كمال مرة ...
الجزء الرابع من باب الحارة... سيحقق قفزةً نوعيةً في دراما هذا العام
المخرج بسام الملا.. الأقدر على التقاط مفردات البيئة
المشاهدون ينتظرون باب الحارة.. المسلسل الأكثر شهرةً في الوطن العربي... رغم كل الجدل الذي تعرضَ له من قِبل النقاد.. ورغم التطورات التي طالت الجزء الرابع، صرح المخرج /بسام الملا/ في مؤتمر صحفي بأن مشروع باب الحارة «بطولة جماعية وليس بطولة فرديةً»، وأكد أن الجزء الرابع مليء بالتطورات الدرامية على أكثر من صعيد.. البعث التقت كمال مرة كاتب السيناريو للمحور الأساسي للعمل الجزء الأول، ومن ثم الرابع والخامس.. وتحاورت معه حول تطور الحكاية الدرامية واستبعاد شخصية ( أبو شهاب ) التي جسّدها سامر المصري، وانضمام ممثلين جدد يجسدون شخصيات جديدة، وأكد أنه يقدم مادة درامية متخيّلة للبيئة الدمشقية قائمة على أحداث سياسية تطال تاريخ سورية الحديث، ولا يقدم مادة توثيقة لمرحلة الثلاثينيات من القرن المنصرم، وتنتهي أحداث الجزء الرابع في عام 1933... لتبدأ أحداث الجزء الخامس الذي ينتهي في مرحلة ما قبل الاستقلال بقليل وربما يحدث تعديل طفيف
> تعرضَ مسلسل باب الحارة لإشكالية الكتابة من قِبل كاتبين.. فماذا تقول عن هذه الإشكالية؟؟.
>> كتبتُ الجزء الأول من باب الحارة، وبناءً على الارتباط مع شركات الإنتاج تابع مروان قاووق كتابة الجزء الثاني والثالث، وما حدث أنه سجل العمل في لجنة حماية الملكية ولم يسجل اسمي كشريك في العمل، وأنا قدمت أساس العمل ونقطة الارتكاز له.. مما دفعني لإقامة دعوى قضائية، فانسحب مروان قاووق، وتابعتُ كتابة الجزأين الرابع والخامس.
> صرح المخرج بسام الملا بتطور كبير يطال الحكاية الدرامية وباستبعاد شخصيات ومشاركة ممثلين جدد.. فماذا سنرى في الجزء الرابع؟؟.
>> مسلسل باب الحارة مؤلف من أجزاء متتالية ولابدّ من تطور الأحداث بما يتلاءَم مع استمرار المرحلة الزمنية، وتصاعد الحكايا الدرامية وتطور حركة الشخصيات، ولابدّ من دخول حيثيات حديثة تفترض ظهور شخصيات جديدة وخروج شخصيات، لأن العمل يتنامى ويتشعب ويرصد آفاقاً جديدة وبالتالي تنشأ حكايا جديدة، في الجزء الرابع نرى شخصية مأمون بيك يجسدها (فايز قزق) وهو إحدى الشخصيات الأساسية والهامة في الجزء الرابع، وله دور كبير في تصاعد المسار الدرامي، وكذلك الفنانة القديرة منى واصف ستدخل بشخصية (أم جوزيف) ضمن حكاية جديدة، ومصطفى الخاني بدور النمس، وهو شخصية هامة، وسيُفاجىء المشاهدين بدوره.. إضافةً إلى استمرار الشخصيات الأساسية مثل صباح بركات وفاء موصللي- صباح الجزائري.
أما فيما يتعلق باستبعاد بعض الشخصيات مثل (أبو غالب) فهذا لا يتعدى كما قلت تسلسل موضوع الأجزاء، أما أيمن رضا فهو لم يستبعد كما قال - وإنما قد جسّد شخصية ثانوية، والخط الدرامي للشخصية في الجزء الرابع أنه في السجن، واستبعاد سامر المصري جاء إثر خلافات بينه وبين المخرج، وأنوّه أن الشخصية قد رُسمت على الورق وكانت موجودةً، وحدث تعديل على الحبكة الدرامية إثر الخلافات لأسباب تتعلق بعدم الأمانة على الشخصية، لأن العمل لم ينتهِ حتى يتم استغلال الشخصية، وهي مازالت ملكاً للعمل، ولا يحق للفنان استملاكها أو اللعب بها خارج نطاق العمل الفني، وكما قال المخرج بسام الملا: «العمل بطولة جماعية وليس بطولةً فرديةً»، وأؤكد أن العمل لم يستبدل الشخصية وإنما غُيّرت الحبكة الدرامية، بحيث تبدو مقنعة، وكل هذا للأمانة الأدبية وليس أكثر، ولا يوجد أي سبب شخصي.
> بدت المرأة الدمشقية منغلقة على ذاتها وحبيسة المنزل، وهي لم تكن كذلك.. فلماذا اخترتَ لها هذا الجانب الاجتماعي؟؟.
>> للأسف بعض النقاد أثاروا وبشدة موضوع المرأة أو الحارة المنغلقة، نحن كصنّاع للعمل لم نتطرق إلى واقع المرأة الثقافي، نحن جسّدنا حالة افتراضية لحياة المرأة في حارة الضبع (الحارة الشعبية الصغيرة)، وهي تمثل مجتمعاً صغيراً للمجتمع الدمشقي، في تلك الفترة، ولم نرصد حالة توثيقية للمرأة في دمشق، ولم نعالج قضاياها، وإنما وضعنا المرأة ضمن حكاية شعبية بسيطة مستوحاة من الموروث الشعبي، بكل بساطتها وطيبتها وسذاجتها، بكل قوتها وشرها، صورناها في الحياة اليومية وبمتابعة الاحتكاك المتواصل مع الآخرين.. لم أتطرق إلى الحياة السياسية والأحزاب أنوّه إلى أن شريحة النساء المثقفات كنّ من الطبقات الأرستقراطية البعيدة عن واقع الحارة، وآنذاك كان يُنظر إلى المرأة المتعلمة نظرة استغراب وبالأحرى نظرة (دونية) لأنها خارجة عن الأعراف والتقاليد ومتمردة، ولا ننسى واقع الحياة فالمرأة تعيش بمحيط من رجال الدرك في العهد العثماني من ثم رجال الأمن والشرطة في العهد الفرنسي وانتشار السنغاليين ولابدّ أن تنغلق على ذاتها، وتبقى في بيتها، ومن وجهة نظري أن الدراما تؤخذ من قاع المجتمع من الشخصيات الكاريكاترية من البيئة البسيطة بيئة الحارة والعامل والفلاح، هم الذين يقدمون التراجيديا، أما من يعيش في أجواء ارستقراطية وغنية فيقدم رد فعل حيادياً.
> تعقيباً على كلامك.. كيف ستكون المرأة في الجزء الرابع؟؟.
>> ظهور المرأة في الجزء الرابع وتطورها يأتي ضمن هذه البيئة البسيطة وبصورة تفيها حقها، ولا تخرج عن هذا المسار، أي أنا لا أستطيع أن أقدم «ثورة نسائية» في بيئة منغلقة، أنا أقدم المرأة في حارة بسيطة في فترة زمنية محددة في الثلاثينيات من القرن المنصرم، حيث تكمن قوة المرأة في بيتها والحفاظ على زوجها ومساندته وتربية أولادها، وهي أكبر مهامها، وسنرى تطوراً يدفعها للحفاظ على حارتها وتشكيل جبهة نسائية للاشتراك في المعركة الحاسمة والوقوف في وجه الاستعمار ضمن أسوار حارتها وبيتها... وسيدرك المشاهد تطور المرأة المقنع ضمن بيئتها من خلال العرض.
> هل كان لك رأيٌ باستبعاد بعض الشخصيات وانضمام ممثلين جدد؟؟.
>> طبعاً يوجد استئناس مع المخرج فيما يتعلق بموضوع انضمام الممثلين الجدد وتوزيع الأدوار، وفي النهاية يبقى الخيار للمخرج كونه صاحب الرؤية الشمولية للعمل، ما يهمني هو سيرورة الحكاية بغض النظر عن الممثل لأن (بسام الملا) الأقدر على الانتقاء، وعلى صناعة العمل وتحويله إلى لغة بصرية، وأنا أحترم رأيه في استبعاد أية شخصية، وبرأيي لن يؤثر خروج سامر المصري على نجاح باب الحارة، نحن صنّاع العمل ونحن قادرون على صناعة أية شخصية، وأي (كاركتر) في تلك البيئة، وأنوه إلى استمرار الفنانة جمانة مراد بمشاهد قليلة في العمل، وأحييها لأنها فنانة متواضعة أحبت باب الحارة وقررت الاستمرارية..
> هل تتوقع نجاح الجزء القادم من باب الحارة؟؟.
