العالم في قبضة " المبتدعون " و" الديليت " و" ممكن نتعرف " ، ..الخ !
جريدة الرؤية العمانية ..
" الفيس بوك " عالم افتراضي لم يكن لنا يد في اختراعه وابتكاره ، ولكن - دون شك - لنا يد في تسخيره بما يخدمنا ومثلنا وتطلعاتنا ، ذاك العالم الذي يكون من معين اختراعنا وابتكارنا نحن ؛ عالم يغدو جديدا لنا ويليق بنا ..في حملة رائعة وما أكثر الحملات الحافلة بالروعة على حوائط الفيس بوك ، تجشمتها جوقة مميزة من الفتيات المصريات لمحاربة الإباحية في الفن ، تحت شعار : " أنا واحد مش صفر .. سأكون إيجابيا وأقاطع كل ما يخدش حيائي " .. إنها حملة تسعى إلى التصدي للإباحية ومقاطعة كافة وسائل الإعلام المختلفة التي تهدف إلى ترويج الفن الرخيص سواء على الفضائيات أو الإنترنت سواء كانت أغنية أو فيلما أو مسلسلا أو برنامجا أو إعلانا أو حتى لفظا أو صورة أو إشارة بعد أن غدت هذه المواد تذاع بمنتهى اليسر وتعرض بطريقة غير لائقة مطلقا ، والطامة الكبرى أن من الفئات التي تتفرج عليها هم الصغار والمراهقين ..!الصغير الذي يخدش براءته ويمتص نقاؤه الطفولي ، بينما المراهق الذي يعرف أكثر مما ينبغي وبأسلوب غير تعليمي بالدرجة الأولى وما يترتب على هذا من ضغوطات نفسية تترجم معظمها إلى جرائم ..!وجاءت فكرة هذه الحملة كما قالت الباحثة الإعلامية " نرمين توفيق " المسؤولة عن الحملة : " فكرت في إنشاء هذه الحملة في عام 2009م وذلك بعد أن رأيت " بوستر " في الشارع لفيلم معروض بشكل غير لائق ، وقتها فكرت مع نفسي كدارسة للإعلام أن أقوم بعمل شيء مفيد لتوعية الجمهور .." . وفي الحديث عن حوائط الفيس بوك التي تعددت توجهاتها وأنواعها إلى أحزاب وقوميات وفكريات وأدبيات ومجموعات تحمل عناوين غريبة ومدهشة وذات نزعات أكثر غرابة ، كل هؤلاء لا يشكل أدنى غرابة أمام أشخاص استحدثوا حوائط خاصة لترويج أفكارهم البذيئة الفئة الأولى تندرج تسميتها بـ " أريد سالب " / " أريد موجب "وأغلب تلكم الحوائط خاصة بالشوّاذ الذين يراكمون كمجموعات تحت أسماء مستعارة معظمها ، ناهيك عن غيرهم من الفتية والفتيات الذين عرضوا أنفسهن سلعا لمن يشتهي وكأننا في بازار لعرض الأجساد ..!وفئة أخرى يمكن تسميتها " ممكن نتّعرف "لا هم لها سوى اصطياد معجبين وكأنهم في سباق للقنص ، وبمجرد أن تقوم بإضافة أحدهم حتى تعلن رسائلك الخاصة عن رسالة منهم بلا سلام أو كلام سوى رقم هاتف وعبارة واحدة اختلفت لغتها وتذكيرها وتأنيثها ولكن تحتمل الدلالة نفسها ..! الفئتين الأولى والثانية لقد نسخوا أنفسهم في داخل وخارج الجدار الفيسبوكي ؛ الزمن في عبور ممتد والأمكنة في تبدل دائم ، بينما هذه الفئات لا أهداف ولا تطلعات حقيقية في الحياة وكأنهم عقول فارغة سوى من لوثات منحطة ، التي تضعهم في مرتبة الدونية ؛ ولا أمرّ من أن تكون البقرة في الشارع أو الدودة التي تستحث خطاها على الأرض أعلى مرتبة من هؤلاء ؛ إنها على الأقل تقوم بوظائفها الطبيعية على أتم وجه على نقيض الآخرين الذين اختاروا الطرق الملتوية على حساب حياتهم المستقيمة ..!الفئة الثالثة تمثلت في هيئة شيطانية مصغرة ولكن عواقبها جبارة " الفتن "تلك التي توغر الصدور تحت مسميات عدة ولكن أهدافها وضيعة تحتمل معنى واحد فقط نشر الفتن بين المذاهب والطوائف ليس على مستوى البلد الواحد بل كل البلدان القريبة والبعيدة منها ؛ فنار الفتنة تأكل الأخضر واليابس ، وإذا ما كانت " الفتنة أشد من القتل " فإن هؤلاء بالنسبة لهم أن " الفتنة أفضل وسيلة لهدم العلاقات الإنسانية وأواصر الاجتماعية والدينية "؛ فهم أعداء الإنسانية ، بل كل ما يمت لصالح الإنسانية ..!الفئة الرابعة " الغوغائيين" أو أصحاب ترويج الإشاعات على من هب ودب ؛ فهم بلا شاغل ، وشاغلهم الناس ، وهؤلاء لا في العير ولا في النفير ، فما يعرضونه على حوائطهم يخص الآخرين أكثر مما يخص كيانهم ، فهم غائبون لإحياء الآخرين والترويج لهم ، لقد فاتهم أنهم يتنفسون من أجل نشر جرعة فضيحة عن الفنانة المدعوة " س " أو خبر طلاق عن الفنان المدعو " ص " ، والحياة تسير على الوتيرة نفسها من الصباح حتى المساء ..!أما " المبتدعون" فحكايتهم حكاية ..! وعلى كل حائط لهم رابط أو حشد من الروابط ؛ في ظاهرها مصلحة الدين ، يضعون تلك الروابط دون التأكد من صحة شيخها في الإفتاء أو صحة الحديث أو التفسير نفسه عن المعنى المعروض ، والعامة ما بين التحليل والتحريم ؛ فالأم ترى " الباروكات " من الفتن والمحرمات وابنتها تقول إن الشيخ الفلاني أجازها ..!بينما مجموعة " الديليت "؛ أولئك الذين حين تسمح لهم بالدخول من باب استقبالك ، ما إن يضعوا أقدامهم حتى يتجنّس المكان بهم ، تضيفهم في البدء ؛ لأنك تحترم إنسانيتهم ولكن تضطر فيما بعد إلى حذفهم بلا أسف ، وهكذا هم في كل حائط وحائط من حالة إضافة إلى حالة حذف ، ولا يستسلمون لو قدر لهذه العزيمة أن تلمّ في نصرة الأمة في زمن ما لفعلت عزيمتهم العجائب ، لو ..!أما عن " الفئات المناهضة " في الحياة ، الفاعلة ، أولئك الذين لديهم خير فائض يبثونه بين حين وحين هنا وهناك ، عند هذا وهذه وذاك وتلك ، هم بشر لا يمكن تصنيفهم على حسب مواهبهم أو مهنهم أو حتى مكانتهم في المجتمع أو حتى أعمارهم ، فيكفي إنهم " فاعلون " ، " خيّرون " ، " حريصون " على رقي الفرد والمجتمع والعالم في تواصل إنساني حميم ، بل الأهم والأهم على " احترام " أنفسهم وعقولهم ومشاعرهم والآخرين ؛ هذه الفئة التي يمكن القول إنها تحاول قدر طاقاتها على الاستفادة من ابتكار " الفيس بوك " كما في كل اختراع لهم نصيب من الإبداع فيه ؛ وهؤلاء ، كالشهب حين يطلّون ، كالغيمة حين تحبل خيرها في موسم قحط ، كالنحلة في خفتها ، كالنملة في همتها ، رائعون وكفى ..وهم أكثر الفئات للأسف تعرضا للحذف من قبل الجهات المسؤولة ، للأسف الشديد ..! فليت السيد " مارك زوكيربرغ" حين حرص على مصالح إسرائيل وذلك بحذف صفحة الانتفاضة الفلسطينية ، أن يكون لديه ولو أدنى حرص على حذف كل ما يلطخ إنسانية الإنسان ، ولكن على ما يبدو لا من آذان تسمع ولا من قلوب تعي ..!
لمزيد من الموضوعات والمقالات يمكن زيارة مدونة الكاتبة " أتنفس بهدوء : http://www.lailal2222.blogspot.com