الدبلوماسية الروحية
نظمت رابطة الدفاع عن التراب الوطني بمدينة الحسيمة بالمملكة المغربية يومه السبت 19 فبراير، انطلاقا من الساعة العاشرة والنص صباحا على حوالي الثانية بعد الزوال، بفضاء "ميرادور" ندوة تحت عنوان "الدبلوماسية الروحية في خدمة الوحدة الترابية".
وقد حضر الندوة السيد والي جهة تازة الحسيمة تاونات جرسيف، عامل إقليم الحسيمة، السيد محمد الحافي، صحبة الدكتور السيد محمد بودرا، رئيس المجلس الجهوي، ووفد من السلطة المحلية؛ وأساتذة ودكاترة جامعيين، وعدد من الطلبة الجامعيين، وحشدا كبيرا من الصوفية أغلبهم من الطريقة العلاوية؛ كما حضر ممثلو المجتمع المدني الصحراوي والمحلي، وجالية مغربية؛ و الدعوة كانت عامة..
وقد ألقيت الندوة من طرف الأستاذ محمد لعرج، والأستاذ محمد ضريف، برئاسة الأستاذ السيد منيب اليعقوبي. وكانت القاعة غاصة حيث أثار انتباهي إلى مجموعة من الأشخاص بقيت واقفة أمام باب القاعة.. وقد غطت الندوة مجموعة من الصحافة المكتوبة، والمرئية [إذاعة 2M]..
سجلت نقاطا جد مهمة، تمحورت حول:
1- عنوان الندوة [الدبلوماسية الروحية في خدمة الوحدة الترابية].
2- مفهوم الدبلوماسية الروحية وأهميتها..
3- الأدوار التي لعبتها الطرق الصوفية..
4- التوظيف السياسي الخارجي للتصوف...
5- التواضع...
بمجرد قراءة العنوان يتضح أن الموضوع جاد وجديد؛ جاد من حيث نواة الموضوع التي يدور حولها عدة إلكترونات.. وجديد من حيث أنه موضوع لم يتحدث عن الجزئيات كما عهدنا في جل المحاضرات والندوات..
1- سيميائية العنوان
إن العنوان يرتبط ارتباطا وثيقا بجوهر الموضوع؛ فهو يسلط الضوء على مفهوم العمل الدبلوماسي مرتكزا على الدبلوماسية المتوازية في المجتمع الصوفي..
فالممثل الدبلوماسي لهذا المجتمع يمثله "شيخ الطريقة"، وله علاقة وطيدة بينه وبين أتباعه الذين يعدّ عددهم بالملايين؛ مما يجعلنا نقف أمام تشبيه بمملكة، ونقول: "مملكة التصوف".. ومن هذا الباب كانت الدبلوماسية قديما تمثل الملوك والأمراء فتحولت مع التغيرات الاجتماعية فأصبحت تمثل الدول.. كما تحولت الدبلوماسية الروحية إلى توظيف سياسي خارجي... والمرحلة الراهنة تتطلب الدفاع عن وحدة الدين الإسلامي، وقدسية الوطنية...
وتعتبر الزوايا مقر المجتمع الصوفي قديما، ومستقلة عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية من باب منهج الطريقة الذي يضعه شيخها.. ولم تسلم من انتقادات الفقهاء والكتاب والنقاد... ومع مرور الزمن بدأ بعض مشايخ الطرق الصوفية يؤسسون جمعيات من أجل التوظيف السياسي الخارجي...
أما من ناحية مقتضيات العمل الدبلوماسي فهي ترتكز على ضرورة المهام الملقاة على عاتق الشيخ من طرف رئيس دولته.. وحتى من طرف منظمات أجنبية...
والمصيبة الكبرى تتجلى في مبدأ المعاملة التي تخضع المريد إلى طاعة شيخه الطاعة العمياء، ولو تجلى له أنه ما يقوم به شيخه غير منطقي ومعقول... وهذه الثقة سببها إيمان المريد بعمل شيخه...
وانقسم التوظيف السياسي الخارجي إلى قسمين: القسم الأول مصدره رؤساء الدول عندما يلقون على عاتق المشايخ مهمة تخريبية، وإفساد... والقسم الثاني مصدره إما رؤساء دول أو منظمات أجنبية من أجل محاربة الإسلام...
من هذه الزاوية انبثق هذا العنوان "الدبلوماسية الروحية في خدمة الوحدة الترابية"، مشيرا إلى دور الزاوية في العالم الإسلامي على وجه العموم، وفي المملكة المغربية على وجه الخصوص.
2- مفهوم الدبلوماسية الروحية وأهميتها
انتقلت كلمة "الدبلوماسية" من اليونانية بمفهوم [طبق]، ومشتق من كلمة "دبلوم".. إلى اللاتينية بمفهوم "العلاقات القائمة بين الدول... وإلى اللغات الأوروبية بمفهوم "السفارة"... وإلى اللغة العربية بمفهوم "المفاوضات".. وكان العرب ينتقون لهذا المقام الرجل المتميز بالفصاحة والثقافة والحلم...
من هذا الباب تعددت مفاهيم "الدبلوماسية"، أهمها: السياسة الخارجية، المفاوضات، المهنة، الدهاء والحلم...
أما المفهوم العلمي للدبلوماسية الروحية فهي الاتصالات والتفاعلات بين الكيانات السياسية المعاصرة، أي الدول وغيرها من الفاعلين الدوليين على المسرح الدولي من خلال مشايخ الطرق الصوفية...
ليست الدبلوماسية الروحية سوى جهد شخصي ينبثق من قلب الشيخ من أجل تحقيق كرامة الإنسان وحريته؛ وهي نتاج إما طغيان وظلم الاستعمار... أو استبداد وفساد الحكام...
وتلعب دورا هاما في إصلاح الفرد بتربيته تربية خلقية دينية محضة تجعله متزنا بين الحياة المادية والحياة الروحية.. هذه الترقية السلوكية تجعل الفرد مؤهلا لطاعة شيخه، ويكره الطغيان والظلم والاستبداد وعبودية الأغيار... هذا التأهيل الخلقي يجعل الصوفي يلعب دورا هاما في خدمة وطنه...
3- الأدوار التي لعبتها الطرق الصوفية..
وتحدث الأستاذ محمد ضريف عن المقترب السوسيولوجي مبينا نشأة الزاوية من اللبنة الأولى؛ مبرزا المقترب الانتربولوجي لنشأة الزاوية بسبب التنافر بين المجتمع والسلطة.. كما أشار إلى تاريخ الزوايا بالمملكة المغربية..
وتحدث عن نشأة الرباط في الشرق الإسلامي، وفي شمال إفريقيا، ثم في المغرب الأقصى الذي نهج مسلكا حارب فيه المذاهب والطرق الضالة...
وانتقل إلى حركة الصلحاء، مبرزا الفرق بين الولي، والصالح.. وبين على أنها كانت تتميز بالقبلية التي تحافظ على أعرافها وتقاليدها.. وإن تميزت بنظام قبلي في عهد الموحدين؛ وأشار إلى الطريقة الصوفية التي ظهرت في العهد الموحدي عل يد أبي عبد الله محمد بن سليمان الجزولي.. وتميزت بخطابها لتطبيق الشريعة الإسلامية، والدعوة لتوحيد المجتمع.. وإبان الحكم الشرفاوي ظهرت الزاوية، واتسمت بفعالية أقوى من سابقتها..
نتج عن هذا التطور الانتقال من تربية النفس إلى مؤسسة تختار الحاكم، وهيئة تدافع عن الشريعة الإسلامية، ومصدر كسلطة تدافع عن التراب الوطني... وضرب مثلا بالطريقة "الجزوليةّ" التي انطلقت من "سوس"، وانتشرت في ربوع المملكة المغربية؛ ورشحت السعديين لسلطة البلاد.. وضرب مثلا أيضا بالطريقة "الكتانية"... وتحدث بإيجاز كبير عن التجربة "الدلائية"...
ويجب أن أشير إلى بعض الملاحظات التي لم يتطرق إليها:
1- لقد ساهمت الزاوية بشكل كبير في محاربة الاستعمار.. وقد أيقن هذا الأخير خطورة الزاوية وزرع فيها عملاءه.. مما جعل الكثير يعتقد أن الزاوية بدعة المستعمر...
2- تحدث عن أقسام التصوف؛ لكن لم يبرزها بشكل جيد..
والتصوف ينقسم إلى تصوف سني، وتصوف سلفي، وتصوف فلسفي؛ وعدا هذه الأقسام فهم زنادقة، ولا يصح أن نلقبهم بزنادقة التصوف، كما لا يصح أن نلقب المسلم بمسلم منافق، لأن النفاق ليس من صفات المسلم..
3- تحدث عن تاريخ كتبه جنرالات لمناطق حكموها.. ولم يتحدث عن مدارس المستشرقين من كتبوا عن التصوف.. وكتاباتهم ليست سوى تأثير شخصي بما يحملون في أنفسهم من حقد وكراهية للإسلام...
4- أشار إلى انتقادات الفقهاء والتنكر للتصوف بشكل وجيز جدا؛ مما جعل عند فتح باب النقاش يتدخل الدكتور حسن العساوي طارحا سؤاله لإبراز هذه الانتقادات والتنكرات.. والحقيقة سواء فئة عريضة من الفقهاء أو من الكتاب ممن انتقدوا التصوف، بل طعنوا فيه وكفروا وأشركوا أهله.. إلا أن هذه الفئة العريضة تنطلق من ابن تيمية، رحمه الله، إلا أن النقاد أخطأوا الطريق؛ لأنه كان يقصد طائفة خاصة أمثال "الجهمية"؛ كما أخطأ الإمام الغزالي في كتابه " فضائح الباطنية"، لكنه صحح خطأه بكتابه "المنقذ من الضلال"...
وفي عصرنا الحالي نجد أمثال محمد الراشد في كتابه "وحدة الوجود من الغزالي إلى ابن عربي" وكتابه " مسارات وحدة الوجود في التصوف الإسلامي" يصنف أقوال الصوفية في خانة الهرطقة والكفر والإلحاد...
إلا أن مشايخ التصوف السني كانوا يردون على كل من أنكر التصوف أمثال الشيخ العلاوي، رحمه الله، في رسالته " رسالة القول المعروف في الرد على من أنكر التصوف"...
وأظن أن الأستاذ محمد ضريف كان يوجز في كلامه نظرا لتشعب تلك الإلكترونات التي تدور حول نواة بيت القصيد...
4- التوظيف السياسي الخارجي للتصوف
وينتقل الأستاذ محمد ضريف إلى التوظيف السياسي الخارجي للتصوف ويعطي "خالد بن تونس" كنموذج في هذا الباب الذي يُعدّ مسألة جد خطيرة...
نحن نعلم جيدا أن الغرب عمل ولا يزال يعمل على فصل الدين الإسلامي عن الحياة السياسية والاقتصادية، آو بعبارة أخرى إقصاءه.. وفي عصرنا الحالي قد اختار التصوف كآلية ليحارب بها الإسلام الذي أطلق عليه دين الإرهاب والتطرف...
وقد دعت أمريكا والغرب الدول الإسلامية لحث شعوبهم على ممارسة التصوف لأنه طريقة تقصي الفرد من الانتماء إلى الأحزاب أو التيارات السياسية.. ويفضلون حياة الزهد عن الماديات... لكن هذه الدعوة كانت بعد أن جمعت مشايخ الطرق الصوفية المقيمون في الخارج ووظفتهم توظيفا سياسيا... ومن بين هؤلاء العملاء نجد "خالد بن تونس" الذي وظفه الغرب في دعوته الغير المباشرة للمسيحية بدهاء وكياسة؛ وانطلق من محاربة الحجاب حيث زعم أنه لم يقل به لا الكتاب ولا السنة في كتابه "التصوف قلب الإسلام"؛ وبعده أسس جمعية في فرنسا وتشعبت فروعها في أوروبا، وسماها الجمعية الدولية الصوفية العلاوية، وكانت باختصار اللغة الفرنسية رمزا لسيدنا عيسى، عليه السلام، [AISA]، وكان هذا فكرة مقتبسة من غلاف كتاب "جماعة الأنبياء"، للكاتب "ألبان ميشال"، [Le Chœur Des Prophètes. Albin Michel]؛ ثم أسس جمعية إحياء التراث الصوفي بمدينة طنجة بالمملكة المغربية.. ووظف كل عائلته [بن تونس] في مناصب الجمعية الحساسة حتى لا ينكشف أمره... وأمر أتباعه بترك الحجاب، وبالاختلاط كبداية لمشوار المهام الملقاة على عاتقه.. والمرحلة الثانية بدأ بتفريق أتباع الطريقة العلاوية؛ حيث اختار المغفلين السدج.. وجعلهم رؤساء لفروع الجمعية تحت قيادة أخيه الفاجر... وتم الاحتيال على زاوية الناظور حيث كسروا أقفالها واقتحموها بالقوة.. [والقضية لاتزال في المحكمة]؛ وقاموا بمحاولات عديدة لاقتحام الزوايا في مكناس، وتطوان...
وكان كل هذا من أجل الاستيلاء على الزوايا بطريقة في بداية الأمر كانت مدروسة جدا حيث فرضوا في قانونهم الأساسي والداخلي للجمعية فتح مقرات الفروع داخل الزوايا، وهذا راجع لدرايتهم بالقانون المغربي لا يسمح ببيع الزوايا والمساجد والأضرحة.. فأرادوا تحويل الزوايا إلى جمعيات... وبعد سنتين يخول لهم القانون تحويلها إلى مقرات اقتصادية مما يُتيح لهم فرصة بيعها كما باع زاوية في بروكسيل، ومدريد، وفرنسا...
فبيع الزوايا بعد نشر الفساد من اختلاط... يعني طمس الطريقة العلاوية من المغرب...
ولم يكتف بهذا، بل نشر كتابه "التصوف الإرث المشترك"؛ وسيميائية العنوان تطرح علينا سؤال: مع من مشترك هذا الإرث الصوفي؟ وبعد استقراء لكتبه نجد دائما أسماء مسيحية هي من قامت بالتأليف، أما اسمه فهو صوري.. ثم بناءه لكنيسة في فرنسا.. ودعوته إلى وحدة الأديان التي هي بيت القصيد في فكره العاهر.
- وحدة الأديان عند خالد بن تونس:
يقوم باستشهادات باطلة حيث يفسر أقوال "ابن عربي" والشيخ أحمد العلاوي" ويستدل بحديث "البخاري" بدهاء ماكر.. ويزعم أن "الإمام المهدي" هو من يقوم بالتقرير النهائي للدين حسب "ابن عربي"، وهذا يقابل "كالكي أفطار" عند "الهندوس".. ورغم التصوف يميز بين الحقيقة والشريعة فهو يمزج بينهما.. ويستدل بقولة "ابن عربي" [الشريعة عين الحقيقة]، ويقول أن هذا يقابل "أدفيط لدى طانطرا فادا" أي [مذهب طانطريك بوصفها خامس فيدا لكالي – يوكا الحالي]؛ ويزعم أن الإسلام يرتكز على الشهادتين.. وهذا يطابق الحديث [كان خلقه القرآن]، والمعرفة المحمدية تشابه جانب "شاكتي ل" لازدواجية الألوهية "شيفاكاتي"...
ودعوته لهذا "التجديد" تحت شعار زرع الأمل بموعظة: {يجب الإبداع، فلا نكن مقيدين فقط بالآراء الموضوعة من طرف علماء الدين بل علينا أن ننمي أنشطة حسب تعاليم الطريقة...}...
من كل هذا نستنبط أن التصوف إرث مشترك بين جميع الديانات والمذاهب... وأن وحدة الأديان لديه هي الاكتفاء بالشهادتين فقط، والتخلي عن الشريعة لأنها موضوعة من طرف علماء الدين فقط.. وبما أن كل ما جاء في الإسلام يطابق ويقابل "مذهب طانطريك، ومذهب الفيدي" إذن علينا فقط بالشهادتين لضمان الجنة، ونفعل ما نريد لأن حسب المذهبين ازدواجية الألوهية تعني الله هو الإله الخالق، والإنسان هو الإله المدبر.. وقبل أن يتخلص "الإمام المهدي" من هذه الشريعة الموضوعة يجب على أتباعه أن لا يتقيدوا بآراء علماء الدين، بل عليهم بتنمية أنشطة حسب تعاليم الطريقة – منهج الشيخ أحمد العلاوي مأخوذ من الكتاب والسنة؛ وهو بعيد كل البعد عن هذا الضلال...-...
وحتى يتبين للقارئ الكريم أن هذا الدهاء الماكر ليس من أفكار خالد بن تونس، بل هي أفكار صهيونية.. إنما حيله أضفت عليها ما يُربك مريديه...
كما أن عبد العزيز بوتفليقة في الجزائر منذ أن طالبت أمريكا وأوروبا رؤساء المسلمين بالاهتمام بالتصوف نهض ليجد مخرجا إلى الصراع ضد المملكة المغربية؛ وانطلق الصراع الديني الصوفي من جنسية الشيخ التجاني دفين فاس بالمملكة المغربية على أنه جزائري الجنسية... ثم تلاه صراع الطريقة العلاوية... لكن الشعب المغربي التزم الصمت من باب الحكمة، لأن المملكة المغربية بلد ما يزيد على المائة ألف ولي...
وحسب علماء النسب نجد أن لقب "العلاوي" لا يوجد إلا في صحراء تافلالت بالمملكة المغربية، والشيخ أحمد مصطفى العلاوي من أصل تافلالت، وانتقل جده العاشر إلى مستغانم قاضيا إبان الحكم العثماني... وعندما يطبعون ديوانه أو كتبه يُضيفون له لقب "المستغانمي" كأن لا أحدا يدري علم الأنساب والبطون ما عقبت...
كما أن الصوفية يؤمنون أن المشايخ أمثال الشيخ العلاوي ليس لهم وطنا من المنظور الروحي، أي كما أرسل نبينا الكريم "رحمة للعالمين"...
فالتزم معظم ممثلو الطريقة العلاوية بالمملكة المغربية بالعروبة والإسلام والوطنية.. واجتمعوا لينعزلوا عن هذا الداهية، وانتخبوا على شيخ مغربي السيد سعيد ياسين.. وبقيت شرذمة من المغفلين الذين في اعتقادهم لا يستطيعون أن ينقضوا العهد، ولا يقولون لشيخهم "أف" ولو على حساب دينهم ووطنهم... وكانت الانطلاقة من مدينة وجدة بالمملكة المغربية التي فطنت لدهاء خالد بن تونس الماكر.. فتحركت لتوعية أتباع الطريقة ونجحت في سعيها لأن فطرتها سليمة لا تعرف سوى الله ورسوله، الوطن، الملك.
هذا النموذج لخالد بن تونس هو بيت القصيد في هذه الندوة التي تدعو سواء أتباع المشايخ إلى الحذر من أفكارهم التي تخالف الكتاب والسنة، وإلى التشبث بأمارة أمير المؤمنين محمد السادس، والتعلق بوطنيتهم، كما كان الشأن عند رسول الله، صلى الله عليه وسلم تسليما، إذ قريش كانوا أهله ووطنه رفضوه، وضربوه، وشتموه، وهجروه... ورحبت به المدينة المنورة وأهلها، واقتسموا معه والمهاجرين بيوتهم وطعامهم، بل وصلت لحد اقتسام الأزواج من كان له زوجتين... ورغم ذلك أراد العودة إلى مكة ليعلمنا حب الوطن، وكانت القبلة اتجاه المقدس، أي اتجاه المغرب، وكانت قبلة اليهود، وعندما خالفوه اليهود ولم يقبلوا دعوته، تقلب وجهه في السماء يريد أن تكون قبلته وطنه، فاستجاب الله له لتكون لنا أسوة حسنة...
وبالتالي كان هذا هو مفهوم الدبلوماسية الروحية في خدمة الوحدة الترابية.
5- التواضع
وما أثار انتباهي تواضع السيد محمد الماحي عامل إقليم الحسيمة وصحبه بتواضعه الذي يجب أن يكون أسوة لكل الولاة والعمال والحكام.. لقد أتى إلى الندوة دون موكب أمني؛ جاء في سيارته صحبة رفقائه بكل تواضع وأنصت إلى الندوة من البداية إلى النهاية، وأكثر من ذلك تغذى مع الحضور في المطعم كأنه واحد منهم...
هذا التواضع هو سر الدبلوماسية الروحية الذي يخدم الوحدة الترابية.
وبالتالي، كانت رسالة الندوة إلى المجتمع المغربي للحذر من إتباع المشايخ الذين تكون دعوتهم تخالف الكتاب والسنة، خاصة منهم المقيمون بالخارج، ويجب أن تكون آصرة العقيدة أولى من آصرة القرابة، وليس فحسب، بل يجب الحذر من كل الأفكار التي تمس بالوطن وبأمارة أمير المؤمنين؛ وعلى المغاربة أن يغرسوا محبة الوطن في قلوبهم وضمائرهم...
ونموذج "خالد بن تونس" أقوى دليل على هذه الدبلوماسية التي تلقي مهاما على عاتق الشيوخ لضرب الإسلام من جهة، ولطمس أو تغيير التصوف السني، كما هو الشأن بين الغرب والمسلمين، وبين الجزائر والمملكة المغربية الشريفة.
بقلم: محمد معمري