قال بعض أهل العلم: الحكمة ضرب من العلم يمنع من ركوب الباطل . وقال ابن قتيبة : الحكمة : العلم والعمل ، لا يكون الرجل حكيما حتى يجمعهما.وقيل أصل الحكم المنع ، يقال: أحكمت الرجل عن كذا، أي: منعته عنه.
وسميت الكلمة الواعظة حكمة، لأنها تمنع عن التورط في الجهل.
وسمي العلم حكمة؛ لأنه يمنع صاحبه من الموارد القبيحة التي يردها الجاهل.
وسمي الحكم حكما؛ لأنه إذا تم منع عن التخاصم.
وذكر أهل التفسير أن الحكمة في القرآن على ستة أوجه : أحدها : الموعظة ، ومنه قوله تعالى في القمر:" حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ ".والثاني : السنة ، الحلال والحرام والسنن والأحكام ومنه قوله تعالى في البقرة:" كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ"، وفيها :" وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ "، وفي سورة النساء :" وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ "والثالث : الفهم ، ومنه قوله تعالى في الأنعام:" أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ "، وفي مريم :" يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا "، وفي الأنبياء:" فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا ". وفي لقمان :" وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ ".والرابع : النبوة ، ومنه قوله تعالى في البقرة :" وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ "، وفي ص :" وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ ".والخامس : القرآن ، ومنه قوله تعالى في النحل :" ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ " ونظيره: "ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ".والسادس : علوم القرآن ، ومنه قوله تعالى في البقرة :" يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ". علم القرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثاله.