”إزرع” مدينة ”الخضر” مثال التسامح الديني المصدر : ياسر ابو نقطة 19/12/2008
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيتعدُّ «إزرع» من أهم مدن محافظة درعا، ورد اسمها أيضاً في رسائل تلّ العمارنة، كذلك في النقوش والكتابات اليونانية، أصبحت مدينة في العصر الروماني، أتبعت لمدينة بصرى عاصمة الولاية العربية، وكرسياً أسقفياً هاماً في العصر البيزنطي. تعد النموذج الفريد من نوعه في العالم لتعايش الديانات والتسامح الديني.
.

¶ مارجرجيوس ... الصرح الأهم

بنيت الكنيسة فوق أساسات معبد وثني للآلهة ثياندريت، التي كانت تعبد بشكل واسع في جميع أرجاء حوران. والحقيقة أنها البناء الوحيد القائم حتى الآن الذي تتمثل فيه كيفية انتقال الكنائس من الطراز البازليكي المستطيل إلى الشكل المربع، الذي تعلوه قبة من الحجر، قائمة على قاعدة مثمنة الشكل. بنيت بكاملها من حجر البازلت الحوراني المنحوت بدقة متناهية، شكلها الخارجي مربع في الضلع الشرقي منها، يبرز شبه منحرف، يتضمن حنية الهيكل، ويوجد داخل الكنيسة شكل مثمن يتوزع أمام كل ضلع من أضلاعه الثمانية. عضادة ضخمة ذات شكل فريد، تتألف الواحدة منها من عدة أضلاع متداخلة ومنكسرة ومنحنية تحمل هذه العضادات فوقها كتلتي القناطر والسقف وكتلة القبة.يوجد في كل زاوية من الزوايا الرئيسية الأربع من الداخل، حنية على شكل غرفة نصف دائرية، تحدّ كلاً منها، وفوق قطرها المنفتح على جسم البناء الداخلي، قنطرة جميلة تعلوها نافذة مقوسة.


¶ الجامع العمري الكبير

نفذت بعثة أثرية وطنية تابعة لدائرة آثار درعا موسمها الأول للتنقيب عن الآثار في موقع الجامع العمري الكبير في مدينة إزرع، الذي يعد من أهم وأقدم الجوامع في العالمين العربي والإسلامي.
يقع الجامع في منطقة أثرية في مدينة إزرع، يتوسط المسافة بين كنيستي مار إلياس ومار جرجس، مكان معبد وثني من الفترات الميلادية الأولى. والدليل العناصر المعمارية المنتشرة في أغلب أجزائه، والتي تعود إلى مختلف عصور التاريخ. إذ يمكن مشاهدة تيجان وأجسام وقواعد الأعمدة، والسواكف الضخمة الميازين، والربدان المتقنة النحت، وهو بذلك يتطابق مع غيره من الأبنية الدينية في حوران وسورية في أنه شهد أغلب العصور والأديان. كان المصلى(القبلية) يتألف منذ البداية من ستة أجنحة بأعماق متفاوتة من 2.80 م الى 3.20 م، ولم يبق منها قائماً إلا الجناحان الجنوبيان. وتشير النسب بشكلٍ واضح إلى أن البناء بأكمله كان مصمماً لتكون سقوفه مستوية من ألواح الحجر البازلتي المتوفر بسهولة. ومن الملامح العمرانية التي تمتّ بصلة إلى عمارة العاصمة السورية لا يوجد منها إلا زخارف المحراب المبنية بالحجر الأسود والأبيض بالتناوب، فهذه النماذج الزخرفية الرائعة اكتمل تطورها في دمشق في العصر الأيوبي، أما بالنسبة لـتأريخ البناء بأكمله فيفترض أنه يعود إلى العصور الوسطى. وعلى النقيض تماماً من جامعي بصرى ودرعا فإن زخارف جامع إزرع الثانوية تعكس تيار التطور الرئيس لعمارة سورية في القرون الوسطى بينما التصميم العام يتبع النماذج التقليدية في حوران.


¶ جامع ابن القيم الجوزية

يقع الجامع وسط المدينة القديمة في مكان مليء بالبقايا الأثرية العائدة إلى مختلف العصور، غير بعيد عن الجامع العمري، حوالي 150م باتجاه الجنوب الغربي. وهو للصلوات الخمس العادية دون الجمعة، والسبب مساحته الصغيرة، وعدم وجود منبر لأداء الخطبة، فهو بذلك مصلى وليس جامعاً بكل ما تعنيه الكلمة.
يوجد إلى الغرب منه بيت حديث البناء، قديم العناصر، في غاية الجمال والإتقان، حيث تتقدم الطابق العلوي منه ثلاثة أقواس حدوية، ترتكز على عمودين رشيقين بتيجان هندسية، أما من الشمال فيقوم بيت منخفض المستوى حديث البناء قديم العناصر، يضم عشرات الأعمدة والتيجان البيزنطية الطراز، التي يظهر أنها تخص بناءً مسيحياً فخماً (كنيسة) من العصر البيزنطي. وقد يكون امتدادها يصل جنوباً حتى الجامع القديم، وربما أكثر من ذلك.لم نتمكن من معرفة تاريخه الدقيق، وذلك لعدم ذكره في كافة المصادر التاريخية والأثرية المتخصصة، على الرغم من قيمته الكبيرة، وأهميته المعمارية والأثرية. ولافتقاره إلى الكتابات التأسيسية الدالة على فترة بنائه الأصلية، والمراحل والأحداث التي تعرض لها.
من حجر البازلت الأسود المحلي المنحوت بدقة بني هذا الصرح الصغير، و أغلب حجارته تخص البناء الديني المقدس القديم، ونقصد الكنيسة المسيحية والمعبد الوثني من قبل بدلالة الهيكل الجميل (المحراب الحالي) الموجود في صدر الجدار القبلي. مع جلب بعض العناصر من الأبنية المحيطة. إن الطريقة التي بني بها هذا الجامع هي محاولة الاستمرار في الفن المعماري السائد في المنطقة منذ أقدم العصور، والذي يعتمد على الأقواس المرتكزة على أعمدة بتيجان وسقوف حجرية من ربد وميازين.


¶ كنيسة مـار إلياس:

بنيت وفق النظام المصلب، الذي هو عبارة عن تقاطع بناءين طولانيين مفتوحين من الداخل يفترض أن يكون أحدهما أطول من الآخر. على أن يكون البناء الطويل هو المتجه إلى الشرق، والذي يحوي بصدره على الهيكل والمذبح. بعد العبور من البوابة الغربية نجد غرفة مربعة الشكل تدعمها أربعة عضادات ضخمة على شكل أعمدة مربعة، ولكل عضادة تاج. ترتفع القناطر نصف الدائرية فوق العضادات، يلي هذه الغرفة القسم الأوسط من البناء الداخلي للكنيسة، وهو المرتكز تحت القبة مباشرة، ليكون مركز التصالب، يحيط به ثلاث قناطر قائمة على عضادات ضخمة.
يتألف الهيكل من عضادتين ضخمتين ترتفع كل واحدة منها حوالي خمسة أمتار، وتنتهي بتاج جميل، وإلى الشرق تقوم الحنية نصف الدائرية.
للكنيسة مدخلان رئيسيان؛ الأول في الجهة الغربية يتميز بفخامته، ويتألف من باب كبير تحيط به المنحوتات التزيينية النافرة (رمز الصليب)، وأشكال نباتية جميلة.
المدخل الثاني للكنيسة موجود في الجهة الجنوبية، ولا يقل عن الأول فخامة وبذخاً، تحوي الجدران العلوية من الكنيسة عدداً من النوافذ المعشقة، عدا كتابات يونانية مسيحية تعطي المزيد من المعلومات عن الكنسية.
جاء سقف الكنسية على نمط المداميك الطويلة، الذي يعتمد على رصف حجارة منحوتة بدقة بجانب بعضها البعض، حيث يرتكز الجانب الأول للحجر على حافة الجدار الجانبي. أما الجانب الآخر فيرتكز على حافة القنطرة