>> لا أحد يستقرىء نتيجة العمل قبل عرضه على الشاشة ولكن باعتقادي أن الجزء الرابع سيحقق قفزة نوعية في دراما هذا العام وجماهيرية قصوى لثلاثمئة مليون عربي ينتظرونه، ويتابعونه بشغف وحبّ، وأنا أعتمد على إحساسي في خلق حسر تواصل بيني ككاتب وبين المشاهد الذي يتلقى الحكاية الدرامية ويتفاعل مع تصاعد الحدث وتطور الشخصية، ومفاجأت العمل الدرامي، وكلما تكاملت عناصر الدراما من نصّ وإخراج وأداء وكادر فني تنجح، وإذا عدّنا إلى الماضي لنحلل سرّ نجاح باب الحارة الذي وصل إلى جميع بلدان العام... نرى أنه يعود إلى البساطة في تقديم الشخصية إلى المشاهد، والابتعاد عن الفلسفة والتعالي وخلق بيئة اجتماعية صحيحة للعلاقات الانسانية والقيم النبيلة والمعاني الأخلاقية، التي نفتقر إليها الآن، إلى التعاضد والتعاون والمساندة والرأي الواحد، وحبّ الوطن الذي يتجاوز عن كل شيء من كل الهفوات والأخطاء الشخصية، ويعود النجاح أيضاً إلى (بسام الملا) الأقدر على التقاط مفردات البيئة، وهذا جزء كبير من أسباب نجاح العمل، وقدرته على تحريك الكاميرا وفق إيقاع الحدث واختيار زوايا الكاميرا القادرة على رسم حركة الشخصية بمصداقية، لقد رسم المخرج الشخصيات في مواقع التصوير وحوّلها إلى لغة بصرية ووصل إلى حالة الاندماج والايهام في وضع المشاهد كفرد من أفراد الحارة، ولا ننسى دور الكادر الفني من موسيقا تصويرية متجانسة مع الحدث الدرامي للفنان (سعد الحسيني) والإضاءة والاكسسوارات والألبسة والديكورات الشامية والشرقيات وترتيب المنزل والأداء المتقن من الممثلين، الذين يعملون بحب وتفانٍ، أنا آعتبر عامل البوفية الذي يقدم الشاي والقهوة للعاملين سبباً من أسباب نجاح العمل...
> قلتَ : إنك ستمثل في باب الحارة .. فما هو دورك؟ وما هي الشخصية التي ستجسدها ؟؟ لا سيما أنك مثلت بأعمال من إخراج نجدت أنزور ويوسف رزق و د. علاء الدين الشعار؟.
>> أجسّد في باب الحارة دور (أبو الطيب) وهو طباخ في سجن القلعة، تعد الشخصية من الشخصيات السلبية تتصف بالمكر والخبث والشر، إنه رجل انتهازي يركض وراء مصالحه الخاصة ويكون وسيلة بيد المسؤولين يحقق لهم ما يريدون، ويلجأ إلى أساليب ملتوية وسرية لتحقيق مآربهم.
> هل حضرتَ بعض مراحل التصوير؟؟.
>> أنا لستُ من الكتّاب الذين يقدمون أوراقهم وينسحبون ،السينارست جزء فعّال في العمل ككل ويوجد تعاون بيني وبين المخرج، فأنا أحضر المونتاج وفترات من التصوير، وأنوّه إلى أن المخرج بسام الملا في موقع العمل يتعامل مع الجميع بحب وهو ديمقراطي جداً، ويستمع إلى الجميع ونتشارك جميعاً مع الفنيين والممثلين كأسرة واحدة، وقد تعددت مواقع التصوير ما بين التصوير الداخلي (الحارة) وهي ديكور بُني خصيصاً.. والمواقع الخارجية غوطة دمشق (قلعة دمشق - بيت نظام- مكتب عنبر وبعض المنازل الدمشقية.
أنا مع الشللية الفنية
> ارتبطت بأعمال مع المخرج رضوان شاهين ومع الممثلَين بسام كوسا وسلوم حداد فهل أنت مع الشراكة الصغيرة أو كما يقولون مصطلح الشللية؟؟.
>> إذا أردت بمصطلح الشراكة الصغيرة الشللية فأنا مع الشللية لأنها تخلق حالة من الفهم المتبادل وحالة من التواصل بين الكاتب والمخرج والفني والممثل وتؤدي إلى نجاح العمل وتؤدي إلى إيصال الفكرة للمتلقي وإلى خلق حالة فكرية درامية متكاملة مثلاً مسلسل الحوت لاقى نجاحاً ويمكن اسقاطه على الحياة المعاصرة والحياة بكل جوانبها، لأنه يسلط الضوء على الأنانية وحب الذات والمكر والشر وحب التملك والظهور واختيار الصعود السريع وكذلك مسلسل (كوم الحجر) الذي يسلط الضوء على واقع الآغاوات واستغلال الفلاح البسيط والظلم الواقع على النساء وكل جوانب الحياة الاجتماعية، هذه التجارب كانت ضمن شراكة صغيرة ونجحت فلمَ لا؟؟.
> اتجه بعض كتّاب السيناريو إلى الكتابة عن مناطق السكن العشوائي مثل (حسن سامي يوسف - ونجيب نصير) فهل تفكر بتقديم عمل من هذا النوع؟؟.
>> أنا ضد هذه الأعمال، لأن الفن بشكل عام ليس الواقع كما هو، الفن إعادة رسم الواقع بصيغة فنية جمالية، أنا أرفض نزول الكاميرا إلى مناطق السكن العشوائي، وإلى تصوير الشخصيات المسحوقة بين جدران هذه المساكن، التي لا تصلح للسكن، وأقدم مادة كأية مادة توثيقية للحياة الاجتماعية، هذه ليست دراما حقيقية «الدراما هي حالة جمالية للواقع، هي خلق فني مجمّل للواقع مهما كان مأساوياً، فلحظات الجوع والقتل أقسى بكثير مما نشاهد وأنا أرسم الحكاية كاركتر الشخصية التي ترصد الصراعات بصيغ مختلفة، الدراما خليط بين المتعة والجمال والواقع، وأستطيع أن أرصد حالة توثيقية وأمتع المشاهد في آنٍ واحد، من الصعب أن أجلد المشاهد بالسوط عبر ثلاثين حلقة يومية، وأقول له هذا واقعك وهذه حياتك، هذه الحالة تخلق مستوىً فنياً للنخبة المثقفة للنقاد، لكنها لن تخلق دراما للشريحة الكبرى في المجتمع...ببساطة أقول: أستطيع أن أقدم كاميرا توثيقية في فيلم تلفزيوني أوصل من خلاله فكرة الفقر المدقع ومعاناة السكان في مناطق السكن العشوائي في ساعة زمنية، وبرأيي أن الدراما حكاية منسوجة ما بين الملهاة والمأساة، وفيها جرعات متكاملة من الكوميديا والتراجيديا وتحمل لحظات متناثرة يتمكن السينارست من جمعها واقتناصها..
> ماذا يحضّر كمال مرة بعد باب الحارة؟؟.
>> أحضّر لعدة أعمال قادمة، بعضها ما زال قيد الدراسة وبعضها أُنجز تقريباً، منها مسلسل باسم «الولد الشامي وينتمي إلى أعمال البيئة الشامية القديمة، وهو مسلسل سوري- جزائري مشترك ، يتم تصويره أيضاً في سورية والجزائر، ويعود إلى فترة تاريخ سورية الحديث أي مرحلة الثلاثينيات، وهناك أعمال من البيئة المعاصرة، كما أعدتُ كتابة سيناريو أسعد الوراق، وسيقوم بإخراجه المخرج رضوان شاهين، أما عن أحلامي فأتمنى أن أقدم تجربة سينمائية متميزة، قبل المهرجان السينمائي القادم، وبرأيي أن دور العرض أهم من الإنتاج السنيمائي، لأننا نلاحظ تراجع روّاد دور العرض.
> أخيراً.. ألا تخشى من منافسة مسلسلات البيئة مثل بيت جدي أو أولاد القيمرية إذا عُرض؟.
>> كل نوع من أنواع الدراما له جمهوره، وأتمنى أن تنجح كل الأعمال الدرامية السورية، وأن يحالفها الحظ وتحظى بإعجاب المشاهد العربي، لأن هذا يصب أولاً وأخيراً بمصلحة الدراما السورية، وأقول صدقاً: إن نجاح الآخرين استمرارية لنجاح الدراما السورية ولي أيضاً، كوني فرداً من أفراد صنّاع الدراما... وتفوق أي مسلسل على باب الحارة لا يشكّل عندي أية نقطة، فأنا أؤمن بتعدد الفرص وخوض التجارب وأنا بعيد عن الأنانية وحبّ الذات، وأفرح لنجاح الآخرين.
حوار: مِلده شويكاني
http://www.albaath.news.sy/user/?id=626&a=57888