمي في مختلف الميادين، وجمعه وتصنيفه وتحقيقه ونشره، بنصوصه الأصلية، وترجمته إلى اللغات الأجنبية.
- إعداد الدراسات والبحوث.
- إعداد الباحثين وتدريسهم في مختلف التخصصات.
- الإفادة من جهود العرب والأجانب في الكشف عن التراث العلمي، والتعريف به، ونشره.
- منح الدرجات العلمية للمتخصصين.
وقد تُرجمت هذه المهام بإصدار المجلات والدوريات المتخصصة، ونشر البحوث والمؤلفات، وجمع المخطوطات العلمية العربية وتحقيقها وترجمتها ونشرها، وتكوين مكتبة متخصصة، وتنسيق جهود الباحثين العرب والأجانب، وعقد الندوات المحلية والدولية، ونشر نتائج أبحاثها، وعقد الدورات ذات العلاقة، وإيفاد البعثات للقيام بالأبحاث والتحريات والميدانية، وإقامة متخصص.
وأبرز مجالات المعهد وميادين العمل فيه، هي تاريخ العلوم الأساسية، والطبية والتطبيقية. وقد أنشئ في أوائل الثمانينيات برامج تدريسية للجامعيين؛ لمنح دبلوم الدراسات العليا، ودرجتي الماجستير والدكتوراه، في تاريخ العلوم العربية المختلفة. ومن مواد التدريس في هذه البرامج ربط الحضارة العربية بمن أخذوا منها، وتدريس تاريخ الطب الحديث من القرن السادس عشر الميلادي حتى اليوم.
أهم نشاطات المعهد
ومن بين نشاطات المعهد المحسوسة، عقد الندوات العالمية في تاريخ العلوم عند العرب. بلغ عدد هذه الندوات حتى عام 2000 ثماني ندوات، عُقد بعضها في الكويت وغرناطة ورأس الخيمة، بالتعاون مع هيئات علمية وثقافية، وقُدِّم في هذه الندوات عشرات البحوث من علماء عرب وأجانب، طرقت كثيرًا من منجزات العرب وإضافاتهم وإمكاناتهم المبدعة. الأمر الذي يُقوي العزيمة، ويحفز النفوس إلى مزيد من العمل لبناء المجتمع العربي المتقدم علميًا وتكنولوجيًا. ولفت نظري أن من البحوث المُقدَّمة ما كان حول انتقال العلم العربي إلى الغرب اللاتيني.
أما المؤتمرات الدورية السنوية، فقد عُقد بعضها بالتعاون مع الجمعية السورية لتاريخ العلوم، وبعضها عقد في مدن سورية عديدة، قُدِّم فيها عشرات البحوث المتنوعة، التي تطرق شتي الميادين العلمية، وتكشف عن إبداع العلماء العرب في هذا المجال.
يُذكر أن هذه المؤتمرات كانت تنتهي بإقامة معارض علمية ذات علامة. ومن بين الموضوعات التي بُحثت فيها: موضوع الترجمة والإبداع عند العرب. وكان من بعض التوصيات - التي تكررت كثيرًا - في هذه المؤتمرات: أهمية تعاون المؤسسات المماثلة.
ومن أظهر أعمال المعهد: تحقيق المخطوطات، ونشر الدراسات حولها، ولديه من الدراسات المنشورة في هيئة سلاسل في تاريخ العلوم الطبيعية والدقيقة والتكنولوجية والطبية، ومن النصوص والدراسات المنشورة ما هو حول الرياضيات من حساب وجبر وهندسة ميكانيكية، والفلك وأثره في علم الفلك الحديث، والكيمياء وعلم المعادن، وعلوم الطبيعة، والزراعة، والعلوم الطبية ونباتاتها، وعلم الحيوان، والساعات المائية، والصناعات الحربية والعسكرية. كما طبع المعهد أبحاث المؤتمرات والندوات في مختلف العلوم، بعضها باللغات الأجنبية. ومن منشوراته أيضًا ما هو على هيئة موسوعات وفهارس عامة.
أما دوريات المعهد؛ فهي ثلاث:
1 – مجلة تاريخ العلوم العربية، وهي نصف سنوية.
2 – ونشرة المعهد بعنوان: رسالة معهد التراث العلمي العربي، وهي نصف سنوية.
3 - ومجلة عاديات حلب، وهي سنوية.
ووضع المعهد في مقره نواة لمتحف في تاريخ العلوم، وهو ما يزال متواضعًا وبسيطًا، ويحتاج إلى دعم مادي كبير؛ ليصل إلى المستوى الذي يكشف عن مساهمات العرب لعامة الجمهور، ويكون بمثابة مختبر للطلبة في جميع المراحل.
المعهد يأخذ بعدا دوليا
على أن المعهد أخذ بُعدًا دوليًّا خارج حدود جامعة حلب؛ فاشترك في الاتحاد الدولي لتاريخ العلوم وفلسفتها، الذي يضم كثيرًا من الدول الغربية، والأمريكية وغيرها؛ وأقام تعاونًا وثيقًا مع جامعات غربية وعربية، وهيئات قومية، كمعهد المخطوطات العربية، ودولية كاليونسكو، وكل ذلك مُكرس لخدمة تاريخ العلوم العربية، وشارك في كثير من الندوات والمؤتمرات الدولية التي تأسست عام 1975، واتخذت هذا المعهد مقرًا لها. ومن أجل أعمالها عقد محاضرات ثقافية عامة في تاريخ العلوم العربية.
أقام المعهد احتفالات من خلال أسابيع العلم؛ احتفاءً بالعلماء العرب المنسيين؛ كمحمد، وأحمد، والحسن، أبناء "موسى بن شاكر"، أبرز علماء العرب في الهندسة الميكانيكية.
وقد نُوقشت العديد من الرسائل العلمية الهامة، والتي تعتبر نقاط تحول في دراسة تاريخ العلوم عند العرب في المعهد، ومنها رسالة ماجستير حول دراسة وتحليل الآلات المائية في كتاب: "الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل للجزري" للباحث "فهمي الحريري الرفاعي"، ورسالة دكتوراه للباحثة "ميادة حناي" حول "البنية التحتية للمنشآت في التراث العلمي العربي في سوريا".
منقول