(الوجيز في يوم الثلاثاء اللذيذ!!)
هذا العنوان من اختيار الأستاذ منير عامر .. هذا أولا،أما ثانيا فهذه مجرد (ومضة) من كتاب،وإن كانت تبدو إجابة على سؤال تربع على رأس كُليمتي ( العمل المختلط زمالة أم صداقة أم؟!){رابط الكُلمية : http://lojainiat.com/main/Content/%D...A3%D9%85%D8%9F} .. هذا جواب من قِبل من لم يُطرح عليه السؤال،ولا يهمنا أصلا .. أي المجتمع الأمريكي ... وإن كان هو أحد مصادر الإلهام لدعاة الاختلاط.
لا زلنا مع كتاب (مسافة بين القبلات) .. والذي نستطيع أن نسميه كتاب (منير و فاطيما) !
كان الحديث عن كتاب من جزئين،صدر في أمريكا،ووزع ستة ملايين نسخة في خمسة أسابيع .. وهو عن اللقاء بين الذكر والأنثى ... وهنا يقول الأستاذة منير :
(قلت لفاطيما : الغريب في أمر الحضارة المعاصرة أنها أباحت الجسد لكل من يرغب. ورغم ذلك لم يستطع أحد أن يعلن أن مثل هذه الإباحة تسبب عميق الإحساس بالندم. لم يجرؤ أحد على إعلان ذلك إلا عندما هجم فيروس الإيدز فجعل الجميع مجرد أرانب تتمنى اللذة،وتجرؤ عليها،وفي نفس الوقت تعيش أسيرة الرعب القاتل.){ص 150 (مسافة بين القبلات ) / منير عامر / بيروت / دار العلم الملايين / الطبعة الأولى / 1990}.
عفوا فقد تجاوزت مقدمة لهذا الكلام جاء فيها :
(الفارق بين امرأة وامرأة هو قدرة الرجل على اكتشاف شيء مثير في امرأة ما،وعجز عينيه عن رؤية ما يثير في امرأة أخرى.
وغالبا ما يصاب الرجل بالعمى عن رؤية ما يثيره في زوجته. وغالبا ما تصاب المرأة بالحول فتنظر إلى زوجها بنصف عين غاضبة (..) ولأن الاستعداد للعمل يبدأ من الساعة السابعة صباحا على أقصى تقدير،لذلك يهرع الرجل من السرير إلى القطار السريع مرورا بلحظات تزدحم بالتوتر الصباحي،فلا يرى أولاده أو زوجته.
ولأن المرأة تعمل أيضا،فهي تتسابق مع الرجل في القفز من السرير إلى إعداد الأطفال للمدارس إلى تناول الطعام السريع،ثم إلى ارتداء قناع العمل والنزول بسرعة إلى الشارع ثم إلى السيارة.){ص 147}.
وبعد حديث شخصي .. ختمه المؤلف بقوله :
(ثم ماذا أقول لزوجتي عندما أعود؟ (..) لماذا أقهر أنوثتها وأكسر شوكة إحساسها بأنها ملكة على عرش قلبي؟){ص 151}.
ويأتي الرد من فاطيما الأمريكية من أصل تركي ( افعل كما يفعل الأزواج هنا. إن لهم يوم الثلاثاء. إنهم يحاولون العثور على إذن خاص من العمل على أساس أن يعوضوا ذلك العمل بساعتين يوم الجمعة.
والشركات في غالبيتها تعرف أن يوم الثلاثاء هو يوم الخطأ الجماعي. فكل رجل يذهب مع امرأة أخرى غير زوجته،وكل امرأة (..) غالبا.
قلت : هل هناك اعتراف ضمني بالخطأ؟
قالت : افهمها بعقلك واحسبها بقلمك،أنت زرت أكثر من شركة أمريكية،بل أنت زرت بعضا من المباني العملاقة ورأيت الرجال والنساء ينحشرون في صناديق يسمونها حجرات. وكل حجرة لا يزيد طولها عن مترين وعرضها عن مترين،وارتفاعها حوالي مترين. أي أن هناك رجلين أو رجل وامرأة محبوسان في هذه الغرفة. والغرف الأخرى هكذا. وغالبا ما يحاول الرجل أن يبدو ظريفا. وغالبا ما تحاول المرأة أن ترتدي قناع السعادة. وفي الغالب هناك صالة كبيرة خارج هذه الحجرات فيها الكثير من النساء والرجال. وبعد أن يفرغ الحديث عن الأولاد والزوجات والأزواج لابد من أن يتطرق الحديث إلى النفس. إن ساعات النهار مليئة بالفجوات. ولا تصدق أن الأمريكي يعمل بدقة وجدية،إنه كائن كسول للغاية،ينجز العمل المطلوب منه في نصف ساعة في أول النهار،ونصف ساعة أخرى في منتصف النهار،ونصف ساعة ثالثة في آخر النهار. وينظر الرجل إلى ساعته. الوقت لا يتحرك. ينظر إلى المرأة. والمرأة تنظر إلى ساعتها. والوقت لا يتحرك. وكل منهما محبوس أما الآخر. وكل منهما في منتصف العمر. ماذا يفعلان؟ يتفقان على الغداء. ماذا بعد أن يأكلا معا لمدة ثلاثة أشهر أو سنة؟ لابد أن يصحو في جسد كل منهما نداء ما. وغالبا ما يحدث ذلك. تشتري المرأة ملابس خاصة للنوم. وهنا يشتري الرجل ملابس خاصة للنوم. ويأتي يوم الثلاثاء ويتعرف الجسدان كل منهما على الآخر في فندق ما،وهناك علاقات تستمر لمدة أعوام على ذلك الوضع،رغم أن كلا منهما يعود إلى منزله في المساء ليعطي جسده للزوج أو الزوجة يوم الإجازة الأسبوعية أو في يوم ليلة عيد الميلاد. وقد يعرف الرجل أن زوجته تفعل ذلك ولا يتكلم. وقد تعلم المرأة أن زوجها يفعل ذلك ولا تتلكم. وقد ينفجر الرجل ويطلق زوجته. وقد تجد المرأة أن حياتها مع زوجها مستحيلة فتحصل على الطلاق. ويحصل الرجل الذي يشاركها المكتب على الطلاق،ويبدآن الحياة معا. وعندما تبدأ المشاكل بينهما فهما يتذكران يوم الثلاثاء،وقصة الساعتين اللتين صنعتا هذا الحب. وعندما لا يحصل أحدهما على الطلاق،فإن حياتهما تسير بهذه الازدواجية. ولابد من وقود لهذا الاشتعال الأسبوعي اللامسؤول. إذن فليكن هناك مؤلفون للكتب التي تبعث على الإثارة. إن الجميع يعرف أن قراءة قصة فيها عن الجنس عشرات التفاصيل والأحداث،هذه القراءة تجعل الإنسان يعيش ملتهبا ومشتعلا. وهذا الاشتعال والتوهج يقرأه الرجل في أثناء ركوبه للقطار وهو ذاهب إلى العمل. وهذا التوهج تقرأه المرأة أثناء وجودها في العمل أو بعد أن تعود إلى المنزل،أو تسمع التفاصيل من الرجل الذي يشاركها المكتب.،وعندما يأتي ميعاد الغداء،قد يشتري الرجل والمرأة المشتركان في مكتب واحد سندويتشات ويذهبان ( ..) عندئذ يستقر الأمر على لقاء أسبوعي في يوم الثلاثاء،منتصف أسبوع العمل. أو هكذا يظنون،وتظل هذه المسألة سرا لفترة من الوقت. وتظهر المسألة بعد ذلك بشكل هامس. ولكن بما أن الجميع تقريبا يمارسها،فلابد من أن يقبلها الجميع.
قلت لفاطيما : أنت الآن تشرحين لي لماذا عاد أستاذي الدكتور سعد جلال من أمريكا سنة 1953. لقد عرضوا عليه أن يقيموا باسمه معملا تجريبيا في علم النفس،فرفض.(..) وأوصاه طه حسين أن يعود،وقال له :"قد يعرضون عليك ذهب الدنيا. لكنك ستظل هناك إنسانا على الهامش". (..) وعندما عاش في أمريكا انطلق كشاب عازب. ولكنه لاحظ أن علاقة ما قد نشأت بين أحد زملائه وبين زوجة أستاذ جامعي. وكان الأستاذ الجامعي يرحب بعشيق زوجته المصري. وحصلت الزوجة الأمريكية على الطلاق. وعادت مع الشاب المصري بعد نيله درجة الدكتوراه. وأنجبت منه طفلة. لكنها اكتشفت أنها لن تحيا بالانطلاق المعهود لديها،لذلك أخذت البنت وهربت عائدة إلى أمريكا،وفقد الأستاذ الشاب عقله. وكان سعد جلال يحاول أن يعالجه. واستطاع أن يفعل ذلك عل مدار سنوات. ولكن الأستاذ الجامعي لم يطق البقاء في مصر،لأنه في شوق متجدد لابنته،فسافر إلى أمريكا عام 1959،ومضى يسب العرب في كل مكان في أمريكا. وقال لي سعد جلال عن هذا الرجل "إنه يعش على الهامش وينتظر أن يقيم علاقة طبيعية مع امرأة يوم الثلاثاء.){ ص 152 - 154}.
وبعد .. هذه بعض تبعات العمل المختلط .. وفي ديننا ما يغني عن استحضار التجربة الغربية .. لولا أن بعض قومنا من دعاة الاختلاط .. قد يكون كلام الغرب أصدق عندهم،خصوصا أن الحديث هنا عن تجارب واقعية وليست عبر كلام نظري.
أصلح الله الأحوال.
أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي المدني