زعيّان بدوي فقير فيه من ذكاء البادية وغيرتها شيء كثير
وذات يوم وصل إلى مضارب القبيلة شابٌ وسيمٌ
عرّف على نفسه أنه المعلّم الذي أرسلته الحكومة ليعلم الأولاد
رحّب القوم به وخصّصوا له خيمة ً صغيرة هي مسكنه ومدرسته
كان المعلــّم مسحوراً بالبادية وطبيعتها وحياتها رغم خشونتها
ومما سلب عقله نساء البادية بعفويّتهنّ وعفتهنّ
وقد فكر في لفت نظرهن إليه
ولمّا لم يكن من أهل الفروسية أو الشعر
لم يبقى أمامه سوى الهندام هكذا حدّث نفسه
وقد أعدّ لذلك العدّة
ملابساً جديدة ً من العكال حتى النعال 0
لاحظ زعيّان تصرفات المعلـّم
وأدركها وقرر أن يسخر منه
فرتّب المكيدة مع زوجته
فتصنّعت التقرّب من المعـلـّم
بدأت تبدي إعجابها بحسن هندامه
وتطوّر الأمر إلى دعوته لزيارتها سرّاً
والأمر في غاية البساطة :
حينما يحضر زعيّـان ليلاً إلى مجلس القبيلة
فغادر أنت المجلس وأحضر إليّ 0
حضر المعلـّم وفق الاتفاق تصنـّعت الخوف و الذهول
ووضعت سبابتها على فمها تحذره من الكلام
ثم همست قائلة ً :
معلـّم وقليل عقل ، تريد فضيحتي وفضيحة نفسك ،
ما أقل حيلتك يا استاد ويا سوء تدبيرك ،
هيّا غادر البيت ، واسبقني إلى مراح الغنم ،
وحتى لا تضيع الوقت اخلع ملابسك كاملة واتركها جانباً ،
واربض بين الأغنام ،ثم نبّهني حينما تجهز
بتقليد صوت الخروف الصغير ،
كرّر ذلك النداء حتى أصير عندك ،
أتعرف صوت الخروف الصغير ، يااستاد 0
ردّ المعلـّم بصوتٍ مخنوق ٍ رعباً ولهفة ً :
أأأأأأأأحاول ، أأأأأأأعرف 0
لحظات ويعلو ثغاء مبحوح من وسط مراح الغنم
: إإإإإإإممممممباااااع ، إإإإإإإمممممممباااااع 0
فيصرخ زعيّـان :
فلانة وش الصوت ، سمعتي مثل ماسمعت 0
الزوجة :
أبد ياولد عمي ،هذا خروف صغير ،أكيد ولادة جديدة 0
يتقدّم زعيـّان نحو الصوت الذي يتواصل لهول المفاجأة
حمل زعيّـان ملابس المعـلـّـم بين يديه وأعطاها لزوجته
التي كانت تحبس ضحكتها
ثم أمسكت بابن عمها طالبة منه التوقف
فلا خوف على الخروف فهو لايحتاج إلى رعاية خاصة
باين من صوته أكيد صحته زينة0
استغل المعلـّم الفرصة وولى هارباً لا يلوي على شيء
ومع ضياء الصبح غادر المضارب فقد أدرك المكيدة
فكيف له أن يواجه الناس بعد هذه الفضيحة 0
أمّـا زعيّـان فقد كان بعد ساعة
يتوسط المجلس بهندامه الجديد
وراح يقص قصته على القوم
وهم يستزيدونه تفاصيلها
وكلما أرادوا الضحك سألوا
من يروي لنا قصّة ( خروف زعّيان) 0