نحو رقمي شمولي للجميع/د.عبد العزيز غانم
=================
الأستاذ الفاضل خشان
قرأت معظم الروابط الخاصة بالوتد المفروق لأرى فيها حجتك في مخالفة الخليل فلم أجد فيها أكثر مما علمت من قبل ؛ ولم تقدم أكثر من أنك تركت رأي الخليل وتابعيه الذي هو لا يزال الأصل المتبع واتبعت شبهات آراء لم يجزم أصحابها بصحتها ؛ فقد أجاب د. مستجير عن سؤالك إن كان السبب التالي لمفعولات يقبل الزحاف فأجاب لا أدري ؛ كما قال د. حركات أن صيغة الخليل مقبولة ولكنها ليست حتمية.
ويتضح من ذلك أنه لا مبرر إطلاقا لمخالفة الحكم المستقر واستبداله بحكم جديد مخالف ؛ حتى بقية اجتهاداتك الشخصية في هذا المجال عندي لها ردود وليس الوقت الآن يسمح بمناقشتها لأنه على كل الأحوال فإن الآراء والاجتهادات لا تصنع أسسا ولا قواعد ؛ ولعلك تقول قولتك المعهودة إن حدود التفعيلات البائسة هي التي حجبت الرؤية عندي كي لا أرى وجهة نظركم ؛ ولكني أقول إنني استوعبت المسألة تفعيليا وشموليا وقياسيا ووجدت ألا مبرر لخروجك عن القاعدة .
وأما النظرة الشمولية فإنني أشجعك عليها بشرط ألا تتسبب في إغفال خصائص الأجزاء كما أؤكد دائما.
فإن كان أحد مسئولا عن أسرة مكونة من ستة أفراد مثلا فإنه قد ينظر نظرة شاملة لما ينبغي القيام به ولكنه لا يستطيع أن يغفل أهمية مراعاة الخصائص الفردية ؛ فهذا رضيع له اعتبارات ؛ وهذا تلميذ بالروضة له اعتبارات أخرى ؛ وذاك تلميذ ابتدائي أو إعدادي له اعتبارات مغايرة ؛ وهذا طالب جامعي له اعتبارات خاصة ؛ وهذه امرأة لها اعتبارات تخصها ؛ وهذا شيخ كبير السن له اعتبارات مختلفة وهكذا ، فليس معنى النظرة الشمولية أن ننظر إليهم مجتمعين على أنهم عبارة عن مجموعة من الكتل التي تزن ربع طن من اللحم والدم مثلا ثم نتعامل معهم من هذا المنطلق.
والآن لنترك هذا كله جانبا وأتوجه إليك بشيء أراه غاية في الأهمية ؛ إن أهملته فلا أظنك واجدا أحدا من بعدك يحمل على عاتقه هموم الشمولي ؛ فإن أردت أن تأخذ بما أقول فسوف تصنع لشموليتك أملا للبقاء والازدهار ؛ وإن لم تأخذ بقولي فأتمنى لك التوفيق إلا أن أمانتي تقتضي أن أخبرك بما يبدو لي وهو ألا مستقبل للشمولي بغير أخذ كلامي مأخذ الجد وأتمنى أن أكون مخطئا.
وما أريد أن أبوح لك به هو الآتي :
1- حدد أولويات طريقتك وأسسها في فصول محددة صغيرة الحجم قليلة الشرح لأن التقليدي أو القياسي مثلا يمكن شرحها لتلميذ الإعدادي أو الثانوي في فصول معدودة ؛ ويجب أن يكون الشمولي كذلك ؛ أما الاستطراد وكثرة الشروح فتكون في كتب منفصلة لا يؤئر عدم الإلمام بها في فهم الأسس الضرورية ؛ وتجعل فقط لمن أراد التزيد والتوسع والتبحر في فوائد الشمولية المبنية على أسسها الأولية
2- عندما يتوجه أحد بسؤال أو استفسار يجب أن تجيب إجابة محددة واضحة تكون هي الأساس ولا مانع بعد ذلك من إحالته إلى الروابط للتزيد والتوسع ؛ ولا تكون الروابط هي الأصل ؛ بل الأصل أن تعطيه إجابة محددة.
3- اجعل الأمور الفلسفية التي تؤيد الشمولية قسما خاصا بعيدا عن التأصيلات العروضية ؛ وهي ليست أساسية لدراسة العروض بل من أراد أن يستمتع بالإبحار في الفلسفة الشمولية فليتفضل ومن اكتفى بالقواعد والأسس والتأصيلات فهي حسبه.
4- اجعل كل اجتهاداتك التي تخالف الخليل في هامش الملاحظات ؛ واجعل الأصل هو منهج الخليل لأنه هو المجمع عليه.
5- اجعل صياغة الخرائط الرقمية التأصيلية للأوزان بحيث تعطي نفس النتائج الخليلية بلا زيادة ولا نقصان ؛ وإن كان لك وجهة نظر في نتائج مخالفة أو زائدة كتلك التي تسمى موزونا فافصلها عن التأصيل واجعل لها فصلا خاصا لمن أراد أن يدرس شيئا مخالفا للخليل أو زائدا عن منهجه ويعد مثار جدل ومثار نقاش ؛ فهذا يجب أن يفصل عن الأسس والقواعد التأصيلية.
6- اجعل العلامات والألوان التي تدلك على الأحكام في كل وزن ؛ اجعلها لا تخرجك من البحر إلى بحر آخر ؛ إذ ليس هناك فائدة من إدراك الناظم أنه إن فعل كذا خرج إلى بحر آخر لأنه يستوي أن يخرج الناظم إلى بحر آخر أو يخرج إلى وزن مجهول ؛ فترك الوزن والخروج عنه خطأ في كل حال ؛ ويكفي للدارس أن يعلم الحدود التي لا تخرجه عن الوزن ؛ أما الخروج إلى بحور أخرى بسبب تطبيق مبادئ الشمولية فيجب أن تنضم أيضا إلى المباحث الثانوية غير الأساسية لمن يرغب في ازدياد ؛ لأن عدم الإلمام بها لا يضر من يريد الاكتفاء بما هو ضروري.
هذا إن كنت تريد أن تخرج بالشمولي من كونه لا يستطيع الاستفادة منه إلا فئة قليلة ذات عقلية خاصة لتجعله للجميع حيث يمكن أن بستفيد منه شريحة أكبر ؛ أما إن قنعت بالاكتفاء بجعله لتلك الفئة المخصوصة ؛ مع ملا حظة أن معظمهم أيضا لا يمكنهم متابعة كل هذا فضلا عن استيعابه استيعابا جيدا والقدرة على مناقشته وتمييز صحيحه من خطأه ؛ فأنت وما ترى.
وفي كل الأحوال تمنياتي بالتوفيق والازدهار
وإلى لقاء آخر إن شاء الله
في حوار بين التقليدي والقياسي والشمولي
دمتم بخير