قلعة النجم.. حصن أثري يتربّع على ضفة الفرات المصدر : آنا البني 07/08/2009 تقع قلعة النجم الأثرية على الضفة اليمنى للفرات إلى الشرق من منبج، في سهول حلب الشرقية، تبعد عن مدينة حلب 115كم باتجاه الشمال الشرقي عبر مدينة منبج، يرتفع موقعها 377 م عن سطح البحر و68م عن منسوب الفرات، وقد برزت أهميتها كحصن مهم بعد انتصار الحمدانيين عام 941م.
عرفت عند الرومان باسم «كايسيليانا، ولأنها تمثل نقطة عبور من الغرب إلى منبج، فإنها أصبحت بمثابة رأس جسر لها، ولذلك أطلق على القلعة نفسها اسم «حصن منبج».
تشرف قلعة النجم على ميناء فراتي، فضلاً عن أنها كانت نقطة لتجمع الجيوش تحضيراً للحملات ضد التهديدات البارثية ـ الساسانية في منطقة بلاد الرافدين، وسبق لعالم المسماريات الفرنسي ثورو ـ دانجن أن افترض قبل سنوات عديدة أن الآشوريين جعلوا من عبور الفرات عند قلعة النجم طريقاً مختصراً بديلاً عن الطريق الرئيس عبر تل الأحمر إلى الشمال من القلعة.
تقوم قلعة النجم فوق مرتفع صخري يبرز من مسطح جرف النهر. ويمثل الجرف الصخري بحد ذاته وسيلة دفاعية طبيعية يصعب تسلقها. وكان نور الدين بن زنكي (1146ـ1174م) قد أعاد تشييد القلعة ذات التاريخ الأقدم، وتعود البقايا الشاخصة اليوم من القلعة إلى الترميمات التي تكفل بها حاكم حلب، الملك الظاهر غازي في السنوات من 1208 إلى 1215م. وفي أواخر القرن الثالث عشر والقرن الرابع عشر بدأت قلعة النجم، أسوة بمواقع أخرى، تمر بفترة من الإهمال والاضمحلال نتيجة لغزوات المغول للمنطقة. وقد أجريت أعمال الترميم في العقود اللاحقة لأبنية هذه القلعة.
تتألف قلعة النجم من ثلاثة طوابق، طابق تحت الأرض يضم المستودعات وأبراج الدفاع والصهاريج والممرات السرية، يليه طابق أرضي فيه قصر الإمارة مع ملحقاته المكونة من حمام وفرن ومجمع مياه. أما الطابق العلوي، فيضم مبنى القيادة والمسجد، الطريق المؤدية إليها معبدة.
ويتقدم مدخل القلعة برجان يحميان البوابة من جهة النهر، وفوق المدخل توجد كتابة عربية تذكر فضل الملك الظاهر غازي في البناء، وهناك ممر مركزي يصعد من المدخل بين صفين من الغرف. ويعلو الطابق الثاني من القلعة غرف وممرات سرية يروى أن لها منافذ سرية تفضي إلى النهر. وتشمل بقايا القلعة قصراً صغيراً وساحة مركزية.
أما سور القلعة، فهو مبني بآجر على الطراز الذي كان شائعاً أيام صلاح الدين, حيث يوجد فوق المدخل مخطوطات باللغة العربية تتحدث عن القلعة، ويؤدي الممر الرئيسي المقنطر إلى الغرف الموجودة على كل جانب التي تتوزع القلعة فوقها كما تضم القلعة إيواناً ومسجداً.
قلعة النجم.. تنوع معماري كبير
تتميز قلعة النجم بالتنوع الكبير في شكل الأبراج الموزعة على محيط القلعة، بأشكالها العديدة إن كانت مربعة، أو مستطيلة، أو مضلّعة، وتتنوع القلعة بوجود عناصر معمارية إنشائية وفي نفس الوقت هي دفاعية متمثلة بالخندق الذي يشكل العائق الأول أمام المهاجم، وأيضاً المنحدر المبلط المائل الذي يعيق تسلق الجنود على الأسوار، ومن ثم تأتي الأبراج المزودة بمرامٍ للسهام والتي يصل بينها أسوار متينة جداً، أما المدخل فهو يتميز بالتقنية التي اعتمدها الأيوبيون. وتتمتع القلعة حالياً بوضع إنشائي جيد ومتين باستثناء بعض المواضع التي تعاني من مشاكل إنشائية نتيجة إما حمولات إضافية أو تصدعات، أو فقدان بعض العناصر الإنشائية كالكتل الحجرية الضخمة، وهذا الأمر تتم معالجته.