ناجي علوش في ذمة الله
عبد الستار قاسم
29/تموز/2012
رحل ناجي علوش أحد رجال فلسطين الوحدويين الأشداء الذين أفنوا حياتهم دفاعا عن أمة العرب وحقوق شعب فلسطين. كان علوشا رجلا صلبا وصاحب مبدأ وثقة بالنفس وبالشعب وبالأمة، وظل واثقا أن الأمة العربية لا بد أن تنهض وأن تأخذ مكانها المتميز في صناعة الحضارة الإنسانية. وقد تميز علوش بمواقف وصفات عدة على رأسها:
أولا: كان الرجل ابن الناس العاديين، الفقراء والمناضلين والمتحابين الذين لا هدف لهم سوى بناء أمة قادرة على الدفاع عن نفسها وصون حقوقها. لم يكن ابن فنادق، وإنما ابن خنادق، ولم يكن متكبرا إلا على المتكبرين، ولا مترفعا إلا على المترفعين الذين يرون في أنفسهم فوق الناس.
ثانيا: كان مفكرا قديرا أغنى المكتبة بأعماله الفكرية الخاصة بفلسطين وغير فلسطين. وقدم تحليلات فكرية عميقة للتهتك الذي أصاب الأمة العربية، ولضياع فلسطين. وقد حمل الكثير من أوزار ضياع فلسطين لزعامات فلسطينية قديمة وحديثة انحازت لمصالحها المادية والوجهية على حساب الحقوق الوطنية.
ثالثا: كان مناضلا ومقاتلا في مواجهة الصهاينة، ولم يتراجع يوما أمام مواجهة، ولم يدر ظهره لرصاص، وهو عنوان المناضلين القابضين على الجمر والرافضين للتنازل عما آمنوا بها وقاتلوا من أجله.
رابعا: تعرض الرجل للضغوط والإغراءات من أجل تغيير مواقفه من قبل قادة فلسطينيين وعرب وأجهزة مخابرات لكنه تحمل كل الضغوط، ورفض كل الإغراءات. بقي مع تحرير كامل التراب الفلسطيني، ورفض إقامة سلطة فلسطينية تعمل وكيلا للاحتلال، ورفض الاعتراف بالكيان الصهيوني، ورفض كل أشكال التسوية التي من شأنها الانتقاص من حقوق شعب فلسطين.
خامسا: بقي وحدويا مؤمنا أن العرب لا مستقبل لهم إلا بالوحدة، وأن تحرير فلسطين يقع على عاتق العرب أجمعين.
المؤلم أن ناجي علوش قد رحل وهو يرى صبية تربوا على أيدي المخابرات الأمريكية والصهيونية يتلاعبون بالقضية الفلسطينية ويتحدثون باسم شعب فلسطين. هذا هو زمن التيه والضياع. لكن عزاءه أن اللواء لن يسقط، وستبقى راية التحرير والوحدة خفاقة عالية.