| ذكري وفاة المقريزي ( شيخ المؤرخين ) |
في مثل هذا اليوم - السادس عشر من شهر رمضان - سنة 845 هـ توفي الشيخ الجليل عمدة مؤرخي العصور الإسلاميه و شيخ المؤرخين تقي الدين أحمد بن علي المقريزي القاهري المولد و النشأه و البعلبكي الأصل و هو في السبعينيات من عمره رحمه الله و أسكنه فسيح جناته.
و هو صاحب المصنفات و المؤلفات الوافره في الكثير من بحور العلم و الآداب و إن كانت أبرز أعماله في التاريخ و علوم الإجتماع و العمران.
...
عاش المقريزي في ظل الدوله المملوكيه في مرحله مفصليه ما بين نهايات دولة المماليك البحريه و بداية دولة الجراكسه, و عاصر الكثير من أبرز العلماء و الفقهاء في عصره و علي رأسهم استاذه العلامه ابن خلدون و رفيقه حافظ أهل السنه شهاب الدين بن حجر العسقلاني , و يعد من تبعه من مؤرخي العصر المملوكي الذي شهد وفره من التصنيفات التاريخيه جميعاً ممن تتلمذوا علي يده أو تأثروا به و بإسلوبه و من أبرز تلامذه الشيخ المقريزي المؤرخ الكبير ابو المحاسن بن تغري بردي رحمه الله الذي قال عنه " وفي الجملة هو أعظم من رأيناه وأدركناه في علم التاريخ وضروبه، مع معرفتي لمن عاصره من علماء المؤرخين، والفرق بينهم ظاهر، وليس في التعصب فائدة ".
و لي الشيخ المقريزي الكثير من الوظائف في الدوله و أشهر ما تولاه حسبة القاهره زمن الظاهر برقوق و عرض عليه منصب القضاء أكثر من مره و لكنه ترفع عنه كما كان له خطبه بالجامع العتيق من مدينة مصر (جامع عمرو) و درس بالكثير من مدارس مصر , كما أنه عمل بديوان الإنشاء و كان له خلطه بأكابر الدوله و قد طار زكر مؤلفاته بأنحاء الدنيا في حياته و بعد مماته.
من أشهر مؤلفات الشيخ كتابه ( المواعظ و الإعتبار بذكر الخطط و الآثار ) – المشهور بالخطط المقريزيه – و هو كتاب قام عليه الشيخ مدة 35 سنه من عمره و هو عمل موسوعي ما بين التاريخ و العمران فيما يخص مدينة القاهره و ملوكها كما أنه ألف كتابه الشهير ( السلوك لمعرفة دول الملوك ) الذي أرخ فيه ابتداءاً من زمن الناصر صلاح الدين حتي مماته رحمه الله ... هذا غير الكثير من المؤلفات الأخري في التاريخ و الفقه و العلوم.
كان المقريزي متجرداً في كتاباته دقيقاً في سرده مختصراً في عرضه بعيداً عن التعصب و الغلو فيقول عنه ابن تغري بردي " وقرأت عليه كثيراً من مصنفاته، وكان يرجع إلى قولي فيما أذكره له من الصواب، ويغير ما كتبه أولاً في مصنفاته، وأجاز لي جميع ما يجوز له وعنه روايته من إجازة وتصنيف وغير ذلك " أي أنه ما كان ليأبي أن يأخذ الخبر حتي و لو من أحد تلامذته طالما وافق الصواب.
دفن الشيخ المقريزي بمقابر الصوفيه خارج باب النصر و لا يعلم اثر لقبره في زماننا هذا.
رحم الله هذا الشيخ الجليل و جزاه عنا خير الجزاء بما أفني فيه عمره في تدوين و استذكار لأخبار السلف لتصل إلينا رسالته و ثمرة حفظه لتكون نافذه لنا علي عصور عاينت فيها أمتنا الأمجاد تحصد و العز تبني به الممالك
أ.س