الحب المحرم في الأدب الإسرائيلي/محمد توفيق الصواف
--------------------------------------------------------------------------------
السلام عليكم
حضرت الخميس 14/8/2008
في صالون الاديبه سحر ابو حرب محاضرة للباحث الكبير
محمد توفيق الصواف
قدم بحثا عن كيفيه تكريس الادب العبري للاغراض السياسيه الصهيونيه وكان بحثا مستفيضا لم يستع الوقت لاكماله وحضرها نخبة مثقفي سوريه/وقدناقشناه بان مثقفي الوطن العربي يجب ان يمارسوا هذه اللعبة الادبيه واعطاء ادباء كبار زمام قضيتنا كذلك يكتبوا لها..
بحثت عبر النت فما وجدت الا بعض مقالات للباحث اتمنى ان اتي بالمزيد:الحب المحرم في الأدب الإسرائيلي
رأي في الأدب، والرواية:
يعتقد البعض أن النص الأدبي يعد وثيقة قادرة على التعريف بالبيئة المجتمعية التي أفرزته، وبأبرز أنماط العلاقات القائمة بين أفراد هذه البيئة، وبحقيقة مشاعرهم ومواقفهم وسلوكياتهم تجاه بعضهم وتجاه الآخرين. وفي رأي أصحاب هذا الاعتقاد، من الممكن أن يكون ما يقوله النص الأدبي، أحيانا، أكثر صدقا مما تذكره وسائل الإعلام المختلفة، الرسمية وغير الرسمية، حول مشكلة ما، اجتماعية أو سياسية أو فكرية أو من أي نوع آخر، يعاني منها مجتمع البلد الذي صدر فيه ذلك النص.
لهذا، وعلى خلفية القناعة بصوابية هذه الرؤية، قد لايكون خطأ القول: إن (مريم شفارتس) التي قد لا تعد من روائيي الصف الأول في إسرائيل، استطاعت أن تقدم لنا، في روايتها (حياة حوا جوتلب)، عن قصد أو دون قصد، نموذجا جيدا لنص أدبي إسرائيلي نجح في تسليط حزمة ضوء قوية على جانب هام من العلاقات الاجتماعية السائدة بين الإسرائيليين أنفسهم، وعلى حقيقة مشاعرهم ومواقفهم تجاه بعضهم من جهة، وتجاه الآخرين، ولاسيما العرب، من جهة أخرى، كما نجح هذا النص أيضا، في تسليط ضوء قوي، على قابلية أو عدم قابلية هذه المشاعر والمواقف للتغير إلى نقيضها.
الحب المحرم عنصريا:
لقد قامت شفارتس بتسليط هذا الضوء على مجمل الجوانب السابقة في المجتمع الإسرائيلي، من خلال رصدها ومعالجتها لتطورات المحنة التي مرت بها بطلة روايتها (حوا جوتلب). تلك المحنة التي تعرضت لها بسبب تجرؤها، وهي الشابة اليهودية، على إقامة علاقة حب مع شاب عربي يدعى (محمود).
وقبل الدخول في مناقشة التطورات الدراماتيكية لهذه العلاقة، قد يكون من الجدير بالإشارة أن رواية شفارتس ليست الرواية الإسرائيلية الوحيدة التي تطرقت إلى هذه المشكلة وحاولت معالجتها، بل نجد في الأدب الإسرائيلي روايات عديدة أخرى نحا مؤلفوها نفس المنحى، أي حاولوا معالجة ما وصفوه بـ (مشكلة الحب بين عربي ويهودية أو العكس).
التحرر الإنساني، بين الحقيقة والدعاية:
إن ما يميز رواية (حياة حوا جوتلب) التي نحن بصدد دراستها، عن مثيلاتها من تلك الروايات، أن مؤلفتها ركزت معظم جهدها لكشف التناقض الصارخ بين الشعار والممارسة في تعامل الإسرائيليين مع العرب، لتصل بنا، في النهاية، إلى تأكيد الحقيقة القائلة:
إن احتمال حدوث تغيير في هذا الموقف، هو احتمال مستحيل، على صعيد الممارسة الواقعية، بالنسبة لأي شريحة من الشرائح التي تتكون منها بنية إسرائيل المجتمعية، مهما تظاهر أفراد هذه الشريحة أو تلك، بالتحرر والتقدم والإنسانية، في شعاراتهم الدعائية البراقة التي يرفعونها ويصفون أنفسهم بمضمونها.
ذلك أن الإسرائيليين الذين رُبي معظمهم على كراهية العرب، والحقد عليهم واحتقارهم، تَحُوْلُ جرعات العنصرية المركَّزة التي حُقنوا بها، منذ طفولتهم، وما يليها من مراحل عمرهم التالية، دون قبولهم بتجسيد تلك الشعارات واقعا.
وتتبدى لنا رغبة شفارتس في إضفاء الشمولية على رفض الإسرائيليين لمبدأ التساوي مع العرب، على أرضية إنسانية واحدة، من خلال اختيارها الكيبوتس بيئةً لأحداث روايتها. ذلك أن الكيبوتس، في وهم معظم الإسرائيليين، يعدُّ (البيئة المجتمعية الأكثر تقدما وانفتاحا وتسامحا، في إسرائيل). وكأن المؤلفة أرادت أن تقول من وراء اختيارها هذا:
إذا كانت حتى هذه البيئة ترفض مبدأ التعايش مع العرب على قدم المساواة، فمن البدهي أن ترفضه باقي البيئات الإسرائيلية التي من المفترض أن تكون، في الوعي الإسرائيلي، أكثر تطرفا وعنصرية من البيئة الكيبوتسية.
هذا ما لمسته بطلة الرواية (حوا)، بنفسها، في أعقاب الفشل الذريع الذي منيت به محاولتها العثور على حل لمشكلتها، في أحضان البيئة الكيبوتسية التي لجأت إليها، بعد أن نبذها محيطها الأسري المتعصب، لرفضها إسقاط الجنين غير الشرعي الذي حملت به من العربي الذي أحبته، في شبابها، وإصرارها على بقاء هذا الجنين، كذكرى لذلك الحب الذي حالت علاقات الفصل العنصري، ضد العرب، دون تحويله إلى علاقة زواج شرعية معترف بها.
محنة إنسانية تصنعها العنصرية:
إذن، لجأت (حوا) إلى الكيبوتس، مدفوعة بتصديقها لشعارات التحرر التي يرفعها أفراده، آملة أن تجد في رحاب مطلقي تلك الشعارات التي توهمت أنهم يمارسونها واقعا، قدرا من التسامح الإنساني، يمكِّنها أن تضع ثمرة حبها، دون أن يسائلها أحد عن أصل أبيه، أو أن يجعل من الأصل العربي لذلك الأب حائلا دون ولادة ابنه بينهم. ويبدو أن الذي غذا هذا الأمل في وهم (حوا) أمرين:
أولهما، شيوع استقبال البيئة الكيبوتسية لمثيلاتها من الفتيات اليهوديات اللواتي حملن حملا غير شرعي، والسماح لهن بوضع مواليدهن فيه، والبقاء إلى جانبهم، إن شئن، أو تركهم في رعاية الكيبوتس وزيارتهم متى رغبن.
أما الأمر الثاني، فكان توهمها أن أناسا يمارسون التحرر، في حياتهم، إلى هذه الدرجة، كما يزعمون، لابد وأن تكون نظرتهم إلى الحب معافاة من لوثة العنصرية التي تجعل الأفق الإنساني للمصابين بها ضيقا، إلى أبعد الحدود؛ أي لابد أنهم ينظرون إلى الحب بوصفه عاطفة إنسانية سامية لا تعترف بأي حدود جغرافية أو عرقية أو اجتماعية أو دينية أو سياسية، إلخ.