اقتراح قاعدتين جديدتين في النحو العربي]
الأسم المتماهي والفعل المتجرد
بقلم : معين حاطوم
تعرفوا من فضلكم إلى :
أبو الأسود الدؤلي ظالم بن عمرو بن سفيان(16 ق.هـ. - 69 هـ ), ولد في الكوفة ونشأ في البصرة,ويعتبر أول من وضع علم النحو واشكّل المصحف. وهو أول من ضبط قواعد النحو، فوضع باب الفاعل، المفعول به، المضاف وحروف النصب والرفع والجر والجزم. وهو من وضع النقاط على الأحرف العربية .
وتعرفوا الى
أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر البصري، المعروف ﺑسيبَوَيه (140 هـ/760 م-180 هـ/796 م) إمام العربية وشيخ النحاة" . له كتاب في النحو يسمى "الكتاب" وهو أول كتاب علمي منهجي ينسق ويدون قواعد اللغة العربية. وترجع إصوله إلى فارس ، ولد في مدينة البيضاء قرب شيراز في بلاد فارس، ولقد تتلمذ على الخليل بن أحمد الفراهيدي. له وصف لمخارج حروف اللغة العربية هو الأدق حتى الآن. توفي في شيراز عام 796 م.
وبعد الاذن منهما
معلوم لدينا أن اللغة العربية مركبة من كلمات , وكل كلمة . اما ان تكون
اسماً أو حرفا أو فعلا ويستحيل ان تشذ عن أي حالة من هذه الحالات الثلاث !
فمن حالات الفعل ان يكون مبنياً ومعرباً
ومن خصائص الحرف ان يكون مبنيا ولا محل له من الاعراب !
ومن صفات الاسم ان يكون معربا او مبنياً وفق وقوعه في الجملة !
وينقسم الى فئتين . الأولى الاسم المتمكن وهو الذي اذا فكرت فيه او قلته مَثَلَ امام ادراكك موضوع أو شكل محدد داخل حدود الما-هو هو كما يقال في الفلسفة ومجموعة من صفاته الواضحة للعيان او المختزلة منها !
فإن قلنا بحراُ مثلاُ ارتسم في مخيلتنا البحر بمائه .
وان قلنا انسانا فهمنا تحديداً المعنى المقصود, وهكذا دواليك نسبة للشاطيء والنرجسة والموسيقى والبيت والحرباء وغيرها , كلها من فئة الاسم المتمكن والذي يتفرع منه الاسم الامكن وهو الاسم الممنوع من الصرف كمصر مثلا .
هذا وذهب النحاة الى تثبيت قاعدتين اساسيتين في علم النحو الا وهما
1 – الاسماء لا تصرف مطلقا
2 – الافعال تصرف ولا تجمع
قبْلية اللغة وبعدية النحو
واضح لنا جميعاً بان اللغة سبقت تأطيرها في قواعد نحوية , وإن العلامتين أبو الأسود الدؤلي وسيبويه هما من وضعا القواعد النحوية , استناداً على ما اثمرت به العقلية العربية التي كانت متطوره حينذاك في هذا المجال . وحينها تلاءمت القواعد مع اللفظ والمبنى المسموع لفظا وكتابة والذي استوفى كماله في القرآن الكريم .
ولا شك أن الشاعر العربي قد لفظ الكلمات شكلا صحيحاً فلفظ الضم في الروافع والفتح في النواصب والكسرة في الجر والجزم حين لزم دون سابق معرفة بالتصنيفات اللغوية والقواعد النحوية حتى أتى ابو الاسود الدؤلي فبنى الاساس الاول لقواعد اللغة ومن بعدة سيبويه الذي اتم التصنيف وتثبيت القواعد الكاملة في النحو والصرف استناداً على اللغة العربية المعمول بها في ذلك الحين ! .
الذائقة العربية ميزان للنحو في تكوينه
كيف تم وتقرر مثلاً ان الفاعل مرفوع والمفعول به منصوب والجزم مسكن والمجرور مكسور ؟
وتحديدا للسؤال : ما الذي صيّر اللغة بنحوها ولفظها على ما هي عليه قبل ان تدون قواعدها وتثبت مبادؤها ؟
لا يستطيع احد الاجابة على هذه الاسئلة اجابة قاطعة وانما إجابة مستندة على تحليل قريب الى المنطق !
اعتقد بان العربي حين قال :
رأيتٌ ناقة ً تجري جريَ الرياح !!
ولم يقل رأيت ناقةٌ , ليس لأنه عرف قاعدة المفعول به منصوب بل لأن ذائقته كانت الميزان الذي قرر ذلك في الفترات التي تطورت اللغة وتمت الفاظها ومعانيها ! وعمليا كانت الروح العربية القاعدة الماهيوية لصيرورة اللغة إلى جانب غائية وطبيعة التعبير فلو لم يقع فعل الفاعل على المفعول لم نتج منطقياً المفعول وهذا هو الباب الذي كان سيسمح للعرب أن يطوروا اللغة وقواعدها فيما بعد لو استند الى ذلك المعنيون أو اصحاب الحس اللغوي !
ماذا كان سيحدث
اريد ان افترض بانني عشت فترة ما قبل الدؤلي وسيبويه , وحينها كتبت هذه الجمل التعبيرية والشعرية الموزعة في كتبي العشرين :
ورفرفَ بجفني ِّ حسناءَ عربية
فوق الصحراء الشرقية
والصحراء الغربية
يبحثُ عن واحةٍ
يتوحى(1) بها عطشُهُ
ويغتسلُ بها حاضرُهُ
خشيةً من درن ٍ قد أصابَهُ
أو مستنقع ٍ تَسبَّحَ فيه عنوة ً!
****
وكنت مرة نخلةً !
اقتاتت على اثداء الحلم
بسقت وفسلت(2) وبلحت (3)
****
فما طحْلبَ (4) وجهٌ بجمالٍ
إلا اذا اخضرَّ عودُهُ !!
فجودي بكسرِةِ ظلٍ
أُقيتُ بها جحيمَ هجيري
وشاطئي(5) يا وحيدةَ الدلالِ ضفافَ ألمي
ومرافيءَ جنوني
عسى أشرعةَ الشوقِ ترسو
على شفة حلم
يطارح وصلكِ
على أسرة وجودي
أو حين قلت :
من قصيدة ( ها التاريخ جواد وها غدنا الصهيل ) :
أو حين قلت في كتاب ( فعل استحالة الحياة ):
افنجنك(6)على موائد وحدتي الراعشة
اسكب فيك
اهازيج اعاصيري
واستلقي يفيء الاستحالة
وفي كتاب ( ابتسم احبك حتى الدمع )
وينفجر امام هدأتي
صخب الغربة
يتموسق (7)حينا
على همس الحنان
او كما قلت في كتاب ( أنت دم يقطر من ذاكرتي )
كلما اشعلت حنيني
لابحث عنك في الظلمة
تتيسمن (8) اشلائي
فيحمل وينجب جنوني
قصيدة طفلة
او كما قلت في كتاب ( اللعنة)
نخت حكمة وتواضعا
فاسفنت(9) الحمير من حولي
كالجمال
وصحارى مداركه
هشيمة الدار
وكما قلت في امكنة اخرى من نفس الكتاب :
متوصل (10)
حتى لو ارتسن (11) ذيل الدابة مقودا
****
يرد اليك مربوع امرد
ضفر خصلاته
فتبنت(12) وهو اجرد
*****
تجهنم قلبي غضبا (13)
****
ومست انامل الحرية عصبه
فتحربأ (14)
****
تأفعنت(15) وقد لوت جيدها
متأبطةً قلبه
بغنج راعد
****
رآها بعد حولٍ
وقد ترمست (16)
فأضحى بها الحب يُقْبر
****
ابتسمت وتبلسمت (17)
فتمنيت جرعة منها
ليتم شفائي
و في ديوان العشق والادراك :
آه ملاكي لو أصير كهمسة في ثغرك الوردي تشدو للحياء
لتفردست(18) نار ولاحت غبطة وتبسمت مولودة عند المساء
لتنرجست(19) اشواك حبي حلوتي وتدثرت في بسمة شفة المساء
وتصاعدت الانغام حتى مسامي(20) الروح
فتأوهت مصاغي (21) الغيب طربا
بالطبع لو عشت قبل الدؤلي وسيبويه لضمت هذا التعابير أو هذه النوعيه اللغوية تحت مظلة قاعدة معيينه يخترعها او يصنفها سيبويه او استاذه . ولكن المعضلة ان الذائقة العربية حينها ما كانت بحاجة الى مثل هذا التعقيد المتجاوز لقواعد الفهم واللغة المحدودة ! لقد كان ينقصها عامل السرعة واختصار الابعاد , ينقصها التعقيد الحضاري النابع من المتغيرات المتوالية والتجديدات المتغيرة ! واهم شيء كان ينقصها ان تؤقلم الطبيعة لرغبات الانسان , لا الانسان الى واقعية الطبيعة ! وباختصار , لم تكن الذائقة العربية وروحها الماهيوية بحاجة الى تجاوز الموجود من التعابير المتعارف عليها ليخدم قائلها حاجة ابداعية .
والان , ولأن هذه التعابير هي من بنات افكاري, ولأن ولادتها كانت طبيعية دون قصد لنحت او ترشيق او تطفير خرجت متجاوزة لقاعدتي : الاسماء لا تصرف والافعال لا تجرد من فعلها !! ولكن النماذج المفسرة ادناه تثيت انه بالامكان تصريف الاسم الامكن وتجريد الفعل الامر الذي يزيد جمالا في التعبير وعذوبة في اللفظ وفتح افاق حديدة امام المبدع ليتجاوز المتعارف عليه من أجل ان يرقى بفكره وتعابيره وصياغاته اللغوية الى مصاف الابداع الحقيقي .
وهذه هي التعابير مفسرة :
1 - يتوحى – من كلمة واحة -
2- فسّلت - من كلمة فسائل. فسيله ( اسم متمكن ) – النخلة التي نمت لها فسائل
3- بلّحت – من كلمة بلحة –اسم متمكن - النخلة التي اثمرت بلحا
4 –شاطئي – من كلمة شاطيء
5 - افنجنك – من كلمة فنجان – اجعل منك فنجاناً
6 - يتموسق – من موسيقى – يصبح جزءاً من الموسيقى او الموسيقى ذاتها !
7 –تيسمنت – من ياسيمين
8 – اسفنت – من سفينة – يمكن استعمالها للسفن بمعنى مخرت العباب ويمكن استعمالها للسير او الانطلاق في الطبيعة باشكالها المتباينة!
9 - متوصل - من وَصَل – الرجل الذي يطلب توصيلة
10 – ارتسن – من كلمة رسن الحمار او الجمل او الحصان وقد توحي بالقيادة
11 – تبنت – من بنت
12 – تجهنم – من جهنم – اصبح جهنما
13 – ترمست – من رمس – تماهت بالرمس فاضحته
14 – تأفعنت – من أقعى اصبحت تماهيا افعى
15 – تبلسمت – من بلسم اصبحت بلسماً
16 – تحربأ – من حرباء – اصبحت حرباء
17 – تفردست – من فردوس
18 – تنرجست – من نرجس
19 – اتموسق – من موسيقى
20 – مسامي – من سما يسمو – فعل متجرد من تصريفه ليصبح اسما متمكنا
21 – مصاغي – من اصغى - فعل متجرد من تصريفه ليصبح اسما متمكنا
22 – طحْلَبَ – من كلمة طحلب طحالب – نمت طحالبع اسم تماهى بفعل
اذن فالقاعدة الأولى المقترحة هي كما يلي :
الاسم المتماهي:
اسم متمكن متجاوز ومتفعل يتماهى ويحل محل الفعل فيكون معربا ويكون مبنيا وفق وقوعها في الجملة
والقاعدة الثانية
الفعل المتجرد
الفعل المتجرد : فعل تجرد من تصريفيه واضحى اسما متمكناً