قصيدة رائعه آخرى للشاعر القدير محمد علي مصطفي
احببت ان تستمتعوا بها كما استمتعت انا بها
ولكم جميل التحية
المُهَرِّجُ
-1-
يأمُر ُ ليْ بمجْمرةْ
حتى أبخِّــــــــــــرَهْ!
-2-
قلتُ لهُ : يا سيدي الأميرْ
يا عاشقَ " المَاوَرْد ِ " والبخورْ
وصارعَ الكُماة والجبابرةْ
فقام نحو َسيفهِ مُعانداً وابتدَرَهْ
وهزَّهُ في الجوِّ هزاً شاحباً ... وجرَّبَـهْ
وارتدَّ ...
بعد َ جولةٍ قصيرةٍ مُـخَـيَّـبَةْ
يصيحُ كالمُعْتادْ:
يا أيها الأوغادْ !!ْ
.................
-3-
قلتُ لهُ : يا سيدي الأميرْ
إياكَ أنْ تمدَّ نحوها يديك راغبةْ!
لتجنيَ الرمانَ والنواعمَ المُعْشوشِبةْ
إياك َ أن ْ تُسْرع َ بالمَسَاس ِ والمُدَاهَسَةْ!
منْ قبل ِ أنْ يختمر َ العجينُ
بالمشاكسةْ
فالقرية ُ التي فتحتَ منذُ ليلتينِ
ما تزالُ عابسةْ
لأنها رغم الخيول ِ ... والحِراسة المُدَنَّسةْ
ورغم َ شهوة الجنودِ
للبِضاع ِ والمُلامَسَة
لما يزلْ خَلخالُـــها ...
والقرط ُ والسوار في الميدانِ
دون تجربةْ!
لما يزل ْ فِراشُها المدهونُ
بالروائح العُذْريَّة ِ المُنْسَكِبةْ
فراشُها المشحونُ
بالأشواق ِ والهريرْ
لما يزلْ فراشها المعجونُ
بالبكارة المكدَّسةْ
والزبدة ِ الريفية المُقدَّسةْ
وريقُها المحببُ المشهورْ
وجسمُها المقشورْ
وألفُ فارس ٍ مُزيف ٍ يدورْ
أتــَــــوا ......
محاربين َ يعزفون َ في عَفافها المعذورْ
لحْنَ السلامِ الوطنيَّ
تحتَ راية ٍ مُـــنكَّسةْ!
وصفَّــقَ الجمهورْ!
-4-
لكنهُ أخافني ..
بنظرة ٍ خائنة ٍ مستغْرِبةْ
أخافني ...
فكاد قلبي من مكانه ِ يطيرْ
واضطرني ...
أنا المهرج َ الكبيرْ
أنْ أكذبا!
قلتُ له :
"يا سيدي الأميرْ
يا أيها المحاربُ الأخيرْ
عليك أنْ تُداعبا
فإنَّ للنمور ِ سرَّها المُــغيَّـبا
وسُورَها المُمَانِعَ المُقببا
وجلدَها المُرقَّطَ الوثيرْ "
ْفصاح مفتوناً بنفسهِ .. ومُعجبــــَـاْ :
" أنا الذي لهذهِ الشقية المُكَوَّرةْ
سأُحْكِمُ الخُطة َ ..... ثمَّ أبدأ الترويضَ والمُؤامرةْ
وأرسل ُ الخُيول َ والرماح َ ناهبةْ
أنا الذي جعلتُ من جبْأَى الحُروب ِ طُــرْطُــبةْ
أنا الذي حاميتُ عن رُعونة ِ الفُضوح ِ والكشوف قاطبةْ
فقلتُ في نفسي لهُ :
أنتَ الذي أضعْــتَ
- كم ضيَّعْتَ - في نزْواتِكَ الحمقاءِ وجه قرطبةْ
يا لك من مُقامرٍ...
مُشعْوذ ٍ كبيرْ!
ْفصاح مُزْبدا ً وغاضـبا
ماذا تقولُ ؟ أيها المهرجُ الحقيرْ
يا أيُهذا المستفِزُّ النَّكرةْ!
يا ابْن التي روتْكَ
من سِفاح أذؤب ٍ .. وأغْربةْ
قلتُ لهُ :
أرْبِعْ على نفسِكَ سيدي الأميرْ
دعْ عنْك ما أُضْمِرَ فيَّ
منْ مَرارةٍ مُغَيـَّبةْ
لا تنفلتْ
أرجوكَ ...
فالقوْلون قد يشتدُّ والباسُورْ
وحين ذا يشْمتُ أهلُ الشرقِ فينا والمغاربةْ
( قلت له ُ ذلك .. فانتبَهْ )
يا سيدي
لا تَخْش َ...
ليس لي ولا لمثلهِ ضميرْ
وكلُّ شيءٍ وفـْـق َ ما ترَى يسيرْ
فقيْدُك الجارح ُ ما يزالُ حولَ الرَّقَبَةْ
وخَاتمُ المُلْك ِ الذي ورثْتَ عن آبائك َ المُبَعْثرةْ
وثوبُ أمِّك الشريفة المُطَّهْرَةْ
يَزورهُ الزُّوَّارُ ... في مُتْحفِك الرسْميِّ
يَعْجبون من فَخامة البناء والأسْوارْ
وكثرة الأجْراسْ
وآلة المراقبةْ
ولُمْـعة الأزرار في معاطف الحُرَّاسْ
وبُنْدقياتِهمُ المرموقة المُصَوَّبةْ
محشوَّة ً بالموتِ والحماسْ
والناسُ إذ يشاهدون في احتراسْ
يُتمْتِمون في احتراسْ
يُودِّعون ثوبَ أمِّك الرقيقَ
بابْتسامةٍ ... مُـــعَبـــِّرةْ
لكنهم ما فاتهم ... يا سيدي
وقبل أن يرتحلوا ...
ألقَوا بباقةٍ من الزهورِ ...
فوق قبْر أمي العاهرةْ
-5-
يا سيدي الأميرْ
الحقلُ لا بحاجةٍ إلى المياه والبذورْ
لكنه بحاجةٍ
للزُّورْ
وكثرة القبورْ
فالبذرُ إن تمسَّهُ المياهُ
ربما يثورْ
والقلبُ لو ترقرقتْ عيناهُ
من شقائهِ
معْذورْ
يا سيدي
لترضع ِ الأطفالَ من عِظاتك الكثارْ
ما مات من أخبارْ
عن أمهمْ ... تلك التي قد شاع أنها هناك
تحْلب ُ الألبان للرعيان مُغْضَبةْ
تحلب من إنائها العاجيِّ والمقْهورْ
عند سُفوح النارْ
منهوشة َ اللحمِ
قتيلة ً .. معَذَّبةْ
يا سيدي
ليخْرس ِ الأوغادَ من شعبكَ
بعضُ الجوع والأخطارْ
وسيفـُك البتارْ
فيقبعون صامتينَ
في زوايا العارْ
ويسخرون – هانئين –
من حقارة المخاطرةْ
وليهتف ِ الغوْغاءُ .. في غباوة الأحرارْ :
" عاش الأميرْ "
" عاش الأميرْ "
-6-
يا سيدي ، لا تغْـــزُ
دون أن تُرَاشقَ الحريرْ
ودون أنْ تُغازلَ الحمامَ بالقصائد الشقية المُعطَّرةْ
وتسكب َ الأشعار َوالشفاهَ في الخمورْ
يا سيدي الأميرْ
فليسَ أحلى من غِناج النَّـــمِرَةْ
في جوف ليلة ٍ طرية ٍ ومُقمرةْ
يا سيدي ، أثَّــم َّ أحلى من هِياج النمِرَة ْ ؟
إذا ارتمت ْ على يديك ثائرةْ
عجينة ً مُخْتمرَةْ
سِكِّيرَة ً مُخَدَّرةْ
هيا تَـــشجَّعْ ... !!
إنها ليلتُك العُريانة ُ الحزينة ُ المُظفَّرةْ
وإنك القُرصانُ في معركة السريرْ !!
فقرَّب الأميرُ نحوَ رغوة ِ الدُّخَان ِ مِـــنْخـرَهْ
وشمَّـــهُ ...
وشمَّـــه ُ ... ثانية ً واخْتبرَهْ
وراحَ باسماً
يَــغُـطُّ في ..
شَخِـــــــيرْ
شعر / محمد علي مصطفى
abusolayman@gmail.com