خالد تاجا: وجود الفنانين السوريين في الدراما المصرية خدم جيوبهم
تاريخ النشر : 2010-11-14
غزة - دنيا الوطن
رغم كل تجاعيد السنين التي حفرت آثارها على وجهه، فإنه ما زال وبإجماع كل المتابعين والمهتمين يتربع على قمة نشاطه وألقه وحيويته متحديا الزمن ومؤكدا للجميع أنه الممثل الذي يناسب كل الأدوار من التاريخي وحتى الكوميدي والاجتماعي المعاصر والبيئي الشامي وغيرها، بل وكما يرى البعض أن الأدوار هي التي تبحث عنه حيث يعطيها بصمة خاصة ونكهة مميزة حتى يكاد بأدائه لها يشكل أسلوبا جعل البعض يحاول تقليده من خلالها (ألم يفعلها الممثل الشاب باسل خياط في مسلسل «جرن الشاويش»؟!)، ولكنه يبقى الممثل الذي لا يشبه إلا نفسه رغم رأي الراحل محمود درويش فيه على أنه أنطوني كوين العرب، فهو كما يردد دائما (خالد تاجا) وليس شخصا آخر، وهو بالفعل كذلك حيث تراه منفردا بحضوره متمسكا بأدواته متميزا بحرفيته الفنية العالية في العشرات من الأعمال التلفزيونية التي كان حاضرا فيها بقوة.
في الحوار التالي يتحدث الفنان خالد تاجا لـ«الشرق الأوسط» التي التقته في دمشق:
* ما هي آخر الأعمال التلفزيونية التي تصور دورك فيها حاليا أو ستصورها في الموسم الحالي؟
- أصور حاليا دوري في الجزء الثاني من مسلسل «الدبور» وهو من البيئة الشامية ولي مشاركة في الجزء الثاني من المسلسل الكوميدي «يوميات مدير عام» وهو من إنتاج «سورية الدولية» وأجسد فيه شخصية مختلفة عما قدمته في الجزء الأول، حيث كانت شخصية معاون المدير العام، كذلك هناك تغييرات في أدوار بعض الممثلين المشاركين في هذا الجزء الجديد، وأشارك حاليا في المسلسل الأردني «عائلة أبو حرب»، وأجسد شخصية رشاد بك في مسلسل «سقوط الأقنعة» للكاتب محمد الجعفوري والمخرج حسن داود وهو اجتماعي معاصر، ولدي نصوص كثيرة أقرأها ولم أقرر بعد مشاركتي فيها أم لا.
* تابعك المشاهد في دراما البيئة الشامية من خلال أعمال متنوعة، منها «أهل الراية» و«عش الدبور» ولكن لم يشاهدك في «باب الحارة»، لماذا؟
- لم يكن لدي وقت للمشاركة فيه حيث كان لدي أعمال وارتباطات أخرى والمخرج بسام الملا صديقي ولي تجربة مهمة معه في مسلسل «أيام شامية»، ولكن لم تسمح ظروفي بالمشاركة في «باب الحارة».
* لاحظ المشاهدون أن أحد الفنانين الشباب (باسل خياط) يقلد صوتك وأداءك في المسلسل الشامي «جرن الشاويش» الذي عرض قبل سنوات قليلة، هل كنت راضيا عن هذا التصرف منه؟
- كانت لعبة من المخرج حيث أراد أن يجعل عمله أثناء التنفيذ فيه بعض اللعب وهو مخرج لعوب نعرفه جيدا واستطاع إقناع باسل خياط بأن يقلد خالد تاجا وهو ممثل موهوب ومتمكن في تقديم شخصيات متعددة وهو ليس ممثلا مقلدا لكن بهذا دخل بدخلة هشام شربتجي.
* هل هذا يعني أنك تمتلك أسلوبا خاصا في الأداء حتى يقلدك الآخرون؟
- لي أسلوبي في أداء الشخصيات وهو استطاع أن يصل إلى أسلوب خالد تاجا.
* هل لك مشاركات خارج سورية؟ وهل دعيت للمشاركة في الدراما المصرية؟
- لدي مشاركة في عمان وتعرض علي حاليا الكثير من الأعمال للموسم القادم بعضها خارج سورية، فنحن ما زلنا في بداية الموسم وهناك توزيع للنصوص حاليا وتحديد الفنانين وأنا سأختار المناسب وأتعامل معه. وفيما يتعلق بالمشاركة في الدراما المصرية عرض علي في السابق الفنان الراحل أسامة أنور عكاشة الاشتراك في عمل مصري -سوري ولكن سبق السيف العذل، وتوفي عكاشة وفي اعتقادي أنه كان بعنوان «رز الملائكة».
* وهل مشاركتك ستكون باللهجة المصرية أو السورية؟ وهل تجيد المصرية؟
- بالنسبة إلي كممثل لا يوجد عندي أي مشكلة، فأنا مستعد أن أتأقلم مع كل اللهجات وكل الشخصيات وأن أتأقلم مع كل متطلبات مهنتي وأن أقدم شخصيات كما هي مكتوبة، واللهجة المصرية ليست بعيدة عنا حيث نشأنا وتلقينا اللهجة المصرية من خلال السينما وعشت لمدة سنة في القاهرة أيام الوحدة بين مصر وسورية وهي لهجة سهلة وسلسة وجميلة وموسيقية ومن السهل إجادتها.
* كيف تنظر إلى مشاركة النجوم السوريين في الدراما المصرية؟ هل خدم ذلك الدراما السورية أو خدم المصريين وحدهم؟
- وجود النجوم السوريين في الدراما المصرية خدم جيوبهم ولكن لم يؤثر ذلك على الدراما السورية وفي اعتقادي أن الدراما العربية يجب ألا تتجزأ فهي فسيفساء لونية وتشكل لوحة كاملة متكاملة وأنا من القوميين المؤمنين بأن لغة الضاد هي واحدة وكل ما ينتج عنها هو نتاج عام ونتاج يمثلها، وأنا أرى أن الدراما المصرية في بداية عهدها قامت على فنانين سوريين وعرب مثل أبو خليل القباني ومارون النقاش وجورج أبيض وغيرهم.
* وكيف تنظر إلى الدراما التركية المدبلجة ومقولة تأثيرها على الدراما السورية؟
- أنا أرى أن ليس لها أي تأثير لأن البيئة مختلفة والشروط الفنية والدرامية مختلفة، فهي حالة خاصة ومتفردة بذاتها لذلك في رأيي تبقى نوعا من أنواع الفرجة على ثقافة انقطعت لفترة طويلة عن العالم العربي والإسلامي وعادت بشكل جديد، شكل اختارته بعد مصطفى كمال أتاتورك وأصبح لها طابعها الغربي أكثر من الشرقي لذلك لن تؤثر نهائيا على شكل الدراما العربية التي تعكس الشارع العربي الذي تمسك إلى حد ما بتقاليده ونظام حياته.
* ما هي في رأيك وظيفة الدراما في المجتمع ونسبة إقبال المشاهد لمتابعتها؟
- من المعروف أن نموذج الدراما وشكلها خاص بالفنان المبدع الذي يبتكر هذه الدراما ويستقبلها المتلقي بقدر صدقيتها وبقدر ارتباطها بأحاسيسه وبمشاعره وبعاداته وتقاليده.
* إذن، إلى ماذا تعزو نجاح دراما البيئة الشامية وإقبال الناس على متابعتها؟
- أنا أخشى أن تكون دراما البيئة الشامية موضة وكنت أتمنى أن تكون كأيام شامية الطفرة الأولى، بمعنى أن تعيد الذاكرة الشعبية من حيث الأخلاق البيئية والقيم الاجتماعية ولكن للأسف أصبحت موضة وأخذها الشكل وأصبحت عبارة عن سلعة تجارية لا أكثر. ودراما البيئة الشامية ليست معاصرة بل هي قديمة حيث يقدم القائمون عليها قصصا مضى عليها قرن أو قرنان من الزمن ولذلك أنا مع أن تقدم كشاهد على عصر وتاريخ لفترة زمنية كان فيها أحداث كثيرة من الصراع على السلطة وحتى المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية وغير ذلك، ولذلك لا أعتقد أن هذه الفترة تنضب بتقديم ثلاثين عمل بيئي ولكن مثلا أميركا قدمت الكاوبوي في آلاف الأفلام وانحسر الكاوبوي وصار يقدم بشكل نادر وبأشكال فنية ربما متطورة أكثر وبأفكار جدية أكثر، لأن الدراما الأميركية خضعت كما خضعت الدراما السورية البيئية إلى التجارة وإلى تكرار الشكل وهو النموذج التجاري الرابح، ولو بحثنا في الدراما الشامية البيئية السابقة وليست الحالية فقد نجد تفاصيل أشمل بكثير مما يقدم وأقرب إلى الواقع والحقيقة، ولذلك فإن دراما البيئة الشامية الماضية البعيدة بخمسين عاما أو مائة عام تقريبا لم تكن بهذه الصورة ولم تكن هناك القبضايات والمؤامرات موجودة فيها وكانت تتمتع بأخلاق خاصة جدا وكانت الحارات ملتحمة وكانت جدران المنازل ملتصقة مع بعضها وكان الإنسان يدور الحارة كلها من سطح منزله، فلم تخرج سورية عن القانون، وبعد خروج العثمانيين جاء الفرنسي فأسس الدرك والبرلمان وأتت بعده الحكومة الوطنية فأسست الجيش وغيره وعشنا التاريخ ودمشق تحت سلطة القانون ولذلك ما شاهدناه في الأعمال الأخيرة من خنجر وقتل واغتيالات في الحارات هذا لم يكن موجودا وهو ابتكار تفنن به الكاتب من أجل استدراج ذوق الجمهور غير المثقف الذي يشكل الأغلبية في الساحة العربية وخضع ذلك للتجارة ورأس المال.
* هناك ظاهرة جديدة في الدراما السورية، وهي إعادة إنتاج وتصوير أعمال درامية قديمة مثل «أسعد الوراق» و«دليلة» و«الزيبق»، ما رأيك فيها؟
- لا أعتقد أن التاريخ تقدم بنا كثيرا للأمام فنحن نراوح منذ زمن بعيد مكاننا، ومشكلاتنا هي هي وأنا لست ضد هذه الظاهرة ولكن ربما الدافع في إعادة طرح هذه الأعمال هو وجود هذه المشكلات في المجتمع وقد قدمت في الفترة السابقة بشكل وبتقنية كانت ضعيفة جدا وهذا شجع الكاتب والمنتج والمخرجة على تبني مثل هذا العمل لأنه قريب من الواقع ولم يذهب بعيدا، وفي اعتقادي أن كثيرا من الأعمال الساحرة الجميلة القديمة يمكن إعادتها إلى الحياة ونحن نعرف أن هناك أعمالا لشكسبير وآخرين تقدم حتى الآن في جميع مسارح العالم، فهذا لا يمنع تقديم أعمال قديمة برؤية جديدة من قبل مخرجين وفنانين وقد تقدم في بلد واحد وفي زمن واحد وفي آن واحد أعمال درامية مسرحية أو سينمائية أو تلفزيونية برؤى مخرجين مختلفين، فهذا لا يمنع نهائيا من تداول الأفكار سواء كانت قديمة أو حديثة وبأطر جديدة.
* هناك من يقول إن أجور الصف الأول من نجوم الدراما السورية المرتفعة في السنوات الثلاث الماضية أثرت سلبا على أجور نجوم الصفوف الأخرى وكانت على حسابهم، ما رأيك في هذا القول؟
- لم يكن ذلك على حساب أحد، فالنجم يفرض وجوده في المحطات ويخضع الأمر هنا للعرض والطلب فالجمهور هنا هو من يطالب بنجمه وبالتالي فالمحطات ترغب في الوجوه التي تأتي لها بمنفعة أكبر وبمشاهدة أوسع لمحطاتها وبالتالي من الطبيعي أن يأخذ النجم حقه، فمن المعروف أنه في سورية الممثل النجم يتقاضى أقل أجر عن غيره من الممثلين، ففي مصر يختلف الأمر وفي أوروبا وأميركا الوضع مختلف فبعض النجوم في أميركا يأخذون 45 مليون دولار عن دور لهم في فيلم وأنا لا أريد المقارنة هنا لأن السوق هناك مختلفة والمنتج يستطيع أن يستعيد أمواله، بينما الأعمال في سورية مختلفة عن الدراما في مصر، ففي المسلسل التلفزيوني الواحد تشاهد أكثر من عشرة نجوم، بينما في مصر هناك نجم واحد يحمل العمل كله. والممثل النجم السوري يعيش في حدود المعقول ولا أقول ليس بالحد المقبول.
* هل يمكن أن تخوض تجربة الإخراج والإنتاج؟
- عرض علي أن أخرج أعمالا كثيرة ولكني اعتذرت لأنني لا يمكن أن أكون مخرجا فقد أخسر أموالي وأموال غيري في الإنتاج لأنني لا أستطيع أن أساوم صديقا وأن أفاوض أحدا على قدره وقدر إبداعه، والعمل الإخراجي يحتاج إلى جهد كبير جدا وقد يصرفني عن التمثيل كما فعل مع حاتم علي حيث اكتفى بالإخراج وأنا رجل أحب التمثيل وتكويني أعتقد أن له علاقة بالتمثيل أكثر.
* هل في ذهنك تقديم عمل تلفزيوني أو فيلم سينمائي لسيرة ذاتية؟
- أنا في الوقت الحالي بدأت في كتابة مذكراتي، وفيما يتعلق بالسيرة الذاتية فأنا أتمنى أن أقدم سيرة ذاتية لشخصيات لها أثر في التاريخ وفي الحاضر ولكن على من يكتبها أن يكون صادقا وأمينا في طرحه وفي نقل الأحداث بدقة وبموضوعية.
* هل لديك أولاد يمكن أن نراهم في الوسط الفني ممثلين أو مخرجين؟
- ليس لدي أولاد، وهذا من سوء حظي، حيث إنني أنجب ولكن تورطت في حب وتأقلمت مع زوجتي لكونها لا تنجب أطفالا وعشت معها سنين طويلة.