دور الإيمان في الوقاية من أمراض شرايين القلب
د.عادل شلبي
تساءلنا في الحلقة السابقة : لماذا لا نعطي الخيار الإسلامي فرصة للتطبيق لنتقبله أو نرفضه كوسيلة علاج، مع العلم أن التطبيقات العلمية الحديثة والدراسات العلمية أثبتت براعة الآيات والأحاديث في التعرض لإصلاح الجسم البشري والنفس البشرية فالعلاج الذي فشل الطب في وصفه نجده موجوداً في القرآن الكريم والسنة. والآن لنبحث الأمر بهدوء:
إذا بحثنا عن أهم عوامل الخطر التي تسبب قصور الشرايين أو انسدادها ومن ثم الجلطة أو الذبحة لوجدناها: ارتفاع ضغط الدم، زيادة الكولسترول بالدم، ظهور السكري بالدم، زيادة الوزن (السمنة)، التدخين، قلة الحركة، التوتر العصبي.
ولو بحثنا في طرق الوقاية منها كما يقول الطب الحديث نفسه لوجدنا أنه:
أولاً: للوقاية من ارتفاع ضغط الدم يجب:
1 تنظيم الأكل: تقليله ليقل الوزن فيقل الضغط وتقليل الملح فيه ليقل الضغط.
2 الحركة وممارسة الرياضة: فممارسة الرياضة بانتظام تقلل الضغط وتعالج التوتر العصبي.
3 منع التدخين: فالتدخين يرفع الضغط بزيادة لزوجة الدم.
4 عدم الاكتئاب والتوتر العصبي: لأن التوتر يزيد الأدرينالين فيرفع الضغط.
5 التفاؤل والحب والسعادة تقلل ضغط الدم.
ثانياً: وللوقاية من داء السكري يجب:
1 عدم التوتر الذي يزيد الأدرينالين؛ فيزيد السكري بالدم.
2 تنظيم الأكل؛ لأن السكريات والنشويات والدهون ترفع السكري بالدم.
3 الحركة والرياضة لحرق السعرات الحرارية.
4 البعد عن الاكتئاب والتوتر.
ثالثاً: للوقاية من ارتفاع الكولسترول يجب:
1 تنظيم الأكل وتقليله.
2 زيادة الحركة والرياضة.
رابعاً: للوقاية من السمنة يجب:
1 تقليل الأكل وتنظيمه.
2 زيادة الحركة والرياضة.
3 منع التدخين.
4 التفاؤل والبعد عن الاكتئاب.
5 ممارسة الرياضة.
ولو أخذنا العوامل المشتركة مما مضى لوجدنا أن الوقاية من أمراض شرايين القلب عموماً وقبل ظهور الأمراض المسببة لها تتلخص في:
1 تنظيم الأكل.
2 الرياضة وتنظيم الحركة.
3 عدم التوتر.
4 منع التدخين.
5 الحب والتفاؤل.
فهل في ديننا ما يساعدنا على ذلك؟
أولاً: في تنظيم الأكل
قال تعالى: وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين (31) (الأعراف).
وقال سبحانه: يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين 87 (المائدة).
وعن مقدام بن معد يكرب قال: سمعت رسول { يقول: "ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه" (الترمذي 2302).
وقوله : "البطنة أصل الداء والحمية أصل الشفاء"؛ فليأكل الإنسان ما يحب بشرط ألا يملأ معدته ولا يشبع، فثلث فقط لطعامه، وثلث للشراب، ويترك الثلث فارغاً حتى يستطيع أن يتنفس.
وكذلك يجب ألا يأكل إلا إذا قرصه الجوع لأن النبي { كان يجوع أكثر مما يشبع كما قال ابن عمر.
وكان { يكرر الصيام على فترات حتى يحرق ما خزنه من دهون والصيام كذلك يريح القلب مادياً بأن يخفض10% من مجهوده في كل وجبة طعام ويهدئ النفس ويريح الأعصاب ويرفع المعنويات وهذا كله يفيد القلب.
وهذا النظام كاملاً محسوب بالسعرات الحرارية، كما ذكرت في كتاب خاص بذلك سميته (الرجيم الإسلامي بعيون الطب الحديث).
لفت الله نظرنا، وسن لنا رسولنا أن نركز على تناول أنواع معينة من الطعام مثل:
العسل: فملعقة عسل في قليل من الماء صباحاً تقيك من أمراض القلب والضغط؛ لأنه يقلل الكولسترول الضار منه بالذات ويقلل CRP والهيموسيستايين، واللذان يسببان ضيق الشرايين، وبهذا يقي الإنسان من الجلطة القلبية. كما أثبتت الدراسة التي أجريت في (مركز باستير للصحة الطبيعية) ووردت في مجلة: هلث نوت .(Helth note)
التمر: من السُّنة أكل سبع تمرات صباحاً حتى لا يصيبنا سم ولا سحر؛ لأن التمر منجم غني بالكالسيوم والمنجنيز والسليلوز والفركتوز، والبوتاسيوم الذي يفيد الجسم عامة والقلب خاصة، فهو يساعده على الانقباض، وينظم ضرباته وبنقصه يرتفع الضغط وتختل انقباضات القلب وتحدث منه انقباضات مضطربة قد تؤدي إلى الوفاة.
ولقد أجريت تجربة في الولايات المتحدة الأمريكية على أناس أكلوا سبع تمرات وشربوا عليها ماء ونتج عن ذلك بوتاسيوم كاف لإمداد الجسم طوال 24 ساعة، وهذا البوتاسيوم مسؤول عن انقباض عضلة القلب، والتحكم في ضغط الدم المرتفع.
ثانياً: في مجال الرياضة والحركة لقد نظم ديننا الحركة المطلوبة، ففي الصلوات الخمس فرض علينا في اليوم (17) ركعة وبإضافة السنن (13) ركعة يكون المجموع (30) ركعة تقريباً، يفقد فيها الجسم مايعادل (300) سعر حراري.
وحثنا على الذهاب إلى المساجد، فلو أن الطريق يأخذ 7 دقائق فقط لاستهلك الإنسان في الصلوات الخمس (300) سعر حراري كذلك، ويكون مجموع ما يستهلكه المسلم للصلوات فقط 600 سعر حراري، وهذا يعادل ساعتي رياضة إيروبك في النوادي، وهكذا يفقد المسلم الزائد من وزنه ودهونه والكولسترول فيصبح أرشق ويقل العبء على القلب.
ثالثاً: البعد عن التوتر العصبي
فعندما قال أحدهم للنبي {: أوصني، قال له: "لا تغضب" (البخاري5651).
ووصف طرقاً لتفادي الغضب: "إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس فإن كان ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع" (أبو داود 4151)، وقال: "فإذا غضب أحدكم فليتوضأ".
ولقد تخبط علماء النفس في علاج الغضب فقالوا: يجب التنفيس عن الغضب بالانفعال والصراخ وضرب كل ما حولك لتفريغ الطاقة، ثم اكتشفوا بعد ذلك أن الهدوء والاسترخاء أكثر فائدة في علاج الغضب؛ فأوصوا بالاسترخاء الضوئي والتنفيس العضلي ولكن ديننا الحنيف أوضح لنا الحل في خطوات:
1 كظم الغيظ أي لا تنفعل.
2 العفو عن المسيء يعني أن تفرغ قلبك مما فيه من ضغينة وتنسى الإساءة.
3 الإحسان إلى من أساء إليك، فتدعو له وتعطيه هدية لتوقف تحريض شيطانك.
وقد جمعها تعالي في قوله: الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين 134)آل عمران).
رابعاً: التدخين
فقد حرمه العلماء تحريماً صريحاً وقال مُيسّرهم: إنه مكروه، والنبي { حثنا على ترك المنكرات وعلمنا أن الملائكة تتأذى من الدخان، فهي تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم، وأوضح أن الله أحل لنا الطيبات، وحرم علينا الخبائث، فأبلغ من ردع الناس عن التدخين هو ديننا الحنيف.
خامساً: حثنا ديننا علي الحب
فقال لنا رسولنا: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا" (الترمذي 2612)، ومدح الله قوماً بقوله : يحبهم ويحبونه (المائدة:54)، وقال: والذين آمنوا أشد حبا لله(البقرة:165).
والآن فقد أثبت العلم أن الحب يذيب الكولسترول، ويقلل الضار منه ويزيد النافع، وكذلك يزيد "السيروتونين" و"الأندوروفين" فيمنع الضيق والاكتئاب والقلق، وكل ذلك يفيد القلب فيقلل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب (كما أعلن ذلك الاتحاد العالمي للقلب بجنيف)
سادساً: يحثنا على التأمل
قال تعالى: إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب 190 الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى" جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار 191(آل عمران).
ولقد ثبت أخيراً أن التأمل يقلل الضغط، ويهدئ ضربات القلب كما جاء في (هلث نوت(Helth not فيقلل احتمالية إصابة الشرايين.
سابعاً: يحثنا ديننا على التفاؤل
فقال الرسول الكريم: "يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا"(البخاري67) وكان يحب التفاؤل في كل شيء، ولقد ثبت أن التفاؤل يفيد القلب، ويقلل خطر الأزمات القلبية (دراسة تمت في هولندا).