غزة بحاجة لمضادات دبابات وطائرات
بروفيسور عبد الستار قاسم
28/شباط/2014
(لو) حسبت دول الخليج ما أنفقته على الحرب في سوريا، وقررت إعطاء نصفه للمقاومة في غزة وجنوب لبنان لوضعت إسرائيل في مأزق استراتيجي لا يمكن أن تخرج منه. والآن تتحدث الأخبار عن قرار سعودي بتزويد المعارضة السورية بصوايخ متطورة مضادة للدبابات والطائرات ومن شأنها أن تؤثر على التوازن القائم في سوريا بين الجيش وقوات المعارضة.
حماس والجهاد الإسلامي ولجان المقاومة الشعبية في غزة بحاجة ماسة لمضادات للدروع والدبابات والطائرات لأن إسرائيل تستمر في اعتداءاتها البرية والجوية ضد القطاع، والعالم كله وعلى رأسه البلدان العربية تحاصر غزة، فهل توجه السعودية بعض أموالها وعتادها إلى غزة؟ هل تجرؤ السعودية على تهريب عشرة صواريخ مضادة للدبابات إلى غزة، وهي الآن صديقة للنظام المصري، ومن الممكن أن تطلب منه تسهيل المرور؟ أو هل تجرؤ على تهريب صاروخ واحد مضاد للطائرات؟ أو أن تسلم هذه الصواريخ لجهة ضليعة في التهريب فتوصلها إلى حماس؟ طبعا لا. كل هذه الأموال وهذه الغطرسة يتوقف مفعولها عندما يتعلق الأمر بأمن إسرائيل.فشعار أغلب الأنظمة العربية "نعم لأمن إسرائيل ولا لأمن العرب."
إذا كانت السعودية حساسة جدا للقومية العربية وحرية الإنسان العربي، وحماية وطن العرب ومقدساته، فلا بد من تذكيرها أن فلسطين مغتصبة منذ عام 1948، ولم تأت لحظة على الفلسطينيين لم يكونوا بحاجة لدعم عسكري بخاصة في العتاد المتطور، ولا بد أن نذكرها أن إسرائيل أذلت العرب مرارا وتكرارا، ومشاعر الجماهير العربية بالإذلال والهزائم مصدرها قدرات إسرائيل العسكرية على تمريغ الكرامة العربية بالأوحال. ولا بد من تذكيرها أن المسجد الأقصى يقع تحت الاحتلال الإسرائيلي، وكذلك قبة الصخرة والحرم الإبراهيمي، وأيضا كنيستا القيامة والمهد.
إذا كانت المسألة متعلقة بالغيرة على العرب، فالدعم لحماس وحزب الله والجهاد أولى من دعم المعارضة في سوريا. في فلسطين هناك عدو غريب يحتل الأرض ويعمل على إلغاء هويتها، أما في سوريا فالأعداء إخوة وليس منهم من يتوعد بتغيير هوية البلاد أو نزعها من الوطن العربي.
لكن من الواضح أن المشكلة ليست بأولويات العرب وإنما بأولويات إسرائيل وأمريكا. أمريكا وإسرائيل معنيتان بتدمير سوريا ، ولهذا تهب بلدان عربية عديدة للمشاركة في الحرب المستعرة علّ وعسى أن تنال بعض النعم من أمريكا وإسرائيل، أو على الأقل الرضا الضروري لتثبيت
الأنظمة. أمريكا وإسرائيل لا ترضيان عن دعم فصائل المقاومة العربية والإسلامية الفاعلة ضد إسرائيل، وهذا سر عزوف العرب عن دعم المقاومة، وبل ووقوفهم ضدها. العرب بخاصة مصر يحاصرون غزة بصورة شديدة طلبا للرضا الصهيوني، وهم يشنون حروبا ضد حزب الله.
وهنا يأتي دور الأردن الدولة التي لا سيادة لها على الإطلاق. الجيش الأردني يقف حارسا أمينا على أمن إسرائيل، ويمنع دخول أي مقاوم من شرقي النهر من الدخول إلى فلسطين، لكن الحدود الشمالية مفتوحة تماما أمام إدخال الأسلحة والجنود إلى سوريا من أجل إشعال القتال.
وهذا درس لكل الفئات التي تقاتل بظن منها أنها إسلامية. ما هي نوايا دول تدعي الحرص على حرية العربي تقدم الدعم للقتال في سوريا، لكنها لم تقدم بندقية واحدة لمقاتل واحد يرغب في قتال إسرائيل؟ أليس من الواجب أن يسأل المسلم نفسه عن سر دعم المقاتلين في سوريا ومحاربة المقاتلين ضد إسرائيل؟