أحكام المد بين علم العروض وعلم التجويد
من قلم / الباحث العروضي / غالب احمد الغول
4/9/2010
لا توجد روابط دقيقة وثابتة تربط أحكام العروض بعلم التجويد وبخاصة في ( المدود ) , والسبب في ذلك , هو أن علم العروض علم متخصص لضبط نغم الكلام وإنشاده , ثم حساب أزمنته وتحليل خواص أسبابه وأوتاده , لضبط وتصنيف القول الشعري ووضع المقاييس الزمنية التي تحكم الوحدات الإيقاعية الشعرية الموسيقية بشكل متناسب وحسب قاعدة إنشادية ثابتة لكل بحر من البحور الشعرية وتبقى جميع المدود الشعرية طبيعية لا يزيد زمنها على وحدتين زمنيتين , إلا في ثلاثة مواضع حيث يتم زيادة المدود لأكثر من ذلك وهي :
الموضع الأول :
يقع المدّ بشكل إجباري على سبب الوتد المجموع , ليعطي نغمة بنبرة متوسطة لغرض الإيقاع الشعري الموسيقي .
مثال ذلك :
(سلام) من صبا بردى أرقُّ
يقع المد على المقطع ( لاااا ) من سلااام , ويبقى مدّه طبيعي , لكنه واضح الصوت بنبرة متوسطة .
والموضع الثاني :
يقع المدّ بشكل إجباري على المقطع الذي يقع عليه ( النقرة ) أو النبرة الذي يختارها المنشد , وتكون عادة على المقطع المتحرك أو الممدود الذي يقع قبل الوتد , وهو مد إلزامي لغرض إيقاعي صرف , ونستطيع مد الحرف المتحرك أو نزيد زمنه لخدمة هذا الإيقاع , أو نستطيع زيادة زمن المقطع الساكن أيضاً لخدمة الإيقاع الشعري الموسيقي .
مثال ذلك : سلام (من) صبا (بردى) أرقُّ
نقرأ كلمة ( من ) هكذا ( مننننن ) بإطالة زمن النون لأنه وقع عليها النبر الشعري الموسيقي , ومقدار المد هو وحدتين ونصف الوحدة لغرض إيقاعي شعري موسيقي . .
ونقرأ كلمة ( بردا ) هكذا ( برداااااا ) بمد الألف بمقدار وحدتين ونصف الوحدة , لأن المقطع ( داااا ) هو المقطع المنبور .
الموضع الثالت : يقع المدّ على آخر مقطع من مقاطع القافية الشعرية , وهذا المد ضروري عند الإنشاد الشعري وبخاصة عند مواقع النبر أو الترفيل .
مثال ذلك :
سلام من صبا بردى (أرقُّ)
كلمة ( أرقُّ ) نستطيع أن نمدها لتصير هكذا ( أرقــوووو )
مما سبق لا نستطيع تشبيه المدود في العروض بقواعد التجويد , لأن المدود في قواعد التجويد تنسف الإيقاع الشعري , وتمحي أثره , لأن المد في التجويد يحدث أينما يكون المد , وليس كالشعر الذي قد يلغي المد إن لم يكن له ضرورة إيقاعية , أو قد يلزم المد للحرف المتحرك إن وجد لذلك ضرورة إيقاعية .
ومن هنا فإن غرض التجويد للمدود لإيضاح المعاني وإتقان مخارج الحروف لغرض معنوي وبنيوي ونفسي , بينما المقاطع الشعرية لا غرض لها سوى الغرض الإيقاعي فقط , إذ تتآلف المقاطع للتتناسق من حركات وأزمنة محصورة ومتقنة ومحسوبة , لا تزيد ولا تنقص تماشياً مع الوحدات الإيقاعية الموسيقية .
أما تعريف المد في التجويد : فهو إطالة زمن النطق بأحد حروف المدّ الثلاثة : الألف , الواو, والياء , مثل:
( نوووو ) ( حي ) ( هااااا )
ويقسم المد في التجويد إلى قسمين هما:
أصلي وفرعي:
المد الأصلي:
أن لا يكون بعده (همز) ولا قبله ( همز ) أو سكون , ويسمي أصلي طبيعي , ومدته ( حركتان ) مثل :
قالوا يا مريم ,
يقول يا ليتني قدمت لحياتي
المدّ الفرعي :
هو حرف المد الذي بعده همزة أو سكون أو قبله همزة في كلمة واحدة ( السماااااا ء ) وكلمة ( سوووووء )
وغيرها من أحكام التجويد .
ونلاحظ ذلك الفرق بين المدود الشعرية الإنشادية, والمدود عند التجويد , وهو الفرق بين الإنشاد الإيقاعي , وبين التجويد القرآني .
ويعرف الإيقاع الشعري الموسيقي , على أنه نظام صوتي له رتابة منتظمة في الحركات والزمن , تتخلله نقرات ( نبرات ) متساوية أو متناسبة في أزمانها تظهر جلية للسمع .
أما التجويد , فلا إيقاع له , ولا انتظام في الحركات والزمن , وتوجد النبرات قوية أو خفيفة من غير انتظام ,وأينما يوجد المد وجب مده بما يوافق أحكام التجويد , مثله مثل الكلام النثري , ونظامه تجويد وترتيل قرآني مميز عن غيره من القراءات .
غالب احمد الغول